كتب المقال يوسف جيرارد (1)
ترجمه إلى العربية أحمد المناعي (2)

النص الأصلي باللغة الفرنسية:  L’étude des Frères Musulmans par Malek Bennabi

بعد حوالي الأربعين سنة من وفاة مالك بالنبي (1973) يعسر على الباحث إحصاء الكتب والأطروحات الجامعية والبحوث والدراسات والمنابر والندوات والمقالات التي تناولت فكر الرجل، بحثا ودراسة وتمحيصا ومقارنة وترويجا وتوظيفا سياسيا أيضا وفي كثير من اللغات والبلدان.

إنها الطفرة على كتبه، التي ترجمت إلى عديد اللغات، وهو الذي ظل مغمورا حتى في وطنه، الجزائر، إلى آخر حياته، حيث كان يصعب على المرء العثور على أحد كتبه في المكتبات أو قراءة مقال عنه أو له في الصحافة المحلية.

وقد يفسر هذا الإقبال المتنامي على آثار مالك بالنبي بالأزمة الفكرية التي يعيشها كثير من شبابنا وبطوقهم إلى مرجعية فكرية صلبة ومتينة تساعدهم على تفكيك الألغاز والإشكاليات وتيسر لهم فهم خلفيات الظواهر والقضايا التي تؤرقهم وتعصف بمجتمعاتهم. ومن أقدر من مالك بالنبي على ذلك في ساحتنا العربية والإسلامية وهو الذي قال عنه أنور عبد المالك: «أنه أحد الفلاسفة الاجتماعيين الأوائل في العالم العربي وفي الساحة الإفريقية-الأسيوية في عصرنا»، والتي أثبتت الأحداث والوقائع صواب رؤاه في كثير من القضايا السياسية والاجتماعية المعاصرة.

غاية هذه الورقة

ليس من غاية هذه الورقة إضافة جديد للكثير الذي كتب عن فكر مالك بالنبي، فقد سبقنا إلى ذلك الكثيرون وأوفوا الأمر حقه. غاية هذه الورقة متواضعة جدا وتتلخص في توضيح العلاقة بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، أكبر وأقدم حركات الإصلاح والتجديد في العالم الإسلامي في القرن الماضي، وبمثل ما تحددت وتوضحت به علاقته بجمعية العلماء الجزائريين أو جبهة التحرير الوطني مثلا… ولأن بقاء هذه العلاقة في الغموض الذي اكتنفها طيلة عقود من شأنه أن يريح موقف كل الذين يصرون على الجمع بين انتماء لفكر مالك بالنبي وفي الآن نفسه إلى فكر وتنظيم الإخوان المسلمين. وهو توفيق بين مرجعيتين متناقضتين كما تدل على ذلك كتابات بالنبي منذ سنة 1954، وأصداءها عند بعض منظري الإخوان.

وقد تراءى لي ذلك شخصيا في أول كتاب قرأته لمالك بالنبي لما تعرفت على الرجل في سنة 1964 (3)، وهو كتاب «وجهة العالم الإسلامي» في نصه الأصلي بالفرنسية والمنشور في سنة 1954. وقد شدت انتباهي وحيرتني طويلا، ملاحظة أدرجها الكاتب أسفل صفحة كلها إعجاب وتقدير وتثمين لعمل جماعة الإخوان. وقد جاء في الملاحظة ما يلي: «إن الاعتبارات المختلفة التي قرأتاها تبقى صالحة بالنسبة للتجربة الشخصية للمؤسس حسن البنا. غير أنه وعقب زيارة الكاتب الأخيرة للمشرق، فإنه يجد نفسه مضطرا لتغيير حكمه في الجماعة نفسها والتي يبدو وأنها تحولت، تحت زعامة قادتها الجدد، إلى مجرد أداة سياسية، منزوعة من ذلك الطابع المؤسس للحضارة الذي كان يود أن يراها عليه. وفي هذه المرحلة الجديدة، يبدو أن الحركة لا تستعمل الدين إلا لبلوغ غايات عملية عاجلة».

المترجم

1― جماعة «الإخوان المسلمون»

نشأت هذه الجماعة في سنة 1928 في مدينة الإسماعيلية بمصر على يدي الشيخ حسن البنا. وقد حددت لنفسها أهدافا عديدة تتمحور حول الدفاع عن الإسلام وقيمه وتجديد وإحياء عقائده ونشر دعوته. ولبلوغ تلك الأهداف، مارست الجماعة أنشطة كثيرة على مختلف المستويات الاجتماعية والتربوية، فأسست المدارس ونشرت التعليم وأنشأت المصحات والمشافي ودور الأيتام، وهو ما كرس حضورها القوي في المجتمع المصري، في المدن والأرياف، وحوّلها شيئا فشيئا إلى طرف سياسي يُقرأ له ألف حساب ويُثير الإعجاب لدى البعض والعداوة لدى البعض الآخر.

وقد اهتم مالك بالنبي بالجماعة خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 1940 وحتى وفاته سنة 1973 فكتب عنها وعن مؤسسها والتقى بفكرها ومناهجها وتوجهاتها الإصلاحية في مرحلة أولى، ثم، وما أن وطأت قدماه أرض مصر، في سنة 1947 ثم سنة 1948، وأحتك بالواقع واتصل بقادة الجماعة وبخصومهم، بدأ يتراجع عن كثير من قناعاته وكتاباته، لا عن كتاباته في الزعيم المؤسس ولكن عن ورثته.

