إن المقال الذي طلبه العربي بلخير ونشره شريف الوزاني في أسبوعية “جون أفريك” (Jeune Afrique) هي محاولة تافهة لإعادة كتابة ماضي رجل هو يعتبر عارا على الجزائر، لقد عمل بلخير المستحيل لإعداد تاريخ مملوء بالأخطاء والكذب وذلك من أجل تقديم نفسه بوجه فاتن.

لا نصدق أنفسنا عندما نكتشف في ذلك المقال أن بلخير خرج توا من ملحمة يلعب فيها دور البطل الذي مافتىء يضحي من أجل أهله، وطني شريف وخدوم ورومانسي، فبالنسبة لشخص أراد أن يجعل من نفسه أبا لعائلة مثالية فقد أخفق كل شيء.

عندما فشل في تقديم أسباب إفلاس البلاد فإن المسئول الأول عن المأساة يتهم الشعب، بالفعل عندما نقرأ ما بين السطور فالخطأ يرجع على الشعب الجزائري الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه.

إن بلخير وأتباعه يحكمون الجزائر بطريقتهم الخاصة، فما يحصل في الواقع منذ أن سرقوا الحكم في الجزائر هي أن الجيش الاستعماري لسنوات الجمر قد استبدل من طرف حشد من الأعوان المتأصلة، وأخطر من ذلك عندما نرى ممارستهم وسلوكياتهم داخل الجيش الوطني الشعبي فلا نستطيع إلا القول أن هذه الجنرالات تسير الجزائر بعقلية الكولون، فكل أعمالهم لها هدف واحد : الاستيلاء على كل ثروات بلادنا.

من أجل الذاكرة المقدسة لشهدائنا وكل ضحايا سنوات الجمر وكل الجزائريين الذين يضحون ويجهدون كل صباح بقلوبهم وأرواحهم من أجل غدا أفضل، من أجل كل هؤلاء يجب علينا أن نضع بلخير في حجمه الحقيقي.

وبهدف تقديم التصحيحات الضرورية للمزاعم الكاذبة للعربي بلخير فإننا نبين ذلك على ثلاث مراحل:

1) بلخير وحرب التحرير

إن والد العربي بلخير لم يكن أبدا شيخ زاوية محترما كما يدعي ولكنه كان باشاغا كبير في خدمة النظام الاستعماري الفرنسي مكلف بقمع الجزائريين بصفة عامة والوطنيين بصفة خاصة، لهذا كان يجب على بلخير أن يطلع على القائمة الاستعمارية للعائلات الجزائرية الكبيرة، إن تاريخ عائلته يحتل مكانا مرموقا.

إن تطوع العربي بلخير في الجيش الفرنسي أثناء الحرب التحريرية هو اختيار حر لخدمة النظام الاستعماري كما فعل أبوه وليس تجنيد “مسبق” كما يحاول إقناعنا به.

أما “هروبه” من الجيش الفرنسي فهو يعرضه في هذا المقال كحدث استثنائي الذي يجب على الجد أن يقصه على أحفاده ليبين لهم أن الجد كان بطلا، فهو يضيف في المقال أنه توجه إلى تونس حيث تم تعييه مباشرة بناحية الحدود، المهمة : تكوين الكتيبة 45.

لهذا فإن إيضاحات تاريخية تفرض نفسها:

ا) إن “هروب” بلخير لم يكن فرديا ولكن جماعيا، بالفعل فإن من بين الملازمين الذين التحقوا بتونس عام 1958 هم بالترتيب الأبجدي : عبد المجيد علاهوم، عبد النور بقة، محمد بن محمد، حمو بوزادة، مصطفى شلوفي، عبد المالك قنايزية، مختار كركب، لحبيب خليل، رشيد ميموني خالد نزار وسليم سعدي.

