وردت في كتاب “عوائق النهضة الإسلامية” للمفكر القدير علي عزت بيغوفيتش رحمه الله ” أخلاق العدالة تمثل أسس مساعي الإسلام نحو بناء مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة، إذا أمكننا تسمية نظام المجتمع القرآني بمجتمع «بلا ترف ولا فقر» فإننا يجب أن نعترف بأننا اليوم لا نرى في المجتمعات الإسلامية شيئا غير الترف والفقر «.
حينما نقرأ بسم الله ونتأمل رؤية الأستاذ بيغوفيتش بخصوص العدالة الاجتماعية والمساواة من زاويتي الفقر والترف كمؤشرين أساسيين، يمكننا تبعا لذلك اعتماد مؤشرين فرعيين صعودا ونزولا، ألا وهما الفوضى والطغيان، هذان المؤشران لا يقلان أهمية في حدود سؤال العدالة الاجتماعية والمساواة، ذلك أنه يمكننا تتبع آثار ذلك من البيت إلى المدرسة، مرورا بالشارع، وصولا إلى الجامعة، وانتهاء بالمستشفى والثكنة والمحكمة!
إن الحد الوسط الذي يقف فاصلا وشاهدا هو المجتمع، أي مجتمع يمكن أن يترجم هذه العدالة في أبهى صورها وهذه المساواة بأدق تفاصيلها انطلاقا من دائرة التحكم في الشهوات والأهواء، ولا أدل على ذلك من ترجمة قول الرسول الخاتم صلى الله عليه واله وسلم:” نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا فلا نشبع”. هذا هو المنطلق، أما الباقي فهو تفاصيل. وعند هذا الحد بالذات يمكننا التوّجه بالسؤال إلى أنفسنا: كيف نجد أثر هذا القول النبوي الخالد في حياتنا اليومية؟ من هنا تبدأ ترتسم خطوط العدالة المحتملة، وانطلاقا من هذا الحد يبدأ التلاشي كل من الفقر والترف على حد سواء، وبداية من هذه العتبة يمكن قياس نبضات حركة التاريخ من داخل كياننا الفردي والجماعي، الدولي والمجتمعي على السواء!
وإذا أدركنا أبعاد المعادلة وأردنا اجراء مقارنة انطلاقا من «شهوة البطن» فلنقارن بين عربي وياباني، حيث يدخل كل منهما مطعما، ماذا يطلب وماذا يترك في صحنه عند المغادرة، وكم يدفع مقابل ذلك؟
وليس بعيدا عن هذا المثال البسيط من حيث الشكل، الخطير من حيث المغزى، من اليسر أن نزيد الرؤية وضوحا، فنسأل، على سبيل المثال: ما هو الأجر أو المقابل الذي يتقاضاه عامل نظافة في اليابان وعامل نظافة في الجزائر؟
أما إذا صعدنا السلم قليلا، فيمكننا المقارنة بين “وجبة ” حاكم اليابان و” وجبة ” حاكم العربية السعودية، أو مقارنة مداخيل حاكم مصر العربية (أم الدنيا) بمداخيل حاكم اليابان، على سبيل المثال.
إن الأستاذ بيغوفيتش رحمه الله، حينما يعبر عن العدالة الاجتماعية والمساواة يكون قد كشف إلى حد بعيد زيف كل من النظامين الراسمالي والاشتراكي المثقلين بالمظالم عبر التاريخ، مع وجود فوارق بطبيعة الحال، وما عدا ذلك، في حدود عالمنا العربي، ليس سوى وجها من وجوه التبعية المؤطرة بالاستبداد.
لقد حدد رحمه الله مؤشرين أساسيين متلازمين من حيث الدلالة على وجود العدالة الاجتماعية والمساواة من عدمها في حدود مجتمع من المجتمعات كمقدمة لأي سؤال يمكن أن يطرح بخصوص النهضة.

تعليقان

  1. بشير عبد الرحمان بتاريخ

    – بخصوص العنوان: معالم بدل معلم
    – السطر الاول : وردت و ليس وردة ، النهضة و ليس النهوض .
    خطأ مطبعي ، الرجاء تصحيحه و شكرا .

    • رشيد زياني شريف Rachid Ziani Cherif بتاريخ

      تم التصحيح وشكرا

Exit mobile version