يجب التذكير بأنّ «الجماعة» عرفت خلال الفترة محل اهتمام بالنبي، مرحلتين كبيرتين، هامتين ومختلفتين. وتمتد الفترة الأولى من يوم نشأتها سنة 1928 إلى يوم حظرها وحلّها، على إثر محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في أكتوبر 1954 بالإسكندرية. ففي هذه الفترة وعلى الرغم من حلّها (1948) واغتيال زعيمها (1949) – أعيد تقنينها سنة 1951، ظلت الجماعة تنشط وتتحرك في المجتمع جهرا وعلنا وبدون قيود.(4)

أما المرحلة الثانية من تاريخ هذه الجماعة، فهي التي تبدأ، كما ذكرنا، من نهاية سنة 1954، تاريخ حظرها ومنع كل نشاطاتها واضطرار قياداتها وأعضائها للدخول في السرية أو الهروب إلى الخارج.

وكانت هذه المرحلة هي التي أحتك فيها مالك بالنبي بالمجتمع المصري الحاضن لنشاط هذه الجماعة وهي التي تعرف فيها أيضا على القيادة السياسية المصرية الجديدة (1954 و 1955) ثم توسعت شبكة علاقاته بكثير من الأطراف السياسية والثقافية عندما استقر بالقاهرة في شهر ماي 1956 وكلها عوامل ساعدته على تشكيل نظرته للجماعة ودفعته للتراجع في كثير من مواقفه السابقة إزاءهم.

2― مالك بالنبي

ولد مالك بالنبي سنة 1905 في مدينة تبسه من عائلة منحدرة من مدينة قسنطينة وكلاهما في الشرق الجزائري.

وقد زاول تعلمه بالمدينة الأخيرة في مدرسة فرنسية عربية وهو الأمر الذي مكّنه من امتلاك نواصي اللغتين العربية والفرنسية والتزوّد بمعارف مرجعيات عربية، إسلامية وغربية ويقال عنه أنه تأثّر بابن خلدون في المرجعية الأولى وبـ «نيتشة» في المرجعية الثانية وهو يلتقي في هذا مع محمد إقبال. قد حمل مبكرا هموم شعبة الرازح تحت نير الاستعمار وكذلك هموم أمته الإسلامية المقطعة الأوصال والتائهة بين تمجيد ماض ولّى وانقضى وتوق إلى مستقبل لم تتضح صورته بعد.

وقد ألّف مالك بالنبي أكثر من عشرين كتاب بحث فيها شروط نهضة المجتمعات والبلاد الإسلامية وبنائها للكيانات السياسية التي تليق بها في هذا العالم المعاصر وكيفية مساهمتها في الحضارة الإنسانية. ويعتبر كتابه «وجهة العالم الإسلامي» الذي ألّفه في سنة 1950 ولم يتيسّر له نشره إلا في سنة 1954، يعتبر أهم مؤلفاته، إذ جمع فيه خلاصة أفكاره التي تناولتها كتبه السابقة ومجمع رؤاه المستقبلية في حظوظ المسلم المعاصر في بناء الحضارة وبعودة الحديث والجدل حول ما سمي بـ «فقه التحرير»، وهو ذلك التيار الفكري الاجتماعي والسياسي المسيحي الذي ظهر في بلدان أمريكا اللاتينية وسط ستينات القرن العشرين كردّ على انتشار الفكر الماركسي والحركات الثورية التي انبثقت عنه، تجدر الإشارة أن مالك بالنبي كان أحد الأوائل إن لم يكن الأول الذي طرح إشكالية قدرة الإسلام على المساهمة الجدية في التحرير الفردي والاجتماعي.

عندما كان الإخوان هم الأمل

يذكر مالك بالنبي في مذكراته «شاهد قرن» أنه كتب عن حسن البنا وجماعته وهو لا يعرف الكثير عنهم. ويقول في مقال بتاريخ 13 أفريل 1951 بعنوان «على أعتاب حضارة إنسانية»: «إني لا أعرف سيرة مؤسس الإخوان المسلمين ولم أقرأ له شيئا ولعله لم يكتب شيئا أبدا».

كما يذكر في نفس المذكرات أن أحد أسباب مشاكله مع السلطات الاستعمارية الفرنسية واضطراره للهروب إلى فرنسا سنة 1951 هي مقالاته الصحفية التي عرّف فيها الشباب الجزائري بأسماء خطيرة مثل حسن البنا وجماعته «الإخوان».

وقد حلّل بالنبي في مقالات عديدة صدرت في مجلة «الشاب المسلم» الصادرة بالفرنسية والتابعة لجمعية العلماء الحيوية التي بعثتها «جماعة الإخوان» في المجتمع المصري والروح الجديدة التي ضمنتها نشاطاتها بدءا من العنوان حيث تظهر فيه الأخوة الإسلامية لا مجرد فكرة وإنما عمل ملموس بعيدا عن «السياسة الساسوية» أو «البوليتيك».

