الادعاء المغرض

يتمسك المنافحون على” البيلنغيسم” (bilinguisme ازدواجية اللسان واللغة) في المدرسة الجزائرية كمرحلة عبور نحو فرنسة المدرسة الجزائرية بمقولات كاذبة وأخرى فاسدة وباطلة منها أن مقولة اصلاحات بن زاغو لم تطبق أو تم التقليل من شأنها لذلك استمرت المدرسة الجزائرية في الفشل.. وفي هذا الادعاء الكاذب تحقيق غرضين ومطلبين من مطالبهم المناوراتية والافترائية.

أولهما أن المدرسة الجزائرية المنكوبة إلى هذا الحد والمنتجة للفشل لا زالت هي “مدرسة التعريب” و”المدرسة الأساسية” (وليست إصلاحات بن زاغو التي فشلت لأنها لم تطبق ولم تنفذ) وهو ادعاء يبرر هجمتهم الأيديولوجية ويسعى واهما إلى اقتلاع تأييد الشارع وإطارات التربية والرأي العام بإقحامه في طريق مسدود إما أن يختار اللغة الفرنسية وإصلاحات بن زاغو وبن غبريط ومنظرها المولع باللسانيات والطوبونيما والأمازيغية والمنتقص من قيمة وجدوى اللغة العربية والإسلام السيد فريد بن رمضان الذي يريد أن يخفي ما الله مبديه وحتى يوكل الشعب أمره اضطرارا إلى من يواصلون خط بن زاغو وجماعته ومنهم “بن غبريط نورية” والمنظر والمصمم والمهندس “فريد بن رمضان” أو يؤيد الفشل الحتمي وحالة النكبة والدمار.. وهي حالة مصطنعة تم إلباسها للمدرسة الأساسية والتعريب زورًا بعد أن دمروهما وتكون الإجابة عليها بأن المدرسة الحالية وقبلها منذ النكبة ليست هي المدرسة الأساسية ما عدا في شكلها وصورتها الباهتة بل هي نتاج الهدم والحصار والتدمير الذي اعترض المدرسة الأساسية من لوبيات “الفرنسة” المتنفذين فهي الطبعة المشوهة للمدرسة الأساسية وهي أيضا نتاج التطبيق السيء المتعمد للتعريب في المدرسة الأساسية من جهة اللوبي المتنفذ الممتدة جذوره إلى جهات أجنبية وهي صورة تمس بالأمن القومي وحالة من حالات العمالة وتكريس التبعية.. ولا يمكن أبدا التردد في التمسك بهذا الحكم أو الشعور بالنقص أمام من يتهمون كل أصيل متمسك بأنه يلجأ إلى التفسير بالمؤامرة والانغلاق على الذات.. وهنا وجب التمييز بين الانفتاح المتثاقف الواعي وهو ما نؤكد عليه بالأمس واليوم والغد من جهة والاستلاب والارتهان والتبعية والمحاكاة الببغائية لرهن قرارنا التربوي واستقلال العقل البيداغوجي ورجل التربية والتلميذ فلا نقع في استبدال حالة تبعية بأخرى وانغلاق باخر وتخلف بتخلف آخر لكن بماكياج ومساحيق الحداثة والتنوير وبناء العقل النقدي.

