بشّر البعض منذ أشهر بإطلاق مبادرة للمّ شمل الجزائريين من طرف النظام بمناسبة عيد الاستقلال الستّين. فانتظر البعض نهجًا جديدًا من طرف النظام لتعزيز التماسك المجتمعي وعزوفًا منه عن النفخ في التوتّرات الجهوية والتجاذبات الأيديولوجية. وتوقّع البعض سياسة جديدة للتعامل مع الأزمة السياسية الخانقة عبر حوار وطني جامع وجادّ. وترقّب البعض إجراءات تهدئة حقيقية تبدأ بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، تمهّد لمصالحة فعلية. وتطلّع البعض إلى رجحان صوت العقل على صخيب التصعيد القمعي داخل قيادة الجيش والمخابرات. فماذا اكتشف الجميع في نهاية الأمر؟ لقد اتّضح لهم أنّ مبادرة “لمّ شمل” ليست سوى حلقة إضافية ركيكة في سلسلة المبادرات التي ضمّت “قانون الرحمة” (1995) و”قانون الوئام المدني” (1999) و”ميثاق السلم والمصالحة الوطنية” (2005) الذي جرّم الضحية وعفا عن المجرم وصادر الحق في معرفة الحقيقة الذي هو عماد المصالحة الحقيقية. وها هو “لمّ الشمل” يتوّج باحتفال بائس لتكريم عدد من ضباط الجيش والمخابرات، منهم المتورّطون في جرائم ضد الإنسانية، ومنهم من هو ملاحق قضائيًا على الصعيد الدولي في جرائم حرب غير قابلة للتقادم. يا قوم، ليس بهذه الطرق الاستفزازية تُشيّد الجزائر الجديدة التي يصبو إليها الشعب الجزائري وتُبنى دولة القانون والحكم الراشد.

12 أوت 2022
عباس عروة
عضو المجلس الوطني لحركة رشاد

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version