وقد كتب في «وجهة العلم الإسلامي» مبرزا هذا الدور وهذه الروح: «إن الحركة الأحدث والتي تؤكد التوجه الجديد هي بلا منازع حركة الإخوان المسلمين في مصر والتي لها أتباع كثر في سوريا. للأسف لا نملك أدبيات كثيرة عن هذه الحركة التي تتميز بأن ضمنت اسمها عملية التآخي. فالجماعة الإسلامية الأولى لم تتأسّس على المشاعر البسيطة ولكنها تأسّست على عملية تآخي حقيقي بين الأنصار والمهاجرين. وهو الذي يحدث الآن على أساس نفس الميثاق الذي يوحد  الإخوان المسلمين الجدد فيما يشبه وحدة الأفكار والأملاك، وزعيم الحركة حسن البنا، ليس فيلسوفا ولا هو فقيها وإنما حاول أن يعيش من جديد إسلاما منقى من تركته التاريخية ومرجعيته ليست إلا القران نفسه، ولكن قرانا متصل بالحياة».

ويضيف في تحليل عن حسن البنا: «مع حركة الإخوان المسلمين، نشهد أولا تجددا لقيمة القرآن نفسها وتتحول هذه القيمة إلى قيمة عملية وأداة فنية لتغيير الإنسان. يجمع مثقفون مسلمون حصل لهم التعرّف على حسن البنا على أنّ الرجل يمتلك قدرة عجيبة، حيث تتحوّل الآية القرآنية على لسانه على أوامر حية تملي على الفرد السلوك الجديد وتدفعه إلى العمل بدون تردّد. يفعل المعنى القرآني فعله وكأنه جدّد على شفاه زعيم الإخوان المسلمين».

وفي نفس الكتاب «وجهة العالم الإسلامي» يقارن مالك بالنبي بين عمل الإصلاحيين التقليديين وعمل الإخوان المسلمين ويبرز الفرق الكبير بين الفريقين والمتمثّل في إبقاء الفريق الأول للأفكار على المستوى النظري، بينما يحولّها الإخوان إلى أفعال وأعمال محسوسة. ويعطى مثل ذلك في التضامن الإسلامي القائم على معنى الأخوة، التي هي مجرّد شعور، ولكنها تتحوّل عند حسن البنا، إلى تآخي أي عملية أساسية يتحوّل بها الشخص إلى إخواني مسلم. ويكتب في ذلك أنّ هذا العمل البسيط في ظاهره هو في الحقيقة تحول كامل للإنسان، الذي يمر من مرحلة الإنسان ما بعد الموحدين إلى مرحلة إنسان النهضة، كما كان يتحول من المجتمع الجاهلي إلى جماعة المسلمين. ولم يكن زعيم الإخوان يحدث هذا التغيير إلا باستعمال الآية القرآنية ولكنه يستعملها في نفس الظروف النفسية التي كان يستعملها فيها الرسول والصحابة. وهنا يكمن السر، أن نستعمل الآية كما لو كانت توحى إليك وليس كما هي مكتوبة.

مرحلة الشك

كان بالنبي مساندا لثورة 23 يوليو في مصر، ولم يكن يفهم الأسباب التي تجعل الضباط الأحرار والإخوان وجها لوجه وتدفع بالفريقين للتناحر. وهو ما عبّر عنه في كثير من الورقات التي احتفظ بها لنفسه ولم تنشر إلا بعد وفاته.

ويكتب بالنبي في ورقة بتاريخ 15 جانفي 1954: «علمتُ أنّ الحكومة المصرية قد حلّت البارحة جمعية الإخوان المسلمين. وقد أعلنت الصحافة الغربية ذلك وكأنه حادث بسيط… أما أنا فمذهول لهول لم أتوقعه أبدا. إني أفهم تماما أن يغتال فاروق حسن البنا، وأفهم تماما أن يقيل شاه الفرس مصدّق، فمن طبيعة الأمور أن يقاوم العفن كل محاولة للنظافة. ولكن أن يقاوم رجل أمين رجلا أمينا آخر فهذا ما لا أفهمه كثيرا وهو الحال اليوم بين نجيب والهضيبي».

وقد رأى بالنبي وراء حظر «الجماعة» شبح ضغوط القوى الكبرى على العالم العربي الإسلامي. وكتب في ورقة بتاريخ 2 فيفري 1954 ما يلي: «أعلنت الصحافة منذ أربعة أيام أنّ حركة تمرّد قد اندلعت في جبل الدروز ضد حكومة شيشكلي. ويؤكد هذا الخبر، إلى جانب خبر حظر الإخوان في مصر، أنّ الدول العربية الأكثر تنظيما والأقوى تتعرّض في هذه الأوقات إلى ضغوطات شديدة من قبل الغربيين الذين يظهر أنهم يريدون قطع رؤوس الحركات الديمقراطية الإسلامية الكبرى بمثل ما فعلوا في إيران بالانقلاب على مصدّق. ويبدو أنّ هذه السياسة تلتقي برغبتهم في أن تعترف البلدان العربية بإسرائيل».

