بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل في كتابه العزيز "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"الأنفال، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحديث الصحيح "مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى"  وعلى آله وصحبه أجمعين.

اعلموا معشر الإخوة في أرض الجهاد والرباط بغزة الجهاد أنكم بثباتكم وصمودكم وعلى قلّة عددكم وعدّتكم وتخاذل الأنظمة في نصرة قضيتكم العادلة قد حقّقتم نصرا طيلة هذه الأيام الخمسة عشر، وكلنا يعلم الهزيمة المنكرة التي ألحقتها إسرائيل بدول الجوار خلال ستّة أيام سنة 1967، رغم ترسانتها الحربية "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم"، وفوق هذا فضحتم بصمودكم الباسل نفسية الكيان الصهيوني الإجرامية، ممّا جعلها مكروهة ومغضوب عليها من طرف جميع شعوب العالم على اختلاف أجناسها وأديانها ولغاتها، فقد عرف العالم بأسره من تكون إسرائيل هذه، وخير دليل على صحّة ما نقول حجم المسيرات التي عمّت العالم بأسره.

إخوتنا المجاهدين في غزة، سدّد الله رأيكم ورميكم، إن الشعوب العربية والإسلامية لم تقصر في نصرتكم بكل ما تملك، تارة بالدعاء الصالح، وهو من الأسلحة التي تمدكم بها يوميا، فقد كان السلف الصالح إذا خاضوا معركة مع الأعداء استصحبوا معهم الصالحين طمعا في استجابة الله تعالى لدعائهم الخالص، وتارة بتقديم الإعانات المادية المختلفة، كل حسب طاقته وجهده وتارة بالتظاهر وتنظيم المسيرات رغم منع وقمع الأنظمة لها، وتارة بالتبرع بالدم، وهنالك من يوفقّه الله إلى القيام بهذه الأمور مجتمعة، ولو لا قمع الأنظمة لشعوبها وتطويق حركتها والحدّ من تطلّعها لفعلت الأفاعيل التي تشيب لها رؤوس الكيان الصهيوني وحليفته أمريكا، ولم يشذّ من أبناء هذه الشعوب إلا من طمس الله بصيرته واتبع هواه وكان أمره فرطا، والحكم للغالب، ومن شذّّ، شذّ في النار.

إخوتنا المقاومين البواسل، أمدّكم الله بعون من عنده، وجند من جنده، إن غالب أهل العلم والدعوة والفضل قاموا بواجب البيان والصدع بكلمة الحق والتحريض على النصرة بالمال والدعاء والسلاح والدعم المادي والمعنوي وقد استجابت الشعوب العربية والإسلامية لنداء أهل العلم في تنظيم المسيرات والتجمعات والإعتصامات، رغم قمع الأنظمة لها، ولكن الشعوب تقدم بفطرتها الإسلامية السليمة نداء أولي الأمر من العلماء على تخاذل أولي الأمر من الحكام، ولم يشذّ عن هذه القاعدة إلاّ شرذمة من علماء السلطان ووعّاظ السلاطين، الذين يفرّخون الفتاوى الباطلة للحكام العملاء الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل.

إخوتنا في غزة العزة والشمم، اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ولا يهولنكم تثبيط المثبطين وإرجاف المرجفين وسددوا وقاربوا وأهل مكّة أدرى بشعابها، وإيّاكم وألاعيب بعض الأنظمة العربية المتخاذلة فقد قمعوا شعوبهم وصادروا حقوقهم وخذلوكم بغير وجه حق وهم أقدر على نصرتكم من الشعوب ذاتها، لما يملكونه من أسلحة مهولة مكدّسة لا يستخرجونها إلا لقمع الشعوب المتطلعة للحرية والكرامة والقرار السياسي السيد النابع من رحم الشعب،  فالشعوب قادرة على ما سبق ذكره والعلماء قادرون على القيام بواجبهم الشرعي في البيان والتحريض، ولكنهما غير قادرين بحكم الشرع والواقع على إرسال الطائرات أو البوارج الحربية أو الدبّابات البرّية، أو فتح باب الجهاد بفتح الحدود التي ينساب منها آلاف المتطوعين للجهاد في سبيل الله، فكل ذلك من صميم صلاحيات الأنظمة الحاكمة إذ هي الأقدر على ممارسته بحكم الشرع والواقع لو أرادت!

إن الإدارة الأمريكية عازمة في خلال هذا الشهر على إمداد الكيان الصهيوني المحتل بالذخيرة الحيّة في شحنات ستصل إلى إسرائيل قريبا، وقد عودتنا أمريكا أنه كلما خاضت إسرائيل حربا مع أعدائها وأوشكت على الهزيمة والانهيار سارعت أمريكا إلى نجدتها، تارة بمدّ الجسور الجوية لإغاثة إسرائيل بالسلاح، كما حدث في حرب أكتوبر سنة 1973، مما جعل رئيسة الوزراء "قولدا ماير" تشكر الرئيس الأمريكي قائلة له "إن الجسر الجوي الذي قمتم به، هو الذي أرجع لإسرائيل شريان الحياة" وهو ما قامت به في حرب تموز 2006، عندما واجهت إسرائيل المقاومة الإسلامية المسلحة في جنوب لبنان بقيادة حزب الله، وهاهي تعيد الكرة في مواجهة حركة المقاومة المسلحة "حماس" وسائر الفصائل المقاومة، وتارة بالدعم المالي فهي تقدم إلى إسرائيل بشكل رسمي يوميا 15 مليون دولار، وتارة بالقرار السياسي المؤثر في مصير المعركة أو الحرب، كما فعلت بامتناعها على التصويت على قرار مجلس الأمم المتحدة –على هزالته وحيفه- بوقف إطلاق النار فورا متحدية أمم العالم ورغم ذلك تزعم أنها زعيمة الديمقراطية في العالم، أي ديمقراطية هذه التي تخالف فيها دولة واحدة دول العالم بأسره؟! ومن أعطاها هذا الحق؟! وما هذا الجبروت العالمي الذي تمارسه أمريكا على البشرية برمتها؟! وتارة بكل ذلك جميعا، فضلا عن الدعم الإعلامي والإنساني.