ككل جميع شركائه فقد كان ينتمي إلى دفعة لاكوست المشهورة لعام 1958، ولكن لإنصاف رجال الإيمان فإن المرحوم لحبيب خليل لم يتبع خيانة بلخير وبالعكس فقد شطب بأمر من بلخير من صفوف الجيش الوطني الشعبي.

ب) فمن الغريب أن هؤلاء الضباط “الهاربين” من الجيش الفرنسي لم يلتحقوا بالجيش الوطني الشعبي في الجبال كما فعل من قبلهم محمود شريف وعبد الرحمان بن سالم أو عبد الله بلهوشات على سبيل المثال لا الحصر، ولكنهم التحقوا بجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة بتونس ليدخلوا من الباب الواسع دون أخذ أي مخطر، كان عليهم البقاء على قيد الحياة حتى يتم لهم القيام بالمهمة التي اطلعوا بها.

ت) بعد مجيء شارل ديغول إلى السلطة عام 1958 (بخطته الواضحة المرتكزة على “النهج الثالث” و”الجزائر الجزائرية” بهدف إضعاف وإن أمكن القضاء على جبهة التحرير الوطني من الساحة السياسية الجزائرية وسحق جيش التحرير الوطني) شاهدنا موجات “الهروب”متتالية من الجيش الفرنسي و الالتحاق بجبهة التحرير الوطني بتونس في سنوات 1958 و1959 و 1961.

من بين ضباط الصف الذين تم ترقيتهم ملازمين من طرف الجيش الفرنسي قبل إرسالهم في مهمة بتونس عام 1961 شهور قليلة قبل الاستقلال نجد على الخصوص “الهاربين” محمد العماري ومحمد تواتي، إن أسرار الإستراتيجية الاستعمارية المتمثل في تضخيم الرتب والتشجيع على الهروب الجماعي قد اكتشفت مع مرور الوقت، لقد اتضح اليوم أن هؤلاء الهاربين المزعومين كلفوا بمهمة خاصة: اختراق صفوف جيش التحرير الوطني من طرف العناصر الموالية لفرنسا.

ث) لم يحصل بلخير على الفور على أي تعيين عند وصوله إلى تونس كما يدعي، فبعد سنة من الانتظار في معسكر قرن الحافية (الموجود في جنوب الكاف) مع زملائه “الهاربين” عين بلخير في معسكر التدريب لأولاد مليز (قرب غارديماو)، حينذاك وقع تشاجر مع جنود جيش التحرير الوطني الذين ثاروا ضده وضد زميله الملازم مضوي بسبب سلوكهما الشنيئة مع المجاهدين.

ج) أما بوتفليقة الذي يقول عنه انه تعرف عليه عام 1960 فلم يكن أبدا عضوا في قيادة الأركان العامة كما يدعي، إن أعضاء قيادة الأركان العامة هم : العقيد هوراي بومدين، الرائدان أحمد قايد وعلي منجلي، العضو الرابع هو الرائد رابح زراري المدعو الرائد عز الدين والذي لم يلتحق أبدا بمنصبه في قيادة الأركان العامة، كلهم تم تعيينهم من طرف المجلس الوطني للثورة الجزائرية (حيث كانوا كلهم أعضاء فيه) خلال دورته في شهر جانفي عام 1960.

أما بوتفليقة فلم يكن لا عضو في قيادة الأركان العامة ولا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ولم يكلف أبدا “بتفتيش الجنود المتواجدين على الحدود الشرقية للجزائر”، ويمكن اعتبار ذلك شتما في حق القائدين عبد الرحمان بن سالم وصالح سوفي الذين كانا على التوالي رئيس نقطة الشمال ومنطقة الجنوب على الحدود الشرقية، ، ويمكن اعتبار ذلك شتما في حق مجموع قائدي الكتائب المتواجدة على الحدود الجزائرية، ومن جهة أخرى لم يقد بوتفليقة أبدا الوحدات القتالية.

