ما هو المطلوب؟ ممن، وماذا، وكيف، ولماذا؟

السؤال هو سؤال أمة التوحيد، وأمة التوحيد لا تنتظر إجابة من الذين أشركوا بالله، على اختلاف صورهم، فهي تنتظر إجابة من الذين يلوكون بألسنتهم عبارة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، هؤلاء لهم الاختيار، فهم أمام مشروعين، لا ثالث لهما، فإما مشروع بنيامين ناتنياهو، وإما مشروع رجب طيب أردوغان، لا يوجد مشروع ثالث. لا مشروع الولايات المتحدة الأمريكية، ولا مشروع المملكة العربية السعودية، كلاهما، لا يملك مشروعا، لو كان لهما مشروعا لنطقت وافتخرت به الشعوب، من هنا، ومن هناك. وحتى بريطانيا، فقد ملكت ما تملك لإسرائيل، مكره أخاك، لا بطل. أما إيران، فإن مشروعها في أحسن الأحوال، إذا حسنت النية، يمكن أن يتوافق مع مشروع أردوغان إلى ما يزيد عن 99.995 من المائة. لذلك ولذلك فقط وجب الاختيار، ما دام الاختيار متاحا، ما هو متاح اليوم، لا يمكن أن يتاح في المستقبل القريب، لا لشيء، سوى أن تلامذة شمعون بريس سيلعبون أوراقهم كاملة، من دون طلب الإذن من أحد. لذلك ولذلك فقط وجب التذكير بما سميناه: مطلوبا، ممن أولا؟ من أهل الشام تحديدا، قبل أهلنا في العراق، وفي اليمن، إن ما يحدث في العراق، واليمن، ليس سوى جزءا من الذي يحدث في الشام، الحل لا يأتي من العراق، ولا اليمن، الحل يأتي من الشام، ومن الشام فقط، بعدها يسهل ترميم وتضميد وإصلاح ما أفسدته الفتنة، هنا، وهناك. ماذا؟ ماذا تطلب الأمة من أهل الشام؟ ما تطلبه الأمة، لم تطلبه، لا أمريكا ولا روسيا. ما تطلبه الأمة هو نقيض ما خططت وعملت له إسرائيل، وإذن، فإن ما تطلبه الأمة من أهل الشام يخيب آمال الإسرائيليين، ما تطلبه الأمة من أهل الشام لا تستسيغه كثير من الأنفس، وما أكثرها الأنفس المسحوقة. إن كثيرا من هذه الأنفس لم تعد تر إلا ما تراه إسرائيل، وكأن إسرائيل دان لها الحاضر والمستقبل، فحتى ما هو من الإمكان التاريخي صار إمكانا إسرائيليا. لأن أهل الشام لا يمكن أن يخيبوا آمال إسرائيل بسهولة ويستجيبوا لمطلب أمة التوحيد. أهل الشام لا يرون في الأفق سوى الحرب، ولا شيء سوى الحرب، وكأن الحرب واجب مقدس يخشون التفريط فيه، لا يتكلمون إلا عن الحرب، كيف يمكن أن نطور أدواتها وخططها، فهي العملة المفضلة والسبيل الوحيد. ماذا تطلب أمة التوحيد من أهل الشام؟ تطلب منهم تكميم أفواه البنادق، فهي كالسيوف التي يجب إعادتها إلى أغمادها، ما أسهل ذلك على أهل الشام جميعا. ماذا أيضا؟ استبدال موضوع الحرب بموضوع السلام، من، من أهل الشام لا يحب السلام والأمن والأمان؟ لذلك وجب الحديث فقط في موضوع السلام. كيف؟ بين من ومن يكون أو يقوم السلام؟ بطبيعة الحال إسرائيل تتمنى أن تطول الحرب وتستمر بين أهل الشام، لذلك فالسلام، يجب أن يقوم بين أهل الشام، فهو الواجب الذي يتوقف عليه باقي الواجبات، نحن لا نتكلم عن مجتمع مغلق، أو منغلق، ولا عن أخلاق منغلقة. نحن نتحدث عن مجتمع مفتوح وأخلاق مفتوحة، يستمد حياته من حياة أمة التوحيد. لذلك ولذلك فقط، فالسلام يجب أن يقوم بين الطرفين المتحاربين على أرض الشام، لا أقصد: داعش، ولا قوات سوريا الديمقراطية. السلام يجب أن يقوم بين المعارضة السورية المسلحة بجميع فصائلها من دون تمييز، فلا نقصي إلا من أقصى نفسه. هذا من جهة المعارضة. أما الطرف أو الجهة الثانية، فهو النظام السوري بقيادة بشار الأسد، وهذا النظام له جيشه المقاتل، وله معاونوه. والشام تسع المعارضة والنظام ومعاونيه معا، الشام تضيق فقط بالأحقاد، والقتل والدمار. إنني في حيرة من أمري، كيف أطلب من المعارضة التسامح مع بشار بعد كل الذي حدث، أو ليس بشار هذا النظام الذي يستميت في القتال لخمس سنوات، وهو دائما يصر على القتال؟ أو ليس أقرب طريق للمعارضة في بحثها عن السلام، هو بشار الأسد؟ من تتصورونه من جهة النظام، يمكن أن يقدم الأفضل للمعارضة، وللشام؟ من تتصورونه أكثر استعدادا لاستبدال موضوع الحرب بموضوع السلام؟ إن الفرصة متاحة ويد الرئيس أردوغان ستكون ممدودة لأهل الشام من أجل تحقيق السلام، لذلك وجب التفكير جديا في مسألة قيام السلام، فهل هناك أطراف أخرى في الشام يمكنها أن تحقق السلام؟ لماذا؟ لأن مشروع ناتنياهو يقوم أساسا ويهدف إلى ملء الفراغ، والفراغ ليس سوى نتيجة الحرب الدائرة بين الإخوة الأشقاء على أرض الشام. وقبل ذلك قام نتيجة غياب مشروع أمة التوحيد. لذلك ولذلك فقط وجب التعويل على أهل الشام، وليس أمام أهل الشام سوى البحث في موضوع السلام. الفرصة صارت مواتية، ليفهم المسلمون في كل مكان، أن انتخاب الأمريكيين دونالد ترامب لم يكن سوى التطلع إلى مزيد من إلحاق الأذى بالمستضعفين، وإذن فالفرصة قائمة، ترامب لا يحسن المراوغة، فمن هو المؤهل للحديث في وجه ترامب ومن ورائه بنيامين نتنياهو، هل هو الاتحاد الأوروبي، هل هي روسيا، هل هم العرب؟ ماذا سيقول هؤلاء لترامب؟ هذا الرئيس المرتقب قريبا، لن يسمح بالحديث، لا عن فلسطين، ولا عن الفلسطينيين، ولا عن السلام. سياسة ترامب هي إخضاع كل المستضعفين. ثم من يجرؤ على مخاصمة ترامب فمصيره: غوانتنامو جديد. هل يمكن للمملكة السعودية، والإمارات العربية المتحدة، أن تلوح بسلاح البترول في وجه ترامب من أجل الحفاظ على الود تجاه العرب، فلا يمسهم في كبريائهم؟ من يجرؤ على مخاطبة ترامب خطابا يرجعه إلى صوابه، خصوصا أن صواب ترامب صار من صواب من انتخبه بكل حرية، من دون تزوير ولا إكراه؟ الأشهر القليلة القادمة كفيلة بإزالة الستار عن أكبر مسرحية يمكن أن يشاهدها سكان المعمورة، التي لم تعد سوى قرية ضاقت بها رأسمالية الغرب وكبرياء المجتمع المنغلق على أرض فلسطين. أما من يجرؤ على مخاطبة ترامب وفق تطلعات أمة التوحيد، فلن يكون بأي حال من الأحوال من العرب، ولا حتى من فلسطين.

بشير جاب الخير
16 نوفمبر 2016

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version