الجزائر، الجمعة 11 يناير 2019

    بالرغم من إمتلاك الجزائر لإمكانيّات تنمويّة بشرية وطبيعية ضخمة، إلا أن الحكومات المتتالية، – خاصة منذ انقلاب 11 ينار 1992 ضد خيار الشعب- ، سجّلت فشلًا ذريعًا في بناء دولة أول نوفمبر التي ضحى من أجلها الشعب بخيرة أبنائه وبناته؛ دولة ذات سيادة، إجتماعية، ديمقراطية، في إطار مبادئ الإسلام، ينعم فيها المواطنون في تنوعهم بالحريات الأساسية والأمن والعدالة الاجتماعية، حيث يكون إقتصادها متينا، قادرا على المنافسة العالمية لحماية المصالح الاستراتيجية للدولة والشعب.

    ومما زاد من تأزم الوضع، استيلاء مجموعة على منصب رئاسة الجمهورية، الذي أصبح شاغرا منذ أن أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة -شفاه الله-، في آخر خطاب له يوم 8 ماي 2012 عن عزمه التنحي عن منصبه وعن ضرورة فتح الساحة السياسية لأجيال ما بعد الاحتلال.

    في يوم 16 أبريل 2018 وجهت حركة الحرية والعدالة الاجتماعية نداءً من أجل جعل من موعد الرئاسيات بارقة أمل لشعبنا في تنوعه، من خلال اتخاذ إجراءات لتوفير شروط تمكين الشعب من انتخابات رئاسية ديمقراطية ومفتوحة لجميع المواطنين والمواطنات للترشح وللانتخاب، دون إقصاء وتمييز سياسي أيديولوجي أو جغرافي، تمكّنه في تنوعه من اختيار رئيس الدولة المقبل.

    وها هي ثلاثة أشهر فقط تفصلنا عن الموعد، ولم تقم المجموعة الحاكمة بأي إجراء يطمئن المواطن وتزيده ثقة في هذا الموعد.   

     لذا، نحن في “الحرية والعدالة الاجتماعية ” نرى اليوم أن الجزائر في حاجة إلى إنهاء هذه الوضعية التي أدت إلى الانسداد السياسي، ومعالجة إشكالية شرعية الحكم بطريقة سلسة وبما يحفظ أمن واستقرار البلد، دون إحداث أي فراغ وفوضى. وذلك بإجراء الرئاسيات في موعدها، وبالتفاهم حول مرحلة تتبعها لإحداث الانسجام الوطني بين الدولة والمواطنين في تنوعهم، ولاستعادة السيادة للشعب وجعل حد للتبعية والفساد ونزيف المقدرات الوطنية الطبيعية والبشرية.

     وبناء عليه، وفيما تبقى من الوقت قبل موعد الرئاسيات، ندعو الشخصيات الوطنية الجادة في سعيها لإحداث التحوّل السياسي الديمقراطي السلمي، من مختلف التيارات والأحزاب المعتمدة وغير المعتمدة، للتوافق على إطلاق معا مبادرة وطنية جامعة من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة للمواطنين وللشباب بالخصوص وتبعث فيهم الأمل في مستقبل الجزائر، يتم بموجبها:

1.      التوافق على شخصية وطنية مستقلة تسندها جبهة وطنية عريضة من مختلف المشارب السياسية وفئات المجتمع، تُقدَّم للموعد الانتخابي القادم ببرنامج يؤسس لدولة حديثة قوامها العدل والحق.

2.      فتح بعد الرئاسيات حوار وطني شامل يفضي إلى عقد إجتماعي جديد يحقق الانسجام بين الدولة والمواطنين في تنوعهم، ويرسم معالم المرحلة القادمة على كافة المستويات: السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية…

    إننا في “الحرية والعدالة الاجتماعية ” نثمن جهود كل الوطنيين الغيورين على بلدنا الساعيين للتوافق والبحث المشترك عن أفضل الحلول لإخراج وطننا من الحالة التي آل إليها. وحرصا منا على انجاح هذه المبادرة التي نريدها وطنية جامعة فإننا نوصي بما يلي:

أولا: السلطة الفعلية:

ـ أن لا تضيع فرصة التغيير والإصلاح الحقيقي، بإشراك جميع القوى الحية والفاعلة في المجتمع.

ـ أن تنظر لمبادرتنا نظر الناصح الأمين المشفق على حالة بلده اليوم، والطامح لرقيها ونهضتها في المستقبل.

ـ أن تراجع علاقة العسكري بالمدني وفق ضوابط دولة القانون، بما يعزز إلتزامها بمهامها الدستورية ويمنحها الكفاءة لتطوير جهازها الأمني والعسكري.

ثانيا: المعارضة:

ـ علينا أن نعي أن المرحلة مرحلة تجميع وتوافق من أجل تغيير حقيقي سلمي وبناء دولة القانون والحريات.

ـ علينا أن لا نخطئ الهدف ونحسن ترتيب أولوياتنا الوطنية فنعمل في المتفق عليه ونرجئ المختلف فيه، وإعتبار المنابر التي تخدم نفس الهدف الوطني تعدد إثراء وإغناء لا تعدد تضاد وإلغاء.

ـ علينا أن ننزل معا للميدان للاحتكاك بالمجتمع فنشاركه آماله وآلامه، بعيدا عن سياسة الصالونات ومنطق الوصاية.

ثالثا: الشعب والشباب:

ـ نبذ اليأس والتشاؤم والالتحام مع دعاة الإصلاح والتغيير الحقيقي.

ـ اليقظة والوعي والحذر من الانجرار خلف المغامرات السياسية غير المحسوبة والاستدراج للفوضى والعنف اللذين يخدمان أعداء الوطن.

عاشت الجزائر حرة أبية مستعصية على أعدائها، المجد والخلود لجميع شهداء الجزائر.

انور نصر الدين هدام

رئيس حركة الحرية والعدالة الاجتماعية

نائب منتخب لدى البرلمان الجزائري (قائمة الج. إ. إ.، ديسمبر 1991)

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version