*روح نوفمبر 

نوفمبر شهر الجزائريين بامتياز، يطل علينا كل سنة بهلاله و نجومه و ألوانه المتصلة بالروح و الفكر و الدم، معبرا عن انتمائه و انتسابه، كما هو انتساب كل الجزائريين، جامعا، واصلا، و فاصلا. معبرا عن أمجادهم و ذكرياتهم التي دونوها بحبر، اختلط فيه اللحم والعظم والدم، وانصهرت الأعراق و الألسن، واصطفت من خلفه باقي الأشهر، مثلما دانت للجزائر باستقلالها أوطان ودول ! فطوت سبع سنين سجل قرون من الزمن، وأعطت الاستعمار البغيض درسا بات أولوية في تاريخ الشعوب و الأمم ! 

تذكرت نوفمبر وهو على الأبواب، من سيعيد علينا هذه المرة الذكريات و يروي لنا البطولات ويوصي البنين والبنات على أمل الوفاء للتضحيات!؟ ثم سرعان ما غفوت فيما يشبه العائد من رحلة أحلام، وبدل أن أصحو، استرسلت في نوم عميق، وآثرت أن لا أستفيق طمعا في العودة من جديد إلى عالم الأحلام، لعلي أشعر قليلا بالأمان، فأروي للأجيال حكاية وطن تغرب كثيرا بين الأوطان .
من منا سيحتفي بقدوم الشهر العظيم عظمة شهدائه، والكريم كرم أبنائه وبناته، والوفي وفاء غزة لفلسطين، والجدير بأن يكون الترجمان نيابة عن كل الجزائريين في وجه النسيان! ؟ 

هل سيخطب فينا الخطباء، ويمجدنا الأدباء، ويهنئنا الملوك والرؤساء، حتى يسمح لنا نوفمبر بالمرور إلى ما يليه من شهور من أجل استمرار العصابة ! ؟ 

وهل يجب أن يموت شعب نوفمبر من أجل الفخامة والزعامة والدستور؟

روح نوفمبر لم تعد للذكريات، ولا سجلا لتدوين الانتكاسات، أو موعدا لعقد الصفقات، أو شاهدا على خيبة جديدة باسم الانتخابات. 

بات الشعب كله نوفمبر، وأقسم أن لا يترك الطريق حتى يستعيد النشيد الذي تغنت به العصابة نكاية في الشهيد الذي أغضب الفخامة وكل الانقلابيين على خطى الاستعمار البغيض .
يا له من علامة في جبين الأحرار، يستحق التكريم ونيل وسام الثورة السلمية داخل الوطن الحبيب . 
بين التأسيس و التسييس

ما أعظم التأسيس وما أبخس التسييس! الشعب الثائر يريد التأسيس، والعصابة تتمسك باالتسييس، والتسييس هنا هو تحديدا مستنقع خيانة الأمانة الذي توارثته، للأسف الشديد، عن دوائر باتت تتاجر بكل الممنوعات في سبيل تعويم و تمييع عالم القيم والمنظومات .
يطلع علينا شيخ طاعن في السن، لقبوه عنوة بالرئيس، لا يمثل سوى العصابة، يجلس في هيئة المتهم أمام رئيس ضالع في الدفاع المميت عن حكام باتوا يعرفون من الرأس إلى القدم بقمع الشعوب وهدم البيوت على رؤوس الغلابى . يخاطب الفخامة بعبارة غاية في الغرابة: اطمئن السيد الرئيس !
لقد سيسوا القيم، وداسوا عليها مثلما تدوس الدبابة على الجماجم، و تقصف الطائرات القرى والمدن، ثم يهرعون خفية إلى مجلس هيئة الأمم من أجل إدانة المواثيق والمطالبة بالتحقيق مع كل من أساء للفخامة والتطاول على الرئيس .
سيسوا المعتقد، والعرق  والمذهب، والكنيسة، والطريقة، والقلم، وتوجهوا باللوم للشعوب والأمم، فقط لأن الفخامة باتت تخاف من السياسة التي فضحت الرئيس .
و ماذا عن التأسيس؟
الشعوب الثائرة هي من تملك مشروع التأسيس على طريق الحرية والكرامة. وأكثر من ذلك فقد اختارت من أجل المحافظة على الأمانة، خيارا  بات يقلق كل العصابة والمتورطين في النهب و التزوير، إنه سلاح السلمية من أجل بناء صرح الديمقراطية وأمن الإنسانية التي يجب أن تقول لا للفخامة التي تتستر على جرائم الرئيس .  أما وأن  الرئيس بات مرؤوسا، والبلد بات مرهونا من رأسه حتى قدميه، فإن شعب نوفمبر بإذن الله هو المنصور

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version