بدأت الأوراق والحسابات تختلط على الإدارة الأمريكية، مع حلول الذكرى الحادية عشر لأحداث سبتمبر 2001، فالإدارة الأمريكية التي تحالفت مع القاعدة وتقاطعت معها في العديد من القضايا، فيما سُمّي باطلا وبهتانا بالربيع العربي، اكتوت مرّة أخرى بنيران هذه القاعدة، التي ساعدتها أمريكا وإسرائيل والحكام الراكعون من العرب، على إرسال مسلحيها للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، ولإسقاط النظام والدولة في سوريا، بالفعل أقول أن أمريكا إكتوت لأن أول سفير لها في ليبيا ما بعد القذافي، قتله عناصر تنظيم القاعدة الذين زودتهم أمريكا وقطر والسعودية بالمال والسلاح لتنفيذ مخططات تقسيم وتجزيء العالمين العربي والإسلامي.

وبصراحة لم أتفاجأ لما حدث في بنغازي، لأنني ولحسن حظي كنت قريبا من والدي رحمه الله جمال الدين حبيبي عندما كتب موضوعا تحت عنوان “تحالف ضد الطبيعة بين القاعدة والصليبيين وقطر” نشرته العديد من المواقع الإلكترونية يوم 01 جوان 2011، من أهم ما ورد فيه هذه الفقرة التي تدعونا بحقّ إلى إعادة قراءة كل ما وقع منذ اندلاع “ثورة” “الربيع العربي”، فقد جاء في الموضوع ما يلي “وإن نحن رجعنا إلى الأخبار التي أفادت بتسليح أمير دُويلة قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لمن أسماهم ب”الثوار” في ليبيا، بأسلحة جدّ متطورة، وربطنا بين التسليح ومقصده، يُمكننا القول بأن أمير دُويلة قطر يُسلّح تنظيم القاعدة، ليس بليبيا وحسب، بل في كامل منطقة المغرب العربي، ودول الساحل، وهنا يتوجّب التساؤل عن دواعي وأهداف تسليح دُويلة قطر لتنظيم القاعدة، وبالضرورة يجب أن أُذكّر في هذا المقام، بالمقال الذي نشرته يوم 29 مارس/آذار 2011، تحت عنوان، “العُدوان على ليبيا يُمهّد لمستنقع أفغاني جديد بالمنطقة”، والذي قلت فيه بأن “الولايات المتحدة الأمريكية، كانت قد أعدّت إستراتيجيتها، ليس فقط لتنفيذ العدوان على ليبيا، وإنما كذلك، لتوظيف ورقة تنظيم القاعدة بما يخدم مصالحها الحيوية”، وأن “أمريكا تسعى اليوم وبذكاء مكيافيلي، إلى توريط الغرب المُتحالف معها، وتوريط منطقة شمال إفريقيا ككل، في مستنقع أمني أكثر خطورة وفداحة من المُستنقع الأفغاني، باستعمال ورقة “القاعدة”، بالشكل الذي يضمن دوام حالة اللاّأمن في هذه المنطقة البعيدة عنها جغرافيا”. ويمكن قراءة الموضوع كاملا على الرابط التالي: http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action&;Preview=No&ArticleID=22029

بصراحة لم أفهم مرامي ما كتب المرحوم والدي، وكنت أحسب أنه يُغالي ربّما في طروحاته، لكن بعدما رأيت ما حصل في مدينة بنغازي، من قتل مروع للسفير الأمريكي من قبل من دعّمتهم أمريكا قلت في قرارة نفسي إن أمريكا لا تتعظ بتاتا وأنها ومن أجل تحقيق مصالحها مستعدة للتحالف حتى مع الشيطان، وبالفعل هذه هي القراءة الواقعية لما حدث، فأمريكا ومن ورائها اللوبي الصهيوني، وافقت على التطبيع مع تنظيم القاعدة، لتحقيق أهداف الإستراتيجية الجديدة التي تسعى للسيطرة المباشرة على عديد الدول العربية والإسلامية، وهو ما تأكّد مع ما تمّ تسريبه عن مفاوضات أجرتها أمريكا والسعودية وقطر مع عناصر تنظيم القاعدة، لإرسالهم إلى سوريا للإطاحة بنظامها، والكلّ يرى كيف أن أمريكا وحلفائها، رفضوا دوما إدانة الأعمال الإرهابية التي يرتكبها هذا التنظيم في سوريا، وبرأيي لا يُعقل أن يدين الجاني نفسه.

