تتابع الجالية الجزائرية والإسلامية في الغرب الحراك السياسي السلمي الحضاري داخل الوطن المفدى، وتُثمن نداء الضمير الموّحد لكل أبناء الشعب الجزائري على اختلاف توجهاتهم وقناعاتهم، وقد أحيت هذه الهبة المباركة في صفوف نخبنا في الغرب ذلك الأمل المفقود منذ عقود، الذي حاول محوه هؤلاء المتسلطين على الرقاب  من عصابة الشر و أولئك الذين أداروا ظهورهم للدين و ثوابت الأمة، و أرادوا الاستمرار في تسيير الشعب وفق أطماع دنيوية تافهة، والسير بالجزائر إلى خنادقهم الدنيوية المظلمة، ها هو الشعب يتصد لهم بحكمة و روية لم يعهدها العالم منذ قرون، قائلا للعصابة المتسلطة قفوا فإن مغامراتكم ليست إفلاسا فقط لبلدنا الثري الشاسع الأطراف الوفي للأسلاف، بل يصدق فيكم قول الرسول، أنكم “مفلسون” تريدون السير بنا إلى الهاوية، على حد تعبير أحد المتظاهرين، كفاكم غشا ونهبا للخيرات، كفاكم سرقة للمقدرات، كفاكم اغتصابا للمحرمات، بل كفاكم تشريدا لعقول العباد و خيرا ت البلاد”

واليوم الذي تقف فيه الجزائر على مفترق الطرق حيث تولد حضارات الأممُ من رحم المعاناة، ومع مرور أسابيع من نزول الملايين من شعبنا إلى الشوارع للمطالبة بنظام ديمقراطي، سلمي تفرضه قوة القانون، لا قانون القوة، يأتي نداء الضمير من وراء البحار، من أبناء الجزائر في المهجر وفي منفاهم الاضطراري، كباقي طاقات الجزائر المهمشة، يَرْقُبُونكم حراكها على أحر من الجمر، يتابعون أوضاع شعب مجاهد عملاق تم تهميشه منذ عقود من طرف عصابات شريرة.

 شعبٌ التم شمله أخيرا – بحمد الله- بعد أن كان يُكابد كثيرا من الألآم في صمت وصبر، قد خرج هذا الشعب منظما متراصا كأسنان المشط في وقت العسرة، معربا بحزم أكيد وبشكل سلمي عنيد عما كان يناقشه أبناء وبنات “شعيب لخديم” لسنوات خفية  وفي دوائر ضيقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل وأحيانا بين أفراد عائلاتهم مخافة الوشاية. وهم يرقبون بخجل مكتوفي الأيدي تعفن نظام الحكم في بلدهم وتسوسه من الداخل، وقد أثرت هذه الأعراض المزمنة على النمو الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي في كل ربوع الجزائر، مما أدى إلى شلّ جيل بأكمله عن العطاء و البذل والتضحية، و في بيان لها ترى شريحة من رجال الجزائر في الخارج ونخبتها، ممثلة في شبكة “إناس” أي (الشبكة العالمية للعلماء الجزائريين)، وهي تنظيم جزائري حديث أسس في أمريكا لجمع شمل الطاقات الواعدة والمشردة قصرا من علماء وخبراء الجزائر في الخارج، إذ ترى “إناس” أن “تشخيص الداء الذي حل بالجزائر منذ عقود واضح وجلي” وأردفت تقول في بيانها الثاني “أن نظام الجزائر الحالي، نظامُ الأقلية الفاسدة (المفسدة)، لا يمثل أي شكل من أشكال الحكم الراشد المنصف للخيرات التي تزخر بها بلادنا…لقد أصبحت بلدنا الجزائر أرضا يفِرُ أبناؤها منها، ومن لم يقدر على الفرار، يتجرع مرارة العيش فيها ذليلا منكسرا. وهذه النتائج الوخيمة هي المحفز والقوة الدافعة لهذا الحراك الشعبي العارم” الذي يُشاهده العالم بإعجاب و إكبار عظميين.

