تحت شعار “تحالف الأمة لأجل الإتحاد الاسلامي” نظم المنتدى الشبابي الدولي المؤتمر الدولي العاشر للتعاون الثقافي بين الشباب المسلم في مدينة إسطنبول التركية نهاية الاسبوع الماضي. و بعد تلاوة مبارك من القرىن الكريم،  افتتح اليوم الأول بكلمات رسمية للمشرفين الاتراك ثم الضيوف، حيث رحب بالجميع الأستاذ محمد بوداك عن “المنتدى الشبابي الدولي”  الهيئة المشرفة و الدكتور مصطفى كمالاك رئيس حزب السعادة، لتنطلق الاشغال بالمحور الأول بعنوان ” مناطق الأزمات و انتهاكات حقوق الانسان”  متبوعة بورشة عمل بعنوان “من أنت؟” أين يقدم الضيوف أنفسهم والمؤسسات التي أوفدتهم و أهم مهام وإنجازات وعوائق كل جهة حسب واقعا الجغرافي و القانوني. كما نوقش في اليوم الثاني 3 محاور حول “الاتفاق الاقتصادي”،  تلته 4 ورشات عمل تحت عنوان كبير “كيف نعمل معا؟ في الاقتصاد ، في الاعلام ،في  التعليم و في قطاع الشباب” أما محور ” المسلمون في الهجرة” فقد نال حصة الأسد في الفترة الصباحية الأولى من اليوم الثاني، وكانت كلمة كاتب هذه السطور بعنوان” إكراهات الهجرة و مقاصد الدعوة”، حيث قدمنا ملخص ورقة في 20 صفحة، عرجنا في نقاط مركزة منها :

حتمية تعايش المسلمين مع الأخر في الغرب، وأن الهجرة منعطف حاسم في حياة الانسانية قاطبة،

مركزين على الفرق بين هجرة مؤمني اليوم وبين أولئك المؤمنين الأوائل من أصحاب رسول الله،

فهي أنواع وأشكال ولإن كانت الهجرة مبدأ التوحيد والوحدة

بل هي استثناء والأصل أن يعيش الإنسان في وطنه، وبين أهله..

مبينين في نقط أهم محطات هجرة المسلمين إلى أوروبا، تاريخها و مسوغاتها

وقوافل الهجرة للغرب حديثا، مع تفسير ممنهج حول ضرورة، تجديد الخطاب الديني في الغرب لمواكبة العصر و الضرورة تقدر بقدرها، كما يقول الاصوليون.

و قد شارك في المؤتمر قيادات العمل الشبابي الاسلامي من 65 دولة، بالإضافة إلى كوكبة من المحاضرين من أوروبا و أمريكا و دول العالم الإسلامي عموما.

و مما أبهرني في النموذج التركي هو استقطاب بعض  قيادات العمل الشبابي الإسلامي، من أنجب النجباء في العالم الاسلامي، والتكفل المالي بهم والتكويني التام في مختلف التخصصات بحيث تغطي مؤسسات الوقف التركية كل مصاريف الطالب وتعطيه منحة من السنة أولى ليسانس للدكتوراه، “و في ذلك فليتنافس المتنافسون”، وقد استمتعت بمحاورة  بعض الطلبة الوافدين من ماليزيا والصومال وموريتانيا والمغرب و ..وقد وجدت فيهم الطالب الرسالي! درر نفيسة فعلا.. ! ونماذج خلقا وعلما وسلوكا .. بل وحتى أناقة، بحيث يلبسون بدلات آخر طراز .. ! أما عن العلوم الشرعية و حفظ القرآن و حسن تلاوته فحدث عن البحر ولا حرج.. فعلا ” ما شاء الله”.. !

حبذا لو تحذو دولنا العربية بمثل هذا الصنيع، أي تكوين الاجود بدل الغثائية، لأني على يقين بعد عشر سنوات سيكون هؤلاء الطلبة هم وزراء و خبراء و سفراء دولهم للعاام.. و كما يحلو للعلامة البشير الابراهيم قوله عن مثل هؤلاء الشباب في رائعته ” الشاب الجزائري كما تمثّله لي الخواطر”،  قوله رحمه الله :” .. أتمثّله مقبلًا على العلم والمعرفة ليعمل الخير والنفع، إقبال النحل على الأزهار والثمار لتصنع الشهد والشمع، مقبلًا على الارتزاق، إقبال النمل تجدُّ لتجِدَ، وتدَّخر لتفتخر، ولا تبالي ما دامت دائبة، أن ترجع مرة منجحة ومرة خائبة …”

“..أتمثّله مقدّمًا لدينه قبل وطنه، ولوطنه قبل شخصه، يرى الدين جوهرًا، والوطن صدفًا، وهو غوّاص عليهما، يصطادهما معًا، ولكنه يعرف الفرق بين القيمتين، فإن أخطأ في التقدير خسر مرّتين

أتمثّله واسعَ الآمال، إلى حد الخيال، ولكنه يُزجيها بالأعمال إلى حد الكمال، فإن شُغِفَ بحب وطنه شَغَفَ المشرك بحبّ وثنه، عذره الناس في التخيّل لإذكاء الحبّ، ولم يعذر فيه لتغطية الحقيقة..”