خيبة الأمل

سافر مالك بالنبي إلى مصر أواخر شهر جوان 1954، وقد حضر الاستعراض العسكري الذي انتظم بمناسبة الذكرى الثانية للثورة المصرية، والتقى بمحمد نجيب وجمال عبد الناصر. وساهمت إقامته الطويلة الأولى في مصر ولقاءاته بشخصيات رسمية وكذلك بمثقفين من كل النزعات السياسية، في دفعه للتراجع عن كثير من مواقفه تجاه الإخوان. ومن ذلك التنبيه الذي أشرنا إليه والذي يربط ما كتبه في الجماعة، بشخص مؤسسها فقط، واستقر مالك بالنبي في مصر سنة 1956 وكتب كتاب «الإفريقية الأسيوية» حاول أن يجعل منه القاعدة النظرية لمؤتمر باندونغ. كان هذا الكتاب مساندا للثورة المصرية ومقدّرا لنجاحها في الخروج عن المنطق الذي أرادت الدول الغربية أن تسجن فيه العالم الإسلامي، ويتمثّل هذا المنطق في استدراجها للتركيز على قضايا سياسية جانبية وإدارة الظهر للقضايا الأساسية وقضايا التوجهات الكبرى، وهو ما يعطّل أو حتى يوقف تطور العالم الإسلامي. وعلى العكس من ذلك يرى بالنبي أنّ «الأخوان» لم يتحرّروا من ذلك المنطق وظلوا أبعد ما يكون عن طرح القضايا الأساسية للعالم الإسلامي الواقع بين فكّي الاستعمار والقابلية للاستعمار.

على أنّ مآخذ بالنبي للإخوان لا تقتصر على قضايا التوجّهات العامة والمواقف السياسية، فهو ينتقد أيضا منهجيتهم في طرح القضايا النظرية ومنها بالخصوص التمشّي «التمجيدي» الذي دأبوا عليه وأنساق إليه أشهر منظريهم سيد قطب.

التمشّي التمجيدي

في كتابه «الإفريقية اﻶسوية» يعرّف بالنبي هذا التمشّي التمجيدي لدى المثقف المسلم، ويحلل أسبابه بإسهاب ويفسّره بعقدة النقص التي يعاني منها هذا المثقف تجاه الحضارة الغربية، كلّما طرحت نقائص المجتمعات الإسلامية. الأمر الذي يدفعه آليا إلى التمجيد وإلى الاستشهاد بعظمة وعظماء الماضي… والنتيجة هي تأجيل طرح القضايا الحقيقية المعيشة.

ويمثّل هذا الموقف التمجيدي بالنسبة للكاتب «أعراض مرض مجتمع فقد الوسيلة والإرادة لتجاوز ضعفه، مجتمع انهارت فيه قوى الحركة والتقدّم…»

الجدل مع سيّد قطب

وقد أشار بالنبي إلى هذه القضية بخصوص سيّد قطب دون ذكر اسمه: «هذه الحالة وخيمة العواقب عندما يتعلّق الأمر بأخصائي هذه القضايا، والذي يمكن لعمله أن يؤثر في توجهات عصره وقد أراد أحد هؤلاء المفكرين أن يخط برنامج عمل اختار له عنوان “نحو مجتمع إسلامي متحضر” ولكنه فكّر ثم غيّر العنوان إلى “نحو مجتمع إسلامي”… لا أعتقد أنّ المفكر الكبير قد أدرك أنّ الكلمة التي حذفها من العنوان قد حرّفت القضية في تصوّره وغيّبتها أو خدّرتها في ضميره. والعملية التي تتم على المستوى النفساني، ينتج عنها إفراغ القضية الأصلية من عنصرها الأساسي على المستوى الفكري، ألا وهو البحث عن شروط الحضارة». ويضيف: «عندما يعتقد هذا المفكّر المحترم أو يريد إقناعنا بأنّ مجتمعا مسلما هو متحضّر بطبعه، فهو يتجاهل القضية الكبرى للعالم الإسلامي ونحسب أنه انجرّ بتأثير حالة عاطفية إلى موقف تمجيدي عقيم».

ويرى بالنبي في موقف سيّد قطب وأتباعه الكثيرين، السبب الرئيسي لعجز المثقفين المسلمين على طرح القضايا الأساسية والتي هي من صلب مجتمعاتهم.

ويعتبر بالنبي أنه كان الأجدر بأصحاب المواقف التمجيدية وعلى رأسهم سيّد قطب، خدمة للمصلحة العليا للعالم الإسلامي، «أن يلتزموا الموضوعية إلى النهاية وأن يعترفوا أنّ هناك مجتمعا مسلما لكن في مرحلة ما قبل الحضارة، وهو الأمر الذي يطرح قضية تحضره».

وجاء رد سيّد قطب في كتابه «معالم في الطريق»: أولا: أنّ المجتمع الإسلامي غاية يُرجى بلوغها وليس بالواقع المعيش لأنّ مجتمعات العالم الإسلامي ليست كلها مسلمة حقا لأنها لا تخضع كلها لشريعة الإسلام، وثانيا: أنّ المجتمع المسلم، الخاضع لشريعة الإسلام هو في رأيه المجتمع المتحضّر الوحيد لكونه يقوم على أسس إلهية بعكس المجتمعات الجاهلية التي تقوم على تشريعات بشرية. وفي الأخير يعتبر سيّد قطب أنّ موقف بالنبي يترجم حالة من التبعية الفكرية لأفكار خارجية عن الإسلام على أنّ عمق الخلاف الفكري بين الرجلين، لم يمنع بالنبي من التعبير «عن عمق احترامه لرجل ظلّ وفيا لأفكاره حتى النهاية واختار الشهادة على الخيانة…» في عالم إسلامي يهرب فيه المثقفون من تحمّل مسؤولياتهم.