إن ما يجمع بوتفليقة و بلخير هو أنهما لم يطلقا رصاصة واحدة ضد الجيش الاستعماري الفرنسي إلى غاية استقلال الجزائر، ومثل عرابهم فإنهما لم يكونا مقاتلين.

ح) لقد قال العربي بلخير أنه طلب “مقابلة بومدين” عام 1962 ليطلب منه “التسريح من الجيش” ولكن اصطدم برفض بومدين، إن كل هذا نسيج من الكذب لأن إجراءات التسريح عام 1962 كانت بسيطة ولا تخضع لأي إجراء إداري أو بيروقراطي، لقد كان قادة النواحي العسكرية وكذا مدير المستخدمين بوزارة الدفاع مؤهلين لتقديم شهادات التسريح بطلب شفوي فقط.

2 – بلخير في السلطة

عندما يصرح بلخير “أنه يصعب عليه القبول بصيغة “العشرية السوداء” المستعملة فيما يخص الثمانينات، و أن كثير من الأشياء تحققت خلال هذه الفترة ويظهر أن الجميع يتناساها” فلا نستطيع الاعتقاد أن الجملة هذه فقط هي التي تؤلمه، إن مئات الضحايا لا قيمة لها في ضميره المخدر، والأغرب من ذلك أنه لا يحب الأصوليين وفي نفس الوقت يركع أمام أمراء الخليج الذي يدعوهم وببذخ إلى الجزائر بهدف قتل الحبراي والغزلان.

إن بلخير فخور بتأكيده انه يتحمل المسئولية الكاملة في انقلاب يناير 1992 بهدف “تجنيب الجزائر مصير أفغانستان”، الحقيقة أن القمع الأعمى الذي سلطه على الشعب الجزائري مع جنرالاته الاستئصاليين ما بين 1992 و 2002 كانت له نتائج مأسوية على جميع الأصعدة:

ا) على الصعيد السياسي فإن الأزمة قد زادت خطورتها بحدة، خلال أكثر من عشر سنوات فقد أخضع الشعب الجزائري إلى الرعب والظلم والجوع والإذلال والتوقيفات التعسفية و التقتيلات غير القانونية، إن خرق الدستور والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من طرف الدكتاتوريين وكذا انتهاك الحريات الفردية والجماعية كل هذا أصبح جزء من الحياة اليومية المؤلمة التي يتعرض لها الجزائريين منذ 1992.

إن مختلف محاولات إعطاء الشرعية للنظام عبر الانتخابات الرئاسية لعامي 1995 و 1999 وكذا الانتخابات التشريعية والبلدية لم تحل شيئا، بالعكس فإن التزوير الجماعي ونقص حرية التعبير والتلاعب بالأخبار وفساد الأخلاق السياسية قد ساهموا أكثر في إنقاص من قيمة النظام وجعل الأزمة أكثر حدة.

ب) على الصعيد الأمني فإن الوضع قد تدهور بشدة مع مرور الشهور والسنوات، والأخطر من ذلك هو برنامج التصفية الجسدية للعربي بلخير منذ الانقلاب، أدى ذلك إلى إنشاء فريق 192 يقوده خادمه العقيد إسماعيل العماري الذي يحسب له عدد لا محدود من الضحايا من بينهم المرحومين محمد بوضياف وقاصدي مرباح.

ت) على الصعيد الاقتصادي فإن كل المؤشرات حمراء، إن الدخل القومي لكل شخص نزل من 2500 دولار عام 1990 إلى 1376 عام 1997 ثم 1500 دولار عام 2001 (يعني حوالي 60% من مستوى عام 1990)، إن القطاع الصناعي العمومي والخاص خارج المحروقات يشتغل بـ 20% من قدراته، أما قطاع البناء والأشغال العمومية فهو يوجد في وضع مزري جعل من أزمة السكن على حافة الانفجار، إن نسبة الاستثمار لم تعرف مثل هذا الانخفاض منذ ثلاثين سنة.

