“إن اللغة العربية هي لغة عقيدة وحضارة، قبل أن تكون لغة قومية، والدليل على ذلك أن المساهمة في بناء مجد الحضارة العربية الإسلامية كانت لشخصيات من أصول فارسية، نبغوا في مختلف ميادين الثقافة العربية، وإن الوفاء لأولئك العباقرة والتمجيد الحقيقي لهم، إنما يكون بالدفاع عن اللغة التي كتبوا بها، وخلدوا ذكرهم ببناء صرح حضارتها، وترقية ثقافتها”.

بفضل هذه الكلمات الخالدة التي قالها الشيخ العلامة عبد الرحمن شيبان رحمه الله ابن بلاد القبائل وابن الجزائر البار لإقناع الوفد الإيراني بسحب ترشيح اللغة الفارسية أمام اللغة العربية في العام 1966م، تحوّلت اللغة العربية إلى لغة رسمية عالمية لدى المنظمة العالمية مثل منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة كاليونسكو.

لقد أدرك هذا العالم المجاهد أن اللغة العربية لغة عقيدة وحضارة وليست لغة قومية أو دخيلة على الجزائر فهي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا الإسلامية، فساهم ومن معه من أصول أمازيغية من القبائل والشاوية وبني ميزاب في بناء مجد الحضارة العربية الإسلامية فنبغوا في مختلف الميادين الثقافية العربية، وان الوفاء لهؤلاء العلماء المجاهدين الذي ضحوا بأموالهم وأنفسهم وفكرهم في سبيل العقيدة والحضارة الإسلامية وتحرير العقول والحفاظ على اللغة العربية وتمجيدهم تمجيدًا حقيقيا إنما يكون بالدفاع عن اللغة العربية التي كتبوا بها، وخلدوا ذكرهم ببناء صرح حضارتها، وترقية ثقافتها.

كما أن الشيخ عبد الرحمن شيبان رحمه الله قبل هذا، كان له الدور الأكبر في مواجهة دعاة العلمانية الذين كانوا يريدون جعل العلمانية أساسا للدستور الجزائري، حيث جمع نخبة من أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لإحباط هذا المشروع وذلك بتوجيه نداء للشعب الجزائري للتمسك بدينه وبصفته عضوًا في اللجنة المكلفة بإعداد الدستور الجديد للجمهورية الجزائرية كان له الفضل الكبير في جعل الإسلام دين الدولة والعربية هي اللغة الوطنية والرسمية خلافًا لمطالب التيار العلماني بأن يكون الإسلام دين الشعب والعربية لغة الشعب.

إننا اليوم نعيش تحديًا حضاريًا رهيبًا لا يرحم، صدام استبيحت فيه كل الوسائل الشرعية وغير الشرعية، تتسابق فيه الأمم من أجل فرض حضارتها بكل عناصرها ومن أهم العناصر المكونة للحضارة هي اللغة التي هي لسان الحضارة وقلمها وبها تكتب فمن كانت له لغة كانت له حضارة وعقيدة ومن لم تكن له لغة فلا حضارة له ولا دين.

وصدق الشيخ العلامة ابن باديس رحمه الله القائل:
شعب الجزائر مسلم والى العروبة ينتسب         من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب

إن آباءنا وأجدادنا الذين حرروا وطننا الجزائر أقاموا الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وهي وحدة لا تتجزأ، الإسلام دين الدولة واللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية وهي تحترم جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني كما تمنع أي تجاوز لمؤسسات الدولة أن تقوم بالممارسات الإقطاعية والجهوية والمحسوبية وإقامة علاقات الاستغلال والتبعية كما تمنع السلوك المخالف للخلق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر.

إن وحدتنا تكمن في الحفاظ على اللغة العربية لغة ديننا وحضارتنا فإذا حافظنا عليها حافظنا على الدين والعلم والعمل والعدل والشرف والوحدة وثقافة الشعب بعاداتها وتقاليدها وإن ضيعناها ضيعنا كل شيء.

إن تاريخ أجدادنا الامازيغ تاريخ عظيم لا ينكره إلا جاحد أو حاقد، ولغتنا الامازيغية وان اختلفت فهي هويتنا وشخصيتنا ولا يمكن لأحد أن ينتزعها منا، كما لا يمكن لأحد أن ينكر على أجدادنا الامازيغ الذين فتحوا الأندلس وساهموا في بناء مجد الحضارة العربية والإسلامية مجدهم حتى أصبحنا جزءًا لا يتجزأ من هذه الحضارة الإسلامية العظيمة.

محمد العربي أوشن
3 ماي 2015

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version