إنّ الجزائر على موعد في أقلّ من أسبوعين مع عيد استقلالها السابع والخمسين، الذي سيصادف هذا العام الجمعة العشرين من انتفاضة الشعب المباركة.

وتُمثّل هذه المحطة فرصةً تاريخيةً أمام قيادة الجيش الوطني الشعبي للقيام بإجراءات ملموسة للانطلاق الفعلي في تشييد دولة القانون ذات الطابع المدني وبناء جيش قوي محترف ينأى بنفسه عن الممارسات السياسية والاقتصادية، ويحظى باحترام ودعم المواطنين.

إنّ قيادة الجيش لها خيارات ثلاث بمناسبة 5 جويلية 2019: إمّا التمادي أو التلاعب أو التجاوب.

يمكن لقيادة الجيش أن تتمادى في تجاهلها لمطالب الشعب والإبقاء على منظومة الفساد وبقايا العصابة وهي بذلك ستدفع بالبلاد نحو المجهول الذي قد لا تُحمد عقباه، لا قدّر الله.

وقد تلجأ قيادة الجيش، كما عوّدتنا منذ 22 فبراير، إلى المناورة والتلاعب بمطالب الشعب من خلال إجراءات تجميلية سطحية من قبيل إقالة الباءات والإبقاء على النظام الموّلد لأمثالها والقادر على إنتاج أبشع منها. وهذا من شأنه أن يُطيل من زمن الأزمة السياسية ويفاقم من هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي. كما يمكن أن تُقدِم قيادة الجيش، وهذا ما نرجوه، بمناسبة عيد الاستقلال، على القيام بمبادرة صادقة تجاه الشعب تتجاوب مع مطالبه المشروعة وتستغلّ بذلك رمزية هذا اليوم المجيد لتضع نفسها في خدمة الشعب لتكريس سيادته وتحقيق طموحاته في الحرية والكرامة

تعليقان

  1. Bachir Abderrahmane بتاريخ

    لا وجود داخل العقل العسكري الماسك اليوم بزمام الأمور ، و المقنع بأقنعة متنوعة ، بات يظهر بها وفق ما يحلو له ، في جو من الغيبوبة المفروضة بكثير من أساليب المكر و التدليس و الدهاء ، سوى خيار المناورة و الدوران و تكرار ما دأب عليه منذ البداية من وجوب التمسك بالدستور ، كل ذلك من أجل تعويم المطلب الأساسي و المصيري و الحيوي للشعب المتعطش للحرية من أجل اختيار سيد لرئيس حر يعيد البسمة لكل الجزائريين و يثلج صدور المسحوفين . هذا هو الهدف من المناورة و تكرار المكرر . أما الأساليب و الأدوات فكثيرة . و إذا كان الخارج قد حسم موقفه و بات معلوما بنسبة كبيرة في غياب التوازن المطلوب بين محور الثورة ، و محور الصفقة ، فإن الورقة الرابحة هي ورقة الوعي البديل التي يحتفظ بها الشعب من خلال مخزوته الثقافي و الحضاري العابر لحدود مكر الماكرين و كيد الكائدين ، عند هذا الحد يمكن لحركة رشاد أن تسجل الفرق و تحدث القليل من التوازن المطلوب . و وجب القول لإخواننا الذين يراهنون على فاقدي الشرعية الشعبية كي يملأوا الفراغ ، أن يغسلوا أيديهم و يستفيقوا من أحلامهم التي تشبه كثيرا النوم في الأوقات المنهي عنها أصلا ، لأنها تضر أكثر ما تضر بالعقل و الروح . شكرا .

