يتحدث السياسيون عن انجازات النظام بنوع ن الفخر و الاعتزاز و يتفننون في تزيينها و تزويقها باعتبارها انجازات فريدة من نوعها بحسب وصف أحدهم و بأنها تحت القيادة الرشيدة و الحكيمة لفخامته و بتوصية و إشراف و متابعة منه و يجتهدون في تقديم الأرقام للتدليل عليها و تعزيزها.

إلا أن الحقيقة التي لا تخفى عل النظام هي أن هؤلاء السياسيين هم من زبائنه يشترون وده و بالأحرى  يقتاتون على ما يقدمه لهم من إعانات. فهم كالطفيليات تقتات على مجهودات غيرها. و بمجرد ما يذبل هذا الغير إلا و تبحث عن بديل لضمان استمرارية وجودها "العفن".

في جزائرنا الحرة يأبى هذا الشعب إلا أن يعيش. و رغم كل محاولات الإبادة السابقة و اللاحقة و لظلام الاستعمار يبقى هذا الشعب صامدا، رافضا، متطلعا إلى غد أفضل إلا أن هذا الغد طال انتظاره. فهل ننتظر 132 سنة أخرى حتى يأتي الجيل الرافض المقاوم العصي على الاستمالة و الاستكانة. هل ننهج نهج ثوار أمريكا اللاتينية هل نتحجر و نسلم، هل نعتبر الأمر قضاء وقدر ليس لنا إلا الانتظار إنه الانتظار القاتل.

لقد استطاع النظام أن يمتص غضب الجماهير، أن يجمد الدم في عروقه أن يغير اهتمامه ، أن يوجه إرادته و الأمثلة على ذلك كثيرة متبعا في ذلك السياسة الاستعمارية القديمة المعتمدة على فتح المجال لبصيص من الأمل و قد أتقن هذا الأسلوب، حيث استطاع أن يموه الواقع في كل مرة يستشعر فيها خطرا يهدد وجوده و استمراريته فهو يسعى دائما للمحافظة على حالة السكون و ليس التوازن لأن هذا الأخير يستدعي وجود أجهزة و مؤسسات عضوية متماسكة و متساندة و هذا عكس الحالة الجزائرية  المتميزة بنوع من التقوقع على الذات و الانعزالية.

 و من بين حالات الأمل التي يمكن تعدادها نجد على سبيل المثال لا الحصر:

1) أمل الشهادات العلمية حيث فتح المجال لتمييع المنظومة التربوية و خاصة شهادة البكالوريا من أجل أن يفتح بصيصا من الأمل لشباب تائه يرى خيره لغيره و هذا لامتصاص غضبهم من جهة و للمحافظة على حالة السكون من جهة ثانية. و بعد انقضاء مدة الدراسة يجد الطالب نفسه في مواجهة الحياة الحقيقية حياة الاسترزاق هنا فتح المجال لأمل آخر هو أمل العمل فابتكر النظام مجموعة من الآليات لتسيير الأمل و المجسدة في سياسية الشبكة الاجتماعية و عقود ما قبل التشغيل فيبقى المواطن المغلوب على أمره يترنح بين الإدارات لاستكمال الملف و ينتظر…؟؟؟

2) أمل تحسين الأجور و مستوى المعيشة خاصة بالنسبة لقطاع الوظيف العمومي الذي يستوعب أكثر من مليون و نصف المليون موظف إلا أن هذا الأمل استعمل كاسفنجة لامتصاص الثورة الجامحة للموظفين و التي قوبلت بسياسة التأجيل و الانتظار الأمر الذي أدى إلى تجاوز الانفجار بكل راحة و طمأنينة.

3) أمل السكن و هو الأمل الكبير و الوحيد لكافة الجزائريين. شيدت سكنات و لم توزع على مستحقيها، قدم دعم لانجاز سكنات إلا أن القروض البنكية امتصته مع الوقت. خصصت أغلفة مالية إلا أنها حولت أو انتقص منها. هل يعقل أن بعض المسؤولين  يملكون ثلاث أو أربع سكنات فاخرة و أغلب الشعب يعاني من أزمة السكن أيعقل أن تختزن الجزائر أكثر من  مليون سكن شاغر ( بحسب إحصاءات الوزير بتون أو تبون؟؟؟) و تسعى إلى إقامة مليون سكن إضافي. أيعقل أن بعض المسؤولين لا يعرفون عدد السكنات التي استفادوا منها و فوق كل هذا سيحصلون على نصيبهم في المشاريع المنجزة؟؟؟ أيعقل أن إقامات خاصة لا تدفع فلسا واحدا مقابل استغلال هذه الإقامات في حين أن الشعب يعاني من مشكلة الإيجار و الكهرباء و الماء و انقطاعه….فما يتعلق ببصيص الأمل هذا فإنه أمل أعرج لأن أغلب السكنات المقامة تتميز بالضيق و عدم الاتساع و الأمر يرجع إل قلة الأغلفة المالية المقدمة و التسرع في الانجاز مما يضطر المقاولين عديمي الاختصاص إلى السرقة و التحايل على معايير البناء مثل الانتقاص من طول أعمدة البنايات. كما أن مسألة الضيق عملية مقصودة و هي سياسة صينية بهدف تشجيع سياسة الأسر النووية و التقليل من عملية الإنجاب هذه الأخيرة أصبح الجزائريون يعانون منها فالصحة الإنجابية أصبحت موضع تساؤل يغفل عنه الكثير من السياسيين ناهيك ن المختصين أنفسهم و المر يعالج معالجة شخصية أو فردية.

و عليه يكننا القول أن بصيص الأمل و سياسة الانتظار تعتبر بمثابة إستراتيجية عمل ينتهجها النظام في سبيل المحافظة على الوضع القائم و بهدف احتواء أي أزمة تنبئ عن حالة من الانفراج.

هذا غيض من فيض و يبقى الأمل قائما و تبقى سياسة الانتظار منتهجة إلى أن تشرق شمس يوم جديد تحمل نسماته بوادر فجر مشرق، مشرق بالعمل، مشرق بالانفراج مشرق بتحقيق الذات في جزائر لكل الجزائريين.

نعيم بن محمد
26 جوان 2008

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version