ثانيهما تبرير مواصلة مشوارهم الإصلاحي (العبثي) والمرور من غير تردد إلى فرنسة المدرسة الجزائرية جهرة من جهة وجعل الناس كل الناس أمام أمر واقع والانقلاب على المفاهيم والبرامج والمناهج والتكوين والقيم الوطنية واعتبارها بالية أو ساهمت في تغذية الإرهاب وإنتاجه واقتناء واعتماد الخبرة الفرنسية جهرة واللجوء إلى التكوين سرا بعيدا عن أنظار الإعلام والعلنية حيث تقام الدورات التكوينية جلها بثانوية حسيبة بن بوعلي منذ سنتين دون علم وسائل الإعلام.. و ليس الغموض الذي يكتنف عملية إعادة النظر في الكتاب المدرسي والمنهاج التي تتم في غياب “اللجنة الوطنية للمناهج” و”المعهد الوطني للبحث التربوي” و”المفتشية العامة للبيداغوجيا” التي لم تؤخذ بعين الاعتبار جهودها حيث يشاع أن العمل ينجز عبر أطر أخرى غامضة يديرها كل من “فريد بن رمضان” و”ليلى مجاهد” وربما بعض المخابر الجزائرية والفرنسية مباشرة أو عن بعد والسبب اللاشفافية التي تكتنف هندسة ومراجعة المنهاج والكتاب المدرسي والنظر إلى الإصلاح خاصة من جهة تعليمية اللغة الفرنسية بواسطة طريقة جديدة “تعليمية اللغة-الثقافة” وهي مقاربة في تدريس اللغة من زاوية الثقافة والحضارة.. والسؤال هل تقارب اللغة العربية مثلا من نفس المنظور التعليمي من زاوية الثقافة العربية والحضارة العربية لتبرز النصوص الإبداعية الكبرى القديمة والحديثة من غير اللجوء إلى “أنثولوجيا” أي مختارات بقبليات ايديولوجية مفاضلاتية غير بريئة ولا محايدة وهو الغالب على هذه الإصلاحات المؤدلجة من زاوية نظر لسانية باعتبار “فريد بن رمضان” و”ليلى مجاهد” مختصان في اللسانيات الحديثة ويدور نشاطهما أساسا حول التعليم/ تعلم الأدب والدراسات الأدبية الحديثة والمعاصرة علم التسميات “الاونوماستيك” – قاعدة البيانات المقارنة الأدبية (انظر فابيلاFabula-la recherche en littérature المعلومة منشورة في النت في اثنين فيفري الفين وخمسة عشر من طرف مارك اسكولا – المصدر ليلى مجاهد وتتعلق بدعوة للاكتتاب نشرت في اثنين مايو الفين وخمسة عشر من طرف وحدة البحث RASYD وELILAF. ملتقى دولي يمكن للقارئ والمهتم أن يكون رؤية حول من يدورون في فلك هذا الطرح وتيماته ومحاوره وأولوياته والجامعات والمعاهد والمؤسسات التي تتبناه وتشتغل على موضوعاته خاصة في فرنسا وبلجيكا وطبعا عندنا في الجامعات الجزائرية ومعاهد ومخابر ومراكز البحث ومنهم CRASC الذي كانت ترأسه الوزيرة نورية بن غبريط ويشتغل به زوجها رمعون حسان الذي أصدر قاموسا في الأنثربولوجيا في الآونة الآخيرة.. للعلم إن فريد بن رمضان وليلى مجاهد يتوقف اختصاصهما على ما سبق ذكره دون أن يكونا مختصين وخبيرين في البيداغوجيا وتحليل النظم التعليمية وهندسة وإصلاح ومراجعة البرامج والمناهج، الخ. باستثناء تخصصهما لتبقى رؤيتهما اللسانية في إطار تخصصهما لا تتعدى أن تكون رؤية من بين سيل من الرؤى اللسانية الحديثة.. ويكفي أن تمركز “بن رمضان” وتمترسه حول نفسه وأطروحته ببطانتها الأيديولوجية ونزعتها الإثنية المنغلقة وحقده على اللغة واللسان العربي والإسلام والحضارة الإسلامية والقيم الوطنية أدى به إلى اعتبار الألسني الباحث الكبير “عبد الرحمن حاج صالح” تقليديا وسكولاستيكيا لا علاقة له باللسانيات الحديثة تاركا التعليق للباحث والقارئ.. و لذلك إنصافا للحقيقة نقول للسيدة “نورية بن غبريط” أنت باحثة ومختصة في “سوسيولوجيا التربية” وليس اختصاصك سوى زاوية نظر من بين زوايا نظر علمية عديدة ولا يتعدى رأيك أن يكون قوة اقتراح وما أكثر غيرها فلا تلبسي المدرسة الجزائرية “نظرتك” ونزوعك الأيديولوجي حتى لا نرهن مستقبل أولادنا ومدرستنا إلى رؤية علمية لباحث ونقول لـ”فريد بن رمضان” أنت مختص في اللسانيات ولنقل اللسانيات الحديثة وباحث في علم ناشئ طري عوده هو “الطوبونيما” لا زال موضوع بحث فكيف تدرج في مقدمة قانونا لتوجيه عبارة “تطوير اللغة الأمازيغية عبر الطوبونيما” وتخلو الفقرة المتعلقة بالعربية من هذا.. هل هو الكيل بمكيالين.. المرور العربي لم ينعكس على أسماء الأماكن والمرور الأمازيغي أثر.. أليس الأجدر أن نبعد كل من الأمازيغية والعربية من هذا الهوس الجنوني والانغلاق الإثني ونقحم تلاميذنا في مقولات لازالت لم تتحول إلى يقينيات علمية أو تقترب من العلم.. ثم ألست ألسنيا فكيف تنتدب نفسك أنت وليلى مجاهد إلى مهمة بيداغوجية تمسكون بمقاليد كل شيء الإصلاحات – انتقاء الكفاءات ومتابعتها وإبعادها واستقدامها من لون مطابق أو تقبل الولاء – برنامج التكوين مع فرنسا في إطار التعاون والعدد الهائل من الخبراء الفرنسيين الذي استقدمتموهم خاصة في العام المنقضي ألفين وخمسة عشر لتكوين المفتشين وتم في ثانوية حسيبة بن بوعلي وسوف نتناوله لاحقا من خلال رؤية مسحية تيبولوجية تحليلية مع تناول أسماء المؤطرين.. وهو برنامج تم في سرية تامة من غير ضجيج بعيدًا عن أنظار وسائل الإعلام.. ترى ما الذي يجعله سريا.. هل فيه ما يتوقع رفضه من طرف الرأي العام.. هل فيه ما يمس بقيمنا الوطنية ومرتكزات قيم التربية في بلادنا هل فيه مفاضلة وتبجيل حتى يكون الخبراء الفرنسيين بتلك الكثافة ويكاد الخبراء العرب أو الأنجلو سكسون لا يذكرون ويكاد التعاون مع الدول العربية وإيران وتركيا والصين لا يذكر بل علمنا أن المكلفة بملف التعاون ليلى مجاهد التي تتأرجح ما بين الملف البيداغوجي والتكوين من جهة وملف التعاون – خاصة مع فرنسا – من جهة ثانية علمنا أن تعليمات الوزيرة كانت عدم التعاون مع الصين والتماطل في التعاون مع الدول العربية وإيران وتركيا.. ويكفي فريد بن رمضان أن يتعوذ بعبارة “يا لطيف” لما يسمع التعاون مع إيران وتتضايق الوزيرة عند زيارة وفود عربية حيث كانت تطلب من مدير التعليم الثانوي العام والتقني السابق أن يستقبلهم مشيرة إليه بتخليصها منهم فلا تستقبلهم إلا مكرهة.. ونحن دولة عربية مسلمة متمسكة بالبعد الأمازيغي ومنفتحة من غير انصهار وذوبان في رحم الآخر.. نقول لـ “فريد بن رمضان” بأن الألسني الكبير”حاج صالح” قامة علمية يجمع بين الدرس الألسني الحديث والدرس التقليدي وله إضافات هامة.. وأن “فريد بن رمضان” لا يقترب من مستواه.. وأنه متعصّب ضده لأن “حاج صالح” ينافح على اللغة العربية وهو صاحب مشروع “الذخيرة” على مستوى أكاديمية اللغة العربية الذي جمد سنوات متتاليات بحجة المال وغيرها من الذرائع والأصح أنه جمد من طرف اللوبيات المتنفذة وإرضاء لفرنسا نغتال لغتنا الأم ولغتنا الوطنية العربية.. لذلك أنت تنتقص يا سي “فريد بن رمضان” من قيمته العلمية فأي انفتاح وتسامح وقبول للرأي الآخر تتغنون به يا مفرنسي اللسان حتى تعلموا المعربين قبول الآخر والتسامح والمدنية والاختلاف والتنوع بل أنتم ترفضون من يختلف عنكم وتنعتونه بشتى النعوت وتتعجبون لما تظهر بيننا تيارات العنف والإرهاب بل أنتم من يغذي رفض الآخر.. ترك لكم المعربون الطريق كله فافعلوا شيئا تفتخر به الجزائر وتحملوا مسؤولياتكم التاريخية أمام الشعب واضمنوا لنا باستفزازاتكم هذه المدعومة أن لا يمس استقرار البلاد لقد دفعتم بالخنجر إلى الأعماق ولا أحسب الجرح سيبرى والدم سيكف عن النزيف.. لقد أثبت لكم المعربون أنهم مسالمون لما اصبحتم كمشة صوتها نشاز تتلاعب بمصير أبنائنا.. تبا لها ردة.. تبا له نكوص.. بل تبا لتنويركم وحداثتكم وكذبكم وافتراءكم وخدمتكم لأسيادكم.. أنتم تنتحلون النماذج والقوالب الجاهزة.. أنتم ماضويون حتى النخاع.

