أكذوبة سياسية (قديمة – جديدة) تريد السلطة والأحزاب تسويقها كمادة إعلامية دعائية أساسية في الحملة الانتخابية تقول: “إن هناك مؤامرة على الجزائر تحاك في الخارج باسم الربيع العربي”، وإذا قاطع المواطنون هذه الانتخابات فإن حلف “الناتو” يترصدنا، فالمقصود بهذا التخويف والتهويل؟.

من يتآمر على من؟

لم يحمل الثوار أثناء الاستفتاء على تقرير مصير الجزائر عام 1962م شعارا مثل “عدم التصويت خيانة للشهداء” أو أحتاج إلى فتوى أو التهديد بالحلف الأطلسي بالرغم من أن الاستفتاء كان يحتاج إلى تعبئة شعبية لأن وسائل الإعلام كانت آنذاك فرنسية، ومع ذلك صوت من صوت وقاطع من أراد أن يقاطع دون تخوين أو تهديد، فهل يعقل ونحن على أبواب الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة أن نتعامل مع هذا الشعب بمثل هذا المستوى من الانحطاط الفكري والسياسي.

لا أحد يستطيع أن يتآمر على شعب يملك سلطة اتخاذ القرار، ولا أحد يجرؤ على احتلال دولة سيادتها بيد شعبها إلا إذا كان هناك من يفكر في التآمر مع الأجنبي على بلده، ولا يوجد في الجزائر مواطن اسمه “حسين داي” بإمكانه أن يوقع وثيقة استسلام الجزائر للأجنبي، والسلطة التي يتخلى عنها شعبها هي التي تلجأ إلى حمل شعارات مثل “المؤامرة الأجنبية” أو “التآمر الخارجي” لإيهام الرأي العام الوطني بأنها تدافع عن مصالح الشعب حتى تستمر في تسيير الشأن العام مثلما كانت تفعل الأنظمة الديكتاتورية أو الأنظمة ذات الحزب الواحد.

إن السلطة التي تقوم بعملية تغيير نحو الأسوأ إنما تريد من المواطن أن يندم على اليوم الذي يمر لأن اليوم الذي يليه يكون أسوأ منه وبالتالي يتمسك هذا المواطن بالوضع القائم ولا يطمح في التغيير لأنه يخاف أن يأتيه بالأسوأ، ويبقى يردد مع نفسه قوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

والحقيقة التي لا تقال هي أن: “دوام الحال من المحال” والتغيير سنة الحياة فإذا كانت هناك إرادة شعبية فإن المستقبل سيصبح مضمونا والأمل يصير واقعا، ومن يقف ضد التغيير كالواقف ضد التيار يحاول إنقاذ نفسه على حساب الآخرين، فالذي يربط الجزائر بعشرية الإرهاب إنما يريد إحياء الصورة الذهنية الموحشة لسنوات الدم حتى يبقى المواطن سجين الرعب ولا يطالب بتحسين أوضاعه أو تغيير من تسببوا في المأساة الوطنية، ومن يخيفنا بما حدث في ليبيا أو بما يحدث في سوريا أو بما قد يحدث في مصر فهذا الشخص يجهل حقيقة الشخصية الجزائرية.

إن التغيير هو الانتقال من حالة جامدة إلى حالة متحركة، والحالة الجزائرية الراهنة تشبه كرة الثلج سرعان ما تذوب إذا ما طلعت الشمس، والجزائر التي لا تمثل حضورا إقليميا أو عربيا أو دوليا لن تكون جزائر الغد.

