دخلت بلجيكا في حداد، وخيّمت الصدمة على أرجاء أوروبا، عقب هجمات 22 مارس/آذار الحالي التي ضربت مطار العاصمة بروكسل ومحطة لمترو الأنفاق، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى، في وقت تطفو على السطح تصريحات خارجية تزيد حالة الإسلاموفوبيا  اشتعالا وتدعو إلى إجراءات أكثر صرامة تجاه المسلمين، بروكسل المُرعبة” كما يصفها رئيس تحرير صحيفة “إيكو” البلجيكية ضربها “رعب الإسلاميين”، نتيجة قيام “بعض المضللين باتباع أهوائهم الباطلة مما أوقع ثلاثين قتيلا بريئا في تضحية حمقاء”، لكن صاحب المقال تناسى أن هذا الرعب لم يمتد صداه إلى أرجاء بلجيكا فحسب، بل تجاوز الحدود وعبَر القارات، فتسارعت التصريحات المنادية بإغلاق الحدود والتضييق على المسلمين. مما سمح لأحد الصهاينة الفرنسيين بنعت دولة بلجيكا ” بالمغفلة” و”المتساهلة”، لأنها لم تقيد الحريات الدينية لمواطنيها من أصول مغاربية

ما الذي كدر صفو العيش على مسلمينا هناك ، إن في الأمر ” إن و أخواتها”

ما الذي كدر صفو العيش على مسلمينا هناك في بلد آمن كبلجيكا ” المنصفة” و أستاذة “التعايش السلمي”.. من هؤلاء الرعاع ” الذين يأكلون الغلة و يسبون الملة”- كما يقول المثل المغاربي –  الذين روعوا الأمنين، من هي هذه المصالح الاستخباراتية التي تغدر بالعائلات و تخدر أبرياء  وتستعمل شباب المسلمين في عمر الزهور للانتحار، في قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟ أي عبقرية يستطيع بها شباب صغار اختراق مصالح دول..؟ إن في الأمر ” إن و أخواتها”.. باسم أية قضية ومن هو هذا ” المجاهد” الذي  لا يفرق بين صالح و طالح، ولا طفل ولا عجوز و لا أخضر و لا يابس؟… حرام عليكم.. إن لبلجيكا حرمة، يا سادة يا كرام، لبلجيكا ميزات قد لا توجد عند غيرها من دول أوروبا، بل تفوق أحيانا جل دويلات عالمنا الإسلامي.. فهي ولله الحمد، تمتاز عن غيرها من الدول الأوربية المجاورة لها بمجال واسع من الحريات والتسامح في ما يتعلق بالأنشطة الدينية والتربوية..

 و بصراحة أقول، مع تزايد حجم الجالية المسلمة هناك أصبح فعلا للإسلام حضور واضح في هذا البلد المضياف، بل إن مناخ الحرية المرتفع السقف دفع ببعض المسلمين إلى تأسيس حزب سياسي محلي يحمل إسم ” حزب الإسلام” الذي لا يخفي سعيه لتطبيق “الشريعة” في بلجيكا الكاثوليكية ولديه ممثلون في بعض المجالس المحلية، و قد لا يتناغم معه أكبر عدد من جاليتنا، لكنه موجود.. وللمسلمين في بلجيكا محطات إذاعية و مجال واسع في وسائل الاعلام والتجارة و .. هذا الأمر كله مقارنة بالساحة السياسية للجارة فرنسا، يعد محظ خيال

هذا بالنسبة لبلجيكا الدولة، فماذا عن عاصمتها، بل عاصمة أوروبا، بروكسال؟

لا أبوح سرا، إن قلت هذا، وقد كتبته فعلا، وذكرته في مناسبات عدة، مرارا و تكرار، أن بروكسال من أحب مدن أوروبا إلى قلبي، علما اني زرتها مرات معدودات لا غير.. لا لشيء، إلا لطيبة سكانها عموما و سماحة مسلميها خصوصا..  فزائر بروكسال العاصمة الدولية الأوروبية  يلحظ دون عناء، أنها مقسمة إلى منطقتين، بروكسال الأوروبية وبروكسال الشعبية، في هذه الأخيرة أشعر وأنا أتنقل في شوارعها كأني في أحياء “القصبة” في عواصم مغربنا العربي، بمصلياتها ومساجدها العديدة وأسواقها المغطاة ومطاعمها الشعبية الفاخرة التي تفوح منها روائح  الطبخ الشرقي الحلال..  و حتى و أنت في طريقك إلى مدارسها و جامعاتها يعانقك الحجاب في كل فصل ومدرج ، والمظاهر الإسلامية  في المحيط عموما  لا تحصى و لا تعد، ريث نزولك لمطاراتها.. فاغلب محلاتها يسيرها مغاربة وأتراك مسلمون، فينشرح صدرك لهذا الشعب المضياف..