الفعل التغييري المخل بالعلمية والحياد المغرض والصامت أو القرينة المادية والحجة على لون التغيير وطبيعته اللابيداغوجية

المقاربة التعليمية للغة الأجنبية (طبعا الفرنسية)

“تعليمية اللغة-الثقافة”  D.L.C (didactique langue-culture) هي مقاربة تدريس أعلنت الوزارة على لسان مجاهد ليلى في اجتماع بوزارة التربية الوطنية بحضور “نجاة فالو بلقاسم” وزيرة التربية الفرنسية في آخر زيارتها أنها تعتمد رسميا من طرف وزارة التربية الوطنية بالجزائر بقطاع التربية لملائمتها لتدريس الفرنسية وباحتشام أضافت والعربية (هل توصلت الوزارة الأولى ومصالح رئاسة الجمهورية بنسخ من المداخلات التي تقدمها مجاهد ليلى وفريد بن رمضان خاصة ووزيرة التربية سواء ما يقرأ داخل الجزائر أمام وزيرة التربية أو أمام الخبراء الفرنسيين بثانوية حسيبة عند افتتاح الملتقى التكويني الأخير وغيره أو خارج الوطن وهل يتم تحليل الخطابات وتقييمها من طرف المكتب المكلف بملف التربية برئاسة الجمهورية وهل يتم التحليل بكفاءة وخبرة عالية أم يتم الاكتفاء بأرشفتها).

تدرس اللغة الفرنسية عبر هذه المقاربة التعليمية من خلال الثقافة والحضارة للغة الأجنبية من أجل ترسيخ قيم هذه الثقافة valeurs de la langue enseignée طبعا من غير نقد ولا تثاقف Acculturation بل تسليم وتقبل وارتهان واستلاب غير مصرح به لكن بالرجوع إلى الدراسات بهذا الشأن يمكن الوقوف عليها في مختلف النقود أو مضامين البحوث العلمية خاصة باللغة الفرنسية.

تهدف هذه التعليمية إلى خلخلة قيم المتلقي أو المتعلم وجعله يتساءل عن جدوى قيمه ويشعر عبر حالات غرابة situations d’étrangeté يطلع عليها في نصوص اللغة الأجنبية المدرسة بضرورة استبدال قيمه والتخلي عنها وتجعله يلين ويصبح هشا vulnérable من حيث تمسكه بقيمه وتجعله يفكر في استبدالها بقيم ثقافة وحضارة اللغة التي تدرس وهي أداة والية صريحة لتبديل قيم المتعلم خاصة تلك القيم الراسخة والتي تحدد خصوصيته وملامح انتماءه وهويته الثرية بحجة أنها ستجعل منه انسانا كونيا بل الأصح واللامقال هو أنها “تجعله يتقبل الإباحية الجنسية مثلا والوحشية الليبرالية والفردانية ولا يعارض الزواج المثلي وتجعله على استعداد ان يكون مطيعا وخدوما لثقافة القوي ويشعر بتضامنه معه أكثر من تضامنه مع بني جنسه باسم الأنسنة بل تستبدل لغة تعتبرها مهيمنة حاصرت غيرها من اللغات وحالت دون تطورها وهي العربية مهيمنة على الأمازيغية حسب رأيهم باللغة الفرنسية لننتهي باللغة الأمازيغية أخت الفرنسية وتحت هيمنتها ولتنتهي إلى لغة مقهورة لا بأس أن ترفع نداء القهر والتضرر باسم الحقوق الإنسانية التي يدافع عنها المجتمع الدولي من وراء البحار وفي إطار ما يسمى بمشكلة الأقليات.

