(تعليقا على ما كتبه الشاعر محمود درويش “أنتَ منذ الآنَ غيرُك” ، بعد ما سُمِّـيَ “باستيلاء” حماس على قطاع غزة!)

أُريـــدُ ادِّخـَــارَ قـَلـيـــلٍ مـِــنَ الجُـهـْــدِ كـَـيْ أسْـتـَطـيــعَ عُـبـُـورَ الطـَّريـــقْ …
أُريـــدُ اقـْتـِطـَــاعَ مَـسَـاحَـــةِ قـَلـْــبٍ
تـُمَـكـِّنـُنِــي بـَــثَّ بـَعـْـضِ المـَــوَدَّةِ نـَحـْــوَ صَـديـــقْ …
أُريـــدُ الحِـفـَــاظَ عَـلـى قـطـْعَـــةٍ مـِـنْ مَـرَايـَــا الـفـُــؤادِ

لـتـَعْـكـِــسَ بـَعـْــضَ الـبـَريـــقْ …
أُريـــدُ الـدِّفـَــاعَ بـسَـطـْــر ٍ مِــنَ الـشـِّعـْـــرِ حـُـــرٍ
لأقـْهـَـــرَ عـَصْـــرَ الـرَّقـيــــقْ …!

* * *

” أنـَــا الآنَ أصْـبـَحـْــتُ غـَيـْــري ” تـَقـُــولُ …
تـُجَـمـِّـــلُ نـَثـْـــرَكْ …
و إنـَّــكَ مـُنـْــذُ عُـقـُـــودٍ تـَحَـوَّلـْـــتَ غـَيـْـــرَكْ !!!
فـَخـُــذْ مِـــنْ قـَصِـيـــدِكَ حـِـــذرَكْ …
لأنـَّــكَ عـَبـْــرَ الـسِّنـيـــنِ كـَتـَبـْــتَ مِــنَ الـشـِّعـْــرِ
مـَــا سـَــوْفَ يـُسْـقِـــطُ عُـذرَكْ !!!
ومِـثـْلـُــكَ لا يـَسْـتـَفِـــزُّ الـدَّقـَائـِــقَ كـَـيْ تـَسْـتـَريـــحَ بـِمَـنـْزِلـِـــهِ
خـَــوْفَ مـَــوْتٍ قـَريـــبْ …
ومِـثـْلـُــكَ يـَعـْــرِفُ كـَيـْــفَ يـَصـُــوغُ الحـُــدَاءَ
لـيُـبْـطِــئَ مـَــرَّ الـزَّمـَــانِ فـَيَـخـْلـُـــدُ حـَــرْفُ الأديـــبْ …
ومِـثـْلـُــكَ بالـحـَــقِّ – لا بالـبـَلاغـَـــةِ – يـَهـْــزِمُ جـَيـْــشَ الـمـَغِـيـــبْ …!
أجـِبْـنِــي بـِرَبـِّــكَ …
هـَــلْ نـَحـْــنُ نـَسـْـــلُ الـتــُّـــرَابِ و أنـْـــتَ سَـلـيـــلُ الـسَّـمـَـــاءْ ؟
أنـَحـْــنُ الـشـَّيـَاطـيـــنُ إنْ مـَـا غـَضِـبْـنـَــا وأنـْــتَ هُـنـَــا آخـِــرُ الأنـْبـِيـَــاءْ ؟
إذا كـُنـْــتَ يـَوْمـَــاً عـَــذرْتَ الـــذي قـَـــدْ تـَهـَـــوَّرَ
وهـــو يـَسِـيـــرُ بـِـــدَرْبِ الـخِـيـانـَـــةِ
فـَاعـْــذرْ بـرَبـِّــكَ مـَــنْ قـَــدْ تـَهـَــوَّرَ و هــو يـَسِـيـــرُ بـِـــدَرْبِ الـوَفـَـــاءْ !!!
إذا كـُنـْــتَ تـَعـْــذرُ كـُــلَّ الـجَـرَاثـيـــمِ ( فـهــي تـُنـَفـِّـــذُ أمـْــرَ الإلـــهِ )
فهـَـلا عـَـذرْتَ جـِهـَــازَ الـمَـنـَاعـَــةِ حِـيــنَ يـُقـَـاوِمُ هـَــذا الـبـَــلاءْ !!!
إذا كـُنـْــتَ يـَوْمـَــاً تـَقـَمـَّصْــتَ( يـُوسـُــفَ )
حَـتـَّـى مـَــلأتَ الحَـيَــاةَ صُـرَاخـَــاً و دَمْـعـَــاً و شـَكـْــوى
مـِــنَ الإخـْــوةِ الأقـْرَبـيـــنَ لـِمـَــا أضْـمـَــروا مـِــنْ عَـــدَاءْ …
فـَأولــى بـِــكَ اليـَوْمَ تـَعـْــذرُ غـَيْـــرَكَ
و هــوَ يـَمـُــرُّ بـِنـَفـْــسِ مَـضِـيــقِ الـشـَّقـَــاءْ !!!
أرَاكَ تـُنـَاصِـــرُ إخـْــوَةَ يـُوسـُــفَ …
تـُلـْقـِـــي أخـَــاكَ بـِجـُــبِّ الـبـَلاغـَـــةِ يـَــا أشـْهـَـــرَ الـشـُّعـَـــرَاءْ !!!
وَقـَفـْــتَ عَـلــى نـُقـْطـَـــةٍ لـلحِـيـَــادِ و لـَكـِـــنْ …
وَقـَفـْــتَ عَـلـيْـهـَــا بـِسِـــنِّ الـحـِــذاءْ !!!

