انتهت فترة الانتظار و تقشع الضباب على نتائج البكالوريا التي لم تكن مفاجئة لأحد فقد عودنا عميد الوزراء على مثل هذه النتائج المعبرة عن نجاعة الإصلاح الذي بدأ يقطف ثماره و هو وضع يناقض الواقع المعيش.

نريد هنا أن نوضح بعد النقاط المتعلقة بكيفية معالجة هذا النجاح الذي سيثقل الجامعة الجزائرية ماديا و أدبيا و كما قلنا في مقال سابق إذا كان بصيص الأمل الذي قدم للطلبة المستقبل ناجعا في تسيير الأزمة فإن الجامعة ستكون استمرارية لهذا الأمل.

و إذا كان بن بوزيد قد أصلح المنظومة التربوية فإن حراوبية يحاول جاهدا مواكبة إصلاح بن بوزيد بنظام ال: آل آم دي هذا الأخير الذي يطبق من غير معرفة بآليات تطبيقه و حتى تعريفه يتم بطريقة تقنية تتحدث عن سنوات الدراسة و الوحدات و تقديمه على أنه نظام مرن و غير معرقل للطلبة لأن النجاح يتطلب تحقيق 50 بالمئة من الوحدات بمعنى أن تقديمه للطالب يتم بطريقة ميكانيكية و اتكالية بكلمة أخرى عبثية لماذا؟

لأن هذا النظام يشترط لنجاحه توفير مجموعة من المستلزمات خاصة في الشق المتعلق بالليسانس المهني الذي يشترط النزول للميدان و أخذ الخبرة بطريقة مباشرة و هذا ما لا يوجد في مجتمعنا المنغلق لأن إنجاز البحوث الجامعية يتم بمجهودات فردية فكيف بتكوين يعتمد على الميدان لتحقيق نجاعته.

ونعود لموضوعنا و المتعلق بما ينتظر الطلبة بعد نجاحهم في شهادة البكالوريا؟ نود أن نؤكد أن الجامعة الجزائرية تعاني من مجموعة من الإشكالات أهمها إشكالية التأطير و إشكالية الهياكل و بيروقراطية التسيير.

إذن أول إشكال سيواجه الطلبة يتعلق بالتسجيلات التي ستعطل انطلاق الموسم الجامعي خاصة و أن رمضان على الأبواب و من عادة الجزائريين تجنب العمل في رمضان. وقبل التسجيلات النهائية ستعرف الجامعة موجة من الطعون لاحد لها مما سيعرقل التسجيلات النهائية و لن تتحقق طموحات الطلبة إلا بوجود واسطة ذات وزن و إلا فإن مصير الطلبة هو التوجيه الآلي.

المسألة الثانية تتعلق بالتأطير حيث تعاني الجامعة الجزائرية من نقص فادح في الكوادر نتيجة الهجرة من جهة و نتيجة البيروقراطية المنتهجة في إنجاز و مناقشة رسائل الماجستير و الدكتوراه. إضافة إلى المحسوبية في التوظيف و إشكالية الخدمة الوطنية الأمر الذي حد من ولوج الكفاءات إلى الجامعة.

الإشكال الآخر يتعلق بالخدمات الجامعية التي تخضع لشبكة مصلحية نفعية ترتزق منها الأمر الذي سينعكس على سير الدراسة نتيجة الغيابات و الإضرابات التي أصبحت تشل الجامعات الجزائرية حيث أتذكر أنه في إحدى الجامعات تم غلقها كلية أمام الكادر الإداري و الهيئة التدريسية لمدة شهر و نصف.

أما أهم إشكال ستواجهه الجامعة خاصة هيئة التدريس هو نقل التقاليد العفنة التي توارثتها المنظومة التربوية نتيجة الإصلاحات الخلاقة لبن بوزيد و المتمثلة في الغش و العنف بأشكاله لفظي و جسدي و رمزي… إضافة إلى تدني المستوى الأخلاقي و تغير منظومة القيم بشكل يدعو للفزع كل هذا سيجعل من عملية التدريسية عملية مواجهة بين الأستاذ و الطلبة خاصة في الجامعات الجديدة التي لا تمتلك تقاليد إدارية و تعليمية بعد الأمر الذي سيجعل من الأستاذ مسير لحصته التدريسية و ليس ناقل لمعرفة و منتج لها.

 هذه من بين الإشكالات التي سيواجهها الطلبة قبل و أثناء و بعد الدخول الجامعي المقبل و التي ستنعكس على نفسيتهم في المستقبل إلا مار حم ربك. و سينطبق عليهم قول الشاعر: ستعرف إذا انجلى الغبار أتحتك فرس أم حمار.

نعيم بن محمد
20 جويلية 2008

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version