وتشير إحدى الورقات التي كتبها بالنبي عن حوار اختتم محاضرة ألقاها على منبر «جمعية الطلبة المسلمين في ألمانيا» في مدينة فرنكفورت يوم 27 ديسمبر 1967 أنه رفض «مقترحا بتوحيد الحركة الإسلامية على قاعدة كتاباته وكتابات سيّد قطب والمودودي» لأنّ ذلك سيفضي في رأيه إلى الفوضى وليس إلى الوحدة باعتبار الخلافات المنهجية القائمة بين المفكرين الثلاثة. فلم يكن مالك بالنبي يلتقي مع زميليه فيما ذهبا إليه من حكم بالجاهلية على المجتمعات الإسلامية المعاصرة لأنها لا تقرّ بمفهوم «الحاكميّة لله» الذي استنبطاه. ولعلّ أحد أسباب الخلاف هو في تناول بالنبي القضايا بخلفية عالم الاجتماع في حين كان سيّد قطب والمودودي يتناولانها كدعاة لفقه سياسي جديد.

وقد فجّر بالنبي خلافه مع الأخوين سيّد ومحمد قطب في رسالة بعث بها إلى نشرية «المسلم» سنة 1971 التي كانت تُصدرها جمعية الطلبة الإسلاميين في فرنسا (AEIF) وندّد بأصوليتهما لتكفيرهما المجتمعات الإسلامية باسم مفهوم خاطئ للجاهلية طبّقاه على الإسلام المعاصر.

رد فعل الإخوان

لم تتردّد جماعة الإخوان في شنّ حملة عنيفة للتصدي لأفكار بالنبي، متذرعة بعلاقاته المتميزة بالحكومة المصرية، وهي لم تغفر له أنّ كتابه «الإفريقية–الآسيوية» قد نشر بعناية الحكومة المصرية وأنّ أحد الضباط الأحرار، وهو كمال الدين حسين، الذي كان يفخر بصلته الفكرية مع بالنبي، وهو الذي تولّى إدارة حوار حول الكتاب، لعدّة أسابيع في الإذاعة المصرية سنة 1961 غير أنّ حملتهم لم تزد الكاتب إلا إصرارا على نقدهم، معتبرا أنّ فعلهم هو من تأثير الأيدي الآثمة الإمبريالية الأمريكية. وصحيح أنّ القمع الذي تعرّض له الإخوان وكذلك عداءهم للقومية العربية وللشيوعية، قد دفعهم للتحالف مع أكثر الأنظمة العربية محافظة وكذلك مع الولايات المتحدة.

وهو التحالف الذي يرفضه بالنبي ويعتبر الإخوان فيه «كأحد الأذرع للنظام الإمبريالي الذي يريد الإبقاء على الهيمنة على العالم الإسلامي».

في ورقة بتاريخ 1 سبتمبر 1969، كتب مالك بالنبي «الحملة ضد أفكاري على أشدّها في الوسط الطلابي الإسلامي في ألمانيا الغربية. ويبدو أنّ كامل جهاز الإخوان قد وُظّف بقوّة من قِبل المخابرات الأمريكية والصهيونية في الصراع الأيديولوجي…».

ثم تجاوزت الحملة حدود ألمانيا إلى فرنسا وتحديدا داخل جمعية الطلبة الإسلاميين بفرنسا (AEIF). ويذكر الصادق سلام في كتابه «فرنسا ومسلموها» أنّ بالنبي التقى بشر الجابري، أحد أعضاء هذه الجمعية واتفق معه على إعادة نشر كتابه «وجهة العالم الإسلامي» وكان ذلك في جويلية 1970 والجمعية متفتحة لأفكار بالنبي.

غير أنّ الجمعية اختارت بعد أربع سنوات (1974) نشر كتاب «الظاهرة القرآنية» وتجنّبت نشر كتاب «ناقد الثرثرة والسطحية التي عليها الحركات الإسلامية المعاصرة الرافضة للنقد الذاتي والتي ترى في تلاوة القران هروبا يسمح بتجاهل أزمات العالم الإسلامي».

وما لم يذكره الصادق سلام هو أنّ الهيئة الإدارية لتلك الجمعية قد تغيّرت في تلك المرحلة 1974 حيث تسرّب إليها بعض الطلبة من الفرع التونسي للإخوان وخرجوا بها عن قانونها الأساسي النابذ للسياسة (ملاحظة المترجم).

في المقدمة التي كتبها (1970) للطبعة الجديدة (التي لم تظهر إلا بعد وفاته) للكتاب «وجهة العالم الإسلامي» وضّح بالنبي انتقاداته ومآخذه على جماعة الإخوان وتطوراتها وغرقها في متاهات السياسة الساسوية أو البوليتيك كما يسميها، وهو الأمر الذي أحدث شرخا نهائيا بين قواعد إسلامية وفيّة للمثل وقيادة متورّطة في تحالفات لا شيء يبرّرها.