ث) على الصعيد الاجتماعي فإن التوترات الاجتماعية قد زادت حدتها منذ 1992 بسبب ارتفاع نسبة البطالة على الخصوص، إن عدد البطالين ارتفع من مليون و 300 ألف عام 1992 إلى 4 ملايين و 200 ألف عام 2001، والملاحظ أن البطالة تضرب على الخصوص الشباب، إن الشباب ما بين 16 و 29 سنة يمثلون 83% من البطالين بينما لا يمثلون إلا 27% من السكان، إن خصخصة أو بالأحرى تصفية المؤسسات العمومية قد أدى إلى تسريح أكثر من 400 ألف عامل (سوف يضاعف هذا العدد) وساهم في تفاقم البطالة، كما تفاقم الفقر بحدة مع مرور الوقت، إن عدد الفقراء الذين يعيشون تحت الحد الأدنى للفقر ارتفع من مليون ونصف عام 1990 إلى 15 مليون عام 2001، أدى هذا كما هو معلوم إلى ظهور أمراض اجتماعية أجنبية عن المجتمع الجزائري : الانتحار، دعارة الأطفال، الموت جوعا وآخرون يتغذون من المز ابل… كل هذا البؤس الإنساني هو عار لا مثيل له لذاكرة من أعطوا حياتهم من اجل كرامة الجزائر وشعبها.

ج) ساهم تفاقم الأزمة الأخلاقية في تفسخ التماسك الاجتماعي، فالرشوة أصبحت منظمة في أعلى المستويات، وهكذا فالبزسنة والاختلاسات والثراء غير القانوني والنشاطات الطفيلية والبيروقراطية (التي غالبا ما تكون سببا للرشوة) والقفز فوق الحقوق (متحديا القانون والعدالة) والمحاباة وكنز الثروات (ليس عن طريق الجهد ولكن عن طريق التلاعبات المختلفة) في أيد أقلية مرتبطة بالنظام، كل ذلك ساهم في إضعاف التماسك والتضامن الاجتماعي وولد اللامبالاة لدى الناس ثم العداوة ضد السلطات العمومية التي تعتبر المسئولة على تدهور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

كما أدى ذلك إلى اتساع الهوة بين الأقلية الثرية من بينهم العربي بلخير وشركائه وأغلبية الجزائريين الذين يتخبطون في فقر أسود.

3 – بلخير والقضايا

في ما يخص هذا الجانب فإن الذي نقله المقال هو تحد حقيقي للمواطنين الجزائريين الذين يرون بأنفسهم حجم ثروة ابن القايد، إن القضايا المطروحة أدناه ما هي إلا بدايات حكاية ما يمكن تسميته “كارتل الجزائر”، سوف لا نذكر إلا بعض تفاصيل هذه القضايا لأن تفرعاتها وإمداداتها تملأ بدون شك كتب كثيرة.

ا) قضية جنان المالك

إن الفيلا جنان المالك الجميلة للعربي بلخير التي يتحدث عنها المقال ما هي إلا الفيلا التي كان يسكنها بطريقة شرعية محافظ البنك المركزي السيد صغير مصطفاي ما بين 1962 و 1982، عام 1982 طرد العربي بلخير الأمين العام للرئاسة آنذاك صغير مصطفاي من فيلته بالقوة واستولى عليها، كان صغير مصطفاي يستعد لشرائها في إطار بيع الأملاك العمومية المعروفة باسم “الأملاك الشاغرة” بعد تبني المجلس الوطني الشعبي قانونا في هذا الخصوص.

والمدهش أيضا أن العربي بلخير ذهب إلى أبعد من ذلك عندما استولى وألحق بفيلته جزءا من الشارع العمومي لجنان المالك (شارع إميل ماركيز القديم) الذي يربط هذا الشارع بحي PTT محولا بذلك شارع جنان المالك إلى ردب فارضا بذلك على سكان الحي القيام بلف كبير بهدف التمويل من حي PTT.

