سبحان الله، و أحمد الله على نعمة التفكر و التأمل و التدبر . 

دخلت على الأشهر في عالمها بعد ان استأذنت من نوفمبر الذي سألني أول ما سألني عن وطني بين الأوطان و هو يمحص في خريطة العالم! فوضعت أصبعي على الجزائر، و إذا به يهتز من على كرسيه الدائري الذي تجلس برفقته باقي الأشهر، فأمسك برأسي و قبلني بين عيني، وأخذ ينشد نشيد الشهيد، وباقي الأشهر تردد وتهتف باسم الجزائر، و هو يوصيها: إخواني لا تنساو الشهداء! حينها اندهشت و كدت أسقط على الأرض، غير أن ديسمبر أمسك بيدي و أخذ يربت على كتفي قائلا: اطمئن، نحن الأشهر على قلب رجل واحد، و سبيلنا هو سبيل نوفمبر ، ونوفمبر قد أوصانا بشعب الجزائر خيرا . و إذا بشهر فبراير يقطع كلامه مبتسما و مستأذنا : ماذا وجدت عندك العصابة ليختاروك و يعقدوا عليك الأمل؟ غضب ديسمبر و أقسم أن الذين انقلبوا على الشعب في ٩٢ ، و حكموه بالعهدات طيلة السنين العشرين، لن يمروا هذا الشتاء ولو كلفنا جميعا أن نتخلى عن خصوصيتنا و نتحول عن بكرة أبينا إلى ما يشبه السد المنيع يحول بين الشعب و بين العصابة ! و دون سابق إنذار تدخل علينا الفصول يتقدمها فصل الربيع  فيسلم على الجميع و يتقدم بالتهاني لشهر نوفمبر المجيد، مؤكدا بالقول: نحن أحق منكم بنوفمبر فهو شهر الثوار، و قد أصبحنا على قلب فصل واحد تيمنا بوحدة الشهور من أجل قطع الطريق على العصابة ! حينها فقدت كل تركيز و سقطت على الأرض من شدة آثار الإصابة، وليست الإصابة سوى الغدر بالشعوب على طريق العقوق، حتى لا أقول الخيانة . 

وهل تتكلم الانتخابات! ؟ 

نعم سوف تتكلم، وتقول كلمتها . 

و لكن لماذا هي اليوم لم تحدد موقفها؟ 

ببساطة إنها مسالمة و صابرة، بالرغم من كل السرقات التي اقترفوها باسمها، والأموال التي صرفوها وحملوها تبعاتها، ناهيك عن التلاعب بالاستمارات وتزوير الإمضاءات وأرقام البطاقات ومحاضر فرز الأصوات . 

ومع ذلك فإنها لم تيأس ولم ينل منها طول الانتظار، مدركة أن شعب نوفمبر سيحضر في الموعد المحدد دون سابق إنذار .  ثم قرأت على جبينها: ليس الواصل بالمكافئ . بمعنى لا يجب أن نكافئ من قطعوا صلتهم بشعبهم وراحوا يتواصلون على خط العصابة، بل يمكننا أن نحسن إليهم، من باب العفو عند المقدرة، وشعبنا الثائر بسلميته قادر على فعلها من باب أن الجزائر تسع محسنيها و مسيئيها، من أجل استكمال مسار نوفمبر على طريق الحرية و الكرامة الإنسانية و الحكم الراشد . و إلى يسار تلك العبارة، مكتوب بخط دقيق “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”. صدق رسول الله . ومثل هذا بات من صميم ما يزخر به حراكنا الوطني من قيم و عبر، لمن شاء أن يتفكر و يعتبر . 

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version