ليس هذا تخريفا إنه اللامقال، وليس هذا توجسا ولا هو التفكير بعقلية التآمر بل عين الحقيقة.

إن هذه المقاربة أداة وآلية تطويع وترويض واختراق وتحضير قبلي نفسي–ثقافي عبر التعليم من الصغر ومن مراحل الابتدائي وتنميط للمواطنة في مراحلها الجنينية تحضر إنسانا نمطيا وديعا يلتبس عليه التمييز بين التسامح والدفاع عن الهوية والخصوصية والذاتية وحرمة المكان والأرض واللغة والتاريخ والدين.. فلسنا ملوكا أكثر من الملوك كما يقول المثل الفرنسي.. ففي أرض فرنسا توجد جامعات كاثوليكية وتدرس اللغة الأم الفرنسية بعدد من الساعات مهم ولا تستوي باللغات الأجنبية بل وتقارب اللغة الأم وحتى الأجنبية عند من يعتمدون هذه المقاربة من خلال ثقافة وحضارة وقيم اللغة الأم.. في وقت تتزحزح العربية من موقعها الريادي لتقترب منها أولا من حيث الحجم الساعي اللغة الفرنسية ثم تمنح لمادة الادب العربي تسمية اللغة العربية وآدابها لتختفي الآداب التي تعتبر كنزا يساهم في طرق اللسان وعشق اللغة وترسيخ ملكة القراءة والكتابة وتقنيات الكتابة وأساليبها وفنونها وتذوقها شعرا ونثرا وتاريخ أدب عربي.. فتتقلص زاوية النظر هذه وتكاد تجر المادة لتصبح “لغة عربية” فحسب لا تختلف عن بقية اللغات.. في الوقت الذي تعتبر فرنسا بلد الحضارة والثقافة والفلسفة والمعرفة والأنوار والعقلانية والأدب أشد بلد يخشى على لغته وثقافته ولا تتعدى فيه حدودا معينة مع اللغة والثقافة.. بل يمارس التوجس والخوف على اللغة والثقافة والخصوصية.. ترى متى نكف عن المزايدات وجلد الأرداف.

لا بأس أن نشير ونذكر بأنه وكأن هذه المقاربة التعليمية موجهة للبلدان التي تعاني من أزمات هوية أين تطرح اللغة كمشكل هوية.

لابد من التمييز بين مقاربة تعليمية تسمى “اللغة- الثقافة” والتعرف على اللغة والثقافة.

وينبغي الملاحظة مثلا بأنه وفي السنوات الأخيرة يزور الآسيويون أوروبا وهم يواجهون مشاكل لغوية رهيبة تجعلهم عرضة للنصب والابتزاز وتعرضهم إلى مخاطر شتى.. الأمر الذي ينعكس على السياحة في أوروبا حيث تصبح تعليمية “اللغة–الثقافة” ضرورة استراتيجية من أجل عملية إدماج لغوي وثقافي.

لم تعرف الجزائر معارك لغوية وحول اللغة والهوية منذ خمسين سنة بل هي طارئة عليها بالصورة الطافية على سطح الخطاب السياسي والثقافي والاثني والجهوي و”النخبوي” لم تظهر بقوة إلا منذ عشرين سنة.

إن وراء هذه المقاربة خلفيات ايديولوجية وسياسية وقد تتزحزح وتنسحب انزياحا مخططا وتنتهي الى موضوع تعليم الأمازيغية التي يسعى البعض إلى تحويلها الى قضية أقليات.. ولعل الهدف ليس تعليم اللغة الفرنسية فحسب لكن لتتحول الفرنسية تدريجيا إلى لغة تحل مكان اللغة العربية الفصحى وليس عبثا طغيان ظاهرة التخاطب الرسمي كتابيا وشفاهيا في الوزارات ومختلف المفاصل الحيوية للدولة رغم أرمادا من النصوص القانونية تتعلق باللغة العربية كلغة رسمية ووطنية.. بل تتحول إلى لغة مهيمنة تكتب بها اللغة الأمازيغية أي بالحرف اللاتيني الفرنسي فننتقل من لغة مهيمنة كما يعتبرها البعض وهي العربية التي تسيطر على اللغة الأمازيغية كما ينظر إليها البعض وتمنعها من الانبعاث لنلجأ إلى بديل لساني لغوي مهيمن هو الفرنسية.. وبما أن لكل لغة تراب وأرض وإقليم فلابد أن يكون للغة الأمازيغية تراب وأرض وإقليم (أنظر أطروحة الماك MAK المفاصلاتية).

هكذا ينسى أو يتناسى البعض أنه لا يمكن تطوير اللغة إلا خارج المعارك والحروب اللسانية.

تعتبر الطريقة التعليمية “اللغة-الثقافة” بالنسبة لفرنسا أداة تعليمية ملائمة ومناسبة.

