نحاول أن نقدم في هذا المقال جملة من الملاحظات العابرة التي نسعى من خلالها للفت الأنظار نحو واقع اجتماعي يعيشه المجتمع العربي عموما والمجتمع الجزائري على وجه الخصوص. وإذ نقدمها للقارئ الكريم فإننا لا نسعى إلى الانتقاص من قيمة الإنسان ولا تزكية أنفسنا وإنما هو الواجب الذي يدعونا للتنبيه لما سيؤول إليه المجتمع على المدى الطويل إذا ما استمرت نظرتنا للأمور على حالها ولنبدأ بـ:

فقدان الأمل والعيش على الأماني: يقول علماء اللغة أن الأمل والرجاء مقرونان بالعمل في حين أن الأمنية لا يتبعها عمل وعليه نلاحظ أن إفراد مجتمعنا يتمنون كل شيء وينسون السبيل إلى تحقيق أمنياتهم فبدون عمل لا يوجد أمل وتبقى تطلعاتنا عبارة عن حلم وربما وهم.

العيش بدون هدف نسعى لتحقيقه: يعيش أغلب أفراد مجتمعنا بدون هدف واضح ودقيق وبدون برنامج عمل فتجد الفرد مشتت الذهن والجهد الأمر الذي يضيع عليه وقته وجهده وسعيه فإن حدد الإنسان هدفه الأول والقريب المنال لما عانى كثيرا في سبيل تحقيقه ولوجد السبيل إلى تحصيل جملة أهداف في وقت قصير ومحدود.

إلقاء اللوم على الغير وعدم مراجعة النفس: حيث يسعى كل واحد منا إلى الإلقاء باللائمة على الغير رغم عدم وجود دخل لأي كان في حياة الإنسان وهذا سعيا منه لتبرير فشله وعدم حسن تدبيره وتقديره للأمور إضافة إلى تزكية نفسه وعدم مراجعتها سواء على مستوى الأهداف أو على مستوى الوسائل والإمكانيات كل هذا يحد من سبل التقدم نحو الأفضل.

تتبع ما لدى الغير وعدم النظر إلى المواهب والإمكانات الخاصة بكل فرد: يقول أن سبب غبن الإنسان وإحساسه بالفقر الدائم هو نظرته لما في أيدي الغير. هذا الأمر يجعلنا في تعب دائم وفي غفلنا عن إمكاناتنا وسبل تطويرها وتحسين مستوانا في جميع القضايا وليس المسائل المادية فقط.

الهروب للأمام وعدم مواجهة المسؤوليات اليومية: يقدم الجزائريون مقولة الله غالب كتبرير لكل ما يواجههم في حياتهم وهي تدل في ظاهرها على الإيمان بالقضاء ة القدر إنما في دلالتها الرمزية فإنها تدل على الاستكانة وقلة الحيلة وجعل كل الأمور عبارة عن مكتوب لا يمكن الفرار منه ولذلك تجد الإنسان يهرب إلى الأمام بمثل هذه التبريرات الراسخة في مخياله والتي تلقي من على كاهله تحمل أي مسؤولية مادية أو معنوية.

التسويف: وهو من أكبر المشاكل التي يواجهها المجتمع الجزائري فكل شيء مؤجل إلى حين وهذا راجع من جهة إلى عدم تنظيم المجتمع ومن جهة ثانية إلى عدم جدية أفراده في ولوج الحياة من الباب الواسع والسعي إلى تحسين الواقع المعيش فحياتنا معطلة وقضية الوقت لا محل لها من الإعراب.

اختلاق العقبات وعلى رأسها عقبة النظام الحاكم: نحن هنا لا ننكر التدخل السافر والمباشر لأنظمة الحكم العربية في كل مجالات حياتنا إلا أن المجال يبقى مفتوحا لأن حياتنا وأهدافنا لا تصب جلها في الوصول إلى الحكم لإحداث التغيير فأكبر تغيير يمكن للإنسان أن يحدثه هو تغيير نفسه نحو الأفضل ثم إصلاح محيطه القريب فالبعيد وبذلك نجد أن للإنسان مجالات يمكنه النشاط فيها بعيدا عن السياسة والسياسيين مثل الحركات الجمعوية والخيرية، وطلب العلم وإقامة المشاريع الصغيرة وحتى النشاطات الفردية التي يكون نفعها فرديا كالقراءة والكتابة.

في الأخير يمكننا القول أن هذه الملاحظات متداخلة والفصل بينها هو فصل افتراضي كما أنه لا يمكن حصرها. ولذلك نقول أنه إذا استمر الوضع على حاله فإن المستقبل في خطر وإذا لم نتحمل مسؤولياتنا كل من موقعه فإن التاريخ سيسائلنا وستأتي الأجيال القادمة ناقمة على أجدادها الذين كانت الظروف مهيأة لهم لإحداث تغيير نوعي فلماذا هذه السلبية إذا كنا نستطيع أن نقدم الأفضل من مكان تواجدنا. فالتغيير لن يحدث إذا كان كل أفراد المجتمع لا يعتقدون في وجود سبيل لإحداثه إلا بإصلاح رأس العصا لأن إصلاحها سيؤدي إلى كسرها وعدم الانتفاع بها.

نعيم بن محمد
4 أوت 2008

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version