حراك الكرامة، مهما قيل بشأنه، فهو حراك من أجل الحرية، و قد لفت نظري، بل قليلا من انتباهي، رد السيد غاني مهدي على أحد السائلين “أنا ليبرالي متمسك بقيم المجتمع” دالا على رؤية ناضجة كثيرا، تحمل بين طياتها الكثير مما يجمع الجزائريين، يمكن أن يشفي غليلهم تجاه الدوائر المتربصة بلحمة شعب متميز كثيرا، كما لفت انتباهي من جهة أخرى، كيف أن عامل الزمن يكاد يكون الأهم في معادلة البناء التي تستغرق حياة أكثر من جيل، إذ صرح السيد علي بن حاج أواخر شهر فيفري 2019 داعيا إلى ضرورة التمييز بين النظام و الدولة، موصيا بأهمية ذلك، فماذا إذا سجلنا مثل هذا الموقف بتاريخ 1991، ووظفنا معطيات الأمس القريب، و بنينا على أساسها، كيف يمكننا تصوير حراك اليوم من زاوية حاجته إلى قيادة فاعلة بمعطيات اليوم، لأن كثيرا ممن عايشوا أحداث نهاية ثمانينيات القرن الماضي و تسعينياته، يتساءلون اليوم عن حاجة الحراك الشعبي إلى قيادة فاعلة مسموعة من غالبية الشارع.   كثيرة هي الدوائر المتربصة في الداخل و الخارج، والغائب الأكبر هو المرجعية المتفردة تاريخا و أخلاقا، حتى أن أحد المراقبين للمشهد قال ” لو رأى فينا الله خيرا لأبقى لنا السيدين عبد الحميد مهري وآيت أحمد، فيجتمع حولهما كثير من الخيرين من أجل تفويت الفرصة على الانتهازيين”. لن أناقش مثل هذا، لأن أي كلام بهذا الخصوص لن يقدم شيئا ذا بال، بالرغم من كل ما يمكننا استخلاصه من دروس. أعود فأقول: حراك الكرامة ملك لكل الجزائريين، فلا ينبغي أن يكون عرضة للصوص المارقين، منهم من يحمل مشروعا شبيها بمشروع سيسي مصر الذي انقلب على كل المصريين باسم التغيير والقطيعة وبناء جمهورية ثانية، والجزائريون باتوا يدركون ذلك. حراك الكرامة حراك فوق كل الشعارات، وأكبر من كل الأحزاب والجهات، متفرد في مبادئه وأهدافه ووسائله من خلال رسالة بيان أول نوفمبر. حراك الكرامة هو حراك الجزائر دولة ديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية، وصفه الرجل الحر السيد عبد الحميد مهري، الحاضر معنا حيا و ميتا، بالحراك الديمقراطي، معبرا بالقول “الديمقراطية التي تحرسها الدبابة هي ديمقراطية مريضة” ، وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق يجب التأكيد على أن حراك الكرامة والحرية هو حراك لا عنفي، و مبدأ اللاعنف يجب أن يحكم و يصون مسار التدافع بين الجزائريين، فالديمقراطية التي تخرج من رحم العنف هي ديمقراطية بلا ضمير، وليعلم الجزائريون أن الذين انقلبوا على مهري من قريب، كانوا من دون كرامة و من دون ضمير، و هم اليوم يحلمون كثيرا بالانقلاب مرة أخرى على ضمير كل الجزائريين، بمن فيهم رئيس الجزائريين، فهم أخيب من الميكيافليين. حراك الكرامة والحرية حراك واعد، فلا تبخلوا عليه بالصبر و المصابرة، والتدبر والمثابرة، والحلم والمدارسة، و التسامح والمناصحة. حراك الكرامة والحرية متفرد في رايته، فيجب أن لا نشوش عليه برايات المنظمات والنقابات، حراك الكرامة حراك بناء، فلا مكان للهدم إلا إذا كان ضرورة من ضرورات البناء. إذا كان مطلب الرئيس هو الانتخاب، ووعده تنظيم انتخابات مسبقة في أقل من سنة، بناء على ندوة وطنية من دون إقصاء، فليكن مطلب حراك الكرامة فوق كل الحسابات، من باب حسن الظن بالرئيس، وتفويتا للفرصة على كل دوائر الإقصاء، مطلب حراك الكرامة يمكن أن يتضمن و يستوعب حاجة الرئيس إلى ترتيب أوراقه والبرهان على حسن نواياه، وحاجة المجتمع إلى تجاوز الفراغ الرهيب. وبما أن دوائر السلطة باتت غير مؤتمنة على مستقبل البلاد في ظل غياب رئيس البلاد، فمن الضروري الاستجابة لاستغاثة الوطن، وأحسب أن حركة رشاد مؤهلة للقيام بدور متفرد تاريخا و أخلاقا بعيدا عن الحسابات الحزبية والمناطقية، فتمد يدها و تبسطها لكل الجزائريين من خلال موقف مسؤول يستحضر مواقف أولئك الأفذاذ الذين عاشوا للجزائر و للجزائر فقط، من أمثال الشيخ أحمد سحنون، والسيد عبد الحميد مهري، و السيد آيت أحمد، فنذكر بمواقفهم التي دونها التاريخ بحبر الكرامة والحرية، ومن دون ريب سيستجيب و يتفاعل معها كل الخيرين، بيان حركة رشاد، يكفيه أن يحمل توقيع أمينها الدكتور مراد دهينة، والرجل الحر السيد علي يحي عبد النور، من دون السماح لأي كان أن يزايد على البلاد والعباد، و ليحمل المطالب الآتية:

1 ـ تعيين رئيس حكومة من الوجوه الواعدة لتسيير المرحلة الانتقالية.

2 ـ تأجيل الانتخابات.

3 ـ دعوة الحكومة الجديدة إلى لقاء وطني يجمع الطبقة السياسية من دون أي إقصاء بغرض الاستجابة لمطالب الحراك الوطني الواعد.

4 ـ رفع كل القيود عن حرية الإعلام، وحرية الأشخاص في التعبير.

5 ـ التأكيد على وجوب التزام مؤسسة الجيش والأمن بالمهام التي خولها الدستور.

6 ـ تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في أجل أقصاه ستة أشهر.

7 ـ مطالبة الجميع بالكف عن أي تجريح يمس شخص الرئيس وفي ذلك تفويت الفرصة على دوائر الفساد والاستئصال.  

ملاحظة : من الممكن أن يتذرع البعض بعدم دستورية تمديد الفترة الرئاسية، والجواب هو أن المرحلة استثنائية بامتياز، ومن المنطق بمكان أن نحافظ على وحدة البلاد واستقرارها، وكل ما هو منطقي هو قانوني بامتياز، علما أن آخر ما تهتم به أنظمتنا العربية، و تعيره القليل من الاهتمام والاحترام هو المواثيق الدستورية.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version