وأردفت “إناس” في بيانها قائلة: لقد أظهر شبابنا، عبر مدن وقرى الجزائر، تنظيمًا نموذجيا استثنائيًا ووحدة لم يسبق لها نظير في الساحات العربية المعاصرة من خلال التحكم والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لكسر الحواجز الواهية القديمة التي ظلت كابوسا جاثما على صدورنا، وسدا منيعا لكل أنواع التغيير منذ فترة طويلة، مطالبين بصوت واحد مصرين على مسار واحد، مفاده: استعادة شؤون تسيير بلدهم بالوسائل السلمية المشروعة، والتطلع إلى الحرية والكرامة بأنفة و عزة، مع تكافؤ الفرص لكل أبناء وبنات الجزائر الواحدة، على اختلاف مشاربهم و أصولهم”.. مشيدة بدور الطلبة من مختلف المستويات، وكذا الأساتذة والمعلمين والهيئات الطبية والمحاميين وغيرهم من المهنيين الذين انضموا إلى الحراك الجماهيري، ونفخوا فيه روح الحكمة قصد تغيير جذري سلس لتتمكن جزائر اليوم من بناء مستقبل الغد الواعد للأجيال، بعد رحيل شرذمة العصابة المجرمة في حق الأبرياء”.. لا لشيء إلا لأن الجزائر تقف اليوم، على مفترق الطرق حيث تلد الأممُ الحضارات، وهي فرصة قد لا تتكرر لا قدر الله، فخسارة أن نخذلها و لا نناصرها، خاصة وقد هب الشعب عن بكرة أبيه بالملايين منذ أسابيع إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط النظام ومحاسبة العصابة.. أطياف عديدة من أبناء الوطن باختلاف مناطقهم وتنوعهم الإيديولوجي، الأمر الذي لم تشهده الجزائر منذ استقلالها – الأعرج- سنة 1962، إلى جانب هذا الشعب الأبي، برزت مساهمة الأوساط الأكاديمية الجزائرية وغيرها من المهن، بما فيها السلطة القضائية و الأسلاك العسكرية و الأمينة.

والمنتسبين لشبكة “إناس” الجزائرية ، كمختصين وأكاديميين جزائريين في الخارج، يرون وجوب الالتزام كأفراد ومؤسسات بالمشاركة والإسهام في هذه الهبة الشعبية والنهضة الوطنية، محذرين بقولهم “أن التاريخ لن يرحمنا وسيكون قاسيا تجاهنا إن فشلنا في هذا المسعى، ونحن لدينا فرصة لأن نكون في طليعة هذا التحول التاريخي المشهود و المنشود”.

وتحضيرا لمؤتمرها القادم في شهر جوان بحول الله،  تدعو “إناس” علماء وخبراء الجزائر إلى أن يكونوا في مستوى التحدي، و”أن يكونوا على أهبة الاستعداد للتضحية تلبية لنداء الواجب متى احتاجته أمتنا في مجالات خبرات كل فرد منا”. وعليه تطلب “إناس” من جميع الكفاءات الجزائرية المغتربة تزويدها و تنويرها بمقترحات لعقد ملتقاها القادم وفق أهداف عديدة منها ، خصوصا:

– التعرف فيما بين العلماء و الكفاءات الجزائرية من مختلف القارات وتشكيل فرق عمل متخصصة في مختلف المجالات، قصد ترتيب إتمام التشاور في وقت لاحق مباشرة مع الجزائر وعلى أرض الآباء والأجداد، وإثراء منصة “إناس” لخدمة جزائر الغد.

– جمع العلماء والأكاديميين والمهنيين لمناقشة أولويات المرحلة وتحديد المواضيع ذات الأهمية لمستقبل الجزائر، والقصد من ذلك هو بذل جهد عبر التخصصات المختلفة، بما في ذلك المشاريع العلمية والاقتصادية والاجتماعية و..للنهوض بالمجتمع الجزائري في أقرب الآجال.

– النتيجة المرجوة من هذا الملتقى هي وضع توصيات لتوجيه المرحلة القادمة وفقا لتخصصات كل خبير جزائري، وكذلك إفراز أوراق عمل أكثر تفصيلا وتبسيطا بعد فترة وجيزة من الملتقى، ليستفيد منها الجميع أفرادا و مؤسسات و هيئات داخل الوطن.

ونظرا للتغيرات السريعة التي تشهدها الجزائر هذه الأيام، اقترح المشرفون على شبكة ” إناس” عقد هذا المؤتمر الدولي في أقرب وقت ممكن (2019 جوان)، لكي يتاح للجميع التحضير اللائق مبكرا لأشغال المؤتمر، الذي سيكون بحول الله مؤتمر الأنس بين أبناء الوطن الواحد، علما أن كلمة ” إناس” بالأمازيغية تعني “أخبره” أو قل له، فليخبر كل واحد منا الآخر ويحرض كل منا الآخر على الحضور لهذا الموعد التاريخي من مسار جزائرنا الحبيبة و المساهمين في إنجاحه .. داعين الله جلت قدرته، أن يوّفق جميع علماءنا و خبراءنا لكل خير قصد الخروج بأرضية عمل منهجية حضارية فاعلة، تزيل سنوات كابوس الجزائر الذي طال بالغدر ويلها وعمّر بالخيانة ليلها، وإن غدا لناظره قريب، والله ولي الصالحين، إنه نعم المولى و نعم النصير، القائل عز شأنه “وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ.”

تعليق واحد

  1. Mohamad USA بتاريخ

    */- هام جدا :
    تنبيه : للتواصل مع هيئة التنظيم و التسجيل لاشغال المؤتمر :
    The International Network of Algerian Scientists, INAS
    e: info@inas-dz.org – p: +1-201-443-7049

Exit mobile version