بكل تأكيد الجزائر لم تكن و لن تكون بأي حال من الأحوال في عداد الأشباح، ولا شبيهة بكاليدونيا الجديدة، ولا جنوب السودان، أو أي ضاحية لبنانية تخطب ود الأغراب ! ولا بوابة لهدر ماء وجه قارتنا السمراء التي احتفظت طويلا بعذريتها و تسامت عما فعله أجداد 

” دونالد ترمب ” بفتيانها وبناتها في سوق الإساءة إلى روح الإنسان، وإلى قيم الإنسانية، إلى غاية الغدر جهارا نهارا بالشاب ” فلويد “! ولا يمكن أن تقبل حفيدات عقبة وطارق، وأحفاد بن مهيدي، عميروش وبن بولعيد، الإساءة إلى حفيدات وأحفاد عمر المختار الذي تعلم على يده الطاليان معنى العهود والوعود والوفاء للتاريخ الذي يحفظ عن ظهر قلب معاناة الشعوب تحت وطأة الاستكبار قرونا من الزمن؛ أو تغط في السبات لأي سبب من الأسباب يثنيها أو يؤخرها عن استرجاع أنفاس الحراك السلمي في مقارعة عصابة الفساد وكل المصطفين على خط الاستبداد،مهما كانت الراية و اللغة و العذر! 

* في عالم الأفكار: 

لم يعد يجهل شبابنا على خط الثورة السلمية أهمية وخطورة وحدة البلاد والعباد، ولا نعمة الاستقرار، ولا قيمة الأمن من الخوف والأمن من الجوع، شرعا وعرفا وقانونا؛ وهو بكل تأكيد يدرك ما تخلفه رحى الصراع الفكري من ضحايا بالملايين في حدود عالم بات أصغر من قرية في نظر الحاقدين والمغامرين! ويميز إلى حد بعيد بين ما هو مفيد، وما هو ميت أو قاتل من الأفكار؛ ويدرك مدى خطورة الصراعات المفتعلة و نتائجها داخل المجتمع الواحد والكيان الواحد، شرعا عرفا وقانونا، وهو سر قناعته بالخط السلمي (اللاعنفي) الذي ميز حراكه الشعبي وثورته المباركة ؛ وهو أيضا جوهر مطالبه من أجل التغيير الجذري في سبيل بناء دولة العدل والقانون والمواطنة؛ مما عجل بكشف عورات العصابة وتساقط أقنعتها والتأكد من درجة رداءتها وفقدانها السمع والبصيرة والبصر. 

* في عالم الأشياء : 

خيرات الجزائر، لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا دراسة جادة رصدت! والمصيبة هي حرمان الأمة من خيراتها، بسبب ما فعلته وتفعله العصابة التي نهبت المال العام بطريقة تبعث على الغثيان وفقدان السلامة ! والهدف من مطلب التغيير الجذري الذي لا يفرح العصابة ولا فرنسا الرسمية هو الحفاظ على الأمانة التي تصون كرامة الجزائريات والجزائريين وزيادة ! 

لسنا بصدد الحديث عن الإمكان المادي والحضاري، لأن بلدنا العزيز رهينة بين أيدي الفاسدين و المغامرين فاقدي الذاكرة والبصيرة على حد سواء . 

* في عالم الأشخاص : 

الشاهد هو كفاءة من شهدت أفضل وأحسن جامعات ومعاهد العالم، خصوصا أوربا وأمريكا على ذلك، في الطب والفيزياء والاقتصاد والتكنولوجيات المتقدمة وعلم الفلك والفضاء، وشتى التخصصات الأخرى؛ ولا أدل على ذلك دفعات أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، إلى غاية التسعينات؛ والأخطر هو تعامل جيوب من العصابة مع عالم الكفاءة والشهادة، حيث عمدت إلى تمييع و تعويم كل ما هو نظام ومنظومة تعليمية من المدرسة حتى الجامعة، وبات الرداءة سيدة الموقف! 

