نظم “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” الملتقى السنوي الـ 32 لمسلمي فرنسا في باريس هذا الأسبوع في الفترة ما بين  3-6 أفريل 2015م تحت عنوان {وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين}، وانتهت أشغاله يوم الاثنين، ببيان ختامي وتوصيات  للملتقى السنوي المقبل بحول الله.

 وقد إحتوى  برنامج هذه السنة على العديد من المحاضرات والندوات عن السيرة النبوية الشريفة خاصة، كما أقيم على هامش الملتقى، المعرض الإسلامي الكبير  لبيع الكتب والاقراص وأجنحة مخصصة للشباب والأسرة والأطفال والجمعيات. ومن أبرز ضيوف هذه السنة القادمين من العالم الإسلامي، الشيخ راشد الغنوشي، والشيخ عبد الرزاق قسوم  من الجزائر وعصام البشير من السودان والشيخ علي القرداغي من قطر والشيخ النابلسي والشيخ عمر عبد الكافي، والعديد من الدعاة والمفكرين من أوروبا وأمريكا.

وقد غطت اللقاء العديد من وسائل الاعلام العربية كما نقلت فعاليات المؤتمر بعض القنوات كـ”الجزيرة” و”الرسالة” و”اقرأ ” هذه الأخيرة نقلت بثا مباشرا طيلة أيام التظاهرة الإسلامية.

وإذا كانت ظروف الربيع العربي وما تعرفه ثوراته من نكوص ومؤامرات، في العديد من الدول العربية إلى عمليات إبادة وقتل، كان آخرَها التدخل الإيراني من جهة والسعودي من جهة أخرى لتفكيك اليمن وما يقع في ليبيا والعراق ومصر من ظلم وهدر للحقوق، أثارت  كلها ضياع بوصلة المسلم عموما في بلادنا العربية فما بالك بمسلمي أوروبا والغرب، فقد أضيفت لكل ذلك مشاكل تتعلق بصميم وجودهم في الغرب، لا سيما بعد الاعتداء التي تعرضت له الصحيفة العنصرية والإسلاموفوبية “شارلي إيبدو” التي ركزت، مؤخراً، على الإساءة إلى النبي محمد (صلى الله عليه و سلم)، وعرض رسوم كاريكاتورية عنيفة ومسيئة له. و هذا اللقاء الإسلامي جاء لرد الاعتبار للرسول محمد (صلى الله عليه و سلم)، لكن بطريقة حضارية سلمية.

رغم كل ذلك يبقى لقاء “لوبورجيه”  يكتسي أهمية كبرى في هذه المدة تحديدا نظراً لأن هذه السنة حفلت بالمستجدات التي تهم أفراد الجالية الإسلامية في فرنسا وأوروبا، خصوصاً أن هذا اللقاء السنوي يعتبر موعداً ضروريّاً لكل مسلمي أوروبا، إذ يأتي دائما متزامنا مع عطلة عيد الفصح المسيحية لمدة خمسة أيام كاملة. بحيث تسمح هذه العطلة الأوروبية ليجمع المؤتمر بالإضافة لمسلمي فرنسا الكثير من مسلمي أوروبا من الدول المجاورة كإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وإنجلترا وسويسرا وبلجيكا وغيرها، بل يعتبر أهم لقاء جماهيري سنوي في فرنسا إلى جانب لقاء “لومانيتيه” الذي ينظمه الحزب الشيوعي الفرنسي، بحيث يصل عدد الزوار مسلمين وفضوليين إلى حدود  170 ألف أو تزيد، بل قد تصل إلى 200 ألف.

لأن للّقاء السنوي هذا في  أوروبا دور ثقافي وفكري وتربوي لا يستهان به بل يستفيد منه حتى الزوار “الفضوليون” من المسلمين وغير المسلمين، وهو ما أكده كل سنة هذا المنهج الوسطي، والدور الذي لعبه تأسيس “لقاء لوبورجيه السنوي”، بضاحية باريس، الذي يجمع مسلمي فرنسا وأوروبا، والذي ابتدأ منذ سنة 1988، وساهم ولا يزال، بشكل رائع و منهجي، في ترويج  أدوات ووسائل الدعوة و العيش في أخوة وسلم بين شعوب الوطن الواحد، وفي الانفتاح على شباب الجيلين الثاني والثالث من أبناء الهجرة وربطهم ببلدانهم الأصلية، لا سيما عبر اللغة العربية وتعليمها في مراكزنا الاسلامية منذ عشرات السنين.

وقد شجع هذا اللقاء السنوي الهام اليوم على ظهور العديد من مواهب والمؤلفات و الابتكارات ودور النشر العربية والإسلامية للتعريف برسالة الإسلام السمحاء، خدمة للصالح العام عموما وجاليتنا في الغرب خصوصا.

وأخيراً، يجب أن نُذكّر بأن تنظيم هذه التظاهرة الثقافية والفكرية والسياسية والدينية الكبرى، من قبل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، في ظروف استثنائية، يعتبر نجاحاً كبيراً لهذه المنظمة لخدمة مسلمي فرنسا وأوروبا، حبذا لو تفكر جمعية العلماء مستقبلا بتخصيص جناح لعرض “منتوجاتها ” الخيرية الكثيرة والمتواضعة بدأ بتعريف جاليتنا بتاريخها ورجالها وتضحيات أجيالها قصد ربط علاقة مودة أصيلة بينهم وبين أوطان أباءهم وأجدادهم، فجميل أن يحضر رئيس وممثلون عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لمثل هذه التظاهرات الإسلامية ولكن الأجمل  الأبلغ والأفيد هو كراء و تخصيص جناح خاص بجمعية العلماء تعرض فيه جمعيتنا “بضاعتها “بدأ بجريدة “البصائر” و”الشاب المسلم” وكتب تعريفية بها وتاريخها وفضلها على الجزائر والعالم وأخيرا بمنهجها الوسطي.

أمل جاليتنا في جمعية العلماء كبير، “نرجو من الله تبصيرهم بهذه المبادرة  و أخذها بجد، و نحن رهن إشارتكم” كما ألح علينا بقوله أحد الإخوة الذين حظروا كلمة الافتتاح وفرح بحضور الشيخ عبد الرزاق قسوم كعادته للملتقى، وإلى لقاء في العام المقبل بحول الله.

محمد مصطفى حابس
9 أبريل 2015

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version