بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل في كتابه العزيز "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون" الأنفال، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الذي حذر ولاة الأمور من عاقبة الغش السياسي "أيما راع غش رعيته فهو في النار" وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد كثر اللغط والهرج والمرج، والأخذ والرد في هذه الأسابيع الأخيرة حول جملة من الموضوعات السياسية الهامة والخطيرة وعلى رأسها مسألة تعديل الدستور الهدف الأساسي من هذا التعديل يرمي إلى السماح لرئيس الدولة بعهدة ثالثة، فكان لزاما علينا شرعا وسياسة أن نصدع بوجهة نظرنا السياسية فيما يثار من موضوعات بكل وضوح وصراحة تنويرا للرأي العام في الداخل والخارج وذلك في النقاط التالية:

أولا: مسألة تعديل الدستور

لقد أجمع فقهاء القانون الدستوري أن الهدف الأساسي من وضع الدساتير أو تعديلها هو تقييد السلطة لصالح الحريات العامة والحد من تغول السلطة على حقوق الناس والشعوب ليس لخدمة حزب أو فئة أو شخص ولكن في الدول الإستبدادية والبوليسية وعلى رأسها الدول العربية ومنها الجزائر الغاية من تعديل الدستور هو التمكين للاستبداد بتوسيع صلاحيات الرئيس والحد من صلاحيات الشعب بطرق ماكرة ملتوية ولذلك تعددت الدساتير بتعدد الرؤساء فلكل رئيس دستوره الخاص المفصل على مقاسه ولذلك نرى أن المخرج من هذا التلاعب بالدستور الذي طال أمده هو انتخاب هيئة تأسيسية تضم جميع التيارات السياسية لصياغة دستور جديد يمكن الشعب من الاختيار بين النظام الرئاسي أو البرلماني حيث يصبح منصب رئيس الجمهورية شرفي بصلاحيات محدودة لأن التجربة في عالمنا العربي المقرف تدل دلالة قاطعة على أن النظام الرئاسي يرادف النظام الاستبدادي الديكتاتوري ولذلك نرفض رفضا قاطعا أن يتحول الدستور إلى أشبه بأصنام أهل الجاهلية الأولى المصنوعة من عجوة من تمر فإذا جاعوا أكلوها أو مجرد لعبة أو نزوة مزاجية طائشة تمارسها السلطة الفعلية التي كانت وراء تعديل دستور 28 نوفمبر 1996 بطريقة غير دستورية فهو إذن دستور أزمة والهدف من تعديله هو الإقصاء السياسي للجبة الإسلامية للإنقاذ والتضييق على تأسيس الأحزاب ولذلك بعد صدور الدستور ثم حل أغلب الأحزاب ذات التجذر الشعبي من التيار الإسلامي والوطني، وبصمة الانقلابيين واضحة في دستور 1996 ولذلك نحذر من الإقدام على تعديل الدستور بنفس الطريقة لما في ذلك عواقب وخيمة على مستقبل البلاد والدستور لا تضعه شلة من قطاع الطرق على الإرادة الشعبية وقد أعذر من أنذر.

ثانيا: رأينا في تجديد عهدة ثالثة

مما لا شك فيه أن رئيس الجمهورية أعلن أن تعديل الدستور سيتم قبل نهاية سنة 2006، وذلك في خطاب عام أمام قادة المؤسسة العسكرية بتاريخ 05 جويلية 2006، ثم وقع التراجع عن ذلك لأسباب ما زالت مجهولة إلى يومنا هذا.

وكلنا يعلم أن عرّاب ودلاّل تعديل الدستور من أجل تمكين رئيس الجمهورية من عهدة ثالثة هو رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، رغم أن رئيس الجمهورية لم يجدد دعوته إلى تعديل الدستور ولم يعلن عن رغبته في عهدة ثالثة بشكل رسمي!!! وهذا الوضع الغامض يطرح جملة من التساؤلات منها على وجه التمثيل.

