ما الذي بقي من معاني الاحتفال بأول نوفمبر في الجزائر، في ظل سيطرة الخونة والحركى المرتزقة المقيمين بالجزائر وأبنائهم، على دواليب صنع القرار، فمؤخرا تعالت العديد من الأصوات الحرة من داخل الأسرة الثورية الحقيقية، لتطالب بالتحقيق في هوية العديد من أعضاء اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، على اعتبار أن ماضي أسرهم خلال الثورة المباركة كان شديد السواد، وقبلها بكثير كنت على رأس هيأة وطنية، أسميناها “حركة الأوفياء” كنّا نريد من وراء تأسيسها إعادة الاعتبار للثورة الجزائرية، عن طريق كشف وتعرية الخونة في شتى مستويات السلطة، وللأسف الشديد، تحرّكت آلة الخونة ومن يدعّمونهم لعرقلة نشاط هذه الحركة، التي لاقت استجابة واسعة في كل أنحاء الجزائر، وتيقّنت آنذاك أن أبناء الحركى ومن يسيرون في فلكهم، استطاعوا أن ينتقموا وبقوة من كل من ساهم في استرجاع الجزائر لسيادتها واستقلالها.

 

فقد بات أبناء الخونة يسيطرون على مناصب عليا وحساسة في هرم السلطة والعديد من المؤسسات والإدارات والأحزاب، وبحكم هذه السيطرة غير المسبوقة، نجحوا في تجويع الشعب الجزائري، وإهانته، واحتكرت حوالي 500 عائلة كل ثروات الشعب، فباتت البنوك في حُكم ملكيتهم الخاصة، وعبثوا بمداخيل النفط، وحوّلوا الجزائر إلى مزبلة حقيقية للمواد والسلع الفاسدة التي أغرقت الأسواق تحت عنوان اقتصاد السوق.

فاليوم ومع سيطرة الخونة على زمام الأمور، أضحت الجزائر تستورد حتى اليد العاملة غير المؤهلة من الصين والفيليبين وتركيا وغيرها، في وقت يُحرم فيه ملايين الشبان الجزائريين من فرص العمل، ويُدفع بهم إلى الإنتحار في قوارب الموت، فغالبية الشباب الجزائري أصبحوا يفكرون في الفرار والهروب منها، وهذا برأيي أخطر نتيجة حٌقتها مؤامرات الخونة والحاقدين على استقلال الجزائر، لأنهم نجحوا في تيئيس هذا الشعب، هذا الشعب الذي برهن عبر الأزمنة أنه ينبذ الاستعباد والمذلة، وقدم تضحيات كبرى للتحرر من الاستعمار.

وبرأيي كذلك أن هؤلاء الخونة نجحوا في تحقيق ما عجزت عنه فرنسا الاستعمارية، لأن درجات الذل التي وصلنا إليها مع جماعة الحاقدين على استقلال الجزائر، لم نشهد لها مثيلا في الحقبة الاستعمارية، ففرنسا ورغم حقدها على الجزائريين، بنت وشيّدت المدن والبنى التحتية، بعكس ما نحن عليه اليوم، حيث إن هذه الجماعة تفنّنت في تهريب ثروات وأموال الشعب إلى الخارج، ويمكنني القول لو أن فرنسا الاستعمارية استعملت نفس الأساليب والتقنيات التي يستعملها الخونة اليوم، لبقيت إلى يومنا هذا في الجزائر.

وما دام أن الخونة نجحوا في إذلال الشعب رغم مرور 56 سنة على اندلاع الثورة التحريرية المباركة، فلا يحق للشرفاء والمخلصين من أبناء الشعب أن يحتفلوا بالذكرى، بل عليهم أن يتحركوا بقوة لاسترجاع رموز ومبادئ ثورة نوفمبر، لتحقيق الاستقلال الفعلي للجزائر التي باتت شبه مستعمرة جديدة للخونة والحركى.

جمال الدين حبيبي
29 أكتوبر 2010

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version