محمد مصطفى حابس

سيحلّ شهر رمضان للمرة الثانية على كلّ البلدان الإسلامية والعربية على غير العادة في ظلّ جائحة كورونا ومضاعفاتها، فشعوبنا لم تستقبله العام الماضي بالطاعات ولا بالبهجة المعتادتَين.  

ونخشى أن يكون هذه السنة أيضا – لا قدر الله – « رمضان حزين في العالم الإسلامي» (كما عنوننا مقال العام الماضي)، بعدما تطلبت محاربة الفيروس غلق جل المساجد لمنع التجمعات الكبيرة، حيث أشارت يومها بعض الدول العربية إلى فتح صلوات التراويح جزئيا في المساجد، لكنها أشارت إلى أن روحانيات شهر رمضان لدى المسلمين باتت حزينة بسبب الإجراءات الاحترازية المضاعفة في المساجد و أماكن التجمعات. 

وحتى في دول الغرب انعكست – هذه الأيام – إجراءات العزل المنزلي بشكل ملحوظ على فترة “الصوم الكبير” و”عيد الفصح (باك)” لدى جيراننا المسيحيين، نفس الشيء قد ينسحب على جاليتنا المسلمة في أوروبا بعد أيام بحيث ازدادت خشيتها من أن تلقى شعائر رمضان المبارك المصير نفسه، لا قدر الله  

لأن شهر رمضان بالنسبة لجاليتنا في الغرب، من الأوقات التي لها عند المسلمين مكانةٌ عظيمةٌ كل سنة، هذه المكانة ليست مجرد شجون وتقدير لما يرتبطون به، لا بل هي مكانةٌ ترتبط بها القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجةٍ وفرحةٍ واطمئنان وحب للخيرات وفعل للطاعات، فأنت ترى الناس تختلف مسالكهم في رمضان عن غيره من الأشهر، لوقوع الصيام منهم جماعة مما يجعل لهم صورة جماعية طيبة كاجتماع الناس في المساجد للإفطار الجماعي وقيام الليل على اختلاف جنسياتهم وأجناسهم، والحضور للنشاطات الثقافية من مسابقات تربوية وحفظ للقرآن الكريم.. 

” زاد الإمام الأوروبي في رمضان” : 

وتفاعلاً مع هذا الشهر الاستثنائي في حياة المسلم، توجه «المجلس الأوروبي للأئمة» إلى عموم المسلمين في أوروبا، وإلى غيرهم ممن يرغبون في التعرف على رمضان والصيام عند المسلمين، بنشر وتوزيع كتاب جديد بالعربية فقط (مع الأسف)، متوسط الحجم، في 150 صفحة، جمع جملةً من المواضيع المهمة المتعلقة برمضان، جَمعَ مقالاتٍ ومواضيعَ وفق ثلاثة محاور رئيسيّةٍ منها: 

– أسرار الصيام ومعانيه ومقاصده المختلفة، والتي أخذت الحيّزَ الأكبر من الكتاب، وذلك من أجل تحقيق أكبر قدر من الاستفادة من هذا الموسم الاستثنائي، وتوظيف ذلك القدر الكبير من التفاعل معه في تعميق مقاصده الروحية والإنسانية والاجتماعية وغيرها؛ لينعكس ذلك على حياة المسلم طوالَ العامِ، متجاوزاً بعض المظاهر الشكلية والطقوس الظاهرية الآنيَّة. 

– كما تضمّن الكتاب مجموعةً من الموجِّهاتِ والأفكارِ والمقترحاتِ والتوصياتِ التي يمكن تطبيقها في رمضان، سواءً على مستوى الأفراد أو الأُسَر أو المراكز والمؤسسات الإسلامية. 

– وقد خُتِم الكتابُ بجملةٍ من الفتاوى الفقهية المهمة الخاصة بفقه الصيام وما يتعلق به. 

هذا، ولم تغفل مواضيع الكتاب ظرف جائحة (كورونا) وتداعياتها، والتي دخلت في عامها الثاني، وبعض الموجِّهات والمضامين الخاصة بها، كما ختم الكتاب ببطاقة تعريف مقتضبة عن المجلس الأوروبي للأئمة، عن رسالة وأهداف المجلس.   

“المجلس الأوروبي للأئمة”، الرسالة والاهداف: 

) European Council of Imams(   

حرص «المجلس الأوروبي للأئمة»، وهو مؤسسة أوروبية مستقلة، تضم، عددا معتبرا من الأئمة والواعظات العاملين في الساحة الأوروبية، ويعنى بشؤونهم، وقد تأسس أخيرا في 19 نوفمبر 2019 م بمبادرة نخبة من الأئمة والعلماء والدعاة، أفرادا ومؤسسات، في دول أوروبية متعددة، قصد تطوير الخطاب الديني، والارتقاء برسالة الأئمة، مع العناية بمصالحهم وتنسيق جهودهم بشكل مؤسسي، وتحفيزهم على المشاركة المجتمعية وتطويرها لأجل الاستفادة من خبرتهم العلمية والتربوية في إطار الدور الحضاري لمسلمي أوروبا، عموما.  

ومن أهداف هذه التنسيقية لأئمة أوروبا ودعاتها، والتي تسعى لتحقيق طموحاتهم، وترشيد مواقفهم حول مختلف القضايا في خدمة مجتمعاتهم، ما يلي: 

– الإسهام في رفع كفاءة الأئمة وتطوير مهاراتهم، واستكمال التأهيل الوظيفي والعلمي للجدد منهم، وتعزيز دور الإمام في المجتمع؛ 

– تنسيق جهود الأئمة في مجالات عملهم، والتفاعل المشترك مع المستجدات والقضايا العامة؛ 

– العناية بالبحوث والدراسات العلمية والمشاريع الفكرية التي تتعلق بواقع المسلمين في أوروبا؛ 

– العمل على ترشيد وعي المسلم الأوروبي المعاصر، وحماية الشباب من خطر التطرف الفكري؛ 

– تعميق المعرفة بتاريخ أوروبا، واستيعاب حاضرها على المستوى الثقافي والاجتماعي والسياسي؛ 

– التواصل مع مختلف المرجعيات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات العلمية في أوروبا وخارجها. 

ونحن على أبواب الشهر الفضيل:  أخيرا ونحن على أبواب الشهر الفضيل ندعو الله مخلصين أن يوّفق رجال ونساء هذا المجلس الأوروبي المبارك وباقي جاليتنا، كما نرجوه سبحانه أن يَلقَى كتابهم الجديد هذا استحسانَ القارئين من الأئمة والمرشدين والمرشدات في أوروبا، ومن عموم المسلمين والباحثين.. وأن يجدوا فيه بُغيَتَهم، مع شكرٍ خاص لكل من شجّع ودعم بفكرةٍ أو مقترحٍ أو نصيحةٍ، قصد مساهمات أخرى واعدة منها ترجمة هذا الكتاب سريعا بل وعاجلا، لأهم لغات أوروبا لتستفيد منه شاباتنا وشبابنا في الغرب، ويكون بالتالي فعلا ليس زاد للإمام فحسب، بل ” زاد المسلم الأوروبي عموما في رمضان” وبالله التوفيق.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version