ب) قضية “ENAPAL” الشهيرة

لقد سمحت هذه القضية لبلخير بضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد، من جهة توقيف إصلاحات عدوه مولود حمروش ومن جهة ثانية التحكم مباشرة في مراقبة واردات المواد الاستهلاكية الأساسية(قهوة، سكر الخ).

باشر بلخير بنفاق بالتضييق على مولود حمروش الذي أخذ كثيرا من الحرية في قيادة حكومته وذلك بإخراج ملف ACT الذي له علاقة مع شركة خبرة التي طلب حمروش منها دراسة اقتصادية.

فيما يخص قضية ENAPAL فإن مبلغ 25 مليون دولار تبخر في صفقة وهمية، اتهم المدير العام السابق لـ ENAPAL السيد مصطفى بن سعيد الذي زورا ويقبع في السجن الحراش إلى يومنا هذا، بينما المسئول الحقيقي هو المقدم عويس عز الدين (حينها كان الملازم عز الدين يعمل كضابط الأمن الوقائي في مؤسسة ENAPAL) الذي كلفه رئيسه إسماعيل العماري بالقيام بالعملية.

لقد استفاد عويس عام 1989 بسيارة قولف كهدية من طرف إسماعيل العماري لنجاحه في قضية ENAPAL.

نفس هذا المقدم تم التعرف عليه رسميا من طرف المخابرات الأسبانية كالمسئول الأساسي لكل العملية لأن العملية لها تفرعات في أسبانيا

الهدف الثالث الذي حققه بلخير في هذه القضية هو خلق معارضة بين الدرك والمخابرات (DGPS) وذلك لأن الدرك هو الذي قام بالتحقيق داخل مصالح المخابرات، مما جعل الجنرال عباس غزيل في مواجهة مباشرة مع الجنرال محمد بتشين، إن الأدلة الدامغة لتحقيق الدرك قد هزت ثقة بتشين لدى الشاذلي، إن المواجهة بين الرجلين قد نجحت لأن تراكم النقاط السيئة لبتشين دفعت بالشاذلي باستبداله على رأس المخابرات بالتلميذ آنذاك محمد مدين.

ت) قضية مسعود زقار

لقد عالج بلخير هذه القضية لصالح الإليزي تحت العين الساهرة لسيده جاك أطالي، إن المخابرات الفرنسية آنذاك لم تكن لتسمح بترك الجزائر لصالح الأمريكيين، بإقصاء من الدائرية المافياوية لرجل قريب من الأمريكيين مثل زقار يكون الجو خاليا لعقاب الظل حتى يستولوا على غنيمة حرب جبهة التحرير الوطني وأرباح تهريب الأسلحة التي كان يقوم بها عبد القادر كوجطي ومسعود زقار، كانت لزقار علاقات جد حسنة مع عظماء السياسة الأمريكية بما فيهم والد الرئيس الحالي بوش الذي كان صديقا له، لقد سمح توقيف زقار لبلخير باسترجاع المعلومات المتعلقة بالحسابات المرقمة لجبهة التحرير الوطني والأملاك العقارية وكذا الاستلاء على كل شبكة تهريب الأسلحة نحو أفريقيا.

ث) قضية موحوش

إن التدخل الشخصي للعربي بلخير لدى مدير البنك الجزائري الخارجي للصنوبر البحري السيد طاهر يزيد (الذي يعيش منذ ذلك الوقت في جينيف) لصالح توفيق بن جديد (ابن الرئيس شاذلي بن جديد) وصديقه رشيد موحوش سمح لهذا الثلاثي بسطو قانوني وشرعي، ملايير تم سرقتها وجل الأموال تم وضعها في مأمن في حسابات بالخارج، تم اتهام رشيد موحوش وحده بهذه السرقة ثم حبسه بسجن الحراش، أما ابن الشاذلي فقد ابعد إلى كرا كاس بفنزويلا حيث سليمان بن جديد ابن عم الشاذلي (كان موظفا بسيطا بالخطوط الجوية الجزائرية ثم أصبح مديرا عاما لهذه الشركة الهامة) الذي وجد نفسه سفيرا.