* * *

أُريـــدُ رَصـيـــداً مِـــنَ ” الـبـِنـْــجِ”
كـَـيْ أتـَمَـكـَّــنَ مـِــنْ فـَهـْــمِ مـَنـْطِــقِ شِـعـْــرِ الـعَـجـَائـِــزْ …!
أُريـــدُ ابـْتِـــذَالَ القـَصِـيـــدَةِ
كـَـيْ تـَسْـتـَريــحَ بـشِـعـْــري جـَمـيــعُ المـَرَاكـِــزْ…!
أُريـــدُ إلهـَــاً مـِــنَ الـكـِــذْبِ حَـتـَّــى أُبـَــرِّرَ إطـْــلاقَ كـُــلِّ الغـَـرَائـِـــزْ…!
أُريـــدُ اتـِّفـَاقـَـــاً مـِــنَ الـزَّيـْــتِ و الـمـَــاءِ …
يُـرْضِــي ضـَمـيـــري …
ويـُرْضِــي لـِجـَــانَ الجـَوائـِــزْ…!
أُريـــدُ عـُيُـونـَــاً مـِــنَ الـصَّـمـْــغِ كـَــيْ لا أرَى الـوَاقِـفِـيـــنَ
بـأمـْــرِ (أخِــي / العـَبـْــدِ) عِـنـْــدَ الحَـوَاجـِـــزْ…!
أُريـــدُ عُـيـُونـَــاً كـَعَـيْـنـَيـْـــكَ …
تـَرْهـَــبُ حَـتـَّــى مُـجَــــرَّدَ ذِكـْـــرِ الـمَـخـَـــارِزْ …!