وقد جاء فيها: «من الحركات التي حاولت خلال العقود الأخيرة تجاوز المنحدر المحتم هناك، بلا منازع، حركة حسن البنا… لو هو استطاع تحصين أتباعه فكريا من الغرق في “البوليتيك” غير أنّ هذا الأمر هو الآن من تحصيل الحاصل وتظهر نتائجه في الشرخ الاجتماعي والأخلاقي الذي يشقّ الحركة، حيث هناك قواعد حاملة لكل الوعود الأصلية، ومستعدّة لكل التضحيات من أجل تحقيق مُثُلها، من جهة، ومن جهة أخرى نخبة كمبرادورية متمعّشة في الفنادق الفاخرة في عواصم العالم ومستعدة للتوظيف في عمليات اغتصاب الضمائر».

وقد حلّل بالنبي الصراعات الداخلية في الجماعة وأدان كلا التيارين – الجناحين – البارزين، لأنهما لم ينتهيا في رأيه، إلا بخيانة المُثل التي يعلنانها والانبطاح في العمالة. ويضيف: «يوجد اليوم على طرفي مشهد النخبة المتحللة، جناح تقدّمي يلطخ بالشتائم جناحا محافظا يرد على خصمه بالتفكير. وبما أنّ كل إفراط منهك للضمير، فمن الواضح أنّ كل هذه التيارات معرّضة للابتلاع في القنوات الموصلة لدوامات التروتسكية وطواحين الامبريالية».

هذا النقد الكاسح لمالك بالنبي في آخر عهده، هو أيضا لرجل ظلّ يكتب طيلة عشرين سنة عن حركة التجديد الإسلامي عموما وعن الإخوان المسلمين خصوصا. وهو رجل عايش وحاور الإخوان كما حاور معارضيهم. وإذا كان نقده بهذه الحدة فلأنه صاحب تجربة شخصية ومقاربة فكرية صارمة لا ترحم.

التعددية وروح النقد

الروح النقدية التي رأى بها بالنبي جماعة الإخوان، هي تجسيد للحوارات والمعارضات القائمة داخل حركة التجديد الإسلامي المعاصرة والتي لا تمثّل وحدة صماء. ونرى أنّ تقديمنا لهذه المناظرات والاختلافات والمعارضات، من شأنه أن يساهم في دحض النظرة «التوحيدية» لحركة التجديد هذه. وتعتبر هذه النظرة التوحيدية نقطة التقاء «غير محتمل» بين بعض الناشطين المسلمين الذين يريدون إسكات الخلافات ويدعون لرفض الحوار الداخلي في الإسلام، باسم ضرورة الوحدة داخل المجموعة الإسلامية، من جهة، ومن جهة أخرى، بين بعض المحلّلين الغربيين الذين يقدّمون حركة التجديد الإسلامي في شكل كيان موحّد وأصم، دون فهم أو اعتبار للتيارات التي تشقّه بما فيها من حوارات واختلافات. ويمكن لواقع التعدّدية داخل حركة التجديد الإسلامي، أن يقدّم كثيرا من مجالات البحث والتفكير.

وعلى الرغم من اعتراض بالنبي على محاولة التوفيق بين فكره وفكر سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، فإنّ كثيرا من الحركات والمثقفين (5) داخل حركة التجديد الإسلامي، كرعوا من معين هؤلاء الكتاب لبناء قاعدتهم الفكرية. وفي السنوات الأخيرة، وصل الأمر ببعض نشطاء الإخوان المسلمين وحتى ببعض المنظمات التابعة لهم، بتبني أفكار مالك بالنبي بالرغم من انتقاداته لحركتهم.

على أنّ الخلاف يبقى حادا في بلد كالجزائر، بين أتباع بالنبي وجماعة الإخوان، بناء على مواقف جاءت بعد وفاة مؤلف «وجهة العالم الإسلامي».

وأخيرا، لا بد من الإشارة إلى أنّ مالك بالنبي لم يحلّل ويدرس جماعة الإخوان بصفة الباحث المتخصّص في دراسة هذه المنظمة، وإنما درسها كمثقف مسلم يفكّر في المجتمع المسلم وفي العالم المحيط به. وقد أراد لنفسه أن يكون «شاهد قرن». بكل ما تحمل هذه العبارة من قوّة وعمق في المنظور الإسلامي. لذلك وجب وضع تحاليل مالك بالنبي للإخوان ضمن تحاليله الجملية للظواهر الكبرى. ونذكر أنّ الرجل لم يدرس بالتفصيل هذه المنظمة وتطورها التاريخي ومختلف التيارات التي تشكلها (ما عدى الإشارات التي تضمّنتها مقدمته للطبعة الجديدة لكتابه «وجهة العالم الإسلامي») وهو لم يدرس التنظيمات الوطنية التي تولّدت عن الجماعة الأصلية وكيفية تأقلمها مع خصوصيات البلد (سوريا والأردن مثلا). كما أنه لم يدرس القاعدة الاجتماعية التي تستند إليها هذه الجماعة. ويمكن لكل هذه التحاليل أن تساهم في تعميق النظرة النقدية التي قدّمها بالنبي وكذلك فتح آفاق جديدة للتحليل.