في هذه القضية فقد أورط بلخير عمدا ابن الرئيس ليظهر أمام أعين الشاذلي كالمنقذ الأخير بالإضافة للربح الكبير الذي جناه.

ج) قضية أنبوب الغاز الجزائري الإيطالي

لقد تم الكشف عن هذه القضية من طرف القضاء الإيطالي في بداية التسعينات خلال محاكمة أعضاء قدماء للمافيا وأعضاء في الحكومة، للحصول على الصفقة الجزائرية دفع الإيطاليون 34 مليون دولار جزء منها ذهب مباشرة إلى جيوب بلخير، بعد هذه الفضيحة فضل بلخير الاختفاء مؤقتا في سويسرا وجذب خيوط اللعبة من هناك، تم رجوعه إلى السلطة من دون أي حرج.

في نفس هذا الميدان ابتز من الشركة الأمريكية بكتال (حاضرة دائما في الجزائر) مبالغ ضخمة من أجل الحصول على السوق الجزائرية، إن مضاعفة أنبوب البترول كادت أن تتحول إلى مأساة عندما اكتشف بعض الأغوال الآخرين الأمر وطالبوا بحصتهم من المال،

في ظروف عادية وبسبب هذه القضية وحدها فإن العربي بلخير كان يمكن إن يعدم ولكن…

ح) قضية رياض الفتح

لقد قدمنا فيما سبق ملخص عن هذه القضية حيث نجح العربي بلخير مرة أخرى بفضل أحد رجالاته العقيد سنوسي المدير السابق لديوان رياض الفتح بابتزاز ملايين الدولارات من الشركة الكنادية لافالين (Lavalin) التي كلفت ببناء الموقع، جبال من الأموال، إن المشروع الذي كلف مبلغ 350 مليون دولار كان في الأصل مشروعا للشركة الكنادية لافالين وموجها إلى الإيرانيين الذين طلبوا دراسة بهدف إنجاز نصب على مجد الثورة، هناك عدة “هوبل” صغيرة موجودة منذ مدة طويلة في إيران، وجد المشروع نفسه في مكتب بلخير بفضل عبد القادر كوجطي الذي سمح لنفس الجماعة بجمع ملايين الدولارات.

لقد نجح العقيد سنوسي في ديوان رياض الفتح مما سمح له ببناء قصر رائع بالقرب من محمد العماري رئيس الأركان العامة، بالإضافة إلى ذلك اقترح بلخير السنوني لتسير مجمع نادي الصنوبر في مكان رجل آخر من رجالاته وهو المحتال عبد الحميد ملزي الذي كلفه العربي بلخير فيما كلفه بإغراق الجنرال بتشين فيما أصبح يسمى بقضية الإقامات الأمنية لموريتي.

خ) الأموال السوداء

لم يكشف هذا الملف من قبل بسبب سريته الكبيرة ولأن الدوامة التي أحدثتها هذه القضية لها أبعاد دولية.

إن قصر المرادية كان يملك دائما صندوق أسود تسمى الأموال الخاصة، إن مبالغ الصندوق تفوق 200 مليون دولارا والتي كانت مخصصة لمختلف المصاريف بما فيها الدعم المالي لحركات التحرر الأفريقية، إن أموال هذا الصندوق كانت تحت المسئولية المباشرة لرئيس ديوان رئيس الجمهورية وهو العربي بلخير والذي لم يحاسب أبدا على أي سنتيم.

