دُعيتُ نهاية هذا الأسبوع في إطار النشاطات الثقافية للتقريب بين الأديان، للتعليق على مسرحية دولية، أمام جمهور غربي!! وكل ما في أمر هذه الندوة، أنه بعد عرض المسرحية من طرف فرقة متمرسة مدة ساعة ونصف الساعة، تعطى الكلمة للمعقبين الضيوف للتعليق على محتوى المسرحية نصا وإخراجا وغيره.. بعد ذلك يفسح المجال للرد على استفسارات الحاضرين بحضور المخرج والممثلين، وهذا أمر عادي للغاية وقد يكون في متناول أي كاتب أو محاضر، إلا أن المشكلة  التي أستوقفني، وجعلتني أتردد في تلبية الدعوة، هي أن عنوان المسرحية “الرَّجِيمة”، و موضوع الرجم بصفة عامة، موضوع منفر، يصعب حتى على علماء الأديان الخوض فيه..

أصدقكم القول، أنه لأول مرة يطلب مني الحضور لمثل هذا النوع من النشاط الثقافي المسرحي، وحتى الذهاب إلى المسرح عموما لا أعرف له سبيلا إلا نادرا وفي إطار ندوات أو حفلات رسمية أو نشاط إسلامي بحت، خاصة أن الجهة المسيحية التي اتصلت بي كانت منذ مدة سابقة قد أتصلت بأخي وزميلي  الكاتب الدكتور هاني رمضان “مدير المركز الاسلامي بجنيف” لنشاط مماثل ولبى دعوتها، الأمر الذي شجعني أيضا أن القس بيار جزيل المدرس بجامعة لوزان السويسرية المشرف على الندوة  قد زودني بالمعلومات اللازمة  كعنوان المسرحية وأسماء الممثلين ومدة تدخلي، راجيا مني تلبية الدعوة لضيق الوقت، وحسب ما ذكر و ترغيبا لي “أن الموضوع، لا يتطلب تحضيرات مسبقة”

إن العظمة الحقيقية أن نخالط الناس مشبعين بروح السماحة والعطف

فدارت في مخيلتي سينايوهات عديدة.. وقلت في نفسي “ألم يبقى لنا من الهموم، إلا الذهاب للمسارح للتعليق على أنشطة الممثلين”؟؟ فاستغفرت ربي وتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “اَلْمُؤْمِنُ اَلَّذِي يُخَالِطُ اَلنَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ اَلَّذِي لَا يُخَالِطُ اَلنَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ” كما تذكرت حينها كلمات ذهبية كانت أتدبرها منذ أيام، ذكرها المفكر المرحوم سيد قطب أيام محنته في أمريكا منذ أزيد من نصف قرن في كتابه “أفراح الروح”، حيث كتب يقول، تحت عنوان “حين نعتزل الناس”، يقول رحمه الله:”حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحًا، أو أطيب منهم قلبًا، أو أرحب منهم نفسًا أو أذكى منهم عقلًا لا نكون قد صنعنا شيئًا كبيرًا.. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة.. إن العظمة الحقيقية أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف.. ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم.. إن التوفيق بين هذه المتناقضات، وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد.. هو العظمة الحقيقية”..

صدمة التقاليد وضغط العائلة وعادات البدو

بهذه الثقة في الله وأمانة المسؤولية، لبيت الدعوة أخويا، وحضرت كما هو مبرمج بنصف ساعة قبل الموعد، لألتقي بالمخرج جون شولي ومنشط الندوة، الصحفي ميشال كوشير، مدير البرامج الدينية في التلفزيون السويسري، وما هي إلا لحظات من الدردشة بيننا، حتى امتلأت كل مدرجات المسرح عن آخرها، و فتح الستار وأنطلق المشهد الأول، و خرجت الممثلة السويسرية “بولين كلاوس”، لتبدأ قصة عذاب  المرأة المحجبة “أنكي” هذه السيدة تتقمص شخصية طبيبة هولندية تعرفت أثناء الدراسة على “عبدول” اليمني الذي تقمص شخصيته الممثل الجزائري كريم بوزيوان من فرنسا، وبعد تخرجهما أتفقا على الذهاب للإقامة والعيش في اليمن. وكانت السنوات الأولى من زواجهما قرب العاصمة صنعاء مشعة بالحب والاحترام المتبادل بعد أن ازدان بيتهما بابنتين، فقررت “أنكي” عدم الانجاب لتتفرغ لشغلها كطبيبة، لكن صادمتها التقاليد وضغط العائلة وعادات القرية، بضرورة إنجاب طفل ذكر وعدم  التفكير في الشغل خارج اليت مرحليا البتة.. الأمر الذي يجعل زوجها “عبدول” يضطر لأخذ بناته ليتربين عند والدته و يسجن زوجته ” أنكي” في قبو غرفة معزولة عن الانظار، كما يتزوج امرأة ثانية ويلفق لزوجته الأولى “أنكي” تهمة الزنا، رغم نفيها القاطع لذلك، بشهادة “نورية” شقيقة الزوج “عبدول”، و بعد أشهر من المعاناة في محبسها، تُرفع ضدها قضية أمام المحاكم، وتتناول وسائل الاعلام العربية والغربية قصة الطبيبة الهولندية التي “خانت زوجها”، لتحاكم “أنكي” بجريمة زنا المحصن وترجم  بعد أسابيع أمام الملأ في القرية، حسب الأعراف اليمنية؟