6 أكتوبر 2010

هوامش:

1― يوسف جرارد هو باحث فرنسي من مواليد 1981 حصل على الدكتوراه في التاريخ في جوان/ حزيران 2010 كان موضوع أطروحته: القومية الثورية والتمدين السياسي، حالة حزب الشعب الجزائري/ حركة انتصار الحريات الديمقراطية في ولاية الجزائر سابقا فيما بين 1943 / 1954. و قد نشر الكاتب في السنوات الأخيرة عديد المقالات والبحوث تناولت شخصيات فكرية وتيارات سياسية ساهمت في التصدي للمد الاستعماري ومقاومة حضوره. وبالتوازي مع عمله العلمي ينشط يوسف جرارد في التيار المساند للقضية الفلسطينية والمدعم لقضايا الشعوب الواقعة تحت الاستعمار والامبريالية وهو إلى جانب ذلك طرف جاد في الحوارات الدائرة جول الإسلام في فرنسا. ويعتزم الكاتب توجيه أبحاثه مستقبلا لفكر مالك بالنبي ولإشكاليات « الهوية: الخصوصية والاندماج » التي واكبت الحركة الوطنية الجزائرية.

2― استشهد الكاتب في هذا المقال بأربعين (40) مرجع، كلها بالفرنسية، وقد جاءت هذه المراجع في أربع صفحات كاملة. وقد ارتأى المترجم، في هذه الصياغة أو الترجمة الأولى على الأقل. أن لا يذكر المراجع، إلا قليلا منها، تخفيفا على القارئ. وهذا أحد أوجه التصرف الذي توخاه في ترجمة هذا المقال. أما الوجه الثاني فيتمثل في تلخيص بعض الفقرات الطويلة من النص الفرنسي والتي وصف فيها الكاتب معاناة بالنبي وألوان العداء الذي تعرّض له من طرف السلطات الاستعمارية وأذيالها، جراء كتاباته عن الإخوان، في مطلع سنوات 1940.

3― تعرفت على مالك بالنبي في أكتوبر 1964، بعد يومين أو ثلاثة من تعرفي على رشيد بن عيسى. وهذا الأخير هو الذي دعاني لحضور الندوات الأسبوعية التي كان بالنبي ينظمها في بيته، بعد ظهر كل سبت. وقد حضرت هذه الندوات بانتظام حتى بداية شهر ماي 1965، تاريخ مغادرتي الجزائر. غير أنني بقيت على اتصال بالمعلم إلى حد أشهر قليلة قبل وفاته في سنة 1973. كان قد كلفني وقتها بإعادة نشر كتابه «وجهة العالم الإسلامي» وبعث لي بورقات حدد لي موضع إضافتها. لم يتيسر لي إنجاز المشروع للأسف الشديد. ما تعلمته في حلقة يوم السبت، التي كانت تضم ستة أشخاص على الأكثر، سأذكرهم في مكان آخر، وما تعلمته من خلال قراءة مؤلفاته وأكثر الأدب الذي كتب حولها، يمثل الجزء الأهم من الزاد الفكري الذي أضاء لي الطريق خلال هذه العقود. رحم الله مالك بالنبي فقد كان وسيظل صرحا للفكر الإسلامي السليم والمتنور ومفكرا صارما.

4― للإشارة، يذكر هذا الوضع، في كثير من ملامحه، بالوضع الذي عرفته الجماعة الإسلامية- حركة الاتجاه الإسلامي- النهضة- في تونس، فيما بين نشأتها، السرية، بداية السبعينات من القرن الماضي وحتى سنة 1991، عندما انكشفت خطتها الانقلابية الثانية، المسماة، مجازا، بخطة فرض الحريات. فعلى طول هذه الفترة وعلى الرغم من محاكمة صيف 1981، ثم محاكمة 1987 وانكشاف «القضية الأمنية» وهي المحاولة الانقلابية الأولى لهذه الحركة، وعلى الرغم من فشلها في الحصول على الاعتراف القانوني. ظلت هذه الحركة تنشط علنا وتتحرك جهرا في المجتمع وفي الساحة السياسية، وتصدر البيانات ويعطي زعماءها التصريحات والأحاديث الصحفية، بل أكثر من ذلك، فقد وقع الاعتراف بإتحاد طلابي تابع لها وشاركت بشكل غير مباشر في التوقيع على الميثاق الوطني (1988) ومنحت ترخيصا لجريدة أسبوعية وظل الكثير من قادتها يخطبون ويؤمنون الناس في المساجد الرسمية ولم تغب إلا عن الميدان الاجتماعي لأنها لم تستثمر فيها أبدا.

5― كثير من الحركات والشخصيات اعتبرت مالك بالنبي وفكره المرجعية الوحيدة أو أحد مرجعياتها، منها: حزب التجديد الجزائري الذي أسسه نور الدين بوكروح سنة 1989 وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وحركة النهضة في تونس.