* * *

أتـَعـْــرفُ طـَعـْــمَ الـمُـبـيـــدَاتِ فـَــوْقَ زُهـُـــور ٍمـِــنَ الـلـــوْزِ
تـُشـْهـِــرُ سِـحـْــرَ الـنـَّشِـيـــدِ الجـَمِـيـــلْ ؟
أتـُـدْرِكُ مـَعْـنــى جَـريـمـَــةِ تـَبْـويـــرِ حَـقـْــلٍ
يـَكـــوِّنُ جـيـــلاً لـيـَصْـنـَــعَ مِــنْ بـَعـْــدِهِ ألـْــفَ جـيـــلْ ؟
أتـَرْضـَــى بـإسْـكـَـــاتِ نـَــايٍ يـُغـَـــرِّدُ وَقـْــتَ الأصـيـــلْ ؟
قـَتـَلـْــتُ أُخـَــيَّ ؟
نـَعـَـــمْ …
بـَعـْــدَ أنْ كـَـادَ يـَقـْطـَــعُ كـُــلَّ جـُـذوعِ الـنـَّخِـيـــلْ ؟
أخــي ذَاكَ بـَــدَّدَ أثـْـــدَاءَ أمـِّــي – الـتـــي أرْضَـعَـتـْـــكَ و كـُنـْــتَ تـَحِـــنُّ لـقـَهْـوَتـِهـَــا ¬– فـي نـَـوادي الـقِـمـَــارِ …
فـَكـَيـْــفَ أُلامُ بـِحَـجْـــري عـَلـيـــهِ و فـيـــهِ جـَمـيـــعُ العـَتـَـــهْ !؟
أخــي ذَاكَ يـَقـْطـَــعُ زَيـْتـُــونَ بـَيـْـــدَرِ أهـلــي
لإنـْشـَـــاءِ مَـلـْعـَـــبِ (جُـولـْـــفٍ) لـَيُـلـهـِــي بـِـــهِ صُـحْـبـَتـَــهْ …!
أخــي ذَاكَ عـَــادَ إلــى الـبَـيـْــتِ بـَعـْــدَ سِـنـيـــن ِ اغـْتـِــرَابٍ
بـِحـَالـَــةِ سُـكـْـــرٍ مـُبـيـــنٍ
ثـَريـَّــاً جَـديـــداً رَمَـــى لأمَـتـَــهْ !
فـَمـَــدَّ يـَدَيـْــهِ إلـــى ثـَــدْيِ أُمـِّــي – وأُمـِّـــكَ –
فـي شـَهـْـــوَةٍ ثـُــمَّ حِـيـــنَ اسْـتـَغـَاثـَــتْ
تـَجَـــرَّأ صَـفـْعـَــاً و رَكـْـــلاً عَـلـَيـْهـَــا …
و حِـيـــنَ اسْـتـَفـَــاقَ رَأيـْنـَــاهُ يـَلـْعـَــنُ أمـِّـــي – وأمـَّـــكَ –
إذْ أفـْسَـــدَتْ لـَيْـلـَتـَـهْ …!
و أنـْــتَ …
تـَلـُــومُ عـَلــيَّ لأنـِّــيَ لــَــمْ أحْـتـَـــرمْ شـَهـْوَتــَـــهْ …!!!
لـَـــكَ اللهُ …
خـَفـِّــفْ طـُلـُوعـَـــكَ فـَوْقــي كـَــرَبٍّ يـُحـَــدِّدُ كـُــلَّ اتـِّجـَاهـَــاتِ شِـعـْـــري
إذا مـَــا انـْفـَعَـلـْـــتْ …
لـَـــكَ اللهُ …
جـَفـِّـــفْ دُمـُوعـَـــكَ …
و ابـْـــكِ عَـلــى مـَــنْ بـِيـَــوْم ٍ قـَتـَلـْـــتْ …!
لـَـــكَ اللهُ …
كـَيـْـــفَ تـُطـَالـِـــبُ بالعـَــدْل ِ مِـنـِّـــي …
و أنـْـــتَ بـيـَــوْم ٍ حَـكـَمـْــتَ
و لـَسْـــتُ أرى مـَــنْ يـَقـُــولُ : “عـَـدَلــْــتْ “!!!
نـَجَـحـْــتَ بـِجـَــرْح ِ الـمَـعَـانـــي الـجَـمِـيـلــَـــةِ حَـقــَّـــاً …
و حيــنَ أتـَيـْــتَ لـتـَمـْــدَحَ ذا الـجـُــرْحَ ( وِفـْــقَ الـبـَلاغـَـــةِ )
حَـتـْمـَــاً فـَشـَلـْـــتْ …!!!
فـَهـَــلا اعـْتــَــذَرْتَ بـِرَبـِّــكَ عَـمَّــا فـَعَـلـْـــتْ …؟؟؟

