من نائبات الدهر أن تتساوى لدى الجزائريين النعمة والنقمة وتضحيان سيان. إذ لا فرق بين نعمة البترول إذا كان ثمن برميله يفوق 140 دولارا أو كان يقل عن 40 دولار. تماما كما لا فرق عندهم في شأن السماء أمطرت أم لم تمطر إذا كان سعر الخضر على الدوام في ارتفاع مضطرد. حتى أصبحت البطاطا في رمضان مضى تندرج ضمن تصنيف " لمن استطاع إليه سبيلا"… حدث هذا ويحدث رغم أننا كعرب يقال عنا أن اقتصادنا ومعيشتنا معلقة بين السماء والأرض. أي بين ما ينزل من السماء من غيث وما يستخرج من باطن الأرض من نفط.
لو ربطنا جدلا بين أزمة طارئة في أمريكا هوت بسعر شقة فاخرة بنيويورك إلى ما دون ثمن برّاكة قذرة في " شطيبو" . وبين أزمة مستدامة في الجزائر تسييرها حكومات متعاقبة. ولا أدري إن كانت تريد حلها أو إدامتها، وناقشناهما على ضوء ظاهرة "الحرقة". فلا شك أن شبابنا سيغيرون وجهة قواربهم (بوطياتهم) صوب العالم الجديد بدلا عن فرنسا التي لا يرحم فيها أحد وإنكلترا بعدما لم تعد فيكتوريا الملكة التي لا يظلم عندها أحد. فعلى الأقل والحال هكذا في أمريكا فإن "الحراق" ييمم شطرها موقنا أنها بلد لا يبيت فيها أحد في العراء. بل إن بإمكان كل من اكتسب 9 ملايين سنتيم أن يظفر هناك بشقة لن يطأ مثلها في الجزائر ولو باع قرنيته أو إحدى كليتيه أو كلاهما!
لقد أعيب على اقتصاد أمريكا تمويله قروض العقار وأعيب على أكبر اقتصاد عربي (الإمارات) أنه وظف أموالا ضخمة في بناء العقار . وهذا ما يجعل اقتصادنا – والحمد لله – بلا عيب. فلا هو بنى عقارا ولا مول قروض شرائه. بل إن حكمة العجائز هدته لاكتناز ملايير ريع البترول في الخزينة العمومية، ولن يخرجها إلا في أحلاك الظروف كما قال ذات يوم وزير داخليتنا ومعه حق " القرش الأبيض في اليوم الأسود".
عبد الله الرافعي
15 مارس 2009