قال تعالى: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } (آل عمران 103)

لقد نبهنا في بياننا الصادر عشية الانتخابات الرئاسية الفارطة أن تلك الانتخابات في ضوء المعطيات التي جرت فيها “تعتبر فرصة أخرى ضائعة على الشعب الجزائري تكرس الأزمة وتؤجل حلها”.

وها هي السلطة مرة أخرى تهدر الفرص بتنظيمها لمشاورات صورية جوفاء تحاور نفسها وتدفع بذلك المعارضة لأخذ زمام المبادرة لبحث الحلول الممكنة لتجاوز الوضع الخطير الذي آلت إليه البلاد.

إننا نثمن توجه الجهود الوطنية المخلصة بمختلف أطيافها المجتمعة في “ندوة الحريات والانتقال الديمقراطي” نحو التوافق والبحث المشترك عن أفضل الحلول لإخراج البلاد من حالة الانسداد المزمن والأزمة المتعددة الأبعاد التي ترهن حاضر ومستقبل البلاد.

وحرصا منا على إنجاح هذا المسعى فإننا نوصي بما يلي:

أولا: المعارضة

– أن تقتنع أن المرحلة، هي مرحلة تجميع وتوافق، من أجل تغيير حقيقي سلمي وبناء دولة القانون والحريات.

– أن تتنزه عن كل الحسابات السياسية الضيقة والأنانية الفردية أو التصنيفات الإعلامية التقليدية، والارتقاء إلى متطلبات المرحلة الجدية التي عرفت تحولات اجتماعية وفكرية عميقة.

– إرجاع الأمل للشعب بالتحلي بروح المسؤولية وإعطائه القدوة وتجنب الممارسات الخاطئة، والثبات أمام مناورات السلطة وإغراءاتها واستدراجاتها.

– أن تعطي الأولوية لإنضاج المشاريع بعيدا عن منطق السبق السياسي والإعلامي، وأن تعمل على توسيع قاعدة المعارضة البناءة لتشمل جميع القوى الحية التي تؤمن بالتغيير الحقيقي والسلمي، دون إقصاء سياسي أو إيديولوجي، لنصل إلى “جبهة وطنية عريضة”، تكسب معركة التوازن أمام استفرادات السلطة.

– ألا تخطئ الهدف، وتحسن ترتيب أولوياتها الوطنية، من خلال ترجيح آلية التعاون على المتفق عليه، وإرجاء المختلف فيه، واعتبار المنابر التي تخدم نفس الهدف الوطني تعدد إثراء وإغناء، لا تعدد تضاد وإلغاء، مما يمهد الطريق لتوسيع هامش التوافق الوطني بين كل أطياف المعارضة الجادة، وإشاعة ثقافة توافقية جديدة في المجتمع.

– أن تنزل للميدان للاحتكاك بالمجتمع فتشاركه آماله وآلامه، بعيدا عن “سياسة الصالونات”، ومنطق الوصاية، والانخراط في ديناميكية صناعة الرأي العام وتوسيع القاعدة الجماهيرية لمشروع التغيير.

ثانيا: الشعب والرأي العام

– أن يدرك الشعب والمجتمع أنه هو محور التغيير وأداته في نفس الوقت، فمزيدا من اليقظة والوعي والالتحام مع دعاة الإصلاح والتغيير الحقيقي.

– أن ينتبه لمشاريع ومناورات التخويف والتخوين والتيئيس من مشاريع التغيير والإصلاح.

– أن يحذر من المناورات السلطوية لشراء “السلم الاجتماعي” بمشاريع الإغراء الريعية التي تجعل من المجتمع والشباب أداة كسر وتعطيل لديناميكية التغيير والإصلاح الحقيقيين.

– الحذر من المغامرات السياسية غير المحسوبة والاستدراج للفوضى والعنف الذين يخدمان أعداء الوطن، بالتشويش على مشاريع التغيير ومن ثم تعطيل آجالها.

ثالثا: السلطة

– على السلطة أن تأخذ العبرة مما يجري حولنا من تحولات سياسية واجتماعية، وتغليب المقاربة الإيجابية بإشاعة الاستقرار بأخذ إجراءات سياسية واجتماعية لصالح المواطنين، دون السقوط في فخ تغليب الرهان على استمرار النظام، بتوظيف وإشهار ورقة تخويف الشعب وردعه عن المطالب المشروعة أو وضعه في حالة “الرهينة” بتخييره بين القبول بالأمر الواقع أو الدخول في “حالة الخراب والفوضى”.

– على السلطة أن تدرك أن تضييع فرص ومواعيد الدخول في سكة الإصلاحات الحقيقية، وانتهاج الحلول الترقيعية والتجميلية للإفلات من الإصلاحات الحقيقية تحت وقع الحسابات السياسوية لرهانات السلطة ،… كل ذلك سيكلف البلاد غاليا على المديين المنظور والبعيد، لأن حلول اليوم لن تكون ممكنة ولا مناسبة غدا.

– لا يجب تضييع فرصة التغيير والإصلاح من الداخل، بإشراك جميع القوى الحية والخيرة في المجتمع، داخل السلطة و خارجها، لأن الاستفراد بإدارة الأزمة أو القفز عن الممثلين الحقيقيين للشعب والمجتمع ،من شأنه أن يدفع إلى اليأس الذي لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } (الرعد: 1)

حركة البناء الحضاري
الجزائر، 10 جوان 2014

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version