* * *

أُريـــدُ تـَعَـلـُّــمَ كـَيـْــفَ يـَصِـيـــرُ الـخـُنـُـــوعُ سَـلـيـقـَــةْ…
أُريـــدُ مَـجَــــازاً يـُؤَشـِّـــرُ عَـكـْــسَ اتـِّجـَـــاهِ الحَـقِـيـقـَــــةْ …!
أُريـــدُ قـَضِـيـبـَــاً مِـــنَ الـشـِّعـْـــر ِأمْـشِـــي عـَلـَيـْـــهِ لِحَـتـْفـِـــي
كـَمَـعـْنــى بـِـــدُونِ الـقـَضِـيـــبِ يـَضِـــلُّ طـَريـقـَـــهْ !
أُريـــدُ مَـوَائـِـــدَ خـَمـْــرٍ لأسْـكـَـــرَ …
ثـُــمَّ أُسَـطـِّـــرُ – قـَبـْــلَ الإفـَاقـَـــةِ –
بـَعْـــضَ الـمَـدِيـــحِ لأفـْكـَــاريَ الـمُـسْـتـَفِـيـقـَـــةْ !
أُريـــدُ أُضَـمِّـــخُ مـَجـْـــدي بـِعِـطـْـــرِ الـفـَصِـيـــلِ الـذلـيـــلِ
ولـَعـْنـَـــةُ رَبـِّـــي عَـلــى كـُــلِّ بـَاقـِــي الـخـَلِـيـقـَـــــةْ !

* * *

أيـُوثـَــقُ فـي الـمـَــاءِ بـَعـْــدَ تـَلـَوُّثـِــهِ بـالـتـَّخـَابـُـــرِ
ضـِــدَّ إرَادَةِ سـُكـَّــانِ أُغـْنِـيـَــةٍ شـَاعِـريـَّـــةْ ؟
أيـُوثـَــقُ بالـشـِّعـْـــرِ– رَغـْـمَ فـُنـُــون ِالـبـِلاغـَــةِ –
حـِيــنَ يـُــدَانُ بـِسُـــوءِ الـطـَّويـَّــةْ ؟
لـمـَــاذا تـَرَكـْــتَ الـقـَصِـيـــدَ وَحِـيـــدا ؟
أتـَجْـهـَــلُ أنَّ الـقـَصِـيــدَ يـَمـُــوتُ بـِـــدونِ الـحَـقـيـقـَــةِ
مـَهـْمـَــا أجـَــدْتَ اخـْتـِــرَاعَ الـتـَّرَاكـيـــبِ
حـَتـَّـى تـَلـُــوحَ لـَنـَــا مَـنـْطِـقِـيـَّــةْ ؟
تـَوَجَّـعـْــتُ عُـمـْــرَاً بـِضِــرْسٍ تـَسـَــوَّسَ
نـَغـَّــصَ لـَيْـلِـــي و صُـبْـحِــي
و حـيـــنَ تـَخـَلـَّصـْــتُ مـِنـْــهُ
رَأيـْتـُــكَ تـَصْـــرُخُ أنـِّـي مِـثـَـالٌ عَـلــى الـهَـمَـجـِيـَّـــةْ !!!
بـِرَبـِّــكَ – يـَــا مـَــنْ يـُمَـنـْطِــقُ حَـتـَّــى الـجُـنـُـــونَ –
أنـَــا …
أمْ أخـِــي …
بـَــاعَ هـَــذي الـقـَضِـيـَّـــةْ ؟
بـِرَبـِّــكَ – يـَــا مـَــنْ تـَفـَحـَّــمَ مـِــنْ شِـــدَّةِ الـضـَّـــوْءِ – قـُـلْ لــي :
أنـَــا …
أمْ أخِــي …
سَـلـَّـــمَ الـبُـنـْدُقـِيـَّـــةْ ؟
بـِرَبـِّــكَ – يـَــا مـَــنْ يـُوَاصِــلُ حـَصـْــدَ الـجَـوَائـِـــزِ– قـُــلْ لـــي :
أنـَــا …
أمْ أخـِــي …
قـَــدْ تـَمَـلــَّـــكَ شـَيْـئـَــاً لـكـَــيْ يـَتـَمَـلـَّكـَـــهُ الـشـَّــئُ
كـَالـسَّـهـْـــمِ يـَمْـلـُــكُ قـَلـْــبَ الـرَّمِـيـَّــةْ ؟
تـَقـُــولُ بـأنـِّـي قـَطـَعـْـــتُ بـِسَـيـْفـِــيَ رَأسَ أخـِــي …
ثـُـــمَّ تـَبـْكـِــي …
و تـَنـْسـَــى بــأنَّ أخـِــي رَأسُ حـَيـَّــــةْ !!!
أقـُــولُ بـأنـِّــي رَفـَضـْــتُ (الـسِّـيـنـَاريـُـــو) …
و أنـْــتَ تـَقـُــولُ بـأنـِّـــيَ جـُـــزْءٌ مِـــنَ الـمَـسْـرَحِـيـَّــــةْ !!!
كـَلامـُـــكَ – يـَا مـَــنْ كـَتـَبـْــت لـريـتـــا – يـُسَـمـَّــى بـِشـَـــرِّ الـبَـلـيـَّــةْ !!!

