عندما سمعت أن معظم نواب المجلس الشعبي الوطني الحاليين أبدوا رغبة ملحة في إعادة الترشح لعهدة أخرى، بعد الجهد الذي بذلوه، خلال أسوأ عهدة برلمانية شهدتها الساحة السياسية في تاريخ الجزائر المستقلة، ارتأيت أن أخصكم بزيارة (سياحية) خاطفة إلى مقر البرلمان الجزائري، حتى أمكنكم من التعرف عن كثب على ممثلي الشعب ولسان حاله.

وقبل أن نبدأ جولتنا بالبهو، من واجبي أن أنصحكم بوضع أقنعة الأوكسجين حتى لا تزكموا أنوفكم جراء الروائح الكريهة المنبعثة منه، والتي تشبه لحد بعيد رائحة “الجيفة” –أكرمكم الله –.

طبعا إذا عرف السبب بطل العجب، والسبب بسيط جدًا: إنها رائحة التزوير و”الشكارة” التي طبعت هذه العهدة بامتياز.

عند ولوجنا لقاعة الجلسات فستصدمون بعدد الحاضرين لأنكم ستجدونها خاوية على عروشها، بسبب انشغال معظم النواب بأمورهم الخاصة… بربكم لا تسألوني عن مشاكل المواطن، فهي آخر اهتماماتهم!

قلت… ستجدون في القاعة دمى بها أيادي مرفوعة ورؤوس مطأطأة، ليس باستطاعتها اقتراح مشاريع قوانين، والغريب في الأمر أن جميعهم ينتقدون بشدة متناهية المشاريع المقدمة من طرف السلطة التنفيذية، وقد يصل الأمر ببعضهم حتى التشابك بالأيدي والضرب تحت الحزام، وعندما تأتي المرحلة الحاسمة، وهي مرحلة التصويت، ترفع الأيادي وبكل شجاعة وإقدام يصادقون عليها بالإجماع، من دون تغيير حرف أو فاصلة من هاته المشاريع، … بل، وفي بعض الأحيان تتم المصادقة عليها حتى في غياب النصاب القانوني..

ما يعجبني في قبة البرلمان، هي تلكم الحركية المنقطعة النظير التي تطبع نهاية الجلسات، فالكل يتهافت لمصافحة الوزراء وطلب أرقام هواتفهم المغلقة وأخذ صور تذكارية مع (معاليهم)، ليتباهوا بها عند رجوعهم إلى مداشرهم وقراهم التي هجروها ولا يتذكرونها إلا في الحملات الانتخابية.

قبل أن أنسى… بعض الدمى (عفوا بعض النواب) لم تطأ أقدامهم أروقة البرلمان منذ جلسة تثبيت العضوية، والبعض الآخر ابتلع لسانه، فهناك نواب، (وكم هم كثيرون)، لم يقدموا ولا مداخلة واحدة منذ بداية العهدة..

في الأخير، أتمنى أنني قد وفقت ولو بالقدر اليسير في مهمتي كدليل سياحي وإلى الملتقى.

فيصل زقاد
19 فبراير 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version