نعم كانت نهاية المسرحية الرجم وهو التعذيب المعترف به دوليا، إذ ما يزال يمارس في 12 دولة حول العالم، حسب ممثلة منظمة العفو الدولية التي كانت معنا في الندوة، مبرزة أن القصة حقيقية وليست وهما ولا نسيج خيال وقد وقعت فعلا في اليمن الذي لم يعد سعيدا منذ سنين الدمار بين الاضشقاء.

بغض النظر عن خلفية تكرار عرض مسرحية “الرَّجِيمة” أكثر من مائة مرة

وبغض النظر عن خلفية مسرحية “الرَّجِيمة” التي عرضت حسب مخرجها أكثر من مائة مرة  خاصة في فرنسا وسويسرا، إلا أنها لم تصل لجمهور عريض كالطلبة  والتلاميذ وغيرهم، على حد تعبيره؟

وبغض النظر عن عنوان المسرحية المخيف، ونص المسرحية الذي – حسب بعض النقاد- يتهم سرا وجهرا جهة معلومة من المجتمع الغربي هم الأجانب عموما والمسلمين خصوصا.. وبغض النظر عن يافطاتها الاشهارية التي غزت الصحف والشوارع التي تبرز امرأة أوروبية جميلة محجبة، تبكي  بل يسيل دم قان من إحدى مقلتيها الفاتنتين.. برغم كل ذلك فقد كانت بالنسبة لي مشاهد مرعبة كأنها الحقيقة، وقد أبدع فعلا أربعتهم في التمثيل كأنك تعيش معهم أهات العذاب الذي يمزق سكون قاعة المسرح، ونبرات الضحية وعبراتها بدت لي حقيقية لا تمثيلا .. وحسرات الزوج وتشتت أفكاره الممزوجة بنوع من الجنون وحب فرض رجولته، وأنين شقيقته “المنقبة” الأرملة المتحسرة على ما يقع لبنات جنسها ولو كن غربيات، إذ كانت هي ضحية لهذا التمييز رغم أنها في عقر دارها و بين أهاليها المسلمين

مشاهد محكمة ولقطات مرعبة تجمد الدم!

عموما كتابة النص كانت رائعة للغاية في جل المشاهد من أولها لآخرها تقريبا.. مشاهد محكمة مرعبة فعلا! ينتقل فيها خيال المخرج المستمد من مجموعة من المعلومات الدينية والتاريخية، ليجعل من مسرحية “الرجيمة” فريدة في طرحها.. لقطات مرعبة تجمد الدم بمعدل دقتها المذهلة بتوتر درامي لا هوادة فيه. إذ لمدة ساعة ونصف الساعة، كل شيء يعتمد على التميز السويسري في قوة النص الذي يذهب إلى ما هو جوهري، دون شفقة أو زخرفة. وسجن الزوجة “بولين كلاوس” في قبو، يشعر المشاهد بالحرمان والاستعباد كأنها بهيمة لا عقل لها رغم أنها فاتنة في العقل والجمال، وانصاعت دون أن تتمرد هذه السيدة المحجبة عن عادات وتقاليد اليمن، بفضل العطف والدعم والسخاء من طرف امرأة مثلها، شقيقة الزوج، الذي تقمصت شخصيتها الممثلة السويسرية “ناطالي بيفر”.. رغم كل ذلك لن يغير شيء في موقف “عبدول” للذاهب أبعد وللنهاية  البائسة.. أي رجم زوجته.. لأن الرجل هو السيد عند العرب، حسب تقاليد القرية.

