حدثني أحد البرلمانيين هاتفيا، وروى لي ما حدث داخل قبة البرلمان (والعهدة على الراوي)، قال لي أن السيد رئيس المجلس الشعبي الوطني انتظر لساعات طويلة حتى تمتلئ قاعة الجلسات ويكتمل النصاب من أجل التصويت على أربعة قوانين، ومع هذا، لم يكتمل النصاب.

في رأيكم ماذا حدث؟ اسمع جيدا أيها الناخب حتى لا يقولون عنك هؤلاء الذين زكيتهم بأنك من مغفلين، وأنك ستلدغ للمرة الثانية من نفس الجحر.

الذي حدث هو أن أحد مستشاري السيد لعربي ولد خليفة، اقترح عليه فكرة “جهنمية”، مفادها تقديم موظفين من المجلس الشعبي الوطني (أي الإداريين) على أنهم أعضاء في البرلمان، وهكذا، يتم احتسابهم ويكتمل النصاب، ثم يتم التصويت على القوانين بكل أريحة، (وإن أراد أن يستنجد بهم خلال العهدة القادمة فهو رهن إشارته كلما تطلب الأمر ذلك) وهو ما تم فعلا، وتنفس رئيس المجلس الصعداء، ورقي هذا المستشار الى رتبة أعلى، (صديقنا المستشار لم يكن سوى أحد موظفي البرلمان وكان من بين المصوتين طبعا).

لكن، السؤال الذي قد يتبادر على أذهانكم أيها المواطنون الفضوليون، أعرفه وأعرف حتى الإجابة عليه من دون الحاجة الى تسريبات من ديوان المسابقات والامتحانات ولا انتظار قطع الانتيرنيت من الوزيرة فرعون التي اكتشفت بعد جهد جهيد أن الفابسوك أخطر على المراهقين من المواقع الإباحية.

السؤال هو التالي: أين ذهب نواب الأغلبية ولماذا تغيبوا عن جلسة التصويت هذه؟

والجواب عند ولد عباس، فالطبيب منع ترشح معظم مرضاه الذين يعالجون عنده عن طريق الرقية التي أصبحت لا تنفع في مرض عضال وهو مرض “كرسي البرلمان”.

فاغتاظ النواب الحاليين، وامتعضوا من قرار أمينهم العام، وغادروا العاصمة بسرعة البرق، متوجهين إلى مداشرهم التي لم يعودوا إليها منذ أن تم تنصيبهم قبل خمس سنوات تقريبا.

هل تعلمون لماذا لجأوا إليها؟ طبعا هو سؤال سهل والجواب عنه أسهل مما يكون!

لقد ذهبوا في رحلة بحث عن جمع التوقيعات من أبناء بلدتهم الذين خذلوهم من قبل، فهم سيترشحون في قوائم حرة مثلما فعلها زملاؤهم خلال العهدة الحالية، وبعد نجاحهم بفضل المال الفاسد و”الشكارة”، سيعودون الى مواقعهم سالمين غانمين، تحت غطاء “الحزب العتيد”، الذي أصبح يقبل في صفوفه النطيحة والمتردية وما أكل منها السبع.

هل فهمتم الآن، لماذا يزدري الرئيس بوتفليقة هذا البرلمان، ولم ينزل إليه ولم يخاطب نوابه ولا مرة واحدة خلال أربع عهدات رئاسية بالتمام والكمال؟ لأنه، بكل بساطة “برلمان المعتوهين”.

فيصل زقاد
3 فبراير 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version