لكن مع حادثة إغتيال السفير الأمريكي في ليبيا، وفي ظل الصراع الإنتخابي المحتدم في أمريكا، تبيّن مرّة أخرى أن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تستفد من دروس الماضي، خاصة في أفغانستان، والعراق، وأنها بحقّ مسلوبة الإرادة، بفعل ضغوطات اللوبي الصهيوني في أمريكا، الذي ورّطها وسيُورّطها أكثر في مستنقعات لن تخرج منها بسلام، فحادثة إغتيال السفير الأمريكي جاءت كردّ فعل على الفيلم المسيء للرسول صلّى الله عليه وسلّم، الذي أخرجه مخرج أمريكي يهودي، بتمويل من حوالي 100 صهيوني في أمريكا، والذي نشرت مقتطفات منه بمناسبة الذكرى الحادية عشر لتفجيرات نيويورك، ما يعني أن هذا اللوبي الصهيوني تعمّد استفزاز مشاعر المسلمين، وتوريط أمريكا في حرب مفتوحة مع الشعوب الإسلامية جمعاء، وهذا أمر يُمكن تفهمه، ما دام أن اللوبي الصهيوني لن يرضى على أمريكا حتى تُركّع كل العالم الإسلامي العربي، وبما أنّ سوريا قلب العالم العربي، لا تزال تُقاوم مؤامرات التركيع هذه، بل إنها نجحت في قلب موازين القوى ليس في المنطقة العربية وحسب، بل في العالم أجمع، فإن هذا اللوبي الصهيوني المُتحالف مع تنظيم القاعدة، ومن خلال إستفزاز مشاعر المسلمين، يُرتّب لمؤامرة أشمل وأكبر، قد تزجّ بالولايات المتحدة الأمريكية في حرب ضد أكثر من مليار ونصف مليار مسلم، وبرأيي أن هذا اللوبي الشّيطاني، قد أقدم على كلّ ذلك بعد فشل مؤامرة “الربيع العربي” في احتواء الشعوب العربية، وسلب إرادتها، ففي كلّ من تونس مهد هذا “الربيع”، ومصر واليمن، لم تتغيّر نظرة ومواقف شعوبها من الصراع العربي الإسرائيلي، فحقيقة أن هذا “الربيع” قد نجح في استجلاب بعض الحركات الإسلامية إلى دائرة التآمر على شعوبها، بل وأوصلها إلى سُدّة الحكم، لكنه فشل في إنجاح المؤامرة ضد الشعوب، رغم السند الكبير لتنظيم القاعدة. فنهار الخميس 13 سبتمبر، خرج الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة أيمن الظواهري، في شريط صوتي وُضع على الإنترنت ليدعو جميع المسلمين إلى دعم المعارضة في سوريا قائلا إن الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ستقربهم من هدفهم النهائي وهو هزيمة إسرائيل، وكأنّنا بهذا التنظيم قد حقّق أعلى الدرجات في الغباء والإستغباء، فهذا التنظيم الذي تدور حوله الشّبهات في حادثة إغتيال السفير الأمريكي في ليبيا، بتزكية من المُخابرات الأمريكية، والموساد، يتجرّأ على القول :”إن دعم الجهاد في الشام لإقامة دولة مسلمة جهادية فيه خطوة أساسية للتوجه نحو بيت المقدس، ولذلك تعطي أميركا النظام العلماني البعثي فرصة تلو الفرصة خشية أن تقوم في شام الرباط والجهاد حكومة تهدد إسرائيل”. أي عاقل بالله يُصدّق هذه الخزعبلات الظواهرية، فالشام الجريح لم تسل دماء أبنائه إلا من قبل أمريكا والصهاينة والقاعدة، فالشام، بُوصلة العقل العربي والإسلامي، هو من سيعيد ترتيب بيتنا العربي الإسلامي، ولا أظن أن حادثة إغتيال السفير الأمريكي بالتواطئ مع مخابرات بلاده، ولا شريط هذا الظواهري الذي لا يقوى في تسجيله على نُطق عبارة العدو الصهيوني، سيُقنع مليار ونصف مليار من المسلمين على تغيير وجهة الجهاد المفروضة في أرضنا الفلسطينية المُحتلة، إلى سوريا التي لولاها، لما بقي لبنان والأردن وغيرها من الدول العربية، وهنا أتحدّى هذا الظّواهري أن يُعلن ولو لمرّة الجهاد في فلسطين المحتلة، والكلام نفسه مُوجّه إلى رئيس “علماء المسلمين” تحت الإمارة القَطروصهيونية، “يوسف القرضاوي”، فبالله عليكم، كيف يُمكن تفسير خروج هذا “الظواهري” في وقت حساس للغاية، ليُقنعنا بأن “تحرير” سوريا سيُؤدّي إلى تحرير فلسطين !؟ بصراحة أقول إن أمريكا تستحق الشفقة، لأن حُكّامها أغبياء، فهم يرهنون مصير بلدهم دفاعا عن بضعة ملايين من الصهاينة، ولا يقوون على التموضع والتموقع في صف مئات الملايين من المسلمين، ما يعني وللأسف أن أمريكا العظمى، هي تحت رحمة الصهاينة والقاعدة وما شابههما.

زكرياء حبيبي
14 سبتمبر 2012

تعليق واحد

  1. علي فودي بتاريخ

    أمريكا هي آل صهيون والقاعدة
    أمريكا هي آل صهيون والقاعدة!

Exit mobile version