“الرَّجِيمة” قد تفتح باب الاسلاموفوبيا، إذا لم تهذب

رغم كل هذا الابداع المسرحي، تبقى المشكلة  أن مسرحية “الرَّجِيمة”، بهذا الشكل قد تفتح باب الاسلاموفوبيا على مصراعيه، خاصة في مثل هذه الأشهر الأخيرة من الحملات الانتخابية  الفرنسية والتهجم على الجالية المسلمة، وهو أحد الاسرار الذي بسببه ألغيت برمجتها في فرنسا، حسب الصحافة الفرنسية طبعا.. عموما مشاهد المسرحية تبرز البون الشاسع بين ثقافتين غربية وعربية، وتثير نعرات في بعض الأمور كقضايا تعدد الزوجات والطلاق، وقضية لبس الحجاب لطبيبة مثقفة وغربية، و لبس النقاب لشقيقة الزوج، بينما يمنع في فرنسا لباس الحجاب.. مع الفارق في الحريات المطلقة عموما في الغرب وبلا حدود أحينا كثيرة. أما ضغوط القبيلة أو العشيرة والعادات البدوية والتقاليد الموروثة  قصد حماية الشرف في المشرق فقد اسالت حبرا كثيرا.. أما الضغوط على المرأة وحتى على رجل متعلم في الغرب تعلم معنى التسامح والتعايش، بل وأصبح طبيبا، غير مقبول البتة، و رغم كل ذلك يقبل و بدم بارد على قتل أم أولاده، بل ويكون أول من يرجمها بحجر أمام الناس حسب العادات الجاهلية قبل الإسلام، لأن عقوبة الرجم جاهلية توارثها العرب والمسلمون وما كان لها بالقرآن صلة، بل مذكورة بالتفاصيل المملة في الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى وأمم أخرى السابقة

القرآن الكريم يثبت أن الرجم غير مقبول في الإسلام

في فترة تدخلي حاولت أن أبين للمشاهد الكريم، أن كلمة “رجم” ذكرت خمسة مرات في الكتاب الكريم عن شعوب سلفت نزول التحكيم الإسلامي وهي لا زالت تتلى ليوم الناس هذا، في سورة هود، الآية 91 يقول سبحانه: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ

و في سورة الكهف، الآية 20 يقول سبحانه: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً }

و في سورة مريم، الآية 46 يقول سبحانه: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً}

و في سورة يس، الآية 18 يقول سبحانه: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}

و في سورة الدخان، الآية 20 يقول سبحانه: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ }

كل هذه الآيات القرآنية الكريمة تثبت وتوحي أن الرجم غير مقبول في الإسلام، بل ذكر في بعض الاحاديث الشريفة كوسيلة ردع للمنحرف عن شريعة الله لا غير، كما جاء في الأثر .. و اليوم حتى في الدول الإسلامية التي نصت بعض دساتيرها – خطأ أم صوابا- على الرجم، إلا أنها لم تطبقه، كالسعودية مثلا، حيث كشف أخيرا السيد الزهراني مسؤول السجون في السعودية، بأنه خلال مدة عمله بالسجون لـ20 سنة وحتى الآن، لم يتم تنفيذ حد الرجم في المُدانين رغم وجود أحكام بقتلهم بالرجم بالحجارة حتى الموت.

عقوبة الرجم تعزيرية المقصود بها الردع

بل ذهب بعض العلماء والمفكرين للجزم بأن عقوبة الرجم “عقوبة تعزيرية المقصود بها ردع الجاني ومنع غيره من أفراد المجتمع من ارتكابها”، كما شرح لنا ذلك شيخنا صالح بوزينة من أئمة جاليتنا في السويد من خريجي الجامعة الاسلامية. أما المفكر الدكتور مصطفى محمود، رحمه الله، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك وكتب كتابه المعروف “لا رجم للزانية”، والكتاب متوسط الحجم في 193 صفحة وصادر عن مكتبة مدبولي الصغير، وقد صادره الأزهر الشريف بدون إبداء أية أسباب لذلك، حيث ألفه الدكتور مصطفي محمود وظهرت له مقالات مهمة، منها ما كتب في جريدة الأهرام المصرية  بتاريخ 5/8/2000

و أظهرتسعة أدلَّة تُثبت من وجهة نظر المفكر مصطفى محمود، عدم وجود عقوبة الرجم في الإسلام، نفس المنطق توصل إليه الشيخ الأزهري محمود عزب الذي درس أيضا في أوروبا.

