في جزائر العزة والكرامة لا يكاد  يمر يوم على المواطن الجزائري دون أن يسمع ما يجرح ما تبقى من كرامته أو يحدث ما يأتي عن البقية الباقية من عزته.

لا يختلف اثنان أن أحد أبرز الوجوه التي ميزت جزائر العزة والكرامة والتي طالما استصغرت وسفهت أحلام هذا الشعب هو رئيس الحكومات أويحي. هذا الرجل الذي يستكثر علينا علبة الياقورت تارة،  وتارة أخرى يهددنا بالويل والثبور والدماء والقبور إن لم نذهب في يومنا الموعود ونملأ الصندوق ونوفي بالعهود.

منذ أيام استحضر الجزائريون مقولة جاءت على لسان هذا الرجل في لقاء له على قناة اليتيمة في الصيف الماضي، في هذه المقولة التي صدقنا فيها وهو كذوب وصف ما يحدث في الجزائر بأنه عبارة عن « كباري وطني » (Un Cabaret National).

الغريب في الأمر هنا أن الرجل يتحدث وكأنه في موقع المعارض الشديد للنظام والمحارب للفساد وليس من الموقع المشرف على إدارة هذا الكباري الكبير.

فعلا، لا يمكن لأي متابع ودارس للوضع الجزائري أن يجد وصفا يليق بجزائر العزة والكرامة أفضل من هذا الوصف الذي يصدر من قمة هرم السلطة ومن رجل يسهر على تنفيذ سياسة النظام، وكأني بهذا الوصف يخرج من لاشعور هذا الرجل الذي يدرك تماما أن ما يحدث في الجزائر لا يعدو كونه عصابة تدير كباري، وهنا كما يقال:  العهدة على الراوي وما وصفناهم ولكن كانوا أنفسهم يصفون.

في الحقيقة أوجه التشابه بين حال الجزائر والكباري كثيرة وتصل إلى التفاصيل الدقيقة التي يربأ الكاتب بنفسه عن الخوض فيها، لكن المشهد العام  يصف نفسه، فمن عادة الكباري أن تمتلكه وتشرف على إدارته عصابة وتسخر المجرمين واللصوص وأصحاب السوابق للسهر على سلامته وتسيير تفاصيله وتغدق عليهم المال، وما حال الجزائر اليوم عن ذلك ببعيد.

الطريقة التي يتم بها تبديد المال العام وسرقته و استعماله لشراء السكوت الاجتماعي يذكرنا بحال مرتادي الكباريهات من المخمورين وهم يرشقون الراقصات. أما حالة الفوضى و الانفلات الأمني وغياب القانون فهي أشبه بحال الكباري في آخر ساعات الليل بعد ثمالة الجميع.

لقد تحولت الجزائر إلى بلد طارد ومقبرة لكل شريف، وما كان للشرفاء أن يرتادوا أو يعيشوا في الكباريهات.

كان المرحوم عبد الحميد مهري يصف  الوضع والطبقة السياسية في الجزائر بالرداءة، لكن الله رأف بالرجل وألحقه بجواره قبل أن يسمع بهذا التصحيح في  المعلومات، فالجزائر لم تصغر وتسد فيها الرداءة فقط بل أصبحت كباري بعد خمسين سنة من استقلالها وعشرين سنة من لجنة الحفاظ عن الجمهورية.

الناظر إلى المشهد الانتخابي، والذي لا يمت للسياسة بصلة، ويلاحظ أشكال وأسماء والمستوى العلمي للمترشحين، من مداحات ومغنيي الكابريهات و أصحاب الشكارة والطريقة التي تباع وتشترى بها الترشيحات، يدرك  أن الجزائر تحولت فعلا إلى كباري ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا لو فاز تحالف الإسلاميين أو تحالف الجزائر الخضراء في الانتخابات المقبلة؟ الأكيد أننا سنكون بصدد ولادة أول كباري إسلامي في التاريخ!  أستغفر الله!

س.ج
24 مارس 2012

المصدر: يومية الجزائر (http://lequotidienalgerie.org/)

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version