* خلاصة الخلاصات : 

عجبا للعصابة،   كل من خرج من رحمها بات مثل الشبح، يتستر وراء المؤامرة، وكأن الشعب هو المؤامرة ! يقولون كلاما غير مفهوم، ويسلكون طريقا غير معلومة، ويبشرون بدستور جديد غير قابل للتبديل والتجديد، يستغرق حياة كل الأجيال، فقط من أجل الإطاحة بالعصابة وغلق كل الأبواب، وربما الحجر إلى ما لا نهاية في انتظار رفع راية الاستسلام ، ولو بالنيابة، عن الشعب المتآمر الذي كان سببا في انقطاع الماء و تخريب الغابة وغياب أموال الغلابة الذين باتوا ينتظرون بزوغ فجر جديد على أمل عدم العودة إلى الطابور الذي يأتيه الناس من أكثر من ولاية، ناهيك عن القرى التي اشتاقت مكاتب يريدها إلى السيولة والليونة التي تعود عليها الزبون !  والعطلة لم تعد عطلة، لأن الجميع في حالة انتظار، والدخول الاجتماعي كله في حكم الانتظار، لأن العصابة لم تأخذ العبرة، وأي عبرة أكثر من دروس التحضر و السلمية والتعاون والتكافل والصبر والانتظار من شعب بات دمه وأعراقه ولسانه وفكره وسمعه وبصره يتغذى من دماء شهداء نوفمبر !

3 تعليقات

  1. و يلتقي الأغراب ، أغراب الروح و الفكرة ، أغراب الرأي و الحكمة ، أغراب من أغراب ، توارثوا و تواصلوا على خط الهدم ، لا يرقبون في الجزائر إلا و لا ذمة ، مثلما لم ترقب فرنسا فينا ،من قبل و من بعد، عهدا و لا وعدا ؛ و الغريب و العجيب درجة القابلية لكل ما هو ميت و قاتل ، خصوصا البضاعة المعلبة و المنمقة ، حيث يصطف المتساقطون مثل الوحل المتراكم ! و هي الحالة التي تحتاج مزيدا من الوعي و الصدق و الصبر ؛ أما التضحية فهي ميزة الثلة ، و الثلة في حدود حياة الأجيال مثل صفوة الأطهار و الأخيار ضمن وعاء رسالة الشهادة ، أمة وسطا ، لا يخلو منهم قرن ؛ و نحن على عتبة هذا القرن على موعد مع التاريخ نغرف من منبع السلمية .

  2. لو قالت لي فرنسا ، قل : ” لا إله إلا الله ” ما قلتها ! و لو قالت لي العصابة ، أنت ” أمازيغي ” أو ” عربي ” ؛ ما قلتها ! نحن قوم لا نهدم و لن نهدم إلا إذا كان ” الهدم ” ضرورة من ضرورات البناء ! و لو اجتمع الشرق و الغرب على أن ينالوا من سلميتنا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .

  3. روحك من روح الأحرار ، و فكرك من صميم مدرسة البناء ؛ أما إذا اجتمع الإيمان و العلم فذلك زاد لا يضاهيه زاد في مقارعة الاستبداد و الفساد ، يقيك منعا و عطاء من داء الاستئنافية و جائحة الإقصاء ، و يحفظ كيان الأمة من خطر القابلية للاستعمار، و من كل خطر يتهدد لحمة الأجيال و مناعتها ؛ خير مثال ” ماليزيا ” التي تماثلت للشفاء يوم احتاجت إلى شيخ في 96 من العمر يعيد لها ابتسامتها التي كاد الأغراب، أغراب الروح و الحكمة ، يسرقونها منها! فاستعادت الدولة شبابها و حافظت الأجيال على لحمتها ؛ و لا أبهى من تلك الخصوصية المانعة المعبرة عن السيادة و الكرامة و الفخر و الاعتزاز ، كل الاحترام للأستاذ مهاتير محمد ، و التقدير كل التقدير للشعب الماليزي .

Exit mobile version