سمعنا الكثير من الحكايات التي تتناقلها الألسن، عن تعامل جهاز الأمن في غرداية مع الآفات الاجتماعية بنوع من اللامبالاة أو التراخي وحتى ربما التغاضي المقصود إلى درجة التشجيع وخاصة استهلاك الخمور وتعاطي المخدرات بين الشباب.

ولكن ما حدث يوم الخميس 17 جوان 2010 في أحد الأحياء السكنية الشعبية بغرداية يؤكد وللأسف كل هذه الحكايات المتواترة.

ففي حوالي الحادية عشر ليلا، تعالت أصوات معربدة، مليئة بالشتائم والألفاظ الجارحة التي تخدش الحياء ولما خرج سكان الحي للاستطلاع وجدوا مجموعة من الشباب في مقتبل العمر ربما كان من بينهم قصر وهم في سهرة معاقرة للخمر واستهلاك للمخدرات، وعندما ازدادت درجة اللاوعي لديهم بدؤوا في الشجار فيما بينهم ثم تحول إلى سب وشتم لسكان الحي وعندما حاول البعض إفهامهم و محاولة تعقيلهم، بدؤوا بالضرب وتلاه بعد ذلك رشق السيارات والمارة بالحجارة وأصابوا بعضهم بجروح، وعندما قدم رجال الشرطة – بعد طول انتظار – ألقوا القبض على أحد هؤلاء المعربدين في حالة يرثى لها من السكر شديد، وبعدها تقدم المصابين بالجروح إلى مركز الشرطة لتقديم شكايات ضد المعتدين.

ولكن المفاجأة الغير منتظرة كانت إطلاق الشرطة لسراح الشاب الوحيد الذي تم القبض عليه في حالة تلبس ولم تقبض على أيّ واحد من أصحابه أبطال السكر العلني وتعاطي المخدرات. وهكذا عادوا وبكل اطمئنان إلى ممارسة هوايتهم وإدمانهم اليومي، بتعاطي الخمور واستهلاك المخدرات وهذه المرة تحت الحماية!

هل يوجد أكثر من هذا تشجيع؟ من المستفيد من إفساد أخلاق شباب جزائري في مقتبل العمر؟ ولماذا تشجّع مثل هذه الانحرافات؟

هل لتحويلهم إلى مؤشرين ومخبرين ينقلون الأخبار والمعلومات عن كل المواطنين إلى مصالح الأمن؟ أم هل هي خطة لإغراق منطقة مزاب بالخمور والمخدرات؟ في محاولة لإعادة سيناريو إغراق منطقة القبائل بالخمور؟

أم هي الخطة والإستراتيجية المدروسة، لإبعاد الشباب الجزائري عن التفكير في مستقبله والبحث عن حلول لمشاكله اليومية وهذا بالتشجيع على تغييب عقله، وكبح قدراته والحد من طموحاته وهذا بإغراقه في هذا الانتحار البطيء، وبالتالي إجباره على القبول بالأمر الواقع والأوضاع السياسية الراهنة وترك السلطة وشأنها تنهب ما تشاء من ثروات الشعب الجزائري دون رقيب أو محاسب، مدى الزمن؟ وما إستراتيجية حرب الأفيون التي شنتها بريطانيا الاستعمارية على الصين في بداية القرن الماضي ببعيدة عن الذاكرة!

فخار كمال الدين
غرداية 22 جوان 2010

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version