نعم، وبكل مرارة وأسف أقول: عار عليكم وأيّ عار يا أقباط مصر في فرنسا، وعار على كل ما تفعلونه من أجل حث فرنسا ومؤسساتها السياسية للتدخل في مصر رسميا، وعلى تأجيج مشاعر الفتنة الداخلية في مصر..

ففي 24 يونيو 2014 صدرت العديد من الجرائد والمواقع والإذاعات الفرنسية لتعلن في صياغة شبه واحدة عن نجاح اللوبي القبطي في فرنسا “بعد تسعة أشهر من الجهود المكثفة للوبي “تحالف مسيحيي الشرق” في فرنسا، برئاسة باتريك كرم، في الحصول على موافقة المجلس الوطني لإنشاء لجنة دائمة به لدراسة قضاياهم”!

وقد تم إنشاء “تحالف مسيحيي الشرق في خطر” يوم الجمعة 27 سبتمبر 2013، بمبادرة من القبطي باتريك كرم. وفى أول أكتوبر 2013 نشرت جريدة “ليبراسيون” الفرنسية ما يلي:

“لوران فابيوس، وزير خارجية فرنسا أعلن أمام الجمعية الوطنية أن مسيحيي الشرق في كل مكان ليسوا مهددين فحسب وإنما تتم مطاردتهم وتصفيتهم. وذلك لا يمكن قبوله لا من فرنسا، مع مراعاة تراثها [أي مسيحيتها]، ولا من الضمير العالمي. إن فرنسا في كل مكان تدافع عن حرية العبادة وحرية العقيدة وعن الأقليات في كل مكان.. وإن احترام الأقليات الدينية هو مبدأ لا يمكن لفرنسا أن تتساهل فيه. وفى كل مرة تتم فيها مخالفة ما لا بد لنا من تسميع صوتنا”. وهنا لا يسعني إلا أن أتساءل ترى ما الذي فعلته فرنسا من أجل الأقليات المسلمة في كل مكان، وآخرها ما تسببت هي فيه من السماح بطرد وذبح مسلمي أفريقيا الوسطى، وغيرها كثير؟

ثم تضيف الجريدة: “في صباح نفس هذا اليوم كان الوزير قد تناقش في الموضوع مع رئيس مؤتمر أساقفة فرنسا، الذى كان قد استقبله في مقر وزارة الخارجية”.. أي أن الكنيسة هي التي تحرك وتمهد!

وتضيف السيدة فاليري بيكريس، التي تولت تقديم الموضوع في الجمعية الوطنية يوم 8 اكتوبر 2013: “إنها أول مرة في فرنسا يقوم فيها ممثلون من الكنائس الشرقية والمنظمات الدينية والمدنية التابعة لبلدان مختلفة، وهي تمثل تنوّع مسيحيي الشرق، أي مختلف مذاهبه، أن ينضموا ليعملوا معا من أجل إسماع صوتهم حول مستقبل مسيحيي الشرق”.

وكان السيد باتريك كرم قد تقدم بعريضة موقّع عليها من أكثر من مائة وعشرة شخصية بارزة سواء في المجال السياسي والدبلوماسي والكنائسي أو الرأي العام، وتطالب العريضة كل الدبلوماسيين الأوروبيين وممثلي الرأي العام والكنائس أن تدين “التدهور الديني” الذي تعاني منه الأقليات المسيحية.

وما أكثر الجرائد التي تناولت هذا الخبر منها جريدة “لاڤي”، و”ڤالور أكتويل”، و”لاكروا”، و”لا ريفورم”، و”فرانس أنفو”، و”رديو نوتر دام” وغيرها. وإن دلّ ذلك عن شيء، فهو على مدى الإلحاح ومدى الضغوط التي مارسها ذلك التحالف بين ممثلي مسيحيي الشرق.. وقد حرصت كل جريدة، بلا استثناء، على الإشارة إلى هذه الضغوط التي مورست من قِبل اللوبي اللحوح.

وكتبت جريدة “لا ڤي” يوم 23 يونيو 2014: “أن التسعة أشهر من الضغوط المكثفة التي قادها “تحالف مسيحيي الشرق في خطر” (CHREDO)، بالتضافر مع جهود قرابة مائة برلماني، لم تذهب سدى. فقد أقر مكتب لجنة الشئون الخارجية على التصديق على إنشاء مجموعة دراسات حول مسيحيي الشرق داخل الوزارة”. وأن “إنشاء مكتب أو لجنة دائمة للمتابعة اليومية يختلف عن مهمة استعلامات أو لجنة تحقيق اللتان ترتبطان بمدة زمانية معينة. أما مجموعة دراسية ثابتة فهي سلطة دائمة مزودة بسكرتارية خاصة وتمويل خاص بها يسمح بالتنقلات”.