أ- من يقف وراء تحريك بلخادم للمطالبة بتعديل الدستور من أجل تمكين الرئيس من عهدة ثالثة ؟!! لاسيما ودعواه لا تحظى بالقبول التام لدى حزب جبهة التحرير الوطني فضلا عن تحفظ أحزاب الإعتلاف الحكومي التي مازالت تمسك العصا من الوسط أو هي تنتظر إشارة ما من السلطة الفعلية قبولا أو رفضا لأن التجربة الحزبية دلت على أن أغلب القرارات الخطيرة تتخذ خارج الأطر الرسمية لبعض الأحزاب وقواعده.

ب-هل سيقتصر تعديل الدستور على ما تتداوله أوساط سياسية وإعلامية على مجرد النص على حق الرئيس في عهدة ثالثة وكذا النص على تعيين نائب للرئيس يخلفه مباشرة في حالة تسجيل عجز طبي يمنعه من مواصلة مهامه وممارسة صلاحياته أو وفاته؟!!.

ج-هل هناك مواد دستورية أخرى سيشملها التعديل أو الحذف أو الإضافة لاسيما وهناك بعض الأصوات تنادي بحذف مادة دين الدولة الإسلام وفصل الدين عن الدولة، في الوقت الذي تشهد بعض مناطق البلاد حركة تنصيرية غير مسبوقة، وهناك إلى جانب ذلك كله من ينادي بإدراج مادة تنص على أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر التشريع في بلد مسلم من أجل تحقيق الاستقلال التشريعي؟ امتثالا لقوله تعالى "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون"الجاثية وهل سيشمل التعديل المادة 17 من الدستور لأن هناك إرادة خارجية وداخلية من الأقلية النافذة تسعى بأكثر من طريق لحذف هذه المادة لفتح الباب على مصراعيه لإفقار الشعب الجزائري وسيادة الليبرالية المتوحشة بطريقة دستورية وبالتالي تمكين الخارج من السيطرة على القرار الاقتصادي الداخلي؟!!!

د-ما هي تلك الإنجازات الكبرى على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي التي تحققت على يد الرئيس طوال العهدتين والتي تتطلب تجديد عهدة ثالثة لمواصلة مشاريعه؟!!!

هـ- هل الظروف المتدهورة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا تسمح بهذه الشطحة الصوفية السياسية من رئيس الحكومة ومن سار على دربه؟!!
وهناك أسئلة أخرى أكثر دقة نضرب عنها صفحا الآن ولكن كثرة هذه التساؤلات وتنوعها لا تمنعنا من بيان وجهة نظرنا السياسية في بعضها فنقول:

1- فيما يخص دعوة بلخادم ومن لفّ لفّه لتجديد عهدة ثالثة لرئيس البلاد وتعديل الدستور نرفضها رفضا قاطعا لما سبق ذكره ولما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على أكثر من صعيد فضلا على أنها سابقة خطيرة تؤسس لنظام أكثر ديكتاتورية و بطريقة دستورية .

2- هناك رؤساء لدول كبرى حققوا إنجازات ومشاريع كبيرة ولكن لظروف معينة لم يتسن لهم إكمالها لانقضاء عهدتهم دستوريا، فهل حدثتهم أنفسهم بتعديل الدساتير من أجل عهدة إضافية لإكمالها؟!! فهذا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لم يتسن له تحقيق مشروعه الكبير المتمثل في مكافحة الإرهاب الدولي وتحقيق الانتصار العسكري والسياسي في كل من أفغانستان والعراق وحل أزمة الشرق الأوسط والقضاء على بؤر التوتر في العالم وتصدير الديمقراطية الأمريكية إلى العالم العربي، فهل نادى الحزب الجمهوري والمشايعين لسياسة بوش داخليا وخارجيا إلى تعديل الدستور الأمريكي من أجل عهدة ثالثة للرئيس؟ وإني أعجب أشد العجب من التدخل السافر لسفير الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر الذي صرح لجريدة البلاد بأن "واشنطن لا تعارض عهدة ثالثة لبوتفليقة"، فهل هناك صفقة سرية بين صناع القرار في الجزائر والبيت الأسود لاستمرارية النظام المتعفن في البلاد؟ وهذا رئيس فرنسا ساركوزي يصرح أنه كان من القلائل الذين دعموا قرار وقف المسار الانتخابي في الجزائر في1991، وكان الواجب عليه أن يقرأ تاريخ الثورة الفرنسية وما حدث فيها من إرهاب وفضائع من أجل إسقاط الديكتاتورية وتحطيم الباستيل وكان الواجب عليه أن يستحي مما ارتكبته فرنسا من فضائع ومجازر وإرهاب في حق الشعب الجزائري طوال مدة الاستعمار ولم تقدم أدنى اعتذار إلى يومنا هذا، والحاصل فما أكثر الرؤساء الذين لم يكملوا مشاريعهم ولكن لم يطالبوا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لتعديل الدساتير ومنهم رئيس روسيا بوتين وغيره من رؤساء الغرب، فهذه البدعة السياسية المنكرة التي جاء بها بلخادم أو طُلب منه الترويج لها سابقة خطيرة، وأتحدى سفير أمريكا في الجزائر أن ينادي بتعديل الدستور من أجل عهدة إضافية لبوش.