5 تعليقات

  1. غير معروف بتاريخ

    Excellente analyse
    Excellente analyse, si possible une traduction en français pour les francophones.
    La nouvelle génération doit lire et comprendre le grand penseur Ben Nabi  

  2. غير معروف بتاريخ

    N’oubliez pas chers lecteurs et lectrices de https://www.hoggar.org que ce 31 octobre est l’anniverssaire de la mort de Malek
    Bennabi.
    Cela fait exactement 37 ans qu’il nous a quitté,et ses oeuvres sont toujours là pour témoigner qu’il était le maitre
    incontestable.
    ses analyses sociologiques et ses idées toutes innovatrices,sur le colonialisme et la colonisabilité
    ont certes changé le train de vie de la plupart d’entre nous.
    soyons à la hauteur de ce grand homme Musulman Algerien,et prenons au moins un tout petit lap de temps pour prier à sa
    mémoire.
    ses oeuvres,ses idées déjà publiées,resteront,à jamais gravées,dans les annales de l’humanité.
    pour lui rendre justice,je demande à tout ceux qui l’ont connu de son vivant,ou s’étant rapprochés de lui,de nous faire
    partager,sur ce sîte,ses oeuvres,ses idées et ses écrits à la main,qui selon des sources n’ont pas été publiés à ce jour.
    quelques minutes,voire une heure ou un jour,consacréés à sa mémoire,feront plaisir à ses amis,sa famille et ses éléves.

    merci.

  3. محمد الناصر النفزاوي بتاريخ

    ثلاث ملاحظات موجزة
    يسرّني أن أبدي الملاحظات الأربع التالية:أولا سبق أن قرأت النص الأصلي في الفرنسيّة. وبما أنني عرفت الآن أن معّربه السيد أحمد المنّاعي كان ملازما لمالك بالنابي فترة من الزمان فأنا ألتمس منه أن يتحرّي في اللغة لكثرة الأخطاء التي أضرّت بتعريبه ثانيا: كان مالك يكتب لقبه عندما كان لفترة قصيرة عضوا في جمعية الطلبة المسلمين الشمال أفريقيين في فرنسا على النحو التالي:مالك بالنابي وكلّنا يعرف أن كتابة اللقب بالفرنسية يحوّله الى بالنبي ويوجد فرق بين “النابي ” والنبي” ثالثا: المقال الأصلي يكاد أن يكون “مسطّحا” وليس هذا ادعاء مني رابعا:الجزائر خاصة بما أنه يتوافر فيها عدد كبير ممن يتقنون اللغة الفرنسية أنجبت مجايلا لبالنابي هو علي الحمّامي صاحب رواية “ادريس” .وأناأزعم أن دراسة جامعية جادة تتناول بالمقارنة مالك بالنابي وعلى الحمامي ستفيد الجزائريين افادة كبيرة.أودّ أن أقول ان نظرة علي الحمامي الى الأشياء أثرى بما لا يقاس من نظرة بالنابي
    محمد الناصر النفزاوي الموقع التونسي زينب النفزاوية .

  4. دكتور محمد مراح بتاريخ

    تعقيب على السيد محمد الناصر النفزاوي
    أبدى السيد محمد الناصر النفزاوي أربع ملاحظات الثلاثة الأخيرة منها نقدات بدعاوى تعوزها الأدلة ، وما كان كذلك سقط من مملكة النقد المعتد به .
    فبن نبي هو بن نبي سواء كتب العربية أو الفرنسية؛ واللقب العائلي تنفرد به عائلته ، وانا ابن تبسة المدينة الثانية لأصل ونشأة المرحوم العظيم .
    دعوى السطحية لم يقم عليها حجة واحدة ، تستدعى التفكير فيما يكون قد فات ملاحظته من متوسطي الذكاء واللمح أمثالي .
    اما حديثه عن المرحوم الشهيد علي الحمامي رحمه الله تعالى الذي قضى عام 49 في حادث طائرة بباكستان وكان في مهمةمغاربية مع إخوان له من المغرب وتونس ممثلين للمغرب العربي الكبير في مؤتمر إسلامي بباكستان
    ففعلا الرجل لازال مظلوما مهضوم الحق، مجهول القدر . لكن الملاحظة النفزاوية حول مقارنته بمالك رحمه الله تعالى، وجزمه بأن ثراء فكر الحمامي ونظرته لاتقاس بها نظرة بن نبي ثراء وعلوا .
    الحق أن أهم متطلبتا النقد غائبة عن هذا الحكم ؛ لعل النفزاوي لايعرف بأن نبي رحمه الله تعالى كان أول من عاتب وآخذ الحركة الإصلاحية التي لم تعن بنشر تراث الرجل الفكري، ، مشيدا بالمنزلة الفكرية للرجل . وقد استقر الأمر على حاله إلى يوم الناس هذا ، فلم تنشر سوى الرواية كما نعرف . ولذا فما مستند النفزاوي في المقارنة بين الرجلين أحدهما نشر فكره ، ولا يزال محل درس واعتبار، واحترام وإعجاب ؛ متميزا لا يكاد يقاس به قامات خريجي أعرق وأعظم الجامعات العربية والأجنبية من كتابنا ومفكرينا.
    فليطامن النفزاوي من استشرافه الذي ليس له في وفاضه من التراث الحمامي رحمه الله تعالى إلا رواية (إدريس ) التي تفضل مشكورا محمودا بترجمتها للعربي’.
    فلحد الآن لازال مالك بن نبي رحمه الله تعالى معجزة زمنية حبا الله الجزائر والمسلمين . .

Exit mobile version