صحة الأبدان وأمن الأوطان ورغد العيش هي مقومات الحياة

 لذلك حق علينا، ومن نافلة القول، أن نردد “أن الإنسان مدني بطبعه”- كما يقول العلامة بن خلدون- رحمه الله، فالبلجيكي المسلم متعايش حتما وعمليا مع الآخر مهما كان أصله وفصله، وهو مجبول بفطرته على التواصل مع محيطه الإنساني والمادي، ولا يمكن له أن يعيش عيشة هانئة في ديار الغرب بمفرده او حتى في بلاد ذات أغلبية مسلمة، كما لا يمكن له أن يجد للحياة طعما إذا عاش بمعزل عن الناس، واستغنى بفكره وذاته عن محيطه والعالم الذي حوله، ذلك لأن صحة الأبدان وأمن الأوطان ورغد العيش هي مقومات الحياة، ولهذا طمأننا الرسول(صلى الله عليه وسلم) بقوله:{ من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها} [أخرجه الترمذي و إبن ماجة وهو حديث حسن]، وهو الأمر الذي تنعم به – بحمد الله- جاليتنا المسلمة هناك، من أمن و أمان و صحة أبدان ..

الجاليات المسلمة في بلجيكية تتمتع بالأمن والأمان عكس جيرانها

 وقد كنت كتبت مقالا عن بلجيكا منذ أشهر فقط، وهي تغطية لاحدى التظاهرات الإسلامية في نوفمبر الماضي لما دعيت للدورة الرابعة للمعرض الإسلامي بالعاصمة بروكسال الذي تنظمه جاليتنا هناك، وتحديدا قبل أحداث باريس الأليمة بأسابيع، كتبت ما ملخصه، أنالجاليات المسلمة الفرنسية تغار من شقيقتها البلجيكية لما تتمتع به هذه الأخيرة من حريات وأمن وأمان، بل واحترام شديد ؛ حتى من طرف السلطات البلجيكية للإسلام والمسلمين، علما أن بلجيكا دولة صغيرة ولها اقتصاد محدود، لكنها ذات نظام ملكي اتحادي وعضو مؤسس في الاتحاد الأوروبي، وتستضيف مقر الاتحاد الأوروبي والعديد من المنظمات الدولية الرئيسية الأخرى مثل منظمة حلف شمال الأطلسي، وهي شبيهة إلى حد ما بسويسرا في أمور عديدة.. كما يقطن التراب البلجيكي حوالي 11 مليون نسمة، مقسمة لمجموعتين، منها المتكلمين  بالهولندية (حوالي 59 ٪ ) ومعظمهم من الفلمنكية، والمتكلمين بالفرنسية (حوالي 41 ٪ ) ومعظمهم من الولونيين، بالإضافة إلى مجموعة صغيرة من المتحدثين بالألمانية

أزيد من نصف مليون مسلم لا يقبلون بغير بلجيكا وطنا لهم، والإسلام دين رسمي في بلجيكا

ومن هؤلاء القوم الكرام، يعيش في بلجيكا حاليا أزيد من نصف مليون مسلم، معظمهم من المنتمين إلى الجالية الوافدة من البلاد الإسلامية وتحديدا من المملكة المغربية وتركيا بشكل رئيسي و تليهم ألبانيا، فهم يشكلون حوالي 88 ٪ من مجموع المسلمين الذين اكتسبوا الجنسية البلجيكية و67 في المائة من مجموع المهاجرين من البلاد الإسلامية إلى جانب مختلف  الجنسيات الأخرى، أما البلجيكيون الذين اعتنقوا الإسلام فيبلغ عددهم ما بين عشرة إلى خمسة عشر آلف مواطن. والبقية هم أطفال وُلدوا في بلجيكا وينتمون لعائلات مسلمة..

 و قد اعترفت الحكومة البلجيكية منذ عام 1968م بالدين الإسلامي كدين رسمي لها كاليهودية والمسيحية بأنواعها، مما يعد سابقة في تاريخ تعامل الحكومات والدول الاوروبية مع الحضور الإسلامي في أوروبا، وصادقت الدولة البلجيكية عام 1975م بإدخال دروس  التربية الإسلامية ضمن البرامج المدرسية لأبناء الجالية المسلمة .. ويشهد الدين الإسلامي إقبالا متصاعدا لاعتناقه والدخول تحت عصمته من قبل أبناء الشعب البلجيكي وقطاعات واسعة من الأوروبيين المقيمين في بلجيكا، إذ يعد الإسلام ثاني ديانة بعد الكاثوليكية، التي يعتنقها 75٪ من السكان