3- أما فيما يخص محاولة النص على تعيين نائبا لرئيس الجمهورية دستوريا، فهذه خدعة كبرى لا تنطلي إلا على الحمقى والمغفلين لسبب بسيط هو أن الرئيس حالته الصحية لا تسمح له بمواصلة مهامه بشكل عادي كما هو ملاحظ ومشاهد من الجميع، حتى خرجاته النادرة هنا وهناك، وبعد غياب طويل وصمت أطول، إنما هي خرجات باهتة لتدشين مشاريع قديمة، بعضها يرجع إلى عهد الراحل بومدين أو الشاذلي، وبعضها يظهر زيفها بعد مدة من انقضاء الزيارة، فالرئيس منذ عودته من الاستشفاء بفرنسا منتصف 2006 لم يعد بوتفليقة الذي عهدناه لا يكف عن الحركة داخليا وخارجيا وبالتالي فالغاية من وراء استحداث منصب نائب الرئيس هو أن تختار السلطة الفعلية النائب المناسب لها وليس للرئيس، وبعد أن يتم تعديل الدستور وتجديد العهدة الثالثة للرئيس يُعلن بعد شهر أو شهرين أو نصف سنة من أصحاب القرار الفعلي أن رئيس الجمهورية مريض ولا يقوى على مواصلة مهامه الدستورية وبالتالي تسجيل العجز الطبي ويتسلم النائب مهام الرئيس بصفة مباشرة بحكم الدستور الذي تم تعديله لهذا الغرض وهكذا تريد السلطة الفعلية تقنين بقائها في السلطة دستوريا بعد أن فرضت بقاءها في السلطة بقوة الحديد والنار بعد الانقلاب المشؤوم على الإرادة الشعبية في 1992 والحاصل أن هذه السلطة الفعلية تريد أن تواصل حكم البلاد من خلف الستار عن طريق نائب الرئيس الذي اختارته مسبقا وفق مواصفات خاصة وكلنا يعلم أن هذه السلطة الفعلية هي التي وضعت لرئيس الجمهورية خطوطا حمراء من قبل، وعرقلت بعض مشاريعه.

4- أما فيما يخص مناقشة مشاريع وإنجازات الرئيس وهل هي إنجازات ومشاريع حقيقية أم وهمية على أكثر من صعيد؟ وهل هي من صنعه أو من صنع جهات أخرى؟ فهذا الأمر لا يتسع له المقام في هذا البيان، بل يتطلب فتح نقاش واسع لجميع الأطراف السياسية دون إقصاء، وأن لا يقتصر هذا النقاش على المداحين والطبالين والإنتهازيين الذين لا هم لهم سوى مصالحهم الشخصية الوضيعة.

