يقول الله عز وجل  في سورة الحجرات ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ” هذه الآية الكريمة  لهي أحسن تعريف للعولمة بمعناها الإنساني الصحيح.

       أما عند بعض المفكرين او بالأحرى لمؤسسي هذا النظام العالمي الجديد للعولمة فلا تشمل الإنسانية او ليس للإنسانية،  فالعولمة لدى الباحثين تقوم على أربع عمليات أساسيّة، وهي المنافسة الكبيرة بين القوى العالميّة العظمى، وانتشار عولمة الإنتاج وتبادل السلع، والابتكار والإبداع التكنولوجي، والتحديث المستمرّ.

     وهي كذلك حريّة انتقال المعلومات، وتدفق رؤوس الأموال، والأفكار المختلفة، والتكنولوجيا، والمنتجات والسلع، كما تمثل انتقال البشر أيضاً بين المجتمعات الإنسانيّة المختلفة، حيث يؤدي ذلك إلى جعل العالم أشبه بقرية صغيرة.

فغياب الإنسانية او إبعادها عن العولمة جعلنا نقول ان العولمة تحولت الى شمولية وهو مفهوم لوصف الدولة او النظام العالمي الجديد الذي يحاول فرض سلطته على المجتمع الدولي ويعمل على السيطرة على كافة الجوانب للحياة الشخصية والعامة للمجتمع الدولي في كل المجالات .

    وصدق الله العظيم في سورة الانبياء ” كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ  وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً  وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) ” آية عظيمة تبين للإنسانية حكمة الله عز وجل من البلاء سواء كان خيرا او شرا وما نعيشه اليوم لاختبار للإنسانية اجمع وما أصابها من الوباء وضعت العالم في تحدي كبير للحد من انتشاره.

    وباء جعل العالم الغربي الذي كان يصنع الأسلحة والصواريخ و يتمتع بالرخاء والسعة والعالم الشرقي او بالأحرى الإسلامي الذي كان يعاني من الحروب و الأزمات في كفة واحدة .

   وأول مرة في حياتي ينتابني شعور غريب خلال هذه الفترة فترة الوباء ، أسقطت أحقادي، إحساسي بالعالمية غلب شعوري بالوطنية، سبقت إنسانيتي هويتي، وهو إحساس يعيشه العالم كله، فمصانع غزة أصبحت تصدر أدوات الوقاية لإسرائيل والصين ترسل بأطبائها لأوروبا وتوقفت الحروب في الشام وفي اليمن .

  وبعد أن نفذت كل الجهود والحلول لمواجهة هذا البلاء، توجه قادة العالم بالخصوص بالتضرع إلى الله عز وجل، فالمسلمون في جميع انحاء العالم يتضرعون الى الله عز وجل من اجل رفع البلاء، فالتضرع الى الله و اللجوء اليه  من أعظم أسباب دفع البلاء لقوله عز وجل في سورة الانعام  ”  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) “.

     وهذا بابا الفاتيكان يدعو المسيحيين للصلاة قائلا ” ان انتشار فيروس نواجهه بالصلاة الجماعية والمحبة فلنبقى متحدين ” وقال ايضا “خلال أيام المحنة هذه بينما ارتعبت البشرية أمام تهديد الوباء، أريد أن اقترح على جميع المسيحيين أن يوحدوا أصواتهم نحو السماء بصلاة اليوم الأربعاء، كما أدعو وقت صلاة بعد غد الجمعة عند السادسة مساءا بالفاتيكان.

   وأضاف: ” والساحة خالية أدعو الجميع من الآن للمشاركة روحيا عبر وسائل الاتصال، سنسمع كلمة الرب، سنرفع الصلاة والدعاء وسنسجد القربان المقدس في الختام البركة ورسالة لروما والعالم ونعمة الغفران الشامل”.

    وقد دعا قبل هذا الرئيس الامريكي دونالد ترامب  أعلن فيها أن يوم الأحد (الموافق ل 15 مارس  ) سيكون “يوما وطنيا للصلاة”، لحماية أمريكا ومنحها القوة في مواجهة تفشي فيروس كورونا.

وكتب ترامب “إنه لشرف عظيم لي أن أعلن يوم الأحد 15 مارس يوما وطنيا للصلاة. نحن بلد، طوال تاريخنا، نتطلع إلى الرب للحماية والقوة في مثل هذه الأوقات”.

   وأضاف “بغض النظر عن المكان الذي قد تكون فيه، أشجعك على الاتجاه للصلاة في فعل إيماني.. معا، سوف ننتصر بسهولة”، كما دعا تحالف الكنائس الدولي للصلاة لمواجهة البلاء.

    هذه هي العلمانية في مفهومها الانساني في قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ” فهي بيان من الله تعالى يذكر جميع خلقه بأنهم من أصل واحد سواسية خلقهم ليجتمعوا على عبادته ونشرهم في الأرض ليتعارفوا ويتعاونوا على مرضاته،  وأكرمهم وأعلاهم شأنا عند الله هو أطوعهم وأتقاهم له سبحانه.

    يخبر الله تعالى أنه خلق بني آدم، من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، وجعلهم شعوبًا وقبائل لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك، التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة ، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا، والله تعالى عليم خبير.

 أوشن محمد العربي 

كاتب 

الجزائر

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version