” ..أتمثله بانيًا للوطنية على خمس، كما بني الدين قبلها على خمس: السباب آفة الشباب، واليأس مفسد للبأس، والآمال لا تدرك بغير الأعمال، والخيال أوّله لذة وآخره خبال، والأوطان لا تخدم باتّباع خطوات الشيطان.. يا شباب الجزائر{ بل يا شباب الإسلام}، … هكذا كونوا … أو لا تكونوا..”

بهذه النماذج و الآمال، خلص المؤتمرون في بيانهم الختامي على ضرورة تحالف كل المسلمين في نطاق المفاهيم الاسلامية الحقيقية والاعتماد فيه على المصادر الاساسية للإسلام. كما ناقش المؤتمر قضايا التواصل بين زعماء العمل الشبابي وتقوية التعاون بينهم؛ والتشخيص الصحيح للإزمات الثقافية والعلمية والإجتماعية والسياسية في العالم الاسلامي.

وخلصت تلك الجلسات والحوارات بتوصيات أخرى محددة منها:

· لا يمكن للعالم الاسلامي ودوله أن تنعم بالسلام والاستقرار إلا من خلال الاتحاد الاسلامي. فيجب علينا أن نتحرك بالوعي الاخوي والقيم النبيلة التي تربط بين المسلمين.

· تحفيز الشباب المسلم لما يحدث من محاولات تقسيم الامة بالمذهبية والقومية والاقليمية؛ و على العالم الاسلامي أن يتخذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك.

· إدانة كل أحداث العنف والهجمات الارهابية الواقعة في العالم والدول الاسلامية. ولا يمكن باي حال الربط بين هذه الاحداث بأسس ومبادي الإسلام العظيم.

· التنبيه عن ما يحدث في القدس والمسجد الاقصى من تقسيم زماني ومكاني هو تهديد واضح لكل المسلمين في العالم.

· التذكير بأن المسلمون يعيشون تحت انواع من التهديدات في كثير من الدول على رأسها فلسطين وسوريا والعراق ومصر وبنجلاديش وتركستان الشرقية واركان. ولا يمكن قبول الظلم والقهر سواء كان لأسباب داخلية أو خارجية.

· ضرورة تظافر الجهود للحل السلمي وليس الصراع أمام  تغاضي العالم عن السياسات العدائية الواقعة في الغرب ضد الاسلام والمسلمين.

· ضرورة الاعتراف بالوجود الثقافي والإجتماعي والديني للمسلمين الذي يعيشون أقليات في الجغرافيا المختلفة والذين اضطروا للهجرة من بلادهم لأسباب متعددة.

· وجوب التفكير والسعي لبعث مؤسسة التعاون الاقتصادي بين الدول الاسلامية؛ والعملة الموحدة بين الدولة الاسلامية؛ ومنظمة الدفاع المشترك بين الدول الاسلامية؛ ومنظمة التعاون الثقافي والعلمي بين الدول الاسلامية كل ذلك لأجل تأسيس عالم عادل متكافل وجديد.

و هي ذات الاهداف التي خطها مؤسس تركيا الحديثة البروفيسور نجم الدين أربكان بقوله موصيا الشباب بهذه الأوصاف الحضارية المتجددة ، بحيث كتب يقول “إن المسلم لا يكفي أن ينتسب إلى هذا الدين، دون أن يتحمل مسؤولياته في العمل للإسلام. قد يواجه تحديات من الذين يتربصون بالإسلام وأهله، ولكنها تحديات تدفعه إلى مزيد من العمل. لا إلى الانكفاء والتردد “ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا”
و عن الفرائض الدينية يقول رحمه الله “..وإذا كانت الصلاة والصيام وجميع الشعائر فروض افترضها الله على عباده. فإن مجاهدة النفس، وترك الهوى، والتزام التعاليم الإسلامية، وبذل الوسع في جهاد يصلح النفس، ويصلح الآخرين، ويؤسس العادة لبني البشر، فريضة كذلك

وإذا كانت الفروض محددة بالزمان والمكان فإن فريضة المجاهدة لا يحدها زمان ولا مكان بل دائمة مستمرة في كل الدوائر: النفس والأمة والعالم.. تستشعر دائما تقوى الله ومخافته، وتربط العمل بالله فنية المرء خير من عمله، وتعامل الناس بخلق حسن” مؤكدا على العمل الطلابي المؤسساتي بقوله:”

إن مسؤولية المنظمات الطلابية اليوم.. مسؤولية كبيرة.. في الوقت الذي يعمق الفهم والالتزام بين أعضائه.. ينقل التجربة إلى كل تجمع إسلامي في أنحاء العالم.. بحيث يكون هؤلاء جميعا فريق عمل واحد.. كل من موقعه.. وللجميع هدف واحد”

وتتضمن خطة تفعيل العمل الطلابي.. الاهتمام بتنظيم الاتحادات الطلابية، ووضع المناهج والبرامج التربوية والتدريبية لها، والاهتمام بالإعلام الذي يعبر عنها، والاهتمام بالسياسة فـ”من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”، وأن يهتم بالاقتصاد فلا عمل بلا مال.. ولا تقدم بغير الاستغناء المالي.

محمد مصطفى حابس
6 ديسمبر 2015

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version