الجماعات العنصرية تستغل تصرفات بعض السذج قصد تشويه صورة الإسلام السلمية

وكأي دولة أوروبية يعيش المسلمون وهم أقلية في حالة تصالح وتعايش وانسجام بشكل عام، ويتمتعون بكامل الحقوق، وكأي أقلية تظهر فيها نزعات تطرف محدودة تلفت الأنظار ، فنصف مليون مسلم بلجيكي لا يمكن أن يمثلهم ( 10 ) أو ( 20 ) متطرف، لكن الجماعات العنصرية والمصالح الاستخباراتية تستغل مثل هذه الأرقام، “حسدا من عند أنفسهم”، قصد تشويه صورة الإسلام السلمية، والتشويش على مؤسساتنا الاسلامية الفتية

بلجيكا.. من المهم التعرض لها كحالة، إن كنا سندرس نزعة العنصرية لدى جماعات الضغط أو اللوبيهات الأوروبية، علما أن الأقليات المسلمة .. مسالمة .. منسجمة .. متعايشة .. لكن توجد مخابر صنع التطرف الحقيقي أو المفبرك، الأمر الذي يتطلب منا التفكير بشكل أدق والبحث العميق والتوصية بإعادة رسم الخارطة الفكرية للأقليات المسلمة،  ففقه الأقليات أو فقه “المهجر” يحتاج إلى مزيد عناية بموضوعات عصرية وآنية، كما أشرنا لذلك منذ أسبوع في مقالنا بعنوان(رحيل العلواني ..المهاجر الاصلاحي الذي اتخذ الفكر موطنا ) أمطتنا فيه اللثام حول بعض مساهمات العلامة طه جابر العلواني، حول هذا الفقه المهم  والملهم، لفهم ومواكبة احتياجات جاليتنا في الغرب، لأن التحديات التي يواجهها المسلمون في الغرب خصوصا بعد أحداث سبتمبر كان لها حضور واسع في بلجيكا  بحكم أنها مقر ” الاتحاد الوروبي”.

حقائق و أخطاء لا يريد ساسة الغرب الاعتراف بها

أما  الحقيقة التي لا يريد الساسة الغربيون سماعها إضافة لسياسة التهميش في القيطوهات لجاليتنا العربية وسد فرص النبوغ والتعلم لبعض شباب المسلمين، ومشكلة البطالة و التجهيل المقصود في بعض دول الجوار، و العنصرية بأسمى معانيها.. عدد بعض أهل الاختصاص في خمس نقاط، من الأخطاء فادحة في تصرفات واستراتيجيات ساسة الغرب،

أول هذه الأخطاء : أن تصاعد الموجة الحالية للعنف جاء في أعقاب إجهاض الثورات العربية من أجل الديمقراطية وبعد اتساع رقعة الحرب في العالم العربي والاسلامي. وقد ظلت معظم الشعوب العربية تناضل سلميا منذ عقود من أجل تغيير نمط الحكم المستبد المدعوم من  طرف بعض دول الغرب والمتوارث من عهود الاستكبار، واستطاعت الشعوب العربية في 2011 إسقاط أربعة رؤساء فاسدين، وكانت هذه الشعوب تتطلع إلى أن ترفع القوى الغربية الفيتو المفروض من طرفها على حق شعوب المنطقة في التحرر. لكن هذا الأمر لم يتحقق، وترتب على الثورات المضادة غلق المجال العام أمام الشباب ولجوء نسبة صغيرة منهم للجماعات العنيفة، ورغم تواضع قدرات التنظيمات العنيفة في مجال التجنيد والتعبئة فإن لعملياتها العنيفة الكثير من الآثار المدمرة، لنا جميعا، فرخت هذه الأمواج من المهجرين قصرا للغرب..

فهذا الخطأ الأول أعطى قبلة الحياة بنسب أكسيجين متفاوتة للأنظمة الحاكمة الفاسدة في العالم العربي، بعذر أقبح من ذنب، أي خوفا من مقولة “أن الديمقراطية يستعملها الإسلاميون للوصول للسلطة، ثم ما إن يصلوا لها حتى ينقلبوا عليها.”

و الخطأ الثاني، دعم الثورة المضادة في مصر، أم الدنيا – رغم أخطاء بعض ساسة الإخوان-، والتغاضي عن كل الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها النظام العسكري على شعبه منذ 3 يوليو/تموز 2013 وحتى يوم الناس هذا.

والخطأ الثالث، هو ما تقوم به دوائر رسمية وبحثية في الغرب من إعادة الروح لنظريات “الاستثناء العربي”، ووضع الإسلاميين كلهم في خانة ” قوى الإصولية”، أي في سلة واحدة والمساواة عمليا بين القوى الإسلامية السلمية التي تناضل من أجل التغيير والقوى العنيفة التي ترفع السلاح

والخطأ الرابع، بينما الحروب تشتعل في جل الدول العربية، لايزال الاستمرار في تسليح المنطقة بشكل جنوني، دون غربلة أولويات، بل  دون أية مكابح للتعقل و احترام الإنسانية

والخطأ الخامس هو الاستمرار في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي وتجاهل الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، بل وهناك اتجاه محموم في الغرب للترويج بأن الشعوب العربية ما عادت تولي هذه القضية أية أهمية.