عقوبة الرجم مسيحية يهودية و ليست قرآنية كما يشاع

ومن باب وشهد شاهد من أهله، أقر كاتب المسرحية في تدخله أن عقوبة الرجم مسيحية يهودية وليست إسلامية كما يشاع، وفعلا لو نتصفح التوراة الموجودة الآن، سفر التثنية، نقرأ الآيات التالية:

20″{وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ

‏ يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ 21

‏إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعًا مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْل، يُقْتَلُ الاثْنَانِ: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ 22

‏ إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 23

‏فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ 24

الفرح الصافي أن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكًا للآخرين

بعد هذه الجولة  السياحية الاضطرارية في ندوة  مسرحية “الرجيمة”، التي قد لا تعنينا كجالية كما شرحت ذلك أعلاه، تبقى بالنسبة لنا معرفة الحقيقة وشرحها للناس رغم وعرة مسالكها في الغرب أمر ذي بال، لأن “الرجيمة” بالنسبة لنا تتعد المرأة الواحدة، بل لقد طال الرجم دولا وشعوبا بكاملها، وإلا كيف نسمي المجازر التي ترتكبها القوى الغربية في المشرق؟ فاليوم حلب رجيمة وغزة رجيمة والموصل رجيمة و القائمة طويلة.. والرجم هنا ليس بالحجارة بل بالمتفجرات والمواد السامة التي تقتل الألاف من البشر دون تمييز، و تشرد الملايين فكيف نسمي هذا الرجم الجماعي للمسلمين.. رغم ذلك لبينا الدعوة لتبصير الناس بعدم الكيل بمكيالين، أو كما قال سيد قطب رحمه الله- ” لا نحب أن (نحتكر) أفكارنا وعقائدنا ونغضب حين ينتحلها الآخرون لأنفسهم ونجتهد في توكيد نسبتها إلينا”… إننا إنما نصنع ذلك كله من باب دعوة الغير للخير.. أو كما قال أيضا “إن الفرح الصافي هو الثمرة الطبيعية لأن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكًا للآخرين، وهذا يكفي لأن تفيض قلوبنا بالرضى والسعادة والإطمئنان..

أصحاب العقائد كل سعادتهم أن يتقاسم الناس أفكارهم وعقائدهم

و يقول أيضا، شهيد الظلال رحمه الله: ( التجار) وحدهم هم الذين يحرصون على (العلاقات التجارية) لبضائعهم كي لا يستغلها الآخرون ويسلبوهم حقهم من الربح. أما المفكرون وأصحاب العقائد فكل سعادتهم في أن يتقاسم الناس أفكارهم وعقائدهم ويؤمنوا بها إلى حد أن ينسبوها لأنفسهم لا إلى أصحابها الأولين”…

إنهم لا يعتقدون – كما يقول سيد- أنهم (أصحاب) هذه الأفكار والعقائد، وإنما هم مجرد (وسطاء) في نقلها وترجمتها.. إنهم يحسون أن النبع الذي يستمدون منه ليس من خلقهم، ولا من صنع أيديهم، وكل فرحهم المقدس، إنما هو ثمرة اطمئنانهم إلى أنهم على اتصال بهذا النبع الأصيل”..

ختاما، نأمل وأملنا في الله أكبر، كما بينا ذلك في مقال سابق عن مشكلة العنوسة، حيث بيننا أن عدد العوانس في تزايد رهيب في عالمنا الإسلامي، والعانس اليوم تعد “رجيمة ” مع وقف التنفيذ، أملنا أن تتدبر حكومات عالمنا الإسلامي هذه المشاهد الحقيقية وليست المسرحية أو الخيالية، وتسارع  في معالجة هذه الظاهرة  قبل فوات الأوان فتندم أجيال من حيث لا ينفع ندم،  كما نأمل أن تهذب هذه المسرحية الغربية في ثوب لائق جديد بعيدا عن الكليشيهات الاستفزازية وتعرض حتى في عالمنا العربي، خدمة للصالح العام، و الله متم نوره و لو بعد حين.

محمد مصطفى حابس
5 أبريل 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version