حان فراقك يا هُبلْ، فلا عطارد ولا زُحَلْ
هل طُويت السماء لأجلك، أم عرفت حجمك يا نذلْ
أي تاريخ سيذكركْ
أي سلّة ستبتلعكْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

هل جفّت البحارُ والينابيعُ لقدرتكْ
هل أظلمت الأرضُ والسماءُ لقوّتكْ
هل خرّت وسبّحت الجبالُ لعظمتكْ
هل تفجّرت الأنهارُ والبراكينُ بمعجزتكْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

هل أشرقت الشمس وداعاً، واختفي القمرْ
هل لمع البرق ودوّت الرّعود، ونزل المطرْ
أم خرَجْت مذموماً، بفردة نَعْل في الدّبرْ
إيذانا بعصر جديد، يزيلك في لَمْح البصرْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

هل هبّت الرياح لك، وأنبتت الصحراء القاحلة السنابلْ
هل قامت القيامة، ونفخ جبريل في الصور وحلّت بنا الزلازلْ
هل صُفّدت الأرض من الشياطين، وفُكّكت الأغلال والسلاسلْ
هل غربت الشمسُ ونزل عيسى، وناح الحمامُ على الأيك والبلابلْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

لعنات اليتامى ستطاردكْ
بكاء الأطفال الجرحى سيلاحقكْ
دماء الشهداء في المنام سترعبكْ
ستتحول سلامتك إلى إخطبوط وأفعى
وقصرك إلى سجن وثكنة ومستشفى

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

كم من شيخ راكع قتلتهُ
كم من بيت عبادة دمّرتهُ
كم من إمام صالح عذّبتهُ
كم من حيوان ونبات أهلكتهُ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

سيشهد عليك الجمادْ
سيُصبحُ الأذلاء بعدك أسيادْ
ستتغير الأقراح إلى مواسم وأعيادْ
اليوم نهايتك، ولغيرك بداية وميلادْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

لأجل توديعك، أشعارٌ وأغاني
قصص وحكاياتٌ، وألغازٌ ومعاني
ورود وفساتينٌ، وأزهارٌ وحُليّ وأواني
صحّة يتمنّاها الجميع، وتبريكات وتهاني
تطمين بالنّصر والعزّ، والرخاء والأماني

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

وداعا، وإلى اللقاء بك يوم الحساب يا بوشْ
يوم لا ينفع مال ولا بنون، فلا طائرات ولا جيوشْ
يومٌ تطأطئ فيه رأسك مهانةً، وقيمتك أرخص من الجُحُوشْ
لا صاروخ حينئذ يقيك، ولا أسطول ولا عروشْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ

بغداد احتللتها وأفغانستانُ، وحلَلْت مع البغال والوحوشْ
عملاءٌ رحّبوا بك، فقلوبهم مكان الدّبور والكروشْ
رحلت اليوم لكن، تركت سلمك في غزة المغشوشْ
أسبوعك الأخير تأريخ لنا، علامته الجثامين والنعوشْ

تبّتْ يداكَ يا هُبَلْ
 
نورالدين خبابه
20 يناير 2009

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version