ويوضح باتريك كرم، المحرك الأساس لهذا التصرف غير الأمين، والقائم على الفريات، والذي لا يوصف إلا بالخيانة لوحدة الوطن والتواطؤ للإخلال بأمن الدولة والسماح بالتدخلات الخارجية خاصة الفرنسية: “أن هذه المجموعة ستسمح للبرلمانيين بالمتابعة اليومية بصفة دائمة حول موقف المسيحيين المطاردين، المضطهدين والمهددين بالاختفاء من الشرق”! والمتابع لتردد مثل هذه الكلمات الظالمة يدرك أنها نفس الكلمات المتداولة في نصوص الفاتيكان الذي يسعى حثيثا لاقتلاع الإسلام وتنفيذ مطلب المنادين بتطبيق النظام العالمي الجديد، القائم على نظام سياسي اقتصادي اجتماعي ديني واحد.

أما جريدة “لا كروا” التابعة للكنيسة فكتبت يوم 19 يونيو 2014: “الجمعية الوطنية تقر إنشاء مجموعة للدراسات حول مسيحيي الشرق، بعد تسعة أشهر من الجهود المكثفة للوبي القبطي بقيادة باتريك كرم (…). وبينما التحالف يقود ضغوطا من الخارج، فإن مجموعة الدراسات ستقود هذه الجهود بصورة فعالة أكثر من الداخل، كأن تتصل بالبرلمان أو بالحكومة لاتخاذ كل الإجراءات المناسبة لحماية هذه الأقليات. كما تتم دراسة تقديم نفس المحاولة مع مجلس الشيوخ. وبعد نجاح هذه المحاولة فإن التحالف ينوي الحصول على قرار من هيئة الأمم أو من محكمة العدل الدولية. أي إن الخطوات التصعيدية لا تزال في الطريق!

ثم تتساءل الجريدة: “هل سيتعلق ذلك بالأقليات المسيحية في مصر وحدها أم بالأقليات في الشرق الأوسط؟ على أي حال لا بد من وجود كلمة “مسيحيي” في القرار على حد طلب باتريك كرم، رئيس التحالف، الذي ينوى الكتابة للبرلمانيين وللحكومة ليقول لهم ما هي الأهداف التي ينتظرها منهم”… ولا داعي للإشارة إلى مختلف معاني إدراج هذه العبارة لكيلا تقتصر أية قرارات إلا على حماية الأقليات المسيحية! وتنهى الجريدة مقالها بعبارة: “أن هذه اللجنة الجديدة التي لا نعرف بعد من سيترأسها، سيكون لها ثقل داخلي لدى البرلمانيين. وهو قرار في محله بينما موقف مسيحيي الشرق وخاصة في العراق شديد الخطورة”.

وكان مستشار الشؤون الدينية وإدارة الشرق الأوسط قد قام باستقبال رئيس التحالف يوم 17 يناير 2014. وبعد حوالي ثلاثة أشهر، أي في 15 أبريل قام السيد وزير الخارجية لوران فابيوس باستقبال السيد كرم ومعه الوفد المرافق. أما سيادة الوزير فكان قد قال في رده على خطاب طلب هذه المقابلة فقال:

“إن إنشاء مجموعة دراسية حول مسيحيي الشرق في الجمعية الوطنية وفى مجلس الشيوخ هو قرار يخضع للسلطة القانونية. إن إنشاء مثل هذه المجموعات يعنى الارتباط الدائم لفرنسا لصالح هذه الجماعات التي تربطنا بهم روابط تاريخية معينة”، إشارة إلى ترابطهم المسيحي.

ولا يسعني إلا رفع هذا الفعل المجحف والذى يتهدد أمن الدولة وسلامتها أولا: إلى كلا من السيد رئيس الجمهورية، المشير عبد الفتاح السيسي، وإلى البابا تواضرس الثانى، الرئيس الديني لهذه المجموعة المنفلتة، وإلى كافة المسئولين في الدولة علهم يتمكنون من رأب أية مصائب قبل أن تتفاقم..

زينب عبد العزيز
24 يونيو 2014

 

رابط أسماء الموقعون على هذا البيان المنفلت

رابط موقع مسيحيو الشرق في خطر

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version