أما على مستوى الجامعات الجزائرية فقد تم تكوين وتخرج أعداد هامة من الطلبة والمسجلين في الدكتوراه والماستر في موضوعات تعليمية “اللغة-الثقافة” والذين يتم تأطير البعض منهم أو الكثير مباشرة أو بمساعدة فرنسيين حيث تقترح التيمات والموضوعات بدقة من جهة الطرف الفرنسي.. كما يحتفظ الفرنسيون بألمع الكفاءات الجزائرية على مستواهم لصالح فرنسا التي تناسبها هذه المقاربة التعليمية ويوجه البعض إلى الجزائر معبئين ومشحونين ومكلفين بمهمة ومهيئين نفسيا ومعرفيا ينشرون ما تعلموه كأنه الخلاص ناهيك عن طلبة داخل الجزائر يؤطرهم من يعتقدون في جدوى هذه الأطروحة من مختلف الجامعات ويشدهم سحرها.

و لا بأس أن نشير – على سبيل المثال – إلى أن الأطفال الذين غنوا بالفرنسية عند استقبال زيارة وزيرة التربية الفرنسية بالمؤسسة التربوية المعنية هو اختراق لمخيال الطفل ونوع من البفلفة و”الفورماتاج” وقد لا يكون المخططون كلهم على وعي بالمسألة لكنهم انخرطوا في آلية التحضير والمثال ليس لأهميته الكبرى وخطورته لكنه ذكر كجزئية تؤسس وتدشن لما هو أهم وليس العيب في الغناء بلغة نتثاقف معها لكن للأمر حمولات ودلالات رمزية لا يمكن عزلها عن السياق الذي نتناوله.

ليس غريبا أن تكون الجزائر البلد الثاني بعد فرنسا من حيث استعمال اللغة الفرنسية أمام هذا التحضير والترويض والاختراق البيداغوجي الذي زادت من حدته وتكريسه وكثافته السيدة نورية بن غبريط وزيرة التربية الوطنية.

وسؤال آخر.. أليست اسبانيا أقرب إلى وهران فتكون اللغة الاسبانية لاعتبارات عديدة أولى من الفرنسية في تلك المنطقة مثلا والحدود النيجرية مع الجزائر أولى بتعليم اللغات واللهجات الأفريقية مثل الحسانية والسولنكي وهي تدرس عند الجيران في الجهات الحدودية مثل مويتنانيا والمغرب، الخ. بل علمت أن الجامعات المغربية تدرس اللغات الأفريقية.. أليست مصالحنا مع الساحل والدول الأفريقية حيوية واستراتيجية.. وأن مستقبلنا مع أفريقيا بعد خمس إلى عشر سنوات حتمي واستراتيجي.

ليس فريد بن رمضان بالذي يجهل مهمته وهو يوظف مثلا الطوبونيما التي تحيلنا إلى الهوية ومشاريع إعادة تشكيلها.. ولا هو بالذي يجهل الدور الذي يلعبه باشتغاله باللسانيات الحديثة.

فلا بد من إشارة حول التعريب الذي أجهض ودمر بأنه ومباشرة بعد الاستقلال وجدت الجزائر نفسها أمام عدد ضئيل جدا من الأساتذة الذين يتحكمون في التدريس باللغة العربية بل من بين الأساتذة الذين درسوا باللغة العربية من كان تكوينهم مفرنسا.. وقد دشنت الجزائر مشروع تعريب فوضوي هش منح الفرصة للمفرنسين (فرنكوفيل) من عودتهم القوية على أنقاض العربية الجريحة.

تحدد المقاربة التعليمية اليوم عند وزيرة التربية الوطنية “نورية بن غبريط” هدفا استراتيجيا وإطارا عاما ترتسم فيه كل الإصلاحات خاصة اللغوية للهندسة البيداغوجية والمنهاج والكتاب المدرسي وهي ترسم ملامح الإصلاح اللساني واللغوي والثقافي الذي يبدأ أساسا من التحضيري والابتدائي ويتحرك أيضا على مستويات أعلى ليحصل التلاقي.. بن غبريط تنقلب على كل قيمي باستبداله بقيمي آخر وتعلن حربها الضروس على مخيالنا وقيمنا الوطنية ولا تتنزه أن تقصي كل من يعارضها الرؤية من الوزارة وحتى مديريات التربية وتسخر من المعربين والأساتذة الجدد ثم تتراجع لما ترى مضاعفات موقفها سلبية انتقلت الى الشارع والرأي العام.. بن غبريرط وبن رمضان وليلى مجاهد المزدادة مسعودي ومسقم المفتش العام ومنفذ مشاريعهم بولاء واخلاص وبلعابد عبد الحكيم الأمين العام يكونون فوج عمل متماسك ونواة صلبة تفكر بدل الشعب والأساتذة والمفتشين والقواعد بعد أن أسكتت النقابات التعليمية وأسكتت كل الاحتجاجات لكونها مسندة ومدعمة وموصى بها خير من الضفة الأخرى. (يتبع)

