انتهت مهلة زبر قوائم التشريعيات منتصف ليلة أمس، ونجا من مقصلة الإدارة كثير من أصحاب الشكارة والمال الفاسد، وستنطلق بعد أيام قلائل، الحملة الانتخابية وسيبدأ معها الضرب تحت الحزام وتوزيع الوعود مع توزيع “الكسكروطات” على جوعى البطون والعقول، وستزين كل الأماكن المسموحة والغير مسموحة بصور الوجوه الغابرة.

ستهل قوافل الوزراء والمسؤولين الكبار على قرى ومداشر لم يكونوا يعرفون منها حتى الاسم، وسيسمعون انشغالات المواطنين المهمومين، وبعد انتهاء الجولة المكوكية، سيركبون سياراتهم الفارهة، وسينسون تلك الانشغالات (فالخرجة تاع الفيلاج) وسيتوجهون إلى دشرة أخرى لإسماع أكاذيبهم التي لا تكاد تنتهي، وسترمى هي الأخرى مع قارعة الطريق، عند لوحة نهاية الدشرة.

الأكيد في كل هذا الزخم، أن هذه “الهملة الانتخابية” ستخرجنا من الروتين القاتل الذي وضعتنا من خلاله السلطة، وسننسى ولو لبرهة من الزمن بؤسنا الذي سببه غلاء المعيشة واحتكار التجار للبطاطا، التي تم من أجلها تعيين مسؤول رفيع المستوى، ليحل هذه المعضلة.

وسننسى في خضم “العراك السياسي” السؤال عن الرئيس وصحته، لنوجه أنظارنا لمترشحي الهف واللف مع تلك الصور المقرفة والمضحكة المبكية لبرلمانين مفترضين، سيملئون الدنيا صراخا وضجيجا، سيحتكرون الجدران بملصقاتهم وسيضعونها فوق الشجر وتحت الحجر، وسنقرأ ونسمع عن برامجهم الانتخابية، التي ستحل كل مشاكل الجزائريين.

ما يحيرني في كل هذا الهزال، هؤلاء البرلمانيون الذين عاودوا الترشح للمرة الثالثة والرابعة ومنهم حتى الخامسة، ولا أريد ذكر الأسماء (حنون وبن خلاف والقائمة طويلة).

يرحم والديكم،

ماذا سيقول هؤلاء للمواطنين، وكيف سيعلّقون صورهم التي ملّ من مشاهدتها حتى مريدوهم، فأصبحوا يخجلون من أنسفهم عندما يذكرونهم؟

ماذا سيعدونهم وكلامهم أصلا، أصبح مستهلكا ويحفظه القاصي والداني استهزاءً عن ظهر قلب؟

بأي وجه سيدخلون المدائن فاتحين، ماذا سيقولون لمستقبليهم من الشباب الضائع الذي لم يجد منصب عمل أو سكن يؤويه في عز البحبوحة، ماذا سيقولون له اليوم بعد ما أفرغت الخزائن ونهبت الأموال.

أنا متأكد أنهم، لن يجدوا حتى من يضربهم بالطماطم لأنها أصبحت غالية الثمن، ولن يبق من حل، سوى وضعهم داخل القمامة التي انتشرت في أرجاء المدن، لانشغال الأميار بمصالحهم الخاصة قبل النهاية الوشيكة لعهدتهم الانتخابية.

وستنتهي الحملة الانتخابية، وسيأتي اليوم الموعود وسيفوز من يفوز ويهزم من يهزم (و آه وألف آه على المهزوم)، وستبقى صور هؤلاء المترشحين تزين ديكور الشوارع والأحياء، حتى تأتي الحملة القادمة، ليعود ربما نفس المترشحون لنفس المواطنين، وسيجدونهم قد ازدادوا هما على هم، بفضل وعودهم الزائفة… وربي يجيب الخير.

فيصل زقاد
19 مارس 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version