لله در شهيد كلمة الحق عند السلطان الجائر… عندما حذر سيد قطب من الإسلام “الأمريكاني” اتخذه الغوغاء بين مستهزئ و منكر لقصر نظر أو ضعف بصيرة. و لكن ما حذر منه الرجل بات واقعا. نكباتنا، تخلفنا، تناحرنا، هواننا و ذلنا كله مرتبط مع -الأسف بالإسلام المشوه- الذي يريد الغرب “الصهيوصيبي” حملنا من خلاله بإيعاز لأدعيائه و عرابيه لجعل الإسلام الصحيح سبب لكل ما ذكر. أو على الأقل مشجبا تعلق عليه هذه الآفات و هو منها بريء و لها خصيم و منها منجى و ملجأ.

تحضرني كلمة غاية في الإبداع قالها لي الشيخ عمر عبد الكافي “الإسلام بضاعة ممتازة يروج لها تاجر فاشل”، أضيف على ما قال أن من يروجون للإسلام هم إما فشلة أو أعداء له أو سذجا من القوم التبع، أو الذين لهم عقول في آذانهم الموقورة يرددون ما يتلى عليها. لكن شر هؤلاء جميعا هم مشايخ الإسلام “الصهيوصليبي”، و نقصد بهم على وجه الخصوص المرجعية المصرية ممثلة في “حاخام الأزهر الأكبر” بوق الانقلاب و مشرعنه، و المرجعيات النجدية التي أسقطت من الإسلام فريضة غائبة فقتلها و اجتثتها أو حصرتها في ” جهاد النفس”، و جعلت جل القضايا الفقهية مختزلة في “القبض و السدل” و نواقض الوضوء، غير آبهة بنواقض الإيمان التي تحاصرهم ميمنة و ميسرة وفق مقاصد شريعة الإسلام “الصهيوصليبي” الكبرى التي تحرم الخوض في أوضاع المسلمين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، في ما يشبه تكرارا لـ”سفسطة” أهل العراق يوم استفتوا عالما في مكة أثناء الحج عن دم “البرغوث” أهو مفسد للإحرام أم لا؟ و إن كان هؤلاء وجدوا في العالم الرباني جوابا مفحما بقوله” أتسألون عن دم البرغوت بعد أن أرقتم دم ابن بنت رسول الله؟” فمن يرد على عمائم أمريكا و إسرائيل اليوم؟

عندما قالت “مارغرت تاتشر” عقب انهيار الاتحاد السوفياتي “قضينا على الخطر الأحمر و أمامنا معركة شرسة ضد الخطر الأخضر( الاسلام)”، كانت توحي بأن طبيعة القضاء على دين الله لن تتأتى بقوة العدة و العدد و المال و الرجال، إنما بتخريبه من الداخل بالاستعانة بالمرجعيات الموالية للغرب التي لها عقول و قلوب “صهيوصليبية” و مظاهر إسلامية لا تتعدى القميص و العمامة و اللحية. فـ”تاتشر” الصليبية تعرف مدى أهمية و محورية الإسلام في نفوس أتباعه تماما كنظيرته الصهيونية الشمطاء “غولدا مائير” التي قالت “لا خطر على إسرائيل ما لم تكن أعداد المصلين في الصبح كأعدادهم في الجمع”.

الغرب فهم الإسلام فهما عميقا لا حبا فيه إنما من باب ” إعرف عدوك”، أما نحن فلا عرفنا عدونا و لا عرفنا أنفسنا، بل أصبحنا لقمة سائغة و كثرة غوغائية تتداعى عليها الأكلة مشرقا و مغربا، و حتى أولئك العلماء الذين آثروا الحياد و العف عن الخوض في شؤون المسلمين من حيث هي فتنة متأسين بموقف عبد الله بن عمر من فتنة الخلافة بين علي و معاوية، وقعوا في زلة خطيرة لأنهم تعاملوا مع الصحابي الجليل كتعامل الزوايا الصوفية المتخلفة مع بعض نصوص القرآن إبان الاستعمار الجزائري، بأساليب من قبيل “و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر”  من غير “منكم”، أو كأولئك اللذين يقرؤون قوله تعالى “لا تقربوا الصلاة” من غير و “أنتم سكارى”. فلو بحثوا جيدا في سيرة عبد الله بن عمر لوجدوه رضي الله عنه وعن أبيه متحسرا نادما على حياده وعدم تأييده لعلي.

عبد الله الرافعي
12 أوت 2013

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version