مُباشرة بعد تصريحات زعيم حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مُقري أوّل أمس التي خوّنَ فيها كل من يرضى من حركته بالمشاركة في الحكومة المُقبلة، خرج الزعيم السابق أبو جرّة سلطاني ليرُدّ عليه بشكل شبه صريح ويقول له بأنّ المُشاركة في الحكومة المُقبلة ليست ب “الخيانة” كما يتوهم، بل بالعكس من ذلك كُلّه أن حمس بحسب مقال أبو جرة سلطاني الذي نشره اليوم على صفحته الرسمية على الفايسبوك، هي محور التوازن في الساحة السياسية، الذي يضمن بحسبه استقرار البلاد.

ولن نُطنب فيما كتبه أبو جرّة سلطاني، لأنّنا نعلم أنّ حمس كالحوت الذي لا يُمكنه العيش خارج المياه، لكنّ ما يهُمنا اليوم أنّ عبد الرزاق مقري لم يكتفِ بدعوة المجلس الشوري إلى رفض المشاركة في التشكيلة الحُكومية القادمة، بل إنه خوّن كلّ من يُشارك فيها، ما يعني أنّه يريد أن يُعيدنا إلى فترة الفيس “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” المُحلة التي كانت تُجرّم كلّ من  يُخالفها الرأي، ويصوّت لغير صالحها، فعبد الرزاق مقري من هذا المُنطلق، يسعى إلى اللعب بأوراق محروقة وكُلّه أمل في أن يُحقّق أهداف مُشغّليه في قطر وتركيا الراعيتان الرسميَتان للفوضى في وطننا العربي والإسلامي، ونقول هذا الكلام لأن مقري ومُباشرة بعد لقائه بالوزير الأول عبد المالك سلاّل الذي نقل له إقتراح رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، صرّح بأن المجلس الشُّوري للحركة هو من سيفصل في قضيّة المُشاركة في الحكومة، وبرأيي أنّ مقري كان صادقا في إقتراحه هذا، لأنه انطلق من مبادئ الحزب وأخلاقياته، لكنّ الظاهر أنّ مقري تعرّض لضُغوط من أسياده، حتّى لا يُتيح المجال لحلّ جزائري جزائري لما هو حاصل عندنا، وخيار كهذا، لا أتصوّر إلا أنه جاء من الخارج، ومن دُويلات قزميّة نجحت في السيطرة على بعض الأحزاب عندنا، وعلى قادتها، وتُحاول اليوم أن تُوجد لها محلاّ من الإعراب.

شخصيا أقول للبيادق ومُشغليهم بأنهم اعتمدوا على العنوان الخطأ، فالجزائريون لا يبيعون ولا يشترون، وقد كان بإمكانهم تحقيق ذلك في عزّ سيطرة “الربيع العربي” لكن ما لم يتحقّق آنذاك لا يُمكن تحققه في وقت برهنت فيه الجزائر أنها هي من يُسيّر وتُدير خُيوط اللُّعبة، والحال كذلك نقول بشكل واضح، أن مخططات تركيا وقطر ذهبت أدراج الرّياح، وأنّ الجزائر المُتحصنة بدماء شهدائها الأبرار لن تقوى على تطويعها كُل قوى الإستبداد والإستعمار الجديد، وأنّها بكلّ تأكيد، هي من ستُعيد تصحيح البوصلة في الدّاخل أولا بوضع شروط حاسمة لمُشاركة الفرقاء في السلطة، أي الحكومة المُقبلة، وهنا كذلك أنصح حزب القوى الاشتراكية وأقول له حبّذا لو أنّك تشبث بمبادئ الغيورين على البلاد، فذاك برأيي السبيل إلى مشاركة هذا الحزب وغيره في تحقيق ما لم تستطع الدكتاتوريات تنفيذهن والحديث قياس. أمّا أن تصطف مع الفاشلين فذاك لن يُنتج إلا مزيد من الفشل.

زكرياء حبيبي
14 ماي 2017

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version