ابن العقبي
خبير في التربية
9 مارس 2016

6 تعليقات

  1. Abdelkadder Dehbi بتاريخ

    صــرخــة فــي وجــه الــخــيــانــة…
    صــرخــة أحــد الــخــبــراء مــن الــمــواطــنــيــن الــغــيــوريــن عــلــى ديــنــهــم ولــغــتــهــم وســيــادة وطــنــهــم – الــســيــد “ابــن الــعــقــبــي”…. صــرخــة فــي وجــه نــوريــة بــن غــبــريــط، وزيــرة الــتــعــلــيــم وأذيــالــهــا الــمــتــآمــريــن الــحــاقــديــن عــلـى اللــغــة الــعــربــيــة، ومــن وراء اللــغــة الــعــربــيــة، الإســلام…. صــرخــة، يــفــضــح فــيــهــا الــتــعــامــل الإقــصــائــي فــي حــق الــخــبــرات الــوطــنــيــة الــتــي يــمــارســهــا الــطــاقــم الــوزاري وتــحــايــلــه وتــخــاذلــه وتــواطــؤه مــع الــخــبــراء الــفــرنــســيــيــن، فــي خــطــة مــحــكــمــة لــضــرب اللــغــة الــعــربــيــة فــي جــذورهــا وهــدم عــقــود مــن الــبــنــاء للــمــؤســســة الــتــربــويــة الــوطــنــيــة.
    أرجــو بــكــل إلــحــاح واحــتــرام، مــن الــقــراء الــمــعــنــيــيــن بــهــذا الــمــوضــوع الــوطــنــي الــمــصــيــري، أن يــســاعــدوا عــلــى نــشــر هــذا الــمــقــال الــقــيــم الــذي نــشــره – مــشــكــورا – مــعــهــد “الــهــوقــار” تــحــت الــرابــطــيــن أدنــاه :

    https://hoggar.org/index.php?option=com_content&view=article&id=4724:1-&catid=678:ibn-alokbi&Itemid=36
    https://hoggar.org/index.php?option=com_content&view=article&id=4734:—–2&catid=678:ibn-alokbi&Itemid=36

  2. BACHIR بتاريخ

    عملية التخريب جارية
    عملية التخريب قائمة :
    الرأي العام والرأي الخاص ، المجتمع العام والمجتمع المغلق ، وجهات النظر ومنظور الوجهة ، الراعي والمرعى ، الغالب والمغلوب ، العبد والمستبد ، السم والترياق . كلها مسافات ، يمكن أن تتضمنها مساحة واحدة . التحرك لشغل مثل هذه المسافات يعتمد أكثر ما يعتمد على ملء الفراغات ، والفراغ نتيجة لعملية محكمة توجهها أكثر ما توجهها الفلسفة في ثوب إيديولوجي بحت ، يعتمد ـ بضم الياء ـ بهذا الخصوص على إخضاع المدرسة للشارع ، والشارع للفوضى ، والفوضى للغموض . ما هي المسافة التي ، أو تصل المدرسة بالأسرة ، والمزرعة بالسوق ، ما هي المسافة التي تفصل أو تصل المسجد بالشارع، و العادة بالعبادة في حياة الناس ، ما هي المسافة التي تفصل أو تصل بين الجامعة والمجتمع ،وبين الواقع والتاريخ ، وبين الحاضر والمستقبل ، وبين النظر والاعتبار ، و المسافة التي تفصل أو تصل بين الهدم والبناء ؟ أين نحن من النحل في خليته ، والنمل في بيته ؟ حبذا لو كان ( المختصون) في اللسانيات ، وسوسيولوجيا التربية ، والانثروبولوجيا ، والبيداغوجيا، و…، أحرارا ، إذ يمكن أن نسأل هؤلاء عن وجهات نظرهم ، لأن المصيبة أن تكون بلا وجهة ، وتقتصر على نقل وجهات نظر آخرين . عملية التكوين داخل كيانات مغلقة ، أو منغلقة ، تعتمد عملية انتقاء مسبقة ، أساسها أن يكون الكائن المنتقى بمثابة الآلة ، أو هو بمثابة الإنسان ( المملوك ) ، حتى لا أقول ( عبدا ) ، وفوق هذا ، فإن هذا الكائن لا يصلح إلا أن يكون طفيليا ، يصلح فقط لتشويه وتخريب كل ما هو منظومي ، وطبيعي ، وجميل . المسألة مسألة حضور ، والحضور يقتضي التواصل ، والتواصل بأدواته ، والأدوات حاضرة ، أما الغائب في كل هذا فهو القدوة ، والقدوة ليست شعارا أو لافتة ، ولا هو عاطفة جياشة ، أو حضور في غير مكان ، الحضور من باب الواحد كألف ، وليس الألف كأف ، فإذا زدنا على الألف ، زادت درجة القابلية وانتفى معها التماثل للشفاء .

  3. BACHIR بتاريخ

    الحكمة ضالتنا
    الحكمة ضالتنا :
    إحدى أدوات الحكمة ، هي الخبرة ، ووزن الخبرة بوزن الخبراء ، وضالة الخبراء ، دائما ، هي الحكمة ، ومن مقتضيات الحكمة بهذه الكيفية ، أن تتملك مقومات ، فإذا كانت الخبرة تتملك مشروعا ، فطريقها أن تملك مشروعها للمجتمع ، لذلك ولذلك فقط فالغيورون على التربية ، والسياسة ، والاقتصاد ، والتاريخ ، والحاضر ، والمستقبل ، من دون مشروع يتملكونه ، ومن دون أن يملكوه للمجتمع ، فهم ألف كأف ، لأنهم بذلك لا يخرجون عن دائرة أو طبيعة الغثاء ، كغثاء السيل : ” فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ” الآية 17 من سورة الرعد . لذلك فإن صرخة السيد ابن العقبي ، وهي صرخة غيور محترق بنار الخراب ، تبقى كصرخة السيد الوزير الغيور علي بن محمد المحترق بنار الإقصاء . لكن الغيورين ، المحترقين على وجه الخصوص ، من دون تملك وتمليك ، سيذهبون ، ويعود منهم من يعود ، فإذا لم نعتبر بالمثال في حاضره ، لا يمكن أن نعتبر به حينما يصير جزءا من التاريخ .

