ما الذي فعلته قطر حتى تحاصر ، بل وكان من الممكن قطع أنفاسها ، لو كان بمقدور القوم الذين أجمعوا على الخطيئة أن يأخذوا منها حياتها ؟ ماذا بقي عندهم من رحمة كي يرحموا أنفسهم لو أن إسرائيل غضبت منهم وأغلقت عليهم بإحكام ؟ هل كان القوم يدعون خالقهم ويذكرون بين يديه حسنة تشفع لهم ؟ ماذا بقي لهم من ماء وجه بعد أن تمسحوا بين يدي ( ترامب ) الذي فوضته إسرائيل والفاتيكان الحديث عن السلام ، بل وحتى عن الإسلام ، على لسان ( قادة ) الاستسلام ؟ هل لأن قطر تشكل خطرا على القوم مجتمعين ، اقتصاديا ، عسكريا وأمنيا ؟ هل بإمكان قطر احتلال السعودية أو الإمارات ، أو مصر ، كما فعلت ذات يوم الولايات المتحدة الأمريكية بالعراق ؟ وإذن ما الذي فعلته قطر أو يمكن أن تفعله مستقبلا حتى تتعرض لهذا الحصار الظالم ؟ هل فكرة الحصار والتهم الباطلة الموجهة لقادة قطر نابعة من داخل مفكرة الملك سلمان ، مثلا، هل لها صلة بوجهة نظر عربية بحتة ؟ هل بإمكان قادة السعودية والإمارات إقناع إسرائيل ، لو طلبت منهم ذلك ، أن قطر دولة راعية للإرهاب ؟ ماذا يتغير لو أن الحصار استهدف مباشرة الدولة التركية ؟ هل الذي أقدم عليه القوم من صنف الأفعال التي يقدم عليها رجال الدولة صيانة لأمنها وأمانها وهيبتها  ، أم هو مجرد رد فعل ، ومع ذلك سوف يتساءل المرء عن الفعل الذي أنتج رد الفعل ، هل أدركتم طبيعة الذي جمع بين المتناقضات وشكل منها وجهة ، وبنى على ذلك ما يشبه فعلا ؟ لماذا لم تتسرع الولايات المتحدة الأمريكية فتعارض إرسال تركيا لقواتها إلى قطر ، وفي الوقت نفسه يصرح رئيسها ( ترمب ) بوجوب طمأنة قطر لجيرانها من خلال إجراءات ضد الإرهاب ؟ إن الطبخة إسرائيلية فاتيكانية بمباركة أمريكية والمستهدف هو مشروع أمة التوحيد في سبيل التحرر من شرك التثليث وأشواك الاستبداد وكل ألوان الخوف والإرهاب ، تصوروا لو أن انقلاب صيف 2016 في تركيا تحقق وفق ما كان القوم يرغبون ، لا قدر الله ، هل كانت الحاجة اليوم لمثل هذا الحصار ، إن حصار قطر هو مقدمة للتضييق على تركيا والتحضير لحصار غزة الأبية من قبل نظام السيسي ، هل تعلمون أن المهمة الأساسية لنظام السيسي هي تخليص إسرائيل من عقدة حماس خصوصا والمقاومة الفلسطينية عموما ؟ إن كل الوقائع تدل على سلامة وجهة نظر قطر وسلوكها ومواقفها ، هل أقدم قادة قطر على حرمان الشعب القطري من اختيار حر ، هل صادروا منه اختياره في انتخابات حرة ، هل سجنوا رئيسا انتخبه الشعب بكل حرية ؟ ماذا فعلت قطر ، هل سحقت الجماهير في الساحات العامة بالدبابات والمدرعات وأحرقت النساء والأطفال ؟ هل ثبت تورط قطري واحد في واحد من الأحداث الدامية التي مست العالم ؟ هل ثبت أن قطر هي مصدر الفكر التكفيري وكل الأفكار الميتة والقاتلة ؟ وماذا عن تركيا التي تساند وتدعم اليوم قطر نهارا جهارا ؟ من يدعم مشاريع التقسيم داخل العراق وسوريا ؟ من ورط الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله في الحرب الدامية والمدمرة ضد إيران ، ومن ورطه ودفعه دفعا لاحتلال الكويت ، ثم من دعم الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال العراق وقتل صدام حسين ؟ هل هي قطر، هل هي تركيا ، من بالله عليكم فعل كل ذلك ؟ من كان وراء تجنيد آلاف الشباب ( لأغراض سياسية ) إلى أفغانستان ، ثم انقلب عليهم إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك ؟ من ، من القوم اليوم يهمه ما يحدث للمسلمين في ميانمار ؟ ماذا يجمع بين السعودية والإمارات ومصر ، وماذا يفرقها ؟ ما قيمة هؤلاء القادة وما وزنهم مجتمعين عند إسرائيل ؟ إن المسألة تتجاوز شخص الملك سلمان ( مكره أخاك لا بطل ) وتنطلق من مبدأ إرباك وخلط أوراق الطبقة الحاكمة حاليا قصد إجراء عمليات تجميلية تليق بالصورة التي رسمها بنو إسرائيل للمنطقة وللعالم على حد سواء . وعلى هذا الأساس فإن المشكلة هي خط التحرر الذي تحتفظ به بقية من أمة التوحيد ، وإذا كانت المقاومة الفلسطينية إحدى لبنات هذه البقية الطاهرة الزكية ، وفي مقدمتها حماس ، فإن السبيل إلى المواجهة يبدأ من قطر ، وقطر لو أرادت فك الحصار وإرضاء القوم يمكنها أن تقدم على إجراء واحد ، هو غلق الباب أمام حركة المقاومة الفلسطينية وفك الارتباط مع تركيا ، أما الأشخاص مثل الشيخ القرضاوي ، فهم لا يقلقون ، لا الإمارات ، ولا السعودية ، ولا حتى ترمب نفسه ، مسألة خط المقاومة والتحرر تتجاوز الأفراد والجماعات والطوائف . إن شرق أوسط جديد يجب وفق الإسرائيليين أن يقوم على أنقاض ما تخلفه الحرب المدمرة بين المسلمين بأرض الشام والعراق وأطراف المغرب الإسلامي الكبير ، وأن يخلو من كل حركة تحرر تذكر المسلمين بأيام العزة والإباء . كما أن موقف قطر وتركيا من الشعوب التي ثارت ضد الاستبداد في العالم العربي كان من أسباب هذا الحصار الظالم على قطر ، إن قادة قطر اختاروا لهم وجهة نظر خاصة بهم وانطلقوا من داخل عقولهم وأرواحهم ، إذ كان بإمكانهم الاصطفاف إلى جانب  ( المسبحين ) بحمد أمريكا وإسرائيل ، إلا أنهم اختاروا طريقهم الخاص بهم ، لذلك فقط حاصرهم القوم واتهموهم بهتانا وزورا بالإرهاب ، ونسي القوم أطفال وحرائر فلسطين وسوريا واليمن وليبيا والعراق . إن القوم أجمعوا في ليلة حالكة الظلام فلم يتبينوا أمرهم ، وهم الآن عند مفترق طرق ، إما أن يقدموا على الأسوأ وهو مهاجمة قطر ومن ورائها تركيا باسم محاربة الإرهاب ، إذ أن هناك من يشجع على مثل هذه الخطوة ، أو يخيبوا ظن إسرائيل ، لتبقى المراهنة بملايير إضافية من الدولارات على شخص ترمب لعله يخلصهم من ورطتهم ، ولله في خلقه شؤون.

بشير جاب الخير
19 جوان 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version