كم خاب ظني بمن أهديته ثقتي، فأجبرتني على هجرانه التهم.

كم صرت جسرا لمن أحببته فمشى على ضلوعي وكم زلت به قدم.

فداس قلبي وكان القلب منزله فما وفائي لخل ما له قيم.

لا اليأس ثوبي ولا الأحزان تكسرني.

جرحي عنيد بلسع النار يلتئم .

اشرب دموعك وأجرع مرها عسلا.

يغزو الشموع حريق وهي تبتسم.

والجم همومك وأسرج ظهرها فرسا.

وانهض كسيف إذا الأنصال تلتحم.

عدالة الأرض مذ خلقت مزيفة، والعدل في الأرض لا عدل ولا ذمم.

بعد قراءتنا لمقالة نور الدين بوكروح وذلك بعد أن تصفحنا أخبارا ظنناها خاطئة وتصطاد في المياه العكرة بأنه يدعو إلى إفطار شهر رمضان احترازا من مرض كورونا، وجدنا أن ما جاء به المقال أخطر من الدعوة إلى إفطار شهر رمضان هذه السنة.

فلم نجد غير كلمات الشاعر  الكبير كريم العراقي لنعاتب بها ونلوم بها إنسانا ظنناه يوما مفتاح خير لوطننا الجزائر وإذا به يسقينا سما على دفعات.

فالمقال يهاجم الإسلام في صميمه ويختلق تقسيمات مذهبية وفلسفية وحتى صراعات هي في الأصل غير موجودة بين صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام.

اختلاف سيدنا عمر وسيدنا ابو عبيدة لم يكن اختلافا عقائديا وإنما كان اختلافا تقديريا لأمور حياتية وسيدنا عمر باعتباره الخليفة ورأى بالدليل المادي وهو خسارة ٢٥٠٠٠ جندي أن يتجنب المدينة ويفر من قدر الله إلى قدره.

وما يؤكد ذلك هو معركة بدر حين أشار الحباب بن المنذر على الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا:”يا رسول الله أرأيت هذا المنزل،أمنزلا انزلكه الله ،ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه،ام هو الرأي والحرب والمكيدة؟

قال صل الله عليه وسلم:بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فإنهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب،ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء،ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.

فقال صل الله عليه وسلم : لقد أشرت بالرأي”.

فكان هذا التصرف من أسباب النصر.

فسيدنا عمر اقتدى بالرسول فشاور وبعد ذلك قرر ماراه الأصلح .

أما فيما يخص صراع الخلافة بعد مقتل سيدنا عثمان، فحقا سيدنا علي هو عماد من أعمدة الدين الإسلامي ورجل لن تنجب الأمة مثله ولكن معاوية لم يكن رجل دين أو داعية مذهب أو فكر بقدر ما كان داهية حكم وسياسة.

والتاريخ يثبت لنا دائما أن الصلاح ودعاة الحق دائما ما كانوا ممتحنين ومستضعفين.

معاوية انتصر بالمكر والحنكة السياسية وليس بالحق ولا المرجعية الدينية من القرآن والسنة لذلك لا يمكن لنور الدين بوكروح نسب انتصار معاوية إلى الدعم الديني من سيدنا ابو هريرة.

أما فيما يخص المذاهب الأربعة من حنبلية وحنفية وشافعية ومالكية فلم تكن يوما مذاهب اتكالية .

بل هي مذاهب تدعوا إلى استعمال العقل واستغلال الفكر والعمل على الابتكار والتطوير والنهوض بالحضارة الإسلامية أولا والإنسانية جمعاء ثانيا.

وهي مذاهب في الغالب متقبلة للأخر ولكنها محددة لنظام الحياة ونظام التعامل بين البشر من مسلمين وغير المسلمين وفق منهاج ورثناه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وما اختلافاتهم إلا رحمة من رب العباد.

وهذا راجع لاختلاف الفهم أو المرجع من الصحابة والرسول صلى الله عليه وسلم.

محاولة إلصاق التخلف بالإسلام هو أكبر خطر على الأمة الإسلامية بل على الإنسانية جمعاء لان الشريعة الإسلامية هي الطريق السليم والصحيح لأنها الشريعة الأكثر موازنة بين الدنيا والدين.

كل الشر الذي يريد يلصقه نور الدين بوكروح بالإسلام هو شر ناتج عن تصرفات من استغلوا الإسلام لأغراضهم الشخصية من ملوك وزعماء وحتى رجال دين.

وهو شر ألصقه أعداء الإسلام بالإسلام ليحاربوه ويحققوا أهدافهم باستعمارنا سابقا واستغلالنا حاليا.

والانتصارات التي تنسب إلى المسلمين هي انتصارات يوم كان الإسلام منهج حياة وطريق خير في الدنيا والآخرة.

كذلك الكثير من أعمدة الحضارة الغربية الآن هم مسلمون.

والكثير من مغتصبي حقوق الشعوب من حرية وعدل ومساواة هم عقلانيون بلا دين ولا ملة.

هذا الغرب الذي يريد نور الدين بوكروح أن يقدمه لنا على أنه العسل وجنة النعيم يذكرنا مباشرة بملايين ضحايا الحربين العالميتين.

يذكرنا بغزو العراق وملايين الأطفال العراقيين الذين عانوا أكثر من عشر سنين من الحصار.

يذكرنا بالحرب السورية.

يذكرنا بالقضاء على حلم الدولة الفلسطينية.

نور الدين بوكروح بقدر ما احترمناك يوم كنت رئيسا لحزب التجديد الجزائري وكنا نحترم رأيك لإيجاد حلول للأزمة الجزائرية يومها،بقدر ما ندعوك لإعادة قراءة التاريخ الإسلامي مرات أخرى بعين الحياد.

الدين الإسلامي دين وسطي يدعو إلى الخير.

الخير الدنيوي أولا أما الآخرة فلا يعلم أجرها إلا الله.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version