5- أما فيما يخص موقف الجبهة الإسلامية للإنقاذ من موعد الرئاسيات لسنة 2009 فسوف تقول كلمتها في هذا الموعد الانتخابي الهام بطريقة أو بأخرى ولكل حادث حديث ولا شك أن الأجواء والظروف والمستجدات السياسية هي التي سوف تحدد لنا طريقة التحرك السياسي إعلاميا وميدانيا ولا تملك أي جهة أن تمنعنا من ممارسة حقوقنا السياسية المشروعة، أما فيما يخص تمديد العهدة إلى الثالثة فهو أمر يرفضه العقلاء وأهل النهى بل هناك من ينادي بعهدة واحدة لا تتجاوز 7 سنوات، فإذا كان عمر بن الخطاب وهو من هو في مكانته وفضله وسياسته الراشدة يدعو في آخر مدة خلافته والتي دامت عشر سنين "اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ولا ملوم" وقد توفي وله من العمر 63 سنة وفي قول آخر 55 سنة، ولا شك أن من يرغب في أن يكون حكمه حكما راشدا فعلا فعليه الإقتداء بسيرة الخلفاء الراشدين، كما جاء في الحديث الصحيح.


ثالثا: الحالة الاجتماعية المتدهورة

إذا كنا نحذر من تعديل الدستور كما سبق ذكره فإننا نحذر من عواقب تدهور الحالة الاجتماعية للشعب الجزائري لاسيما بعد الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الأساسية، مما يؤدي إلى انفجار اجتماعي بحيث أصبح المرتب الشهري لا يكفي لمدة 9 أيام، ولذلك ندعو إلى المسارعة إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطن الجزائري وزيادة الأجور لاسيما مع ارتفاع أسعار النفط إلى عتبة 100 دولار، فهل يعقل أن يقدم قانون المالية لسنة 2008 على 19 دولار؟!! وبأي حق إيداع أكثر من 43 مليار دولار في البنوك الأمريكية وعموم الشعب الجزائري يعاني الفقر والحرمان؟!!، كما ننادي بتحقيق العدالة الاجتماعية التي نادى بها الإسلام ونص عليها بيان أول نوفمبر.

رابعا: الحالة الأمنية الخطيرة

منذ الانقلاب على الإرادة الشعبية في 1992 ونحن نقول أن الحل الحقيقي للأزمة الأمنية لا يكمن في مجرد التنديد والشجب والإدانة، وإنما يكمن في معالجة جذور الأزمة الحقيقية في أبعادها الشرعية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولكن لا حياة لمن تنادي! والمناداة بحل سياسي عادل وشامل وتحقيق مصالحة حقيقية مبنية على المصارحة ليس مطلب الجبهة الإسلامية للإنقاذ فقط بل تشاركها فيه شريحة واسعة من رجال الفكر والدعوة والسياسة والقانون والمناضلين من أجل حقوق الإنسان وشخصيات تاريخية ووطنية مرموقة وما أكثر المبادرات السياسية الجادة التي ضربت بها السلطة عرض الحائط وأصرت على طرحها القاصر الهجين الذي أورد البلاد موارد الهلاك والمحن، ومنها المبادرة التي تقدمت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ لرئاسة الجمهورية بتاريخ 1 جويلية 2007.