  2. Bachir Abderrahmane بتاريخ

    مشروع مجتمع
    من العنوان يتبادر للمتأمل أننا نعيش حياة طبيعية ضمن دولة مدنية ، لا يحتكم فيها المواطن إلا للقانون ، و يبحث لنفسه و لأسرته عن القدر الملائم من السعادة الذي تضمنه الدولة و يضطلع بتحقيقه المجتمع . و على هذا الأساس يجتهد المجتهدون في البحث عن أنجع المشاريع الاجتماعية التي يمكن أن تقنع المواطن و تحدد موقفه و اختياره لمن هم أكفأ و أجدر لإرساء و تنفيذ مشاريع البناء التي وعدوا و التزموا بتجسيدها ، و مثل هذه الوعود و الالتزامات تتحول نتيجة اختيارات المواطنين إلى عقود اجتماعية و سياسية على عاتق الحاكم و المحكوم في آن واحد ، و تفوض المؤسسات المخولة حق السعي للوفاء بمهامها في حدود المرافقة و المراقبة و المحاسبة ، وفق ما يخوله القانون و يكفله . أما و أن الغائب هو دولة المواطنة ، فإن الغائب الضمني هو مشروع المجتمع ، و الحاضر فقط هو سلطة الأمر الواقع ضمن سيادة الاستبداد و الفساد ، ليس إلا . و على هذا الأساس وجب تركيز الجهود الجمعية ضمن الحراك الشعبي حول كسر شوكة الاستبداد ، هذا الأخير الذي يمكن أن يستغني عن بعض أذرعه تحت عنوان محاربة الفساد بغرض التمويه و في سبيل استرجاع الأنفاس أملا منه في استبدال تلك الأذرع التي تخلى و تخلص منها بأذرع أخرى أشد صلابة و أكثر شراسة من سابقاتها . وفي هذا الصدد بالذات يصبح مجرد التفكير في مشروع مجتمع تحت أي عنوان أو مسمى من قبيل البديل الديمقراطي ، أو النهج الباديسي ، أو الخط النوفمبري ، و ما شابهها ، من قبيل التشويش على حراك الشعب و ثورته ، الأمر الذي يتيح للأخطبوط الماكر الفرصة لربح مزيد من الوقت ، لعله يعثر عن ضالته التي يبحث عنها . و من ضمن الدوائر المناسبة و الملائمة لتبرير مناورات السلطة الفعلية تحت غطاء الحوار ، تلوح في الأفق ورقة المعارضة التي تحدث و يتحدث باسمها هذه الأيام السيد عبد العزيز رحابي التي سمحت لها السلطة بعقد ندوتها قريبا ، و بات أكيدا النسج على منوال ما سبقت إليه السلطة من خلال كلمة أو خطاب عبد القادر بن صالح الذي توجه به تحديدا إلى تلك الدائرة من المعارضة ، ربحا للوقت و تبريرا للمناورة الممتدة . و تأكدوا أن الندوة المرتقبة قريبا لن تأتي بجديد .
    الرهان الرئيسي :
    لم يعد هناك من رهان سوى رهان الوعي البديل الذي يستند إلى المخزون الثقافي و الحضاري لهذا الشعب المستميت في التماثل و التجاوب على طريق السلمية الذي يحتاج إلى مزيد من الصبر و كثير من المذاكرة و التفكر ، نستشف ذلك من أعماق ضمائر الجزائريين و الجزائريات ، و كم هو عظيم أن تستجيب الضمائر على خط الشعاع الفكري لعلماء الجزائر و مفكريها ، جيلا بعد جيل ، الذين تواصوا أكثر ما تواصوا بالصبر ، و راهنوا أكثر ما راهنوا على حياة الضمير ، ثلة من بعد ثلة ، مصداقا لقول الله عز وجل : ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين ” . البقرة ٢٤٩. و من أمارات الصبر أن يحافظ أحرار الحراك على لحمتهم و تركيزهم ، جاء في حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من كثر سواد قوم فهو منهم ” ، و لعل أهم غاية من تكثير السواد هو الحفاظ على اللحمة و البحث عن التركيز ، بدل التمزيق و التشتيت .

Exit mobile version