إن الإدارة الأمريكية بصنيعها هذا والمتمثل في إمداد الكيان الصهيوني الإرهابي بالسلاح قبل وأثناء شن العدوان على قطاع غزة المجاهدة، إنما تعطي الضوء الأخضر لجميع حكام العرب وخاصة دول الجوار بإمداد حركة "حماس" الصامدة  البطلة وفصائل المقاومة الأخرى بالسلاح، من باب المعاملة بالمثل ويجب على الحكام أن يفعلوا ذلك شرعا وسياسة وإلاّ وقعت الفتنة والفساد الكبير والهرج والمرج والزلازل والقلاقل في قلب هذه الأنظمة قبل غيرها، ولو لا ضيق الوقت وكثرة المشاغل  والاشتغال بفريضة الوقت – التحريض على نصرة إخواننا في غزة – لسقت ما قاله أهل العلم قديما وحديثا في تفسير هذه الآية الكريمة وما فيها من حكم وأحكام غفل عنها جماهير المسلمين إلا من رحم ربي.

يجب علينا جميعا -شعوبا وعلماء وقادة فكر ورجال سياسة وحكام- أن نطرح بكل جرأة ووضوح السؤال التالي: من نقاتل، إسرائيل أم أمريكا؟! إذ كلما أوشك الكيان الإرهابي الإسرائيلي على الهزيمة مدت له أمريكا طوق النجاة، أما السؤال الثاني الذي لا يقل خطورة عن الأول، ما حكم الأنظمة العربية التي تتحالف مع أمريكا وهي التي تمد إسرائيل بأسلحة الدمار والخراب والفناء؟! ورغم ذلك تستأسد على أبناء الشعوب فتقمعهم إذا ما نظموا مسيرة أو اعتصاما أو تجمعا كما حدث في الجزائر وغيرها من الدول العربية حيث قمعت المسيرات وأحيل الشباب المتظاهر وفيهم أهل العلم والدعوة والفكر والإعلام على المحاكمات.

وأخيرا نطالب حكام العرب بإمداد المقاومة الباسلة في غزة بالسلاح وبالمواقف السياسية الجادة وإطلاق سراح جميع أبناء الشعوب العربية والإسلامية الذين اعتقلوا وهم يقومون بواجبهم الشرعي المتمثل في نصرة إخوانهم في غزة الجهاد والاستشهاد، وخاصة الذين اعتقلوا في الجزائر يوم الجمعة 09/01/2009، والذين استجابوا لنداء أهل العلم في العالم الإسلامي وقياما بواجب شريف يمليه الضمير الحي، وصدق الله العظيم إذ يقول "وقد خاب من حمل ظلما".

بن حاج علي
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ
الجزائر في 15 محرم 1430
10 جانفي 2009

رسالة تقدير واحترام إلى سفير فنزويلا بالجزائر
بسم الله الرحمن الرحيم

الجزائر في: 16 محرم 1430
11 جانفي 2009

تحية وسلاما،
ليكن في منتهى علمكم أن شرائح واسعة من الشعب الجزائري على مختلف توجهاته قد أعجبت أيما إعجاب بموقفكم الشجاع والشهم والإنساني المتمثل في طرد السفير الإسرائيلي من بلدكم الذي له تاريخ ثوري عريق ضد الاستكبار والهيمنة الأمريكية، وهذا الإعجاب ليس بمستغرب من الشعب الجزائري الثوري بطبعه وتاريخه القديم والحديث أكبر شاهد على ذلك.

إن الإنصاف والاعتراف بالجميل يجعلنا نقول بكل صراحة ووضوح إن موقفكم الإنساني والسياسي عجز عن القيام به أبناء الجلدة الواحدة، واللّغة الواحدة، والدّين الواحد، فهناك دول عربية تقوم على أرضها سفارات إسرائيلية محمية بأجهزة الأمن وهي على استعداد على قمع شعوبها لو تقدّمت من السّفارة الإسرائيلية قيد أنملة، وهناك شعوب عربية أخرى لها وزنها ومكانتها ليس لها علاقة دبلوماسية مع الكيان الصهيوني الغاصب، ولكن عجز حكامها على مجرد توجيه النصح السياسي لتلك الدول بطرد السفراء مثلما فعلتم، فهم شركاء في العمالة والتخاذل.

وأخيرا، اعلموا أيها السفير أن رئيسكم "شافيز" له مكانة في قلب الشعب الجزائري لشجاعته ومواقفه في مواجهة الهيمنة الأمريكية، خاصة مطالبة رئيسكم بمحاكمة المجرم بوش وزعماء الكيان الصهيوني لارتكابهم جرائم فضيعة وبشعة ضد الإنسانية.
تقبلوا منا فائق التقدير والاحترام.

بن حاج علي
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ

ملاحظة: بعد ما سلم الشيخ علي الرسالة للسفير الفينزويلي اعتقل أمام باب السفارة بقوة بعد مشادّات كلامية

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version