من يخون من؟

كانت السلطة وما تزال تطلق على من قاطعوا تشريعيات 26 ديسمبر1991م صفة “الوطنيين” لأنهم تجنبوا دعم الجبهات الثلاث التي فازت في الانتخابات والتي كان يصفها سعيد سعدي بـ “الديناصورات” ولكنها اليوم حين تتحدث عن المقاطعة لتشريعيات 10 ماي 2012م تصف دعاتها بـ “الخونة”، فمن يخون من؟

إن فكرة المقاطعة حسب تصريحات المواطنين ليست مقاطعة من أجل المقاطعة وإنما لأنهم لم يجدوا في قوائم المرشحين من يحمل انشغالاتهم اليومية، والدليل أن من ترشح لرئاسيات فرنسا 2007م أصبح يتصدر قائمة لتشريعيات الجزائر 2012م، ومن كانوا وزراء ونواب سابقين وفشلوا في نظر المواطنين عادوا من جديد، ومن فشلوا في تسيير منظمات المجتمع المدني انتقلوا إلى تسيير أحزاب، بل من اشتروا القوائم يتهمون دعاة المقاطعة بالخيانة، وكأن هؤلاء جميعا يريدون الشعب أن يصوت ضد قناعاته.

من يقرأ المعلومات المتعلقة بالمستوى التعليمي والمهني للمرشحين المكتوبة في الملصقات يجدها مملوءة بالتصريحات الكاذبة والأخطاء اللغوية، ومن يستمع إلى حملاتهم في الإذاعة والتلفزيون يصاب بخيبة أمل كبيرة، أما من يحضر تجمعاتهم فإنه سيكتشف أن الكثير من الحضور تم تأجيرهم وجلبهم من خارج الولاية.

التصويت لحزب الأغلبية الصامتة

إذا أردنا أن نقنع الناخبين بالتوجه إلى مكاتب الاقتراع فعلينا بإضافة رقم 45 مع أرقام الأحزاب الـ 44 ولنسميه حزب المقاطعين أو الرافضين لهؤلاء، وعلى لجنتي الإشراف والمراقبة أن تقدم مقترحا رسميا بذلك إلى السلطة لإضافة ملصقة باسم المقاطعين وبالتالي نكون قد طوينا ملف المقاطعة وانتقلنا إلى وضع حد للمزايدة والتزوير.

فإذا فاز حزب المقاطعين بالأغلبية المطلقة يوم 10 ماي 2012م فإن الرئيس مطالب باتخاذ قرار تاريخي وهو حل الأحزاب والبرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة لمجلس تأسيسي يكون لبنة أولى لبناء جمهورية جديدة.

وبذلك تصبح الجزائر أول دولة تحول الأغلبية الصامتة إلى حزب جديد يكون الفيصل ويضع حدا للأشخاص المتسلقين المتزحلقين، وعندها تكون الانتخابات نموذجا للنزاهة والشفافية.

عبد‮ ‬العالي ‬رزاقي
26 أفريل 2012

المصدر: يومية الشروق

تعليقان

  1. Abdelkader DEHBI بتاريخ

    RE: حزب الأغلبية الصامتة، عبد‮ ‬العالي ‬رزاقي
    [rtl]””فإذا فاز حزب المقاطعين بالأغلبية المطلقة يوم 10 ماي 2012م فإن الرئيس مطالب باتخاذ قرار تاريخي وهو حل الأحزاب والبرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة لمجلس تأسيسي يكون لبنة أولى لبناء جمهورية جديدة.””

    في الحقيقة، الشيء الوحيد الذي يقي فعله من قِـبـل ذلكم الكائن الذي يصفه صاحب المقال ب “الرئيس” – افتراضا منا أن الرجل لا يزال على وعي – هو أن يذهب إلى الجحيم، رفقة المجرمين والخونة الذين أتوا به على علم ! [/rtl]

  2. DZiri45 بتاريخ

    RE: حزب الأغلبية الصامتة، عبد‮ ‬العالي ‬رزاقي
    Rien à signalerdans ce domaine.

    حكَّام الدَّهرِ قَدْ ضلّوا
    فقدْ بَانتْ خسارَتُهُم
    فَباعُوا الدٍينَ بالدُّنيا
    فما رَبِحَتْ تجارَتُهُم

    Sallamou Alaykum

Exit mobile version