وأعجب ما سمعنا به هذه الأيام ذلك التصريح الإعلامي الذي أدلى به المدير العام للأمن حيث قال "لن يبقى في صفوفنا غير القادرين على مواجهة الإرهاب" فعوض أن يقدم قادة الأجهزة الأمنية المختلفة الاستقالة راح المدير العام يبحث عن كبش فداء لمن هو دونه في الرتبة ومسح الموس فيهم كما تقول العامة عندنا، فالأمن والاستقرار السياسي في مفهومه الشامل لا يتحقق بتكثيف الإجراءات الأمنية ولا بأخذ نصائح رجال المخابرات الأمريكية أو الفرنسية كالتي جاءت على لسان المدير السابق للمخابرات الفرنسية إيف بوني والذي صرح في مذكراته على مدى الصداقة التي تربطه بالمخابرات الجزائرية "ومن نصائحه" تشديد الرقابة على حركة المرور من خلال نقاط التفتيش!! فالأمن الحقيقي لا يتم بتكديس قوات الأمن على قوارع الشوارع ولا القيام بحملة تطهير داخل المؤسسة الأمنية بحثا على كبش فداء، ولا بالإفراط في اتخاذ الإجراءات الاستثنائية لتأمين مؤسسات الدولة الكبرى من رئاسة ومقر الحكومة ووزارة الدفاع ومراكز الأمن المختلفة وقطع الطريق على حركة سير المواطنين والتضييق عليهم مما جعل العاصمة ثكنة أمنية كبيرة، وكأن همّ قوات الأمن المختلفة هو حماية أنفسهم أمنيا فقط، وإنما يتحقق الأمن بالعدل وإعطاء الناس حقوقهم كما قال عمر بن عبد العزيز لأحد الولاة :"حصنها بالعدل" وليس بحواجز أمنية بالإسمنت المسلح، وعوض البحث عن حل سياسي عادل وشامل مازالت السلطة مصرة على الحل الأمني القاصر ومصادرة الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية لشرائح واسعة من الشعب الجزائري، وكل من يخالف السلطة في طرحها يتهم بأن له علاقة بالقاعدة، وكلنا يعلم أن الأنظمة القمعية الاستبدادية هي التي تبالغ وتضخم من حجم القاعدة إعلاميا لتبرير بقائها في السلطة وكسب التعاطف الدولي وتدويل مكافحة الإرهاب ومثل هذه الأنظمة تتمنى لو كان على أرضها من ينتسب إلى القاعدة وإذا لم تكن هناك عناصر من القاعدة تسعى إلى إيجادها بطريقة أو بأخرى وتضخيمها إعلاميا وكأن مرجعية المسلمين في مقاومة الظلم الداخلي أو الخارجي يحتاج إلى إذن من القاعدة؟! وهذا جهل فاضح وكذب على الحقيقة والتاريخ والواقع فعمر المختار والأمير عبد القادر وأحمد باي وسلطان الأطرش وعبد الكريم الخطابي لم يأخذ أحد منهم الإذن من القاعدة لمقاومة الاستعمار وكذا الذين قاوموا ظلم الأنظمة الاستبدادية داخليا عبر التاريخ لم يأخذوا الإذن من القاعدة وإنما أخذوها من أحكام الشريعة التي فصلت في هذه القضايا كما هو مدون في كتب الفقه الإسلامي، فالجبهة الإسلامية للإنقاذ مثلا عندما عقدت توأمة بين بلدية العاصمة وبلدية القدس في 1990 وحظر التجمع بلخادم نفسه في 05 جويلية لم تأخذ إذنها من القاعدة وعندما دعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى مناصرة الشعب العراقي في مواجهة التحالف الدولي في 1991 لم تأخذ الإذن من القاعدة؟! فمبدأ مقاومة الظلم الداخلي والخارجي ومناصرة المسلمين حيثما كانوا مبادئ إسلامية نص عليها الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، وليست براعة اختراع من القاعدة التي تبالغ جهات سياسية وأمنية داخليا وخارجيا إعلاميا في شأنها لتتخذ من ذلك ذريعة لممارسة الظلم الداخلي والخارجي باسم مكافحة الإرهاب الداخلي والدولي وهي لعبة مكشوفة للعقلاء الفطناء الألباء، وهدف أمريكا من المبالغة في حجم القاعدة بالشمال الإفريقي وجنوب الصحراء التمكين لمشروعها الخطير على مستقبل أفريقا والمتمثل في "أفريكوم" اللعين.

ختاما، نجدد دعوتنا للسلطة إلى أن تسارع إلى عقد ندوة أو مؤتمر وطني جامع يهدف إلى معالجة جذور الأزمة السياسية وما نجم عنها من أزمات فرعية، ونحذر من الإنفراد بحلول سياسية ذات طابع سلطوي إقصائي، لأن فرض سياسة الأمر الواقع هي التي جرت على البلاد والعباد المحن والفتن والكوارث، فمتى نقلع عن هذه السياسة العرجاء القاتلة أيتها السلطة؟!!! ذلك قولنا في بعض أهم المواضيع السياسية المثارة بكل وضوح وصراحة والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

علي بن حاج
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ

الجزائر في 29 ذي الحجة 1428 هـ
الموافق لـ 08 جانفي 2008 م

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version