يلبسون الحق باطلا، مثلما وقف إبليس من آدم، كذلك تقف دوما أنظمة الاستبداد و الفساد من الشعوب، يلبسون قضيتها الأم، أي سيادتها القائمة على أساس حريتها وكرامتها المتصلة في حبلها السري بالفطرة الإنسانية (طينة الإنسان)، ما لا تحتمل؛ كل ذلك بغرض التدليس والتضليل وتحريف المسار!  ويشارك ذات الأنظمة الفاسدة، قوى الاستعمار الرسمية التي اغتصبت حق الشعوب و داست على كل القيم الإنسانية!

 و أبسط مثال فرنسا الرسمية التي لم تتغير بخصوص الجزائر مجتمعا، تاريخا، وثقافة؛ وفي المقابل نجد النظام (سلطة الأمر الواقع) التي تقف ذات الموقف! والدليل في أبسط صوره و دلالاته التعاطي، أو تعاطي السلطة الفعلية، عمدا ومع سبق الإصرار، مع عنصر من عناصر البنية التاريخية والثقافية للمجتمع الجزائري، ألا وهو اللغة المعتمدة في النظام التربوي التعليمي؛ الدليل هو أن فرنسا تتقاسم الموقف مع سلطة الأمر الواقع ! كيف ذلك؟ تسويق الشعارات لا يخيف فرنسا، رفع شعار اعتماد اللغة الإنجليزية في الجامعة لا يخيف فرنسا، بل يخدمها، لأنه لا يقوم على أساس، وبالتالي فهو موجه للإستهلاك بغرض التضليل والتدليس. أما الموقف الذي يزلزل فرنسا الرسمية فهو خط أحمر! و هو اعتماد اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية من التعليم، و توظيف أساتذة أكفاء، والاستفادة من تجارب مجتمعات رائدة، ثم التدرج بخصوص تأهيل القواعد الإجتماعية الصلبة ذات الصلة بالبناء الحضاري ! مثل هذا الموقف يغضب فرنسا الرسمية ويكشف النوايا المبيتة، ويعري سلطة الأمر الواقع، فتظهر بلباسها الحقيقي وتنكشف سوءتها ! 

و على هذا الأساس يمكنكم فهم موقف بعض الدوائر الإعلامية الفرنسية بنكهة سياسة فرنسا الرسمية، من الحراك الشعبي الجزائري، وكذلك رد فعل السلطة أو الحكومة الجزائرية. 

وهذا ليس بالجديد على فرنسا الرسمية والدوائر ذات الصلة؛ لقد فصل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله في سؤال الصراع الفكري وأدواته و آثاره وضحاياه طويلا؛ و لكن: ٠

لقد أسمعت لو ناديت حيا 

                                      و لكن لا حياة لمن تنادي 

و لو نار نفخت بها أضاءت 

                                      و لكن أنت تنفخ في رماد 

وأكثر ما يصدق قول الشاعر في أيامنا هذه، على موقف بعض الهياكل العظمية في حدود دور ومسئولية المثقف، ومواقف بعض الأحزاب والجمعيات، التي لا تتكلم إلا إذا تكلمت سلطة الأمر الواقع؛ دليلنا هو الموقف من سؤال المدرسة الوطنية الأصيلة،  أيام الوزير علي بن محمد ، و سؤال الشرعية الثورية والوطنية في أعلى هرم الأفلان أيام عبد الحميد مهري رحمه الله، وسؤال الانقلاب على اختيار الشعب شتاء 1992. كلها محطات خالدة دالة ومعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد! 

وكما يقال: يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان، إذ  يمكن اختبار السلطة بسؤال واحد : اعتماد اللغة الإنجليزية في المرحلة الإبتدائية بحجم ساعي أكبر من الفرنسية، ابتداء من السنة الثالثة ابتدائي، هل ذلك ممكن، وما المانع؟ 

هذه هي المشكلة، مشكلة سلطة غير شرعية، بمعنى غير منبثقة من سيادة الشعب، سلطة تدين بالولاء لمصالح الأقوياء في عالم اليوم،  مصابة في الإبهام و محاطة بكثير من الإيهام! من باب الإبهام كونها تدين لتلك المصالح الرأسمالية الليبرالية المتوحشة بنوع من الولاء؛ و من باب الإيهام كونها تظهر خلاف ما تبطن، وسياساتها تقوم على التورية و الخداع ! نعم هذه هي مشكلة أنظمة الفساد والاستبداد، خصوصا تلك المتصلة في حبلها السري بالرافد الاستعماري البغيض. 

ومن الأساليب التي دأبوا عليها اجتماعيا واقتصاديا في حق شعوبهم، لا تقوم سوى على ظاهر تعلوه “رحمة ” وباطن يخفي كثيرا من “العذاب” ؛ و هي الحقيقة، وإلا كيف نفسر مسار العشرين سنة من حكم بوتفليقة !؟ يمكنكم مراجعة ذلك مع أهل الاختصاص و الحكمة، خصوصا ما تعلق بالعلاقة بين ذات النظام أو السلطة و دوائر الاستعمار الرسمي البغيض.  لن أطيل لأن الباقي مجرد تفاصيل، و وعي المجتمع الجزائري المقاوم كفيل بوضع النقاط على الحروف في ظل مسار السلمية المبارك. 

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version