كان الرئيس الرّاحل هواري بومدين رحمه الله عندما يتحدث في خطاباته بلغته البسيطة التي يفهمها أغلب الشعب الجزائري بل شعوب مجاورة، يسبق فعله قوله، وعندما يريد الإعلان عن شيء، ينفذه ويعطيه بعد ذلك الصبغة الرسمية على مستوى الإعلام.

ذهب بومدين وأعيى من بعده بقراراته الجريئة ومواقفه البطولية، التي سجلها التاريخ في كثير من القضايا العربية والإسلامية بل حتى العالمية، ويكفي أن نضرب مثالا واحدا وهو “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” جاء من بعده رؤساء حكموا الشعب لا بإرادته ولا بإرادتهم، وأوصلوا البلاد والعباد إلى وضع كارثي، وأصبح الرئيس وكأنه يعيش في قارة أخرى ولا علاقة له بالشعب وبما يجري حوله.

قصّ عليّ أحد الوزراء السابقين أن الرئيس هواري بومدين رحمه الله استيقظ يوما وذهب لتناول الإفطار ولم يكن في مائدة الإفطار قليل من الزبدة كان يتناوله مع الخبز كالمعتاد، فأمر بإحضارها له، فقال له الخادم: يا سيادة الرئيس الزبدة غير موجودة، وفي الغد جاءه بها، فقال له الرئيس: من أين أتيتم بالزبدة؟ فقال الخادم تم استيرادها من الخارج فامتنع الرئيس عن تناولها وقال: “يلعن أبو الزبدة الي أكلها أنا وشعبي محروم منها”.

هناك قصص كثيرة ولكن ليس المجال لذكرها كلها وإنّما الحديث عن بعض منها في جرأته في اتخاذ القرار وفي صدقه في الحديث مع شعبه وتناول قضاياه، إن على المستوى الوطني أو الدولي، ويكفي أنه عندما “مات” رحمه الله ترك حسابه البنكي فارغا، اللهم إلاّ من المبلغ الرمزي الذي فتحه به.

جزائر اليوم في عهد من حاول لبس برنوسه وهو عبد العزيز بوتفليقة تعيش مستوى آخر ونمط آخر، فقد وصل الأمر إلى أن الرئيس أصبح نكتة يتسلى بها الشعب، وتقول النكتة أنه يوما عندما سأله مواطن أن يضيف شيئا في العلم الجزائري ويقصد “الله أكبر”، طبعا مثل علم العراق والعربية السعودية، اختار بوتفليقة كلمة العاجز وهي “الله غالب”.

قام الرئيس هواري بومدين بقطع الكهرباء على مدينة تونسية بقرب الحدود ردا على تصريح للرئيس التونسي بورقيبة وقتذاك، وقال بورقيبة كلمته المشهورة بعدها “قلنا كليمة أصبحنا في ظليمة”.

جزائر اليوم تعرضت إلى قصف إعلامي من أحطّ الناس في مصر فلقبوا الشعب بأنه همجي وأنه لقيط ونعتوا شعب الجزائر بأنه شعب المليون ونصف مليون لقيط بدل شعب المليون ونصف المليون شهيد ولا تزال المهزلة مستمرة إلى اليوم عبر بعض قنوات الفتنة وبعض الصحف الجزائرية المعروفة بخطها المنحرف أيضا…
وتتواصل الإضرابات والاحتجاجات واشتعال الأسعار حتى وصل كلغ السكر إلى 110 دج ناهيك عن التصدع الاجتماعي والسياسي والثقافي والحديث عن بناء قاعدة عسكرية، ونهب المال العام… ولا تزال قضية المختطفين وأصحاب شهادات الجهاد والاستشهاد المزورة في طي الطابوهات، ولكن الرئيس بوتفليقة كأنه في حالة الاحتضار أو لا يهمه الأمر، إلاّ إذا تعلق الحال بعائلته أو بأبناء منطقته… فسبحان الله، بين جزائر قرّرنا وجزائر الله غالب.

نور الدين خبابة
27 مارس 2010

3 تعليقات

  1. غير معروف بتاريخ

    تـعـود بـي قـصٌـة “الـزبـدة” هـذه، لـلأسـتـاذ نـور الـديـن خـبـابـة، إلـى أواخـر سـنـة 1965، حـيـن كـنـت، رفـقـة زمـيـلـي آنـذاك فـي الإدارة الـمـركـزيـة لـحـزب جـبـهـة الـتـحـريـر الـوطـنـي، الـمـرحـوم مـحـمـد حـسـانـي، كـنـا نـقـوم بـمـتـابـعـة جـلـسـات مـجـلـس الـثـورة الـمـتـتـالـيـة – الـتـي اسـتـمـرت أكـثـر مـن شـهـريـن – مـن أجـل تـحـريـر وصـيـاغـة مـحـاضـر تـلـكـم الـجـلـسـات بـاللـغـتـيـن، الـوطـنـيـة والـفـرنـسـيـة. وكـانـت مـعـظـم الـجـلـسـات تـسـتـمـر طـوال الـنٌـهـار، عـدا فـتـرة قـصـيـرة للغـداء.

    وذات يـوم، عنـدمـا جـاء الــرئـيـس للـكـشـك يـزورنـا لـبـضـع دقـائـق كـعـادتـه، قـبـل اسـتـئـنـاف الـجـلـسـة، تـنـبٌـه لـطـبـق الـطـعـام وسـألـنـا لـمـاذا لـم نـتـنـاول الـغـداء، فـأجـبـنـاه أنـنـا لـم نـنـته بـعـدُ مـن صـيـاغـة مـحـضـر الـصـبـيـحـة، فـأمـرنـا، بـالـتـوقـف فـورا عـن الـعـمـل وتـنـاول غـداءنـا قـائـلا : مـهٌـلوا عـلـى أنـفسـكـم، سـوف أرجـي الـجـلـسـة لـمـدة سـاعـة كـامـلـة حـتـى تـسـتـرجـعـوا أنـفـاسـكـم !

    كـم هـم بـعـيـدون كـل الـبـعـد مـن هـذه الأخـلاق، “هـم”، أعـنـي الأقـزام – بـكـل مـا تـعـنـيـه الـكـلـمـة مـن رذائـل – الـمـتـحـكـمـون الـيـوم فـي رقـابـنـا وثـرواتـنـا بـل حـتـى فـي كـرامـتـنـا كـشـعـب كـان يُـضـرب بـه الـمـثـل فـي الـشـهـامـة، وأضـحـى الـيـوم لا عـزة لـه بـيـن الـشـعـوب.

    • غير معروف بتاريخ

      شكرا سي عبد القادر.ذ
      أشكرك على الإضافة.والله صدقني أخي الكريم أنني لم أتعلق برئيس جزائري مثلما تعلقت بالراحل هواري بومدين .مسئول من طراز فريد ولكن للأسف كانت الأغلبية في وقته أمية وكانت الجزائر قد خرجت من حرب قذرة خاضهاالأستعمار ضد شعبنا. رحمه الله.

      • غير معروف بتاريخ

        “مات” رحمه الله ترك حسابه البنكي فارغا، اللهم إلاّ من المبلغ الرمزي الذي فتحه به.

        Normal il avait tout l’algerie pour lui.

        Pour ca modestie on nepuet pas le blamé c’est vraie s’il n’etait pas president ca sera un brave type, sauf que il etait president et il a reussi a imposé une vison politique à l’algerie qui est completement faux et aujoudr’hui on paye ces erreurs et surtout venant de ces amis

        sans rancune Yarham Boumedien l’home mais pas le president

Exit mobile version