أديب هو ذلك الاسم الذي يحمله الصحفي المصري عمرو أديب، الذي تقيأ على الجماهير العريضة لمناصرة ومؤازرة الفريق الوطني الجزائري من على قناة فضائية بكلمات سوقية لا مسؤولة، تبين مستواه المنحط، و تدعو إلى التحريض، يفوح فمه منها قيحا، وتهكّم على الشعب الجزائري دون حياء ولا حشمة، ظنّا منه أنه يُحسن صنعا بمنتخب مصر وبشعبها، واتهم الجزائريين دون أن يضبط كلماته، وهي الرزانة المفقودة التي من المفترض أن تكون خصلة عند الصحفي.

اتهم الشعب الجزائري بالحقد والضغينة والكراهية للشعب المصري الشقيق دون إعطاء أي دليل، وطرح علامات استفهام مستهزئا متبجحا، وتساءل عن سر هذا الحقد.

هذا الصحفي الأديب اسما، قليل الأدب فعلاً، راح يدعو الله في غير المسجد، ولا باتجاه القبلة، أن يُبدل فرحة الجزائريين الذين هزموا الفريق المصري ذهابا، وها هم يتأهبون إلى المونديال إيابا، إلى قرحة، ولم يكتف بهذا، بل قال أن المصريين هم من علّموا الشعب الجزائري فنون اللغة العربية، وأحمد الله أنني درست على يد جزائريين وإلا لحق علي قوله.

وليعلم هذا الإعلامي دون المستوى أن الجزائريين يحملون الكثير من الحبّ إلى الشعب المصري بمختلف توجهاتهم، سواء الثقافية منها أو السياسة أو الدينية.

وهيا بنا نضع بين أيديكم بعض رؤوس الأقلام للتذكير فقط، لا التشهير كما يفعل هو:

لو زرت أيها المنصف المسلم والعربي الجزائر، وطفت ربوعها شرقا وغرباً، أو شمالا وجنوبا، لوجدت أشرطة سمعية وأخرى بصرية، في الأسواق كما في المساجد وفي المحلات، لجمع من الدعاة، منهم: عبد الحميد كشك، محمدالغزالي، متولي الشعراوي، عبد الباسط عبد الصمد، والمنشاوي… الخ رحمهم الله جميعا بل ستجدها حتى في السيارات والحافلات…

ولو زرت المقاهي والنوادي لوجدت أشرطة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش…الخ

ولو زرت المراكز التجارية أو الثقافية لوجدت خزائنها مليئة بالمسلسلات والأفلام المصرية، بل أكاد أجزم أنك لو فتحت قلب أي جزائري لوجدت فيه بصمة مصرية فأين الحقد وأين الغلّ تجاه إخواننا في مصر؟

بل لو خرجنا على المألوف لقلنا بأن الجزائريات تأثّرن حتى بالرقص وبالعري المصري وأصبح منهن من تمارس بعض الأشياء على الطريقة المصرية فأين الحقد وأين الكره ؟

إن الكثير من الدعاة الجزائريين سواء المعاصرين منهم أو الأقدمين لا تخلو خطبهم من أقوال وحكم أئمة ودعاة مصر، وهذا إن دلّ على شيء إنما يدُلّ على فضلهم وعلى مكانتهم عند الجزائريين وحبّ الجزائريين للمصريين، ولعلكم تعرفون مرجعية حركة الإخوان في الجزائر بل حتى بعض الجماعات التكفيرية.

إن الكثير من رجال الثقافة والفن لا يخلو كلامهم من ذكر عادل إمام ومحمود ياسين وغيرهم من رجال الفن والسينما، رجالاً كانوا أو نساءً، وهذا يدلّ على أن الجزائريين تربطهم قواسم مشتركة مع الأشقاء في مصر.

ولو انتقلنا لبعض الحركات السياسية التي تأثرت بفكر عبد الناصر لو جدنا أن منهم من لا زال يعتقد بأن عبد الناصر لا زال حيا، فأين الكره يا حضرة الصحفي اللاأديب؟

ولو تبحرنا في الأزمة الجزائرية لوجدنا أن الجنرالات متأثرون بسياسة فرعون الذي قال بأنه هو ربكم الأعلى.

ولو ظللت أعدّ وأحصي لتحول المقال إلى كتاب، ولكن سأكتفي بالأمثلة وللمنصفين التفصيل.

تساءلت بدوري عن سر هذا الحقد ولم أجد له إلا تفسيرين:

الأول: أن هذا الصحفي يفعل هذا من أجل الاسترزاق وسرقة الأضواء كما يفعل بعض الصحفيين الجزائريين، وما يفعله هو وجريدة الأهرام هو ما تفعله مثلا صحيفتا النهار والشروق وبعض مرتزقيهما لبيع جرائدهم وأخذ المواقع، ولا يهمهم ماذا سيترتب من وراء هذه التصريحات والنفاق الإعلامي والمتاجرة بانتصار لم يحققوه هم.

الثاني :هو أن هجوم هذا الصحفي على قناة فضائية يهدف إلى توتير وتعفين الأجواء وتسميمها، لدفع أكبر عدد ممكن من المناصرين الجزائريين أن لا يتنقلوا إلى مصر، ومن ثم الضغط قدر الإمكان على معنويات الفريق الوطني الجزائري واستعمال الحرب النفسية، حتى يستسلموا بسيكولوجيا للأمر الواقع، وبذلك سيحقق هدفين الأول: شهرته، والثاني انتصار فريقه وتأهله إلى نهائيات كأس العالم.

ولهذا أطلب من كل الجزائريين ومن الأنصار تحديدا أن لا ينساقوا إلى مثل هذه الترّهات والخزعبلات التي فاح منها فم هذا الكوميدي، وأن يعلموا أننا أشقاء قبل المقابلة وبعدها، كما يجب أن يعلم هذا الممثل المخادع أن المقابلة ستنتهي ولكن الجزائر ومصر ستبقيان.

وأختم فأقول: أنه بلغني من أحد تلامذة الشيخ البشير محمد البشير الإبراهيمي، رئيس جمعية العلماء المسلمين أثناء الثورة التحريرية رحمه الله، أنّ مصريا على وزن عمرو أديب، سأل الشيخ بعد محاضرة له بجامع الأزهر، متهكما منه، لأنه لا يقيم وزنا للعلم ولا للعلماء، وكانت بينهما الطاولة فقال له :ما لفرق يا شيخ بين الحمار والجزائري؟ فأجابه رحمه الله بسرعة بديهية: الطاولة.

نور الدين خبابة
14 أكتوبر 2009

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version