تصرف بلخير في هذا المال كما يحلو له، فقد استعمل هذه الأموال الخاصة فيما استعملت لشراء المجوهرات لحليمة بن جديد من وترقيت (WaterGate) عند زيارة الشاذلي بن جديد للولايات المتحدة، لقد عرف بلخير كيف يرشي زوجة الرئيس التي تعيد له جميله بالمثل.

هناك مبالغ نقدية هامة أخرى الآتية من نفس الصندوق حولت إلى بلجيكا أثناء مرض الشاذلي والتي انتهت في البنوك السويسرية، إن تمويل الحسابات الخاصة يأتي مباشرة من البنك المركزي الذي يغطي هذه الأموال بخاتم سري-دفاع.

فليس لزاما القول أن العربي بلخير استفاد من ميزانية التسيير لرئاسة الجمهورية بفضل اقتطاعات مباشرة أو عن طريق تضخيم الفواتير المختلفة إضافة إلى الأسفار الرسمية والملابس والأثاث والعطل الخ… لقد تم تأثيث وزخرفة كل إقاماته على حساب الدولة.

د) المطحنة

لا يمكن تصور كيف وجد بلخير الجرأة ليقول أن المطحنة التي يملكها طلبت منه تضحيات ووقت كبيرين، إن صهره حسين لوهيبي المدير السابق لديون الحبوب (OAIC) كان له الفضل الكبير في ذلك لأن هذه المطحنة المشئومة لا تستعمل إلا كغطاء لنشاطات أكثر أهمية، لا يستطيع بلخير أن ينكر أنه أمر مزيان شريف عام 1991 بتسليمه قطعتي أرض بناء وقطعة أرض كبيرة في منطقة صناعية بهدف بناء مصنع، أراد بلخير إنشاء مصنع لابنته مماثل للذي ينشئه الجنرال كمال عبد الرحيم، فليس من الصدفة إذا كاد هذا الأخير أن يفقد حياته في كمين نظمه خبراء، (سوف يكون ذلك محل ملف خاص يعالج الصراعات الداخلية بين ضباط فرنسيين وضباط جيش التحرير الوطني.

بالنسبة لمعظم هذه القضايا فإن العربي بلخير يعتمد على أقربائه بما فيهم صهره حسين لوهيبي وأسماء مستعارة أخرى يستعملون كغطاء في قضايا الرشوة والدفعات السرية.

ذ) قضية رشيد معبد

لقد أحرجت هذه القضية كثيرا العربي بلخير لأن معبد وضع إصبعه في دوامة قاتلة تدوم منذ عام 1986، إن مدينة نيس هي الأرض المفضلة لكل الثروات ولكل الناس الذين يبذرون أموالهم بمنة ويسرة، كانت لبلخير فكرة جنونية : وضع آلات النقود (machines à sous) في كل مكان إذا أمكن، وليتسنى له ذلك تحصل على الضوء الأخضر بفضل صديقه شارل باسكوا الذي غير القوانين الفرنسية في هذا الميدان خصيصا لصديقه بلخير.

إن القضية جد مربحة وكل الأموال النقدية وضعت في مأمن في أعمال ثانوية بعيدا عن أعين الضرائب، ليس من الضروري التذكير بما يحدث في الدواليب السياسية الفرنسية في نيس منذ وقت طويل، لكن رشيد معبد المسكين كان يضن أن العدالة الفرنسية سوف تنصفه، لكنه لم يأخذ في الحسبان شياطين الظلام التي تنتصب لأقل إنذار لتنتقم لنفسها على طريقتها.

إن صهر بلخير حسين لوهيبي المشهور وضع كل ثقله ليسحق رشيد معبد الذي صمد رغم كل شيء، إننا نتساءل أي فخر يحصل عليه بلخير عندما يمشي على جثث الأبرياء، ولكن من جهة أخري عندما نعرف تاريخ أجداده فلا نستطيع إلا القول : الابن على شاكلة أبيه.