  4. BACHIR بتاريخ

    ما ذا يستهدفون ؟
    لماذا يستهدفون لغة الضاد ؟
    يستهدفون فينا لغة القرآن ، فهم يستهدفون حريتنا ، يستهدفون تاريخنا ، ووحدتنا ، يريدون اجتثاث كل ما هو أصيل وجميل ، أقسم : أن لغة الضاد لم تكن بهذه الجاذبية ، وهذه الجمالية ، فيتعلمها الناس في مشارق الأرض ومغاربها ، لأنها كانت اللغة التي تكلم بها العرب ونطق بها شعراؤهم وأدباؤهم ، الهنود ، والفرس ، والأتراك ، والأفارقة ، والأمريكيون ، وكثير من مفكري أوربا وعلمائها ، هل فقط للإطلاع وقراءة الأشعار وقصص قاصيها ، هل ذلك هو سر الإقبال عليها وسر جاذبيتها ؟ لماذا تستهدفها الدوائر الاستعمارية ، فترتبها في سلم أولوياتها ، تبذل في سبيل تصفيتها ، الكثير مما تبذله وكأن هذه اللغة لمن يحسن التمثيل والتصوير والتعبير ، جيش جرار ، يرعب ويخيف ، لذلك ولذلك فقط يجب هزمه وإبادته . لكن كيف غابت هذه النظرة ، فلم نر في لغة الضاد ، ما رأته دوائر المستعمر هل لأن ذاكرتنا أصابها ، ما أصابها ، فتعطلت عن أداء مهامها ، أم لأننا لا نفهم بالقدر الذي فهموه ؟ شرعت يوم أمس أقلب أوراق كتاب الأستاذ علي الطنطاوي ” فكر ومباحث ” ، وشد انتباهي صفحته السابعة ، والأستاذ يسترجع ما كتبه قبل أكثر من عشرين سنة ، يتأمل من جديد ، وقد جلس مع نفسه وكأنه مغتاظ ، أو كأنه في حيرة ممن هم أقرب إلى لغة الضاد ، لكنهم لا يستطيعون ، أو هم عاجزون عن استخدام أسرار مفاتيحها ، فأبواب كنوزها ، تبقى في وجوههم موصدة . ينقل في كتابه هذا : ” وكانت المقالة موجهة إلى مجلس المعارف الكبير وقد استهلت بخلاصة قصة ( الدرس الأخير ) لـ ( الفونس دوده ) يقص فيها على لسان صبي من الألزاس ، كيف هرب من المدرسة ، وأخذ طريق الحقول ، ليقطع النهار في اللهو واللعب ، ثم بدا له ، فعدل عن هذا وذهب إلى المدرسة ، فإذا هو يرى الناس يسرعون السير في الشوارع ، مصفرة ألوانهم ، تبدو عليهم أمارات الذعر والألم ، وإذا هو يرى الأستاذ يذهب ويجيء في باحة المدرسة ، قلقا مضطربا ، وقد قعد بعض أهل القرية على مقاعد الصغار ، واجمين شاخصين ، فانسل إلى مكانه متحيرا لا يدري ما الخبر ، وإذا بالأستاذ يعلو المنبر ويقول بصوت مرتجف ورنة حزينة كأنها رنة بكاء مكتوم : أولادي . هذه آخر ساعة أراكم فيها ، ثم نفترق إلى غير تلاق ، لأن بلادكم قد احتلها الألمان ( وكان ذلك في حرب السبعين ) وصارت دروسكم باللغة الألمانية فلا فرنسية بعد اليوم . وخنقته العبرات فما استطاع أن يتم كلامه ، فعاد يقول : والآن : أصغوا لي لألقي عليكم ( الدرس الأخير ) باللغة الفرنسية وقم أنت يا فلان . قال الصبي : فما سمعت اسمي حتى ارتجفت ووقفت ساكتا ، ولم أكن قد حفظت درسي ، فقال لي الأستاذ : اقعد ، أنا لا أعنفك ولا أعاقبك،ولكن اعلموا، اعلموا يا أولادي أنكم أضعتم بلادكم وسلمتموها إلى عدوكم بإهمالكم لغتكم”. ما هذا الدرس الخاص ، والاستثنائي ، الذي قدمه الأستاذ للكبار والصغار ، للتلاميذ والأولياء ، لماذا الأستاذ بالذات ، والمدرسة تحديدا ، ولماذا ذكر الأستاذ تلاميذه ، ومعهم الأولياء بلغتهم الفرنسية ؟ هل لأن الألمان احتل بلادهم راغبا في لغتهم ، ما دخل اللغة في ما فعله الألمان بأرضهم ؟ لم يحدثهم عن أموالهم ، لم يلتفت إلى عالم الأشياء بقدر ما همه كيان الإنسان الثقافي والحضاري . مستشارو الكاهنة صوروا لها الجيش الفاتح القادم من الشرق طامعا في ثروة الزيتون وزيته ، فأمرت بقطع الأشجار ، ولما أدركت نية الفاتحين وهدفهم ، كان لها موقفها الذي لم يغفله التاريخ . لماذا ربط الأستاذ احتلال الألمان للأرض بعامل اللغة ، وتحديدا اللغة الفرنسية ؟ فهو لم يخف على قومه من احتلال الأرض ، وإنما كان خوفه على عالم الثقافة ، خاف عليه من عملية المسخ ، خاف من أن ينتقل فيروس القابلية للاستعمار إلى نفوس أولاده وعقولهم ، فيستشري الداء ويتحكم فيهم البلاء ، لذلك أوصى أولاده باللغة الفرنسية ، وأكد أن المحتل سوف يستخدم الألمانية ، بعد يومهم ذاك . فهل اهتم بعد ذلك اليوم ، الأولاد والأحفاد بما عند الألمان ، ولمن لا يعرف الفلاسفة الألمان وعلماء الألمان ، وقوة الألمان ، وحضور الألمان ووعيهم وتميزهم ، فما عليه إلا أن يعيد رحلته من جديد . ورغم كل ذلك واصل الأولاد والآباء ، بل جميعهم ، رحلة الوفاء للغتهم الفرنسية ، ولم نجدهم في يوم من الأيام يتكلمون الألمانية أو يستشهدون بالأمثال . من هنا يمكن أن نفهم ، لماذا تصر فرنسا ، تحديدا ، على استهداف لغة الضاد ، والله ، إن فرنسا ، لا تهمها القبائلية ، ولا الشاوية ، ولا … ، الذي يهمها يا أبناء الجزائر هو ثقافة الثورة ، وثورة الثقافة ، هو تاريخ الثورة ، وثورة التاريخ ، هو ثقافة ابن مهيدي ، وابن مهيدي الثورة . أما الذين لا يفهمون في اللغة والثقافة والثورة ، فلا يهمهم لا حرمة التراب ولا أعراض العباد ، لا تهمهم المدرسة ، و لا يهمهم مستقبل الأولاد والأحفاد .

