قراءة لحالة العمليات الإرهابية الأخيرة في الجزائر

تعيش الجزائر في الآونة الأخيرة على وقع عودة جديدة لما يسمى بالظاهرة الإرهابية والملاحظ هنا أنها مركزة على فرق الدرك الوطني كما أنها متمركزة في نقطتين أساسيتين هما منطقة القبائل ومنطقة الصحراء (منطقة الساحل).

والحقيقة أننا نتساءل لماذا التركيز على هذين المنطقتين بالذات. الواقع أن منطقة القبائل عرفت تصعيدا خطيرا سنة 2001 أدى إلى إعادة انتشار قوات الدرك من جهة وإلى عودة العمل الإرهابي بالمنطقة متجسدا في اصطياد عناصر الأمن خاصة الدرك الوطني وفي عمليات الاختطاف وتدخل السكان لإنقاذ المختطفين. أما فيما يتعلق بمنطقة الساحل فإن ضرب قوات حرس الحدود ممثلين في قوات الدك الوطني يثير الكثير من علامات الاستفهام والتي سنوردها فيما يلي.

إن عودة العمليات الإرهابية إلى منطقة القبائل يجعلنا نتساءل عن مآل الأسلحة التي سلمت للمواطنين لتجنيد عناصر الدفاع الذاتي كما أن مسألة تدخل المواطنين لإنقاذ المختطفين تجعل من الأمر يبدو وللوهلة الأولى وكأن الدولة ومؤسساتها غير موجودة ميدانيا وهذا غير صحيح وإنما هو لتقديمها في صورة غير القادر على حماية المنطقة والتكفل بانشغالاتها خاصة إذا علمنا أن الكثير من عمليات الاختطاف كانت بدافع طلب الفدية ومنها ما كان بتنظيم وتخطيط مشترك بين المختطِف والمختطَف. وبحسب بعض القراءات فإن هذا الوضع سيكون له انعكاسات خطيرة على المنطقة والجغرافيا إذا لم تسارع الدولة بالإعلان الرسمي عن الفاعلين والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء والمجتمع. وإذا لم تتدخل وفقا لهذا النهج فإن تبعات هذه السلوكيات ستكون في غير صالح الدولة الجزائرية ككل.

أما فيما يخص استهداف قوات الدرك فهذا راجع إلى النشاطات التي تقوم بها خاصة في الآونة الأخيرة في مكافحة التهريب وتجارة المخدرات سواء في الشمال أو في الجنوب كما أن وقوف الجزائر في وجه الولايات المتحدة الأمريكية حتى لا تقيم قاعدة عسكرية في منطقة الساحل يعد من بين الأسباب التي تثير القلاقل في الجنوب خاصة إذا علمنا أن المنطقة تتميز بالطابع القبلي الذي يمكن إثارته بسهولة كما أن المنطقة تتميز بالتهريب والتجارة غير المشروعة الأمر الذي قد يساعد على وقوع مثل تلك الأعمال التخريبية.

ولذلك فإننا ندعو الدولة الجزائرية إلى عدم الانجرار وراء دعوات البعض الداعية لمكافحة الإرهاب حتى لا تسقط في فخ مواجهة قبائل الطوارق وأن تترك لهذه الأخيرة مواجهة مثيري الفوضى مع المراقبة والاستعلام.

استراتيجيات العمل النقابي في الجزائر

لقد أسفر النشاط النقابي خاصة في قطاع التربية والصحة عن إطلاق سراح القوانين الخاصة ونظم التعويضات للعديد من القطاعات والمتمركزة على وجه الخصوص في قطاع الوظيف العمومي. إلا أن التساؤل الذي يطرح هو هل حلت كافة مشاكل القطاع وهل سيتحقق السلم والاستقرار الاجتماعيين على الأقل على المدى المتوسط؟

إن الإجابة عن هذه التساؤلات هي بالنفي خاصة إذا علمنا أن المسألة التي تتحكم في الحياة بصفة عامة هي مسألة القدرة الشرائية هذه الأخيرة تتميز بالتصاعد الدائم وعدم الاستقرار مما يجعل الناحية المطلبية بالنسبة للعمال والنقابات قائمة خاصة في شقها الاقتصادي.

ولذلك فإننا ندعو الدولة إلى أخذ بعين الاعتبار هذه المسألة بتدعيم الإنتاج المحلي خاصة في شقه الاستهلاكي. وبإيجاد حلول أخرى مثل تخفيض الضرائب على الدخل الإجمالي أو الضريبة على القيمة المضافة (TVA) بهدف دعم المواطنين وحتى لا ينتج عن الزيادة في الأجور تضخم يضر بالقدرة الشرائية والاقتصاد الوطني عموما.

إن توفير حالة من الاستقرار الاقتصادي للعمال ستفتح باب التفاوض على ملفات أخرى أعتقد أنها من الأهمية بمكان وعلى رأسها ملف طب العمل وتسيير الخدمات الاجتماعية. على اعتبار أن الأول يستثني العديد من الأمراض الناتجة عن المهنة كالجنون والقلق بالنسبة لقطاع التربية والصحة وهذا الأمر لا يعلمه إلا المشتغلون بهذه القطاعات. كما أن مسألة الخدمات الاجتماعية ستخفف الضغط على كاهل العمال والدولة في نفس الوقت من خلال المساعدات التي تقدم في إطارها.

في مقابل هذا ندعو النقابات إلى الاهتمام بالنشاط القاعدي والمجتمعي وذلك بهدف التعريف بنفسها وجلب الاهتمام نحوها. وبهدف تطوير قدراتها النضالية والانتقال إلى المبادرة والاقتراح ولا يكون نشاطها عبارة عن رد فعل كما حادث في وقتنا الحالي.

نعيم بن محمد
12 جويلية 2010

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version