أبغض شيء في حسّ المسلم – بعد الشرك – هو الظلم ، هو خصمُه وعدوّه لأنه كذلك في ميزان الله تعالى.

يجب أن ننتبه حتى لا نخطئ الطريق بفعل الخطاب الديني المحرَف : العدوّ ليس هو غير المسلم – ما دام مسالما – لا المسيحي ولا اليهودي ولا البوذي ولا والهندوسي ولا حتى الملحد ، هؤلاء ندعوهم إلى الاسلام وندعو الله لهم بالهداية وحسابُنا وحسابُهم على الله يوم القيامة.

وليس العدوّ هو المسلم الذي ينتمي إلى مذهب مختلف أو يتبنى رأيا مغايرا في الفكر او الفقه او السياسة.

إنما العدوّ  هو الظالم  مهما كان دينُه ، وهل للظالم دين ؟

الظالم الذي يعتدي على عقيدة المسلمين أو أرضهم او ممتلكاتهم أو اعراضهم.

الظالم الذي يبغي على الأبرياء مهما كان دينهم ومكانهم ووضعُهم.

إنه الذي يحارب الحرية ويغمط الناس حقوقهم ، يغتصب أموالهم ويفتح لهم السجون ويبيح ظهورهم لجلاديه ، يجبرهم على التسبيح بحمده واللهج بذكره والتظاهر بحبّه.

إذا تمكّن في الأرض أشاع فيها الفساد المالي والمادي والخلقي وجعل أعزة اهلها أذلة.

وأسوا انواع الظلم بغيُ الحُكام ومعاداتُهم للفكر الحرّ والكلمة الصادقة والإبداع والتمسك بالدين والأخلاق ، بدل ان يُؤتمُنوا على الأمة ومصالحها وقضاياها يخدعونها ويتآمرون عليها ويضيعون حقوقها.

ويبلغ ظلمُ هذه الأنظمة مداه حين تتحالف مع الشيطان ضدّ المسلمين ، تخضع للمحتلّ والغاصب وتحارب المقاومة والجهاد وتصفهما بالإرهاب ، وهي التي كانت تمنّينا بتحرير فلسطين وإعادة الخلافة!

لا تستعمل سلاح الحصار والمقاطعة ضدّ اليهود الغاصبين ولكن ضدّ المسلمين بدءا بغزة ، اقتداء بقريش ومحاصرتها للرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه في شعاب أبي طالب ، ويفشل الحصار هنا إن شاء الله كما فشل هناك.
 
عداؤنا للظالم ينسحب أيضا على أعوانه ، وهل للظالم بقاء لولا حاشيته ؟ وأسوأ مكوّنات هذه الحاشية هم من غير شكّ رجال الدين الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ، يبيعون دينهم بعَرَض من الدنيا ، ويبيعون قضايا الأمة بفتاويهم المغرضة المنحرفة لأن إرضاء الحُكام مقدّم عندهم على إرضاء الله تعالى ، عبيدٌ يؤصلون للعبودية لغير الله ويتبجحون بإنشاء طبقة من ” طلبة العلم ” يكرهون الحرية ويعشقون الذلّ والهوان باسم السنة النبوية !!! كلّ ذلك ليستمرّ الظالمون في ظلمهم ، كأنهم لا يعلمون ان من دعا لظالم بطول البقاء فقد احبّ أن يُعصى اللهُ في أرضه.

ومن قديم حذّر الأحرار من أعوان الظلمة لأنهم يطيلون عمر الظلم ، وقد نسبوا إلى الامام أحمد رحمه الله – وكان سجينا بسبب رأي أصيل ثبت عليه – أن حارسا في السجن سأله : هل تراني من أعوان الظلمة ؟ فردّ عليه : أعوان الظلمة من يخيطون لهم الثياب ويطهون لهم الطعام أما أنت فمن الظلمة انفسهم.

إن المسلم مأمور شرعا بدفع الظلم وإنكاره ولو بقلبه ، يترتب على ذلك أنه مُبْغضٌ لكل الظالمين مهما كانوا ومنحازًا للمظلومين مهما كانوا ، فكما نفتخر نحن المسلمين بوقوف سعيد بن جبير في وجه الحجاج ، وقيام رجالات الجزائر في وجه الظالم الفرنسي المحتلّ حتى طرده مذموما مخذولا فإننا معجَبون بغاندي رغم هندوسيته ، وتشي جيفارا رغم شيوعيته ، و منديلا رغم مسيحيته ، لأننا مع الحق ضد الباطل ومع العدل ضد الظلم ، كيف لا وقد تولّى رب العالمين جلّ جلاله الدفاع عن يهودي اتهمه مسلمون بالسرقة وبرّأ سبحانه وتعالى ساحته ؟ ( سورة النساء الآيات من 105 إلى 113)

ومن حق كلّ عربي ومسلم وحرّ أن يعتزّ بالجزائر التي سُميت ” مكة الثوار ” حين آوت قيادات المظلومين من الدنيا كلها حتى تحرّرت أراضيهم من الاحتلال وربحوا قضاياهم العادلة ، ولعلّ النخوة العربية تدفعها إلى نصرة المظلومين مرة أخرى وفكّ حصارهم.

يجب علينا أن نكره الظلم بكلّ أنواعه وخاصة ذلك المتمسّح بالدين ، فهو الأسوأ.

ونشكو الظالمين إلى الله ، واحذرْ يا مسلم أن يشكوَك أحد إلى الله.

عبد العزيز كحيل
13 جوان 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version