  5. BACHIR بتاريخ

    الوفاء
    حسن النية يحتاج إلى قربان
    أتوجه إلى أبناء وطني ، الذين يفهمون في لغة الثقافة وثقافة اللغة ، لغة التاريخ وتاريخ اللغة ، تاريخ الثورة وثورة التاريخ ، ممن هم على عهد ابن مهيدي ، وعلى خطى ابن باديس ، وسماحة أحمد سحنون ، ونيات هواري بومدين ، وحرقة مهري عبد الحميد ، وغربة أحمد آيت ، وبراءة شعباني ، وصحوة الإبراهيمي ، ووفاء مفدي زكريا ، وفطنة بن نبي ، وصلابة فاطمة نسومر ، وصبر رجال الجزائر وحرائرها . إن حسن النية يحتاج إلى قربان ، والقربان ليس مالا تبذلونه ، أو سلطانا تتنازلون عنه . القربان هو برهان ، ودليل برهانكم ، الوفاء ، اليوم قبل الغد ، تسترجعون الكلمة والموقف ، الجزائر تنتظركم ، فكونوا في الموعد أيها الأحرار ، البداية باسترجاع روح التربية والتعليم ، ودليلكم على حسن نيتكم هو استرجاع الوزير الحر ، الذي ينتظر ، فهو ممن صدقوا ولم يبدلوا ، وهو دليلكم الكفيل بربط الماضي والحاضر والمستقبل ، فننهض من كبوتنا ونعقد العزم على الوفاء . فنحفظ للجزائر وحدتها ، وللشعب كرامته ، وللرجال كلمتهم ، وللحرائر حرمتهن ، وللأبناء تاريخهم ومستقبلهم .

  6. BACHIR بتاريخ

    ننتظر إجابة
    سؤال محير؟
    أيها الجزائري انفض عنك قيود التبعية ، وكسر عنك قيود القابلية ، فلا تبعية من دون قابلية ، هلا نظرت في وجهك ، ليس كمن ينظر في المرآة ، بل كمن يحول صورته إلى مرآة ، فينظر في داخل الصورة ، فيستخرج منها ما علق منها من بذور ميتة وقاتلة ، فيتحرر بدل أن يطلب الحرية ، المدرسة مدرستنا ، والأطفال أطفالنا ، لا فرنسا ولا لغة فرنسا ، ماذا تريد لنا وماذا ننتظر أن تعطينا ، علما تعطينا ، أين فرنسا من العلم ؟ لغة تعطينا ، ما هي كنوز هذه اللغة ؟ أخلاقا تعطينا ، اسألوا التاريخ ؟ فماذا ننتظر من فرنسا ، أم أن هناك من يفهم أكثر من فرنسا ، فيرى غير ما رأته فرنسا ، وما فعلته فرنسا بنا ، أو هو يريد من فرنسا أن تكفر غن خطيئتها ، من يكون هذا الذي ، أو هذه التي تنصحنا أن نأخذ من فرنسا ، ونتوسل لفرنسا ، ماذا عند فرنسا ، أم أنكم فرنسيون أكثر من فرنسا ؟ المدرسة مدرستنا ، ونحن من نختار لأطفالنا وأبنائنا وبناتنا ، فمن الذي يمنعنا من الحق في الاختيار ، والحق في التعلم ، والحق في التطور ، والحق في التحرر ، والحق في أن ننعم بقسط من الحرية ؟ أسئلة يمكن أن يطرحها كل جزائري حر ، الأصل في الجزائريين هو الشرف والحرية ، يمكن أن يطرحها على نفسه ، رفقة أطفاله ، رفقة أستاذه ، رفقة المعلم والمتعلم . والله لو كانت فرنسا تساوي جناح بعوضة عند الله ، ما وطأت قدم محتل فرنسي الجزائر ، إلا أن المسألة مسألة شرف وحرية ، فالشرف شرفك والحرية حريتك : ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” صدق الله العظيم وبه نستعين .

Exit mobile version