أمر غريب هذا الذي يحدث في رئاسة الجمهورية الجزائرية، مدير ديوان الرئيس يطلق تصريحات غير مسؤولة لوسائل الإعلام، ولا أحد يتحرك من ساكنة “قصر المرادية”، رغم أن ما قاله يعتبر إساءة ما بعدها إساءة، للرئيس شخصيا، وحتى لعائلة الرئيس (مع سبق الإصرار والترصد).

عندما سئل السيد أويحي عن الجهة التي أصدرت التعليمة الموجهة لقائد الدرك الوطني والمدير العام للأمن الوطني، تأمر من خلالها مسؤولي هذين الجهازين، بالحد من حرية التنقل للسيد علي بلحاج من دون اللجوء الى إجراء قضائي مسبق، رغم أنه مواطن جزائري (وفوق كل هذا هو ابن شهيد)، أجاب الرجل بكل أريحية، أنه هو شخصيا من أمضى على التعليمة، بل راح أبعد من ذلك بالتصريح أنه مستعد لأية مهمة تأمره بها السلطة “حتى و ان كانت قذرة”.

تصريح أويحي لم يكن بريئًا، فقد اختار له توقيتا وظرفا استثنائيا، وهو الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها في الخامس ماي القادم، وطبعا سيخرج علينا بتصريح ينسينا في سابقه، وسيقول للشعب الجزائري أنه زور الانتخابات من أجل مصلحة البلاد والعباد كما فعلها، عندما فاز حزبه “التجمع الوطني الديمقراطي” في التشريعيات 1997، رغم مرور أقل من ثلاثة أشهر من إنشائه.

طبعا، عندما يدوس مسؤول كبير مثل أويحي على دستور الدولة الجزائرية، وهو من هو، لابد لنا أن ندق ناقوس الخطر، لأننا سنواجه أمورًا أخطر بكثير مما واجهه ويواجهه علي بلحاج وآخرون، خاصة مع شح خزينة الدولة، والتزايد المتوقع لحجم رقعة الاحتجاجات في البلاد.

وعندما يموت شخص مثل المرحوم “تامالت” في السجن، الذي قال عنه رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الانسان المحسوبة على رئاسة الجمهورية أنه ظلم ظلما كبيرا، لأن ما نسب اليه من تهم، لا يعاقب عنها القانون الجزائري الا بغرامات مالية، حتى ولو عاود نفس الجرم لمرات عديدة، لكن “تامالت” مات في السجن ولم يدافع عنه السيد قسنطيني، ليأتي في الوقت بدل الضائع يصرح بتعسف السلطة دون وجل ولا حياء، رغم أنه كان بإمكانه أن يستقيل من هذه الهيئة كأضعف الايمان.

عندما تحدث كل هذ الممارسات خارج القانون، لابد أن نتساءل عن وضعية حقوق الانسان في الجزائر، وخاصة منها حق الحياة في كنف الحرية، التي أصبحت لا يضمنها حتى الدستور الجزائري.

وبالمختصر المفيد، نقول إن ما هو آت في قادم الأيام سينذر بأيام عصيبة على كل من سولت له نفسه أن ينتقد صناع القرار في الجزائر، وقد لا تكفي النشطاء الحقوقيون وأصحاب الرأي المخالف، السجون التي شيدت مؤخرا، وقد تفتح لهم من جديد المحتشدات والمعتقلات التي أنشأها المرحوم بوضياف في تسعينيات القرن الماضي، بنفس الحجة التي برر بها الأمين العام للأرندي، عندما زور الانتخابات وأمضى على تعليمة الحد من تحركات بلحاج، ألا وهي مصلحة البلاد! وربي يستر.

فيصل زقاد
23 فبراير 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version