من كان فاعلا بالأمس القريب، و من هو الفاعل اليوم، ومن سيكون فاعلا مستقبلا !؟ بالفعل نحن أمام مشكلة، لأن الأفعال ثلاثة أصناف، تفعل فتهدم لأجل البناء، فيكون الهدم ضرورة من ضرورات البناء، والبناء فقط، و تهدم بدعوى هدم الباطل، لكنك تأتي فتهدم الباطل و الحق معا، و هذا هو الأسوأ في كل الأحوال، و تفعل بنية البناء، و ليس سوى البناء فتكون شاهد عدل، لا شاهد باطل، حدا وسط، و هو الأحسن على الإطلاق 

*ردود الأفعال

إذا تأملنا أوضاعنا منذ ١٩٦٢ ، للاحظنا أننا كنا فريسة لردود الأفعال، ذلك أن أول حكومة مؤقتة لم تعمر إلا قليلا، لأن الفاعلين لجأوا منذ البداية إلى تبني سياسة الإقصاء، ولم تكن لهم نية بناء، ومن دون ريب فإن عملية البناء تحتاج إلى جهد جماعي، ولما كانت الرؤية قاصرة، نتجت عنها أفعال هدم تحت شعار البناء، وأكثر من ذلك اختزلوها تحت شعارات خاوية، ولم تكن في جوهرها سوى ردود أفعال، ليس أكثر، وشهد الداني و القاصي على خوائها من بعد أن اعترف صناعها بفشلها، مما دل على أنها صبت كلها تقريبا في صالح تلك القوى الليبرالية الرأسمالية الاستعمارية، وهو حال مسيرة حكام الجزائر من بعد الاستقلال، الذين لم تشفع لهم الثورة الزراعية، ولا الإصلاح الذاتي، ولا كل الشعارات الأخرى، واستمر مسار ردود الأفعال التي أتت على القطاع العام الذي كان مثقلا و عاجزا كثيرا، فلم يتمكن حكم الشادلي بن جديد من إحداث أي قطيعة مع سياسة الهدم و الاستنزاف، لمدة عقد من الزمن بالتمام، و شهدت على ذلك أحداث ١٩٨٨، ليحدث الأسوأ، من بعد أن تم اغتصاب اختيار الشعب في ليلة من ليالي شتاء الجزائر، وظن الزبانية، وعلى رأسهم، العربي بلخير، رضا مالك، علي هارون، خالد نزار، مدين، وأتباعهم الذين فعلوا بالشعب كل الأفاعيل، بمعنى أن هؤلاء، كانوا فاعلين بنية الهدم القائم على الترصد والإصرار ، تهمتهم على أقل تقدير هي الخيانة العظمى في حق البلاد والعباد، وسميت عشريتهم بالعشرية السوداء لأنها دلت على سواد نياتهم و أفعالهم على حد سواء  أما بوتفليقة فهو شاهد باطل في أحسن الأحوال، وعلى الرغم من كل الذي ميزه بخصوص إحراج الفاعلين السيئين، ومن بينهم الجنرال خالد نزار، وتوفيق، وعثمان طرطاق، فإنه تحوّل إلى ما يشبه رأس الأخطبوط الذي تغذى ونهم كثيرا من المال العام . 

* حراك الشعب 

أين نصنف الحراك الوطني المبارك؟ لم يكن صنيعة الأحزاب السياسية بجميع توجهاتها، ولم يكن من فعل السلطة الفاسدة، كما أنه لم يعبر عن جهة بعينها، ولا عن لون فكري بعينه،  حملت به الأم العذراء كرها على كره، و دام فصاله ما يزيد عن نصف قرن، استغرق كل أجيال الاستقلال الذي لم يكتمل، فشهد القريب والبعيد على ولادته القيصرية، وسلامته الذهنية، وكماله البدني، وطلعته البهية، ورشده المتفرد، فكان من صميم ما كابدته الجزائر منذ أن وطأت أقدام المحتل الغاصب الأرض الطاهرة، وما تبعها من ظلم و مكر و وحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلا. و على هذا الأساس فإن الحراك الوطني هو حراك مبارك، لا ينبغي أن ندنسه بشيء من ردود الأفعال التي لا تليق بمقامه الطاهر .

* أين تقف قيادة الأركان اليوم ؟ 

سبق وأن تمت الإشارة إلى أن السلمية لا تعني التسليم، وأن من يجب أن يسلم هو قيادة الأركان، إذا أرادت أن تكون فاعلا حقيقيا بنية البناء، إذ لا يكفيها اعتقال بعض الأشرار الذين ثبتت خيانتهم للبلاد والعباد، بل المطلوب هو موقف صريح، لا غبار عليه، لأن الشعب بات يدرك طبيعة ردود الأفعال وخطورتها ونتائجها، وعلى هذا الأساس، ومن هذا المنطلق، وتقديرا لروح الحراك الشعبي الجمعي والحضاري، وجب أن نقول لقيادة الأركان قولا لينا، لعلها تتذكر التضحيات الجسام، وتقدر مخاطر قوى الاستعمار، وتسمو بعيدا عن كل الحسابات الشخصية والفئوية، لترافق بصدق وحزم الشعب من أجل العبور إلى بر الأمان، خدمة للجزائر وللجزائر فقط  وليعلم الجميع أن دوام الحال من المحال، ولو دامت لمن كان بالأمس القريب ما وصلت إلينا اليوم، خصوصا أن مقابلة بسيطة يمكن أن تفي بالغرض، وهي أن نستحضر صورة مقابل صورة، ومثالا في مقابل مثال: ثلاثة من ثلة الجزائر، و هم، السادة، آيت أحمد، عبد الحميد مهري، وعباسي مدني. و لة من الفاسدين، وهم سعيد بوتفليقة، توفيق، وخالد نزار . و لكم أن تزيدوا، فقط وجب أن تبتعدوا عن ردود الأفعال . 

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version