وأنا أطالع أخبار الجزيرة على النت، تذكرت المثل الذي يطلقه عادة الجزائريون الأقحاح “عش نهارا سردوكا، أي ديكا، ولا تعش عاماً كالدجاجة”

قرأت أن الرئيس البوليفي موراليس ذو الأصول الهندية، قام بطرد السفير الأمريكي واعتبره كرامة وعزة، ضدّ عتاة وطغاة أمريكا، الذين هيمنوا على مقدرا ت الشعوب وزادهم 11 سبتمبر بطشاً وحقدا وغلواً، ولأن الرئيس البوليفي لا يصوم ولا يقوم في رمضان كما هم عجائزنا، الذين ينعمون بماء زمزم، تقدمه لهم خادمات من آسيا أو بالذهب والمرجان الذي أصبح أوسمة، ونياشين، وقلادات، تُعلق على صدور جلادي الشعوب، وتخرج الأنهار من تحت أرجلهم غازا وبترولا، فتعشوشبُ به ساحاتهم ليرقص فوقها الصحب الكرام بالأنغام، فإنه بات من الضروري قول كلمة في هذا الرجل، بغض النظر عن معتقداته وخلفياته، خاصة في هذا الوقت بالذات حيث حكامنا مشغوفون بقيام الليل .

إن أمريكا استكبرت وعتت في الأرض وقوت شوكتها واشتد زئيرها، لا لسبب، إنما لأنها وجدت في حكامنا أداة طيعة لينة تلين وفق خدماتها وشهواتها، ولأن حكامنا يفتقد ون إلى الشرعية الشعبية ولا يعبرون بحال من الأحوال عن طموحات شعوبهم، فإنهم أصبحوا كالمرأة المُطلّقة التي فقدت عذريتها وتبحث عمّن يأتيها ليخرجها ممّا هي فيه.

إن حكامنا ساهموا بقصد أو بغيره في الفساد والتمييع الأخلاقي، والفقر، والبطالة، واليأس، والظلم، والمحسوبية والرشوة والطبقية، الخ. ولا يهمهم الأمر مادامت هذه الشعوب راضية بواقعها المر، ومادامت خزائنهم عامرة وحُكمهم ممدوداً بقوى البغي والشر.

إن ما قام به الرئيس البوليفي وقبله الرئيس الفنزويلي شافيز كما قلت في موضوعي السابق “إعصار على سواحل أمريكا” لهو بداية لانهيار هذه الدولة الماكرة وسقوط حر تتهاوى به أمريكا من كثرة ظلمها وعتوها واستكبارها على الشعوب. كان على الرؤساء العرب والمسلمين أن يقوموا بهذا الإجراء أي طرد السفير يوم أن احتلت أمريكا العراق وأفغانستان، وروسيا دولا أخرى، لكنهم رضوا بالحياة الدنيا، وطبقوا سياسة جحا، عندما قيل له بأن النّار في القرية فقال: مادام أنها ليست ببيتي فلا شأن لي بما يقع في القرية.

لم يتحرك رئيس عربي واحد وقام بطرد السفير الأمريكي كما فعل الرئيسان البوليفي والفنزويلي كرامة وأنفة لسيادتيهما، وشعب العراق يُذبح على الهواء تحت أعين الكاميرات، ولم يتحرك منهم رئيس ولا ملك عند إعدام صدام حسين وقال كفى لهذه العنجهية العمياء، ولم يستحو وهم يطالبون الفلسطينيين بالكف عن إيذاء إسرائيل صاحبة الأرض والعرض، بل زادوا في تنازلاتهم مرة وأخرى لإرضاء بوش وغيره من الرؤساء الذين يمثلون سيادة شعوبهم، وقبل هذا الأسبوع زارت المرأة الرجل كونداليزا رايس كلّا من ليبيا التي صدّع زعيمها رؤوسنا بصياحه، حتى بات يخيل لنا أنه سينسف أمريكا بالنووي، وتأكدنا بعد وقت قصير بأنه كان يقصد نسفها بالضراط واللّعاب، وتونس القوي العزيز على شعبه، خادم كنّاس لأوربا وأمريكا، ومغرب أمير المؤمنين الذي يسعى لتحرير القدس بالكوكايين، والجزائر التي من خلالها بدأت مدرسة تقبيل الأيدي، تخرج لنا أساتذة كبارا منذ مجيء بوتفليقة إلى سدة الحكم ،فلعلّهم يخرجونا من هذا الحرّ الذي نحن فيه.

نورالدين خبابه
17 سبتمبر 2008

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version