على الصعيد الدولي : يتحرك العربي بلخير في سديم له أهداف إستراتيجية من الدرجة الأولى، يكفي أن نذكر بعض علاقاته لنفهم أهدافه، إنه يعالج قضايا الدولة خفية بدون تقديم الحساب لأي شخص، عندما ننكب على نتائج السنوات الحمراء والسوداء هذه نستخلص بمرارة أنه لم يكن له إلا هما واحدا طوال كل هذا الوقت :

تحطيم الجزائر، هذا المجنون الذي يقول أنه خادم الدولة قد نجح في مهمته التي كلفه بها أترابه، كيف يدعي أنه لا يريد إلا الخير للجزائر ؟ كيف يستطيع الادعاء أنه رجع إلى السلطة رغما عنه ؟ بأية جرأة يستطيع القول أنه نزيه ؟

إذا كان صحيحا أنه يلزم كل شيء من أجل تكوين عالم فيجب القول أيضا أن العالم سيكون أحسن بدون أغوال مثل العربي بلخير، كل ما قام به بلخير لم يساعد الجزائر والجزائريين ولو يوما واحدا، بالعكس فقد أرجعهم عقودا إلى الوراء.

وفي الأخير

إن قضايا الاختلاسات والسرقات والتخريب موجودة بالمئات، ملفات كلها خطيرة والتي تبين تنظيم نهب الأموال العمومية، إن الأمثلة كثيرة سواء تعلقت بمصنع إنتاج السيارات في تيارت أو ميترو الجزائر أو معهد باستور بدالي إبراهيم أو ترانسميد (Transmed) حيث مقره الاجتماعي موجود بمدينة نيس.

وخاتمة القول أن الشعب قد وضع على الهامش عمدا من طرف الأغوال التي لا تشبع بابتلاع ملايير الجزائر، إن المبالغ التي سرقتها “عصابة اللصوص الجزائرية” من الدولة وبالتالي من الشعب تعد بعشرات الملايير الدولارات أي حوالي 60 مليار، جزء من هذه الأموال ما هو موجود اليوم في دوائر موازية للمالية العالمية وتساهم في تنمية دول أخرى بينما عندنا في الجزائر يمس الفقر 65% من السكان الذين لا يملكون إلا دولارا واحدا كدخل يومي.

إن التزوير وتزييف المعلومات حول الوقائع تستعمل بانتظام من طرف الجنرالات العربي بلخير وخالد نزار ومحمد العماري ومحمد تواتي وباقي اللاكوستيين، ليس لهم ما يفتخروا به وتاريخهم الحقيقي يبقى عارا عليهم، لهذا السبب يخترعوا تواريخ على مقاسهم لتبييض أنفسهم وتبرير حضورهم على رأس الدولة.

يريدون خداع من بأكاذيبهم؟

إن ذاكرة الجزائر رين غير قصيرة ويعرفون خبايا الأمور، إن الشعب الجزائري الذي يعرف جيدا بلخير وشركائه قد تعب هو الآخر من دناءتهم، إن الشعب الجزائري لا يطمح إلا إلى العيش في سلام وعدل اجتماعي ويأمل في العودة إلى الديمقراطية والى السيادة الشعبية في الشفافية.

إن الشعب الجزائري يأمل أيضا إقامة العدل وأن كل الذين ساهموا في تحطيم الجزائر بسلوكياتهم المشؤومة أمثال بلخير ونزار وشركائهم أن يدفعوا ثمن جرائمهم.

إن مسئولو المأساة الذين يقرءون هذا الملف لم يعد بإمكانهم النوم بسلام فليكونوا متيقنين أن وقت الحساب سيكون عسيرا، فلا رحمة ولا تسامح، سوف لا نتركهم مهما كلفنا الثمن.

إن بلخير ليس وهما ولا أسطورة بل هو سرطان ينخر الجزائر منذ أكثر من ثلاثين سنة.

المصدر: http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=130358

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version