وماذا بعد هذا الطوفان من ردود الفعل المتشنجة  و الحقائق المرة؟

رغم ما حمل هذا الطوفان من ردود الفعل المتشنجة التي تلت الهجمات التي تعرضت لها بروكسل كانت الردود من الجالية الإسلامية في أوروبا أفرادا وجمعيات،  واضحة و صريحة ، تصريحات مدينة بشدة لهذه الأعمال الإجرامية والهمجية التي استهدفت المطار الوطني والحي الأوروبي في بروكسل التي هي مرافق للشعب البلجيكي عموما، وأودت بحياة العشرات وجرح العديد من المسافرين، وعبرت في بيانات لها عن “التضامن الكامل والمواساة لأسر الذين عانوا من هذه المأساة الأليمة، مع التمني بالشفاء العاجل والسريع للجرحى”، ودعت إلى “التضامن والوحدة بين جميع المواطنين في بلجيكا من جميع الأديان لتجاوز هذه المحنة وعدم الوقوع في الفخاخ التي وضعت للشعوب من قبل أولئك الذين يرغبون في هدم قيم التسامح والعيش المشترك بين افراد الوطن الواحد.”

مبادئ وأسس وقواعد عامة لتحقيق التعايش السلمي في الوطن الواحد

 فور المحنة، أرسلت هيئات إسلامية أوروبية، إلى جل المساجد في الدول الأوروبية بيانات تدعو فيها لتوحيد خطبة الجمعة الموالية، متضمنة عناية الإسلام القصوى بترسيخ مجموعة من المبادئ والأسس والقواعد العامة في نفوس المسلمين من خلال مجموعة كبيرة من الآيات والأحاديث الشريفة لتحقيق التعايش السلمي ، والقبول بالآخر، بل لتحقيق التعاون البناء على الخير والإحسان ، ومن هذه المبادئ:

مبدأ الاقرار بالاختلافات القومية واللونية والفكرية والدينية والعقدية بين الشعوب، لأن من سنن الله تعالى أن الناس ( مسلمين أو غيرهم ) مختلفون في الأديان والأفكار والأيدولوجيات والتصورات، وهذا الاختلاف هو من إرادة الله تعالى ومن سننه الماضية حيث جعلهم مختلفين فيما سبق، حيث يقول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) وفي سورة الشورى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) وقوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)

مبدأ سنة التدافع لله تعالى، والدفع بالتي هي أحسن، لا الصراع

في هذا المبدأ، لم يستعمل القرآن الكريم لفظ الصراع ، وإنما استعمل لفظ الدفع والدفاع والمدافعة بدل الصراع ، فقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) وقال تعالى : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ..) وقال تعالى : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ)

مبدأ اعتراف الإسلام بكرامة الإنسان باعتباره إنساناً، بقطع النظر عن فكره وعقيدته، فقال تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم)، وجعل المسؤولية شخصية فقال تعالى: (وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى) وقال تعالى ايضا: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).

مبدأ وحدة الأديان السماوية في أصولها، ومُنْزِلها الواحد

يُرجع الإسلام الأديان السماوية كلها إلى أصل واحد وهو الوحي الإلهي، وأن شرائع الله تعالى قد انبثقت من مشكاة نور واحد، ولذلكيدعو الإسلام أتباعه إلى الإيمان بجميع الأنبياء والرسل السابقين، والكتب السماوية ، والكتب المنزلة السابقة، فقال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) وقال تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.

ومادئ عديدة أخرى منها على سبيل المثال :

مبدأ احترام النفس الإنسانية حية أو ميتة ولو كانت غير مسلمة، مبدأ أن الأصل في الإسلام هو السلام لا الحرب، ومبدأ تقديم الصلح على الحرب حتى ولو كان الصلح فيه بعض الغبْن ، مبدأ العدل والقسط للجميع، مبدأ الحوار ـ لا الصراع ـ هو الأصل في حل المشاكل ، والتعامل مع الآخر، ..

و خلصت الدعوة إلى أن هذه الأسس الفكرية والعقدية الكثيرة تؤثر بلا شك في نفسية المؤمنين للاندفاع نحو السلم والتعارف والتعايش وقبول الآخر، والتفاعل الحضاري الايجابي لخير الجميع، وهذا ما حدث في تاريخنا الإسلامي، عبر العصور ، والله يقول الحق و هو يهدي

محمد مصطفى حابس
7 أفريل 2016

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version