* * *

أُريـــدُ دُمـُوعـَــاً مـِــنَ الـقـَـــارِ أبـْكـِــي بـِهـَــا فـي لـَيَـالــي الـظـَّـــلامْ …
أُريـــدُ رِدَاءاً مـِــنَ الـصَّـمـْـــتِ يـَسْـتـُــرُ عـُــرْيَ الـكـَـــلامْ …
أُريـــدُ دَوَاءاً لـتـُشـْفـَــى الـقـَصِـيـــدَةُ حِـيـــنَ تـُصـَــابُ بـِــدَاءِ الجـُـــذَامْ …
أُريـــدُ أرَاكَ – و أنـْــتَ الـكـَبـيـــرُ – تـُبـَـــادِلُ تِـلـْــكَ الـجَـمَـاهـيــرَ
بـَعـْـــضَ احـْتـِـــرَامْ …
أُريـــدُ أرَاكَ بـِمَـقـْهـَـى صَـغِـيـــرٍ بـِيـَــوْمٍ لـكـَــيْ أتـَجـَاهـَـــلَ أنـَّــكَ فـيـــهِ …
لأنَّ عِـقـَابـَـــكَ عِـنـْـــدِيَ …
تـَــرْكُ الـسَّــــلامْ …!

عبد الرحمن يوسف عبد الله القرضاوي

***

أنت منذ الآن غيرك!

هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا… لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟

وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟

كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!
أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك!

أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا – تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع!

أيها الماضي! لا تغيِّرنا… كلما ابتعدنا عنك!

أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف.

أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!

الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة

تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟

لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد!
ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا!

أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!

مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة!

قلبي ليس لي… ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً.

هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته – أخيه: >الله أكبر< أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟

أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه.
رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.

ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين.

وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة… ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟.

لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة. الدخول مجاناً! وخمرتنا… لا تُسْكِر!.

لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة.
لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة!.

أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام.

من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟
بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك!.

لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة. ولكن، يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون!.

سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟
قُلْتُ: لا يدافع!.

وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟
قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد!.

لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.

